|
مقالات الليبراليين الديمقراطيين
راغب الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 4681 - 2015 / 1 / 3 - 18:54
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
المقالة الأولى : الهوية الوطنية
تعرف الهوية الوطنية بانها المعالم والخصائص التي يتميز فيها الوطن عمن سوآه من الأوطان الأخرى ، وهي لفي التعريف الليبرالي الديمقراطي تعني الشروط الموضوعية التي على أساسها تنتظم الدولة القطرية ، وهي لدى المُشرع الليبرالي تعبير عن إتجاه حضاري وبنيوي من أجل تدعيم وتأطير مؤوسسات الدولة القطرية ، ولهذا تكون هي التيار الفاعل والنشيط والواعي والذي يعبر عن الواقع المجتمعي والثقافي والفكري والسياسي الواقع بكل تشكيلاته وتفرعاته ، ومن هنا يعد الفكر الليبرالي الديمقراطي مفهوم الأمة هو التجسيد الطبيعي المرتبط بمفهوم الوطن ، بمعنى إن طبيعة الأمة ومفهومها تجسده طبيعة الوطن ومفهومه . ولهذا تنمي الليبرالية الديمقراطية هذا المفهوم وتطوره لدى منتسبيها ، وتطور كذلك معنى حب الوطن وضرورة الإنتساب إليه والإيمان به ، كما وتنمي وتؤوسس شرعية الحدود القطرية كمقدسات في الوعي وفي الضمير ، ذلك لأن الليبرالية الديمقراطية تجمع ما بين الوطن وبين قيمه العامة ، وتعتبر كل ذلك دلالات دالة على تجسيد مفهوم الوطن ، وهذه الدلالات في الغالب تكون معنوية ورمزية حاضرة في الذهن ، وهي التي تُلغي معنى الأكراه والدمج والضم القهري ، أعني إن الليبرالية الديمقراطية تلغي في خطابها الثقافي والفكري كل الصيغ الجبرية و الأكراهية أو القهرية ، في معنى الولاء وفي معنى الإنتماء ، وهنا نشير إلى نبذ النزعة القومية في تحديد معنى الهوية الوطنية ، لأنها نزعة إكراهية عنصرية ولا إنسانية ، والهوية الوطنية في الفكر الليبرالي الديمقراطي تمنع على المؤمنيين بها التفكير الطوباوي العقيم الذي تعتمده المدارس الدينية الراديكالية ، كقولهم باعادة الخلافة أو النظام الولائي المطلق ، لأن ذلك الإتجاه في مفهومه الواسع عمل يتنافى وروح المواطنة التي تؤكد على الانسان بما هو هو دون زوائد واضافات ، ولا بد من التذكير بالحقيقة التاريخية لليبرالية الديمقراطية التي قامت على أساس صيانة الهوية الوطنية ، ورعاية تضاريس الدولة القطرية ، ونزع كل توجه من شأنه تدمير البناء الوطني الموحد ، ضمن واقعه الموضوعي التاريخي والجغرافي وكل ما يتعلق بتشكيله السياسي والاجتماعي . إن النزعة القومية أو الدينية والتي تروج لها بعض القوى والحركات الراديكالية ، وتحملها شعاراً تعبوياً في التحريض وشد الإنتباه ، هي في الواقع نزعة مغايرة للبعد المنطقي لقيم الهوية الوطنية وما تتأسس عليه ، كما انه يغاير حركة الزمان والمكان في العالم والذي نجد إنه يقاوم روح الإنفصال ويسعى للتوحد ونشر القيم عبر الفضاءات المفتوحة ، إننا نؤمن بان العمل من أجل بناء الهوية الوطنية العراقية على أسس جديدة ليست عملية شاقة أو مستحيلة ، ومهما كان عمل المخالفين لها من وجهة نظر قومية أو دينية ، ذلك لأن ما يجمع العراقيين في حساب الواقع السياسي والاجتماعي والثقافي أكثر مما يفرقهم ، وهذا الإعتبار محسوباً في ظل الواقع مع كثرة الشد والجذب ، ولا يجب إعتماد حساب المنافع والمصالح فيما يخص تشكيل الهوية الوطنية ، مع إننا ندعوا دائماً إلى وجوب توزيع الثروات الوطنية بالعدل ولما ينفع تقدم وتطور الوطن ، ولتكون درجة المنفعة الوطنية من الثروات فيما يساهم في رفع حالة المواطن في المجالات الاقتصادية والخدمية وفي مجال الخبرات المدنية . إن التربية التي تعتمدها الليبرالية الديمقراطية في الفكر الوطني الموحد هي الأقرب في مجال دفع الخصومات التي تخلقها طبيعة الإنتماءات الضيقة الدينية والقومية ، وهذه التربية الوطنية لا تميز في خطابها بين أبناء الوطن الواحد بل إنها تحاول تعميم تجربتها حتى مع أولئك الإنفصاليين من ذوي النزعات الراديكالية ، ولقد أثبت التاريخ صحة المتبنيات الليبرالية الديمقراطية في هذا الجانب وهنا نشير إلى تجربة دول راسخة العمق في الوعي الليبرالي ، إذ ثبت بما لايقبل الجدل بان العنصريين والراديكاليين سيظلون يعانون من عقد الديكتاتورية والانغلاق وان متبنياتهم مصيرها الزوال وقد أثبتت الاحداث ذلك . ودعونا نقول لكم وبكل صراحة : إن دعوتنا للدولة القطرية في هذا الوقت وفي كل وقت ، ليس إنحيازاً إنما هي دعوة منبثقة من وعي ومطالبة شعبية تعتبر ها الأصح من كل الدعوات التي تثار هنا وهناك ، دعوات في غالبها تنازع بين الضياع وعدم التركيز أو بين الغلو والتطرف ، ومن هنا يزداد معنى الهوية الوطنية رسوخا وتجذرا كما نؤمن بها ونطرحها وتزداد تأثيراً في العمق ، ولقد غدت بفعل عوامل التحرر قوة تحويل للعالم وللمنطقة جديدة فعالة ولايستهان بها ، ولقد أبدى الوطنيون المخلصون جهداً كبيراً في سبيل تذليل صعوبات الدمج الوطني حتى مع العنصريين وأصحاب الفكر الانكساري ، وهذا التوجه من قبل الليبراليين الديمقراطيين يقنع الملايين من الوطنيين بصحة تلك التوجهات ، لانها توجهات تمتلك مقومات في الحجية والاقناع كبيرة قوية ومؤثرة في ميادين العمل الوطني : إن مقالة الهوية الوطنية لدى الليبراليين الديمقراطيين كانت من أولى النظريات الفلسفية التي أشارت إلى عمق العلاقة بين الانسان وأخية الأنسان على مر العصور ، وقدمت مفتاحاً لفهم الواقع الموضوعي للفرضيات الاجتماعية الحقيقة ، إنها فلسفة موضوعية إجتماعية تعبر عن هوية الوطن ومدى أرتباط افراده به ضمن قواسم مشتركة ، هذه القواسم عدتها الفلسفة الليبرالية بمنظومة القيم الانسانية في – العدل والحرية والسلام – ، والتي ينتج عنها النظريات السياسية والاقتصادية والثقافية ، والتي تعتني بتحقيق الرفاه للمواطنيين ونبذ الفئوية والظلم وكل اشكال الاستبداد والنظم الديكتاتورية المُصادرة للحقوق الطبيعية والوضعية للإنسان ، وعليه فالهوية الوطنية بالمفهوم الليبرالي الديمقراطي هي تعبير عن منظومة القيم تلك ، وهي بهذا اللحاظ ليست شعاراً تعبوياً تعتمده الليبرالية الديمقراطية بل هي توجه واقعي نحو تطوير قيم الأمة العراقية بمعناها الطبيعي . إن إيماننا بالهوية الوطنية هو إيمان لا يشوبه شيء وهو تعبير عن روح الفلسفة الليبرالية التي نؤمن بها في هذا الاتجاه ، والتي نحتج بها أو نستئنأس بها دائماً ، ولقد وجدنا في الموروث الديني ما يعزز قناعتنا تلك كقول النبي محمد : - [ حب الوطن من الايمان ، ومن لاوطن له لا إيمان له ] . ومما تقدم يظهر لنا : ان المفهوم الوطني للهوية لدى الليبراليين الديمقراطيين مخالف للزعم الذي يروجه اعداء القطرية من شوفينيين وطائفيين ، فالليبراليون الديمقراطيون ينبذون التقسيم المناطقي حسب الثقافة المحلية لسانية كانت أو دينية وهم بذلك ينبذون التفرقة والخلاف والتشرذم في الجسد الوطني الواحد .
#راغب_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عام الأمل .... عام الرجاء
-
تهنئة للرئيس التونسي المنتخب السيد الباجي قائد السبسي
-
تكفير داعش
-
الأزهر وإشكالية التكفير
-
الدكتور العبادي والتحديات
-
الإسلام المتخلف
-
عقلانية الرئيس فؤاد معصوم
-
الحسين ثائراً
-
العلاقات العراقية السعودية
-
ستبدأ الحرب على داعش
-
تحرير المعنى
-
مؤتمر باريس
-
عن الغيير والديمقراطية
-
العيد في زمن الفتنة
-
الخلافة الإسلامية
-
على مشارف رمضان
-
عندما يطفح الكيل
-
بيان صادر عن - الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي – ( فلتسقط
...
-
الحاكم القوى
-
تهنئة بمناسبة فوز المشير السيسي برئاسة مصر
المزيد.....
-
الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (إ.م.ش) تدعو للمشاركة الوازنة
...
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 576
-
فريق حزب التقدم والاشتراكية بمجلس النواب يُطالب الحكومة بتقد
...
-
السيد الحوثي: بقية الفصائل الفلسطينية المجاهدة في غزة تواصل
...
-
هل تسعى تركيا إلى إنهاء الصراع مع حزب العمال الكردستاني؟
-
تركيا.. اعتقال رئيس بلدية -أسنيورت- بتهمة الانتماء لحزب العم
...
-
العدد 577 من جريدة النهج الديمقراطي بالأكشاك
-
الجبهة الديمقراطية تراسل الاحزاب السياسية والبرلمانات العالم
...
-
المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي يدين بشدة وصف ا
...
-
بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
...
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|