أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نبيل عودة - اليوم آرامي .. غدا أسكيمو؟!















المزيد.....

اليوم آرامي .. غدا أسكيمو؟!


نبيل عودة
كاتب وباحث

(Nabeel Oudeh)


الحوار المتمدن-العدد: 4583 - 2014 / 9 / 23 - 08:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


اليوم آرامي .. غدا أسكيمو؟!

*السؤال المهم ليس إنشاء قومية جديدة من غبار التاريخ. إنما ما هي الحقوق التي ستمنحها السلطة العنصرية لمثل هذه الأقلية، وما هو الدور التخريبي والتآمري المكلفون به؟*
نبيل عودة

أكبر نجاح لجبرائيل نداف انه أطلق ضجيجا، رغم انه سيئ الرائحة ونشاز بين الأصوات ، إلا انه راض بما أطلقه. صحيح انه يرتدي ثوب الكهنوت ونحن نحترم الثوب ولا نحترم الشخص.. لذلك نمر بين الكلمات بحذر شديد لنحافظ على احترامنا لسلك الكهنوت الأورتوذكسي العربي الوطني في كل تاريخه من ان نخطئ بحقه بسبب تصرف فردي شاذ لإبن عاق. كذلك لا يمكن ان ننسى ان الكهنة العرب من جميع الطوائف المسيحية لعبوا أدوارا وطنية سجلت بحروف من ذهب في تاريخ شعبهم.
المطران غريغوريوس حجّار من طائفة الروم الملكيين الكاثوليك لقّب بمطران العرب لمواقفه الوطنية. من مواقفه المشهودة الشهادة التي قدّمها أمام لجنة التحقيق الملكية البريطانية المعروفة بلجنة بيل في عام 1937 رفض فيها تقسيم فلسطين وأكد على الأخوة المسيحية الإسلامية.
الأب ألخوري سمعان نصار ابن الطائفة الأوتوذكسية والشخصية الوطنية والدينية المعروفة في الناصرة، كان من قادة الحركة الوطنية الفلسطينية ومن دعاة الوحدة الوطنية بين المسيحيين والمسلمين وما زلت أذكر خطابه الهام في جنازة جمال عبد الناصر التي جرت في الناصرة.
لعب المسيحيون العرب دورا مركزيا في إحياء القومية العربية وإنقاذها من سيطرة العثمانيين، وإحياء الثقافة العربية واللغة العربية بدل الذوبان في التتريك. يكفي ان أشير إلى ان أول مطبعة دخلت الشرق ادخلها الآباء اليسوعيين في لبنان، وهم ليسوا آراميون، بل طليان وفرنسيين غيورين على لغة العرب وانتمائهم القومي والثقافي والديني، وان تطوير اللغة العربية الحديثة وتطوير مفرداتها لعب فيها ادباء المهجر المسيحيون الدور الأساسي والحاسم ، ولم ينسبوا أنفسهم للأباء اليسوعيين أو للآراميين..بل أكدوا على عروبتهم ولغتهم وثقافتهم ووطنيتهم.. وكان المهجر بالنسبة لهم المنجم الذهبي لإحياء الثقافة واللغة العربية وتطوير مفاهيم الهوية الوطنية العربية.. ولم نشهدهم يذوبون في المجتمعات الغربية التي الأكثر تطورا ورقيا وحرية من مجتمعاتهم.
من "انجازات" جبرائيل نداف، بثوب كاهن، هو تفاهمه الشخصي مع السلطة العنصرية في إسرائيل لتجنيد المسيحيين العرب في حروب إسرائيل القمعية والعدوانية ضد أبناء شعبهم الفلسطيني أولا، وضد سائر أبناء شعوبنا العربية ولحماية الاحتلال والاستيطان ومواصلة سياسات التمييز العنصري ومصادرة الأرض وإبقاء العرب في قاع السلم الاقتصادي - الاجتماعي في إسرائيل.. ودعم سياسة التهرب من الاعتراف بوجود أقلية قومية عربية تشكل 20% من مجمل المواطنين، ليس صدفة ان التآمر على اللغة العربية لإلغاء مكانتها بدأ ب"عصر نداف"، حتى رئيس الحكومة نتنياهو لا يقول كلمة "العرب" عند ذكر المواطنين العرب في الدولة بل مجرد "غير اليهود" فهل سيصير في إسرائيل "يهود وغير يهود وآراميين"؟!.
جبرائيل نداف صار من "نجوم السياسة" في إسرائيل. صوره الضاحكة مع بيبي نتنياهو ومع ساعر وسائر الشلة التي لا تعترف بوجود أقلية قومية عربية تنافس صور ممثلات هوليود في النشر الإعلامي .. فهل ستعترف العنصرية الإسرائيلية بأقلية قومية آرامية لا تتجاوز مائة شخص يقف على رأسها جبرائيل نداف ؟
السؤال المهم ليس إنشاء قومية جديدة من غبار التاريخ. إنما ما هي الحقوق التي ستمنحها السلطة العنصرية لمثل هذه الأقلية وما هو الدور التخريبي والتآمري المكلفون به؟
سيقول نداف ان أبناء قوميته الجديدة ملتزمون بالخدمة العسكرية (وهل يلتزم بكل ما نتج وينتج عنها من جرائم حرب ضد شعبه السابق، الشعب العربي الفلسطيني؟) وبذلك يحصل نداف وأبناء قوميته الجديدة على الحقوق الكاملة غير المنقوصة، هذا الوهم تجاوزناه ولم نعد من التفاهة لدرجة انتظار تغيير في السياسات العنصرية دون نضال مكلف.
لنا يا جبرائيل نداف الآرامي الجديد، تجربة مؤلمة مع أبناء شعبنا من الطائفة المعروفية، الذين جندوا للجيش وقدموا أرواحا غالية في خدمة سياسة احتلالية عدوانية لا علاقة لها بطائفتهم، رغم ذلك لم يحظوا بالمساواة لا في الميزانيات ولا مخصصات الأرض، بل صودرت أراضيهم أسوة ببقية المواطنين العرب، وواقع سلطاتهم المحلية أسوأ حتى من واقع السلطات المحلية العربية غير الدرزية، وانا لا أرى بالخدمة العسكرية في هذه الحال إلا عبء يحمل في جوهرة المزيد من التمييز والمزيد من التآمر على التكامل الوطني والاجتماعي لشعبنا العربي الفلسطيني داخل إسرائيل.
