أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عماد حياوي المبارك - رون وآسو ... والآخرين















المزيد.....

رون وآسو ... والآخرين


عماد حياوي المبارك
(Emad Hayawi)


الحوار المتمدن-العدد: 4675 - 2014 / 12 / 28 - 10:33
المحور: كتابات ساخرة
    


رون وآسو وجانو


(رون) مدير فرع شركة (ديكسون) للشحن والدعم اللوجستي للشركات البريطانية العاملة بالعراق فترة السبعينات، هو شاب انكليزي وسيم تعرفنا عليه بعد ان (اصطادته) في النادي الايطالي بساحة الواثق ببغداد شابة عراقية أثورية كنا ندلعها بـ (آسو) بعد أن أوقعتهُ في شباكها حين كانت وصديقتها (جانو) يعملن في النادي.
أما كيف تعرفنا نحن عليهن، فقد كان ذلك خلال فترة أفتتاح معرض بغداد الدولي حيث تعاقدنا للعمل كمشرفين لقاء أجر، وبدورهن عرفنّا عليه عند تواجده لتمثيل مجموعة شركات تحت سقف الجناح البريطاني، وكوّنا (كومبني) سداسي مكون من (رون وآسو وجانو) ونحن (أخي صلاح والمرحوم سالم و ... أنا).

حين كنا نجلس معاً بالنادي الايطالي أو بنادي التعارف بالقصر الأبيض، كان يضع علبة سجائره الفاخرة (روثمانز انترناشيونال أو دنهل) ويقول أن فنجان قهوة وسيجارة تعني له أجمل المعاني ...
بداية ... استمرار ... ثم نهاية، ولادة ... حياة ... ثم ممات !

دخلنا عن طريقه لمكاتب شركته بالداودي، وصرنا نتجول ونستخدم أدواتهم وأجهزتهم وحتى سيارات (إدخال كمركي مؤقت) الحديثة، ورافقناه كظلّه لفنادق بغداد الراقية ومطاعمها ... فندق بغداد والقصر العباسي وصدر القناة والمدائن، ومطاعم الخمس نجوم ... البرمكي وكولدن بليت (الاناء الذهبي) وفوانيس، ونذهب بسفرات الى الملوية بسامراء وزقورة عقرقوف وأثار بابل والصدور ...

(رون) شاب ضخم ذو قوام قوي وصحي، نشيط جداً ذو بشرته بيضاء نضرة نتيجة الصحة والعافية التي يتمتع بها، وكان بإمكانه من أجل إطفاء حر صيفنا المراهنة بأن يحتسي عشرة أقداح بيرة شرط لا يذهب (للتواليت) ولا مرة.
كيف ؟ لا أعلم!

يلبس (تي شيرت) طوال أيام السنة رغم مكانته في الشركة، فسياراتهم الحديثة كلها مكيفة، ومكاتبهم مبردة مركزياً في وقت ما كانت تعرف بغداد التكييف المركزي إلا في بعض البنوك والوزارات.

ولأن مشكلتهُ مستديمة برغم حبهُ لبغداد ـ حر صيفها الذي فوق تحمله ـ فقد كان يتحول لونه للأحمر وينقلب إلى عصبي المزاج ... وخطير !

× × ×

في ليلة هادئة، كنا نعود نحن الأربعة (عزّابي) من سهرة والوقت تجاوز منتصف الليل، قرب الجسر المعلق وبدقة في مقابل بدالة الجادرية وبينما (رون) يقود سيارة الشركة الفولفو، وإذا بسائق بيكب يضايقنا فيجبرنا أن نصعد بسيارتنا رصيف الجزرة الوسطية ونصطدم بنخلة صغيرة لتمتص زخم الصدمة وتُقتلع بعد أضرارها بمقدمة السيارة.

ألمنا مشهد اقتلاع النخلة المسكينة، ولم نخفي حزننا عليها، حتى نسينا وضع السيارة المزري بين الشارعين.
قلتُ (لرون) أن النخلة عزيزة وهي مقدسة لدى العراقيين القدماء ويُحرمون قطعها لأنهم يظنون أن فيها روح ...
ثم وشرح (سالم) له كيف ورَدَ تحريم قطعها في شريعة حمورابي، وقال صلاح أننا كعراقيين نجدها تحمل في قمتها قلباً، مَثلها مَثل البشر ...
صحنا الثلاث بألم : لقد قتلناها !
لم يستغرق الأمر إلا دقائق حتى تحول هذا الرجل العملاق إلى طفلٍ صغير، وجلس على حافة الرصيف يبكي عمتنا النخلة (القتيلة) !

وهنا عاد سائق البيكب يتباكى على مصباح سيارته المهشم، وكان يدعي ذلك على ما يبدو لأجل تعويضه، بينما تجمع بعض السكارى الفضوليين ...
قال السائق أغلظ الأيمان بأنه ضحية ...
أجبناه بأن الذنب ذنبه ودخوله بسيارته هو الخطأ. وهنا لاحظ أننا كنا سكارى، فراوغ معنا متوسلاً حتى وصلت سيارة شرطة، عندها أستقوى وقال لهم بأن سائقنا الأجنبي سكران وهو جالس على الرصيف (يبكي) بسبب فعلته ...

ذهبنا لمركز الشرطة لنجد المفوض الخفر وقد أنحاز لجانب القروي حتى قبل أن يسمعنا، فأجبروا (رون) على دفع غرامة مباشرة (بدون حق) بعد أن استغلوا عدم مبالاته.
فض الأمر ولم يدعونا نغادر حتى وقعتُ لهم على كفالة بضمان سكني فيما لو يستدعوه من عمله مستقبلاً.
هكذا مر الوضع على خير، لكن بتضرر (الفولفو) ووفاة نخلة وعملية ابتزاز دنيئة !
× × ×

في آخر فترة عمله، طلب (رون) أن نذهب معه لخطبة (آسو) في شقة أهلها بعمارة بالبتاويين، وحكى لنا ما لم نفهمه، حيث قال أنه (وجد) فيها ما لم يجده بغيرها !
وقال انه حصل لها على تأشيرة من السفارة البريطانية، ورتبتْ هي مع أهلها ومع الكنيسة، إلا أن أبوها فاجأهم بضرورة تتبع بعض (الشكليات) الأخرى أمام الجيران بأن يأتي لخطبتها كي لا يتهمون أنته بأنها فرّت مع أجنبي !


بدأت (السالميات) تشتغل، وأجبرنا على لبس (رسمي) بعز الصيف، وان نتبع طقوس تليق بالمناسبة، فذهبنا أولاً لشراء حلقة وخاتم (سولتير) وبعض ملابس الزفاف من شارع النهر، ودفع عريسنا (بالدولار) ثم صمم أن نأخذ (بوكيه) ورد طبيعي من (ريحانة) بالمنصور وكان (رون) سعيد (بأتيكيت) وسالميات (سالم) جداً ...
وصلنا بسيارة الشركة للبتاوين وكان الموقف محرج للغاية وكل شيء تمثيل بتمثيل أمام الأب والجيران.

أول صدمة كانت العمارة (تخجـّل) وبدون مصعد، وثاني مشكلة هي بدلة (رون) ورباطه الذي ضبطه (سالم) بالمليم، كان شهر تموز وسلالم الطوابق الثلاث مليئة بناس يدفعهم فضول مشاهدة هذا العريس !
وما أن جلسنا وسط (الهوسة) وتحت إيقاع الهلاهل والدبكات، حتى ذاب الرجل من شدة الحر وصار لونه أحمر، ثم تمدد ببدلته الجديدة على الأرض وصار يتنفس من فمه سريعاً أشبه بفاقد الوعي، فاضطررنا طرد المعازيم والفضوليين وحرصنا بسرعة على تهوية المكان وخلعنا عنه البدلة وغسلنا وجهه، ولولا تصرفنا العاجل وكرم الجيران ببعض (المهافيف) لراح هذا (الغول) من أيدينا !
× × ×

بعد أيام عسل، جاءا لتوديعنا وصمما أن نصطحبهما للمطار، وأتذكر ما قاله عند التوديع بأن باستطاعته تدبير سفرنا بأن يرسل لنا عقد عمل بشركته بلندن لو رغبنا، ضحكنا وهززنا أيدينا بنفس الجواب ...
(أي مجنون يفكر أن يترك دراسته وأهله وبلده ... ويهاجر !).

مرت (ست) شهور على سفرهم، وكنا نترسل، حتى جاءنا كارت ملون منهم وصورة لابنهم (بول)، باركـْنا لهم من القلب، فمولده السريع هذا قد فسّر لنا ما كان قد وجدهُ فيها، وأدركنا بأن (العالم) قد دخل فعلاً ... عصر السرعة !

في يوم جاء شرطي لبيت أهلي يسأل عن (عماد) فقلت له : يا ساتر، خيراً ؟

كنت بعد ساعة بمركز شرطة المأمون ليبلغني المفوض بأن (أمانة العاصمة) قد رفعت دعوة ضد سائق الفولفو (رون) لأنه قد تسبب بقلع نخلة بتلك الليلة قبل عدة أشهر لما قامت بمحاولة الأتصال به، وجدت أن الشركة قد أوقفت أعمالها أو انتقلت لعنوان مدهول غير عنوان (الداودي) الذي زودهم به (رون) ...

وتمت جلسة محاكمة غيابية بحقه ليحكم القاضي للأمانة بأن يدفع (رون) لها غرامة نقدية لقاء قلع الشجرة وكلفة زراعة فسيلة بدلاً عنها ...
كان عليّ دفع غرامتين ... (خمس دنانير) عن نقل النخلة وأخرى تكلفة زراعة جديدة.

دفعت العشرة دنانير مرغم وأمري على الله، وعدت ندمان، ليس على الدنانير بل على (الدموع) التي (ذرفها) صاحبي على النخلة (المرحومة) !

على مدى ثلاث عقود ولحد ما هاجرت من البلد، وكلما كنت أمر بالطريق هناك، تأتي لا أرادياً ببالي اغنية (مائدة نزهت) ...
(كل ما أمر على الدرب ... عيني على ...)
وبدل عيني على الباب ، أقول عيني على النخلة، متى تفي الأمانة بوعدها وتزرع نخلة بديلة، لو أوفت بالوعد من يومها، لكانت النخلة مثمرة اليوم وتطرح الخلال ...

أتوقع أن الأمانة ولحد اليوم لم تفي بوعدها، وبالتالي فلا تستحق دنانيري الخمسة، وعليه ف‘نني أطالبهم بالإسراع بشتلها، وكلي أمل بأن لا يخذلوني، وإلا سأجد نفسي مضطراً ... لمقاضاتهم !
وغداً * لناظرهِ ... قريبُ !

عماد حياوي المبارك
من على مصطبة (الانتظاااااااااااااااااار ) عند مثلجات الفقمة !

× غداً : ظرف زمان يعني باكر، ومجازاً فهو ظرفاً يعني بعد شهر أو سنة وهكذا
فنقول غداً يأتي الربيع أي بعد شهور أو غداً تصبح عجوزاً أي بعد سنين، وغداً يستقر العراق اي بعد ... (مائة سنة) !

تفضلوا بالاستماع للمطربة العراقية الخالدة (مائدة نزهت)
(كلما أمر على الدرب ... عيني على الباب) على الرابط التالي ...

http://www.youtube.com/watch?v=w5BNAShhlLs



#عماد_حياوي_المبارك (هاشتاغ)       Emad_Hayawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسماء في الممنوع
- دوامة عمرها مائة عام
- انقلابات لا تنتهِ
- منازلة أم المعارك
- هيتشكوك
- المعادلة المعجزة
- حيتان
- آباء وأمهات
- مجرد كلام يستودَي
- هذا أنا ... عماد
- نوم ... شياطين
- يوم أكتشفتُ أني ... غير مؤمن !
- العتب على ... السمع
- ورقة التوت
- الآنسة ... بابيت
- عملية اغتيال ... بدالة
- مستقيمات
- لواكة لبّي
- حكايا وبغايا
- لازوردي


المزيد.....




- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...
- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عماد حياوي المبارك - رون وآسو ... والآخرين