هلوسات اسمها التاريخ

موسى الشديدي

الحوار المتمدن-العدد: 4672 - 2014 / 12 / 25 - 16:31
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

" إن من شهدوا الماضي لا يتذكرون سوى جزء منه، ولم يسجلوا سوى جزء مما تذكروا، وضاع جزء مما سجلوا، واكتشف الباحثون صحة جزء مما فهموا، وفهموا جزءا من التسجيل الصحيح، ونقلوا جزءا مما فهموا