الآراميون كانوا أصحاب حضارة ودافعوا عن وطنهم وكرامتهم ولم يذلوا أنفسهم لأي قوى من اجل أي مكسب وهمي. ان انتسابك عنوة إلى قوميتهم ، وهم غائبون منذ قرون، تحمل الكثير من التلون والارتزاق والأذى لأبناء شعبك الذين احترموك وقبلوك كاهنا، بدل نشر المحبة والتفاهم وقبول الآخر المختلف جئت باسم الكهنوت لفرض التفرقة والكراهية بين أطياف مجتمعنا وإعلان البراءة من شعبك. لا مشكلة لدينا بل نرحب بإعلانك انك لست منا ولسنا منك، نحن براء منك منذ حملت لواء التجنيد في جيش الاحتلال، نحن براء منك كنسيا أيضا لأن كنيستنا عربية وطنية قبل ان تكون مسيحية، بل هو مكسب عظيم ان يخرج من صفوفنا كل من لا يلتزم بجذوره وهويته وتاريخه. لو قام احد الآراميين من قبره اليوم لكان أول المتبرئين من نهجك وأفكارك المتصهينة.
هل يعرف نداف شيئا عن تاريخ الآراميين ؟ هل يعرف ان أصولهم تعود إلى الجزيرة العربية..؟
لقد كُتب الكثير عن الآراميين وعن الدور الذي قاموا به في الشرق الأوسط على مختلف الصعد: السياسية والاجتماعية والحضارية واللغوية... وعن مدى انتشارهم في مختلف البلدان، لا سيما في أماكن عديدة من الإمبراطورية الآشورية، ثم في البلاد البابلية. أقاموا دويلات عديدة في بلدان كثيرة، لكنهم لم يفلحوا في تكوين إمبراطورية أو دولة قومية موحدة إنما مجموعة ممالك وإمارات يغلب عليها الطابع القبلي.
ان تجمع هؤلاء الأقوام تمركز في سوريا، حيث اتّخذوا الشام (دمشق) عاصمة لهم، ومنها كانوا ينطلقون إلى محاربة الدول المجاورة، ولا سيما دولتَي إسرائيل ويهوذا العبريتين. فهل ستشد الخطى لمتابعة نهجهم القتالي أيضا؟
لقد شكّل الآراميون في سوريا، في عصرهم الحديدي الممتد من القرن الرابع عشر حتى القرن العاشر قبل الميلاد، أهم عنصر عرقي ولغوي. وانتشروا أيضا في طول بلاد بين النهرين وعرضها. وإذْ انهارت جميع الممالك التي أسسوها أمام قوة الإمبراطورية الآشورية في نهاية القرن الثامن قبل الميلاد، فإن اللغة الآرامية أصبحت لغة الدولة الرئيسية في الشرقيين الأوسط والأدنى.. وهذا لا علاقة بنشوء قومية آرامية.. إنما بتطور لغة قابلة للتداول..
حتى اليوم تجري أبحاث تاريخية لمعرفة الهوية والانتماء العرقي للآراميين التي قرر جبرائيل نداف الانتماء إليهم. المؤكد في أبحاث كثيرة، إن هذه الشعوب التي أطلق عليها اسم "الساميون" هي في حقيقة الأمر قبائل عربية هاجرت بفعل العوامل الطبيعية من جزيرة العرب بحثاً عن الماء والكلأ، ومنها تفرعت الأقوام الأخرى مثل الآراميين... يؤكد هذا القول ما ذهب إليه الكثير من العلماء الباحثين في أصل الأجناس والسلالات من أن العرب هم أصل العرق السامي، من أرومتهم تفرعت الأقوام الأخرى وتشعبت قبائلها ولهذا التحليل شواهد تاريخية وعرقية ولغوية. فهل تخرج من الباب لترجع لنا من الشباك؟.. سنصفق لك إذا انتسبت لقبائل الأسكيمو.. أولئك بالتأكيد ليسوا عربا!!
كانت الآرامية نتاج القبائل العربية التي خرجت من الجزيرة العربية وانتشرت قبل المسيحية ب 12 قرنا في بلاد العراق والشام.
طبعا موضوع الآراميين واسع جدا، الذي لا بد من قوله ان نشوء قومية لم يكن بمجرد إقامة سيطرة قبلية على مناطق وإنشاء ممالك أو إمارات. نشوء القومية التي نعرفها اليوم لم يكن ممكنا في تلك الظروف قبل 35 قرنا والتي سادت التاريخ الآرامي، التسمية أصلا غير معروف مصدرها الصحيح. لماذا لا نعود إلى التسمية الأولى (الأخلامو( التي عرفت بها جماعات البدو الرحل القادمين لسوريا والعراق من الجزيرة العربية .. قبل ان يسموا بالآراميين؟
مثلا نقترح بدون سخرية على نداف ان يستبدل القومية الآرامية بالقومية الأخلاموية وهو الأصل المتفق عليه للآراميين، وان يغير وزير الداخلية ساعر قراره من تسجيل القومية الآرامية إلى تسجيل القومية الأخلاموية؟؟
نشوء القوميات والدول القومية يفترض إنشاء دولة قوية واقتصاد قوي وحدود جغرافية ثابتة وبدون ذلك تبقى القومية ظاهرة لا توحد إلا أبناء القبيلة التي لا يتعدى عدد أفرادها 300 – 500 شخص!!
ليس بالصدفة ان نشوء القوميات القوية والدول القومية ذات الحدود الجغرافية الواضحة واللغات القومية هي ظاهرة ارتبطت بتطور الاقتصاد الرأسمالي . أي ظاهرة رافقت نشوء البرجوازية .. كل القوميات السابقة كانت قوميات قبلية غير واضحة المعالم وغير مبلورة نهائيا مهما اتسع نفوذها واحتلالها لمناطق شاسعة في عالمنا.
نأمل ان تعرف بعض التاريخ الآرامي قبل ان تقرر ان تنسب نفسك لقومية لا احد يدفع عنها الأذى اليوم!!
[email protected]



#نبيل_عودة (هاشتاغ)       Nabeel_Oudeh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاحتلال يطبق سياسة -هنود حمر- مع بدو الأغوار
- العنصريون عابرون واللغة العربية باقية
- اطلالة على العالم القصصي للقاص المغربي عبده حقي
- لإعادة اللحمة للنخب السياسية والمثقفة في المجتمعات العربية
- اسطورة فلسطينية... وكابوسا لاسرائيل
- لقاءٌ مع الأديبِ والناقدِ - نبيل عوده -
- توقف القتال .. لم تتوقف الحرب!!
- ورطة جنرالات اسرائيل
- اللغة العربية من منظار الواقع السياسي-الاجتماعي
- المنتصر على الطفولة
- اوشفيتش غزة: -امواتا يمشون -حتى متى؟!
- حين يصير المحتل مدافعا عن النفس
- من يقدس الموت يا سيد نتنياهو؟
- انتصار العقلانية الفلسطينية
- مونديال نتنياهو في الخليل
- يوميات نصراوي: على هامش تجربتي
- بحث فريد من نوعه ومثير في كتاب زلزالي لباحث يهودي:
- المحامي سعيد نفاع يترافع عن البوعزيزي
- الناصرة – تاريخ وصور
- الاعلام العربي في اسرائيل عبر تجربة -اذاعة الشمس-


المزيد.....




- طيور وأزهار وأغصان.. إليكم أجمل الأزياء في حفل -ميت غالا 202 ...
- حماس تصدر بيانًا بعد عملية الجيش الإسرائيلي في رفح وسيطرته ع ...
- التعليم حق ممنوع.. تحقيق استقصائي لـCNN عن أطفال ضحايا العبو ...
- القاضي شميدت يتحدث عن خطر جر بولندا إلى الصراع في أوكرانيا
- فيتنام تحتفل بمرور 70 عاماً على نهاية الاستعمار الفرنسي
- نشطاء مؤيدون للفلسطينيين يحتلون باحة في جامعة برلين الحرة
- الأردن: إسرائيل احتلت معبر رفح بدلا من إعطاء فرصة للمفاوضات ...
- باتروشيف: ماكرون رئيس فاشل
- روسيا.. الكشف عن موعد بدء الاختبارات على سفينة صاروخية كاسحة ...
- الإعلام العبري يتساءل: لماذا تسلح مصر نفسها عسكريا بهذا الكم ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نبيل عودة - اليوم آرامي .. غدا أسكيمو؟!