أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد حياوي المبارك - هيتشكوك















المزيد.....

هيتشكوك


عماد حياوي المبارك
(Emad Hayawi)


الحوار المتمدن-العدد: 4672 - 2014 / 12 / 25 - 16:56
المحور: الادب والفن
    


Hitchcock


(( الدراما هي الحياة بعد إزالة الأحداث المملة ))



لم يكن (هيتشكوك)* ـ بطبيعة الحال ـ رجلاً عادياً، فهو الذي استحق ويستحق وبجارة لقب ... مخرج الروائع.

في مسلسل يحمل اسمه بالأسود والأبيض عرضته الشاشة الصغيرة خلال السبعينات، ورغم مقص الرقيب (الحاد) كان يتمكن من أسرك بطريقة إخراجه ويجعلك تتقمص اللحظات الأخيرة، ثم ما يلبث ان يطل عليك في نهاية الحلقة بهدوئه وبتعابيره الجدية مداعباً أحاسيسك، مازحاً ومهدئاً أعصابك التي (ألهبها).

في آخر لقطة بأحد حلقاته، وضعني هتشكوك بمشهد لايزال يطالعني حين ارقد للنوم بين الحين والأخر فيبقى يطالعني ولا يذهب مهما اطردهُ، سأصفه لك عزيزي القاريء الكريم، وضع نفسك محل بطل الحلقة وحاول الخروج من الموقف ...

وقبل كل شيء وبما أني نسيت تفاصيل الحلقة إياها، فقد وضعتُ ومن نسج خيالي (سيناريو) ضمن أجواءها، بغية أن أصل بك لمشهدها الأخير، وعلى أي حال اطلب منكم قبل الخوض فيه، ان تشحنوا موبايلاتكم وتضعوها بجيبكم (كأحتياط) فلا السلاح سيفيدكم هناك ولا الصراخ ... متمنياً لكم الخروج من المأزق بسلامة !

. . . يوماً بعد يوم يزداد قلقه على زوجته، فحاجتها للمال من اجل تربية اطفاله تحتم عليها البحث عن مصدر للرزق، وهي شابة جميلة لكنها رعنة لا تفهم من لغة العقل شيء.
وقد سرت بجسمه قشعريرة حين أخبرته بآخر لقاء بينهما أنها بصدد بيع آخر ما تبقى لديها من أثاث، فقال في قرارة نفسه وهو قابع لا حول له ـفي زنزانته ولا قوة، انها لو فعلت ذلك اليوم فستبيع شعرها ثم أسنانها ومن يدري في الغد فربما ستفعل كما فعلت (مارين) حين دفعها (هيجو) بعد ان لم تجد ما تبيعه لتربية ابنتها (كوزيت) الى أن تبيع ... الهوى!

قبل سنة، وبعد ساعات من سرقته ذهب المرابي، ألقتت الشرطة القبض عليه، تلك الساعات كانت كافية لطمر غنيمته، ولم يتردد بأعترافه أمام الشرطة بالجرم، وذهب أبعد من ذلك حين أقرّ امام القاضي انه ما كان ليتردد بتصفية هذا الجشع لو سنحت له أية فرصة، فما كان من المحكمة إلا إلزامه أقصى عقوبة ... سجن عشرين سنة !
لم يعترف بمدفن غنيمته لاياً كان حتى زوجته خوفاً من أن تطمع بالكنز فتتركه بسجنه وتفر لتتمتع بالحياة بما تكتنزه من جمال ... يسيل له اللعاب !

كانت هذه الهواجس وغيرها يكررها على صاحبه الوحيد ـ حانوتي السجن ـ عندما يجلسان خلف الكنيسة العتيقة في الباحة الكبيرة، وحين أخبره صاحبه انه ومنذ عقود يعيش حاله حال السجناء هنا، قام بلومه على عيشته وأخبره انه لا يتردد بأن يعطي اي مال ... لشراء حريته.

وقال بحسرة وهو يعبث بقداحته التي تلازمه ويعتز بها كهدية من زوجته:
أولادي يقتلهم الجوع وسوف لن تجد زوجتي شيئاً تبيعه، عائلتي أصبحت منبوذة لأني سرقتُ أمانات الناس، ولكن ما العمل فأني لا استطع ان اسلـّم الغنيمة لأحد مهما كان ...
ثم جاءه (بالمفيد): أرجوك أن تنجدني فالسجن يقتلني والكل يمقتني وأمقته ؟

(دعني افكر وأخطط) قال الحانوتي.
ثم استطرد (عندي طريقة لمساعدتك على الهرب وهي فرصتك الاخيرة لأني أنوي ترك العمل، فلم يبق فيّ من الصحة، وأرى الموت يدنو سريعاً.
ـ سأعطيك ما تريد، وسأفعل ما تأمرني، أنا رجل المهمات الصعبة ...

بهذه الكيفية ناقشا تفاصيل خطته التي لخصها له: سأعطيك نسخة من مفتاح قبو الكنيسة وأبتعد عنك أسابيع، وحين تسمع يوماً أجراس الكنيسة تدق، أعرف أن احدهم مات وقد قامت عليه صلوات، فأدخل في الظلام وتمدد بجانب الميت في تابوته وأعد عليكما الغطاء، ولا تخف منه فهو سيكون منقذك ...
وبرغم أن الرجل قد فتح عيونه ... لكن الحانوتي أكمل بسرعة (... سأكون مع المشيعين في الفجر، وما عليك إلا أن تتحمل قليلاً، فبعد أن يوارى النعش الثرى ويمضي الكل في سبيله، سأعود سريعاً فأنبش القبر وأخرجك).

تردد الرجل وفكر بالنعيم الذي ينتظره، وقال أن كل دقيقة تحت التراب تعوضه ربما عن سنة في السجن، فوافق ووعده خيراً وطلب من الحانوتي أن يُخبر زوجته أن تجهز نفسها وأطفالها وان تدعو من الله أن (يأخذ) روح أحد السجناء سريعاً !

وهكذا سارت الامور ...

... وما أن حمل بعض المشيعين النعش لعربة يجرها حصان، حتى استنشق عبير هواء نقي فلم يكترث بصرخات البعض بل بالعكس، دندن وأخذت أصابعه ترقص على وقعها، بينما تسلل له ضياء الشمس بين الواح التابوت الخشبية التي تفصله عن فضاء الحرية، الذي ما لبث أن توارى شيئاً فشيئاً حين غطاه التراب ...
كان يوجد من الهواء بما يمده بالحياة لفترة ليست طويلة ...

وهنا يضعنا (هيتشكوك) ببطأ شديد في ظلام المشهد الأخير، وكأننا نعيش الحالة بالفعل ...
فضاء محصور بين ألواح التابوت الأربع، تحت طن تراب ...

شكى ودم دم: ما هذه الرائحة النتنة، أهذه بدل العطر ؟
وبعتب: لماذا لم تغسله جيداً يا صاحبي ؟
ثم حكى مع نفسه بصوت عال، غنى وأستمع لصدى صوته، وما لبث أن سكت، فلقد شعَرَ من خلال حركته أنه قد أزال الكفن عن وجه رفيقه الميت في تلك الظلمة الحالكة.
لمس وجهه بتأني بينما راودته جملة أسئلة متوالية: أفلا يعقل أن تحيا من جديد ؟
استهزأ من نفسه، وما لبث أن طمأن نفسه بعد رعشة انتابته ...
(لا لا أن وجهك بارد كالثلج).
وصار يردد مع كل زفير: مستحيل ... مستحيل ...
ومع مرور الوقت ساورته افكار شيطانية: قد يكون خائن وهرب مع زوجتي وربما هذا العجوز الأحمق الآن يضاجعها ...
تخوف ثم تنهد: قد أكون قد استعجلت أمري ووضعت مصيري بيده، أخ ... لقد غدررا بي.
(لكن) قال بارتياح (الحمد لله لم أدله مدفن الكنز)!
قهقه : لا سيفي بوعده وسيعود ... نعم سيعود !
مد يده بمشقة لجيبه، ليلتقط شيئآ ما، آه إنها قداحته التي لا تفارقه، أوقدها بيد ترتعش لينظر ما حوله، لم يكن يفصل بين وجهه ورفيقه (المنقذ) إلا بوصتان ...

صاح: ما هذا يا الهي ... تكلم معي ارجوك ؟ !

... ما السبيل لخروجه ولم يختار رب العالمين يوم يأخذ به الحانوتي ... إلا يوم تنفيذ الخطة !

على بصيص وهج القداحة بما تبقى من هواء نقي، وفي ظلمتنا معه وبينما نعيش الهم والغم في مأزقنا هذا ...
نستمع لموسيقى جنائزية ... ليخرج علينا (هيتشكوك) بأحد تعليقاته الساخرة، وهو يجلس كعادته على كرسي خشبي بمقبضين أمام شمعة، وقد وضعنا بـ (ورطة) ودفننا (بالحيا) !

ولكن عزيزي القاريء الكريم:

لو في جيبك موبايل، حتى لو نوكيا طابوكة ...
كان نجحت الخطة، لأنها بشكل ... محبوكة !

عماد حياوي المبارك ـ هولندا


الفرد هيتشكوك :

ولد بأنكلترا (1899) هاجر بعد نجاحاته الاولى بلندن الى (هوليود) وحصل على الشهرة وعلى الجنسية الاميركية وبقي هناك حتى وفاته.
يعد أعظم مخرج ولد على الجزرالبريطانية ورائد تقنيات أفلام الإثارة النفسية والتشويق وتسخير الحيل السينمائية، لا يزال يُستوحى منها بأفلام الرعب.
وهو يؤمن بتأثير المرأة، حتى (الأم والزوجة والرفيقة ...) على سلوك الرجل وكيف تستطيع تسخير سحرها وجمالها لتنفيذ مبتغاها أو حتى مآربها، لذا فهو يختار الممثلات الجميلات الشقراوات ويخلط الجمال بالعنف والدم.
أخرج قرابة 31 فلماً، كلها حصلت على أعلى شباك تذاكر، وتقدر جوائز الاوسكار التي حصدتها بحوالي الخمسين بين أحسن سيناريو وتمثيل وتصوير ... واخراج.
كان غالباً ما يستخدم أستوديو صغيراً جداً كي لا يشتت تركيز المشاهد كي يسيطر عليه من لقطات فلمه الاولى ويضعه في قوقعة.
وهو (اي هتشكوك) من يقرر اخراج المشاهد وتحريره بالوقت والمشهد الذي يرتئيه، وكان يظهر أحياناً بلقطات سريعة خلال أفلامه ويطل بجسمه البدين ووجهه الجدي ليصنع نكته بمحاكاة ساخرة تعيد مزاج المشاهد بعد رحلة (عذاب).
ومن أفلام الأستوديو المحدود هذه، والتي كان يقترب فيها كثيراً من ملامح وتقاطيع صاحبها، ويدور بكاميراته من وجه إبطاله بشدة ، فيلم (قارب الحياة) الذي صور كل اللقطات بقارب صغير، ومع ذلك فقد اجمع النقاد على ان (هيتشكوك) نجح بأن لا يجعل الفلم مملا او رتيب.
وآخر افلامه (أسرة المؤامرة ـ 1976 ).
وخلال تصوير فيلم (الليلة القصيرة) أعلنت وفاته عام 1980 بسبب عجز كلوي، وشيع في (بيفرلي هيلز) بكاليفورنيا.
من افلامه : الدوار، الرجل الخطأ، رهبة المسرح، غرباء في القطار، النافذة الخلفية (ومثلت كل لقطاته بشقة صغيرة)، وقد انتجت معظم أفلامه بين عامي 1934 ـ 1976 .
ملاحظة :
× استقيت بعض المعلومات عنه من موسوعة (ويكيديا)، ولم أنقل أي شيء منها حرفياً.
× أكرر ان الوقائع كلها من وحي خيالي من اجل بعث حياة في القصة واسترسال بالأحداث، وأرجو أن أكون قد وفقت في جهدي، لأني لا أتذكر من تفاصيل حلقة المسلسل ... سوى القبر !

عماد حياوي المبارك ـ هولندا




#عماد_حياوي_المبارك (هاشتاغ)       Emad_Hayawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعادلة المعجزة
- حيتان
- آباء وأمهات
- مجرد كلام يستودَي
- هذا أنا ... عماد
- نوم ... شياطين
- يوم أكتشفتُ أني ... غير مؤمن !
- العتب على ... السمع
- ورقة التوت
- الآنسة ... بابيت
- عملية اغتيال ... بدالة
- مستقيمات
- لواكة لبّي
- حكايا وبغايا
- لازوردي
- كالكوووون
- قه شقولي
- فلس ... وسبع كازكيتات
- البعد الرابع حقيقة أم خيال
- الأخوات السبعة


المزيد.....




- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد حياوي المبارك - هيتشكوك