أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم الخطيب - يا الله، النّخل لا ينبت في المخيم!














المزيد.....

يا الله، النّخل لا ينبت في المخيم!


نعيم الخطيب

الحوار المتمدن-العدد: 4680 - 2015 / 1 / 2 - 01:20
المحور: الادب والفن
    


"...
لو استطعتَ أن تكوّمَ أرباحَك كلَّها،
وتقامرَ بها دفعةً واحدة،
وتخسرَها، ثمّ تبدأُ من جديد،
ولا تنبسُ أبدًا بكلمةٍ عن خسارتِك،
...
فلكَ الأرضُ، وما عليها،
والأكثر ُمن هذا، ستكونُ رجلًا يا بنيّ!" ـ من قصيدة (لو) لروديارد كيبلينغ.


لا يزال فتحي يشبه الفتى الّذي جمعتني به مقاعد الثانويّة ومحبّتنا لمدرّس اللّغة الإنجليزيّة. ربّما صار يشبه أباه أكثر بفضل إكسسواراتٍ زائدةٍ مثل جلبابه الدّاكن، وسيجارته، ولمحة الحزن الدّبقة. زرته قبل يومين في بيت أحد أقاربه ـ وهذه معلومة خبيثة بالمناسبة ـ في شارع حسن الفوّال، في الشّابورة. عانقته، وعندما دخل ابنه الصّغير ذو النّدبات الطّرّية في رقبته، وبّخه بشكلٍ مسرحيٍّ، لخروجه دون مرافقٍ ودون علمه إلى الشّارع. أشار الشّخص الجالس إلى جواره، بحكمةٍ كافية، أن عليه ألّا يبالغ في قلقه على ابنه، فلو قدّر له أن يذهب لذهب. وبدا من المنطقي أن تلفظ ثلاجة الموتى، ذلك الشّقي، أنس، حيث وضعوه ليلتها مع إخوانه الثلاثة: إبراهيم، ومحمد، وأحمد. سألته كيف يفتقد أنس إخوانه، فأجابني أنّ للأطفال فكرتهم الخاصّة عن الموت، هم في الجنّة فقط!

الشّاب إلى جواري كان يحمل استمارةً، وكان يحاول على استحياء مقاطعة حديثنا من حين لآخر. سأل فتحي عن اسم زوجته كاملًا، فأجابه. ثم سأله عن مساحة بيته، فأخبره أنّها ثمانيةً وثمانين مترًا، وحتّى لا يبدو الأمر مملًّا، صحّح: "بإمكانك أن تسجّل دونم إلّا تسعميّة وطناشر متر". جرّت هذه طرفةً أخرى: " صاحب أملاكٍ ميسور الحال، أراد أن يجاملني في مصيبتي، بشكلٍ لائقٍ، فوعدني بعشر نخلاتٍ كي أزرعها في بيتي!".

لاختصار هول ما حدث ليلتها، لخّص صديقي، أنّه بعد سقوط الصّاروخ على منزله، وجد نفسه، وزوجته إلى جانبه، وأنس ـ المزعج المعاقب بالنّوم في غرفة والديه ـ وغرفة نومه كاملةً في بيت جيرانهم، وقد جرى لأبنائه الآخرين ما جرى. أحد المحلّلين، خرج بنظريّة أن يكون سبب القصف هو أنّ أحد المارّة في الزّقاق المجاور كان قد استخدم جهاز لاسلكي لعدّة ثوان. وخالفه شخصٌ أخر، أكثر اهتمامًا بالتفاصيل، معدّلًا أنّ الجهاز ربّما يكون مقويًّا للإشارة فقط. وكأّنّ أحد التفسيرين سيقلّل أو يزيد من فضول الحضور.

شخصيًّا ولكي أتخفّف من مشاعرٍ زائدة، سألتُ فتحي: "كيف تحزن هذه الأيّام؟".

والله يا صاحبي، أعرف ما الّذي يبقيني على قيد الحياة. ولكنّ الكلام سهلٌ، خاصةً على مدرّس يمتهن الكلام مثلي. ما أصعب الكلام، عندما يصير له معنى! هذه الـ (ماذا لو) تحرقني يا نعيم! تحرقني الـ (لو) وحدها يا صديقي! أتذكر تلك القصيدة؟ كانت مجرّد كلامٍ خفيفٍ ألوكه لأكثر من عشر سنواتٍ أمام طلابي. بنت الكلب، ما أثقلها صارت تلك الـ (لو)!



#نعيم_الخطيب (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النّوارس، أو مناديل لوركا
- وهكذا ابْتَدَأَت
- اوتو ستوب
- ثوابت غير وطنيّة
- يا ورَادِي يا مْعَلِّمْتي!
- في انتظارِ السّيّدة، أو قِفَا نحكِ
- ليس في بيتي مدخنة
- أربعٌ وعشرون
- هنا اسمي كاملٌ
- وهبطَ كَهْلاً
- ستريت بيرفورمرز دليلُ المُشَاهِد


المزيد.....




- مصر.. رفض دعاوى إعلامية شهيرة زعمت زواجها من الفنان محمود عب ...
- أضواء مليانة”: تظاهرة سينمائية تحتفي بالذاكرة
- إقبال على الكتاب الفلسطيني في المعرض الدولي للكتاب بالرباط
- قضية اتهام جديدة لحسين الجسمي في مصر
- ساندرا بولوك ونيكول كيدمان مجددًا في فيلم -Practical Magic 2 ...
- -الذراري الحمر- للطفي عاشور: فيلم مأخوذ عن قصة حقيقية هزت وج ...
- الفلسطيني مصعب أبو توهة يفوز بجائزة بوليتزر للتعليق الصحفي ع ...
- رسوم ترامب على الأفلام -غير الأميركية-.. هل تكتب نهاية هوليو ...
- السفير الفلسطيني.. بين التمثيل الرسمي وحمل الذاكرة الوطنية
- 72 فنانا يطالبون باستبعاد إسرائيل من -يوروفيجن 2025- بسبب جر ...


المزيد.....

- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم الخطيب - يا الله، النّخل لا ينبت في المخيم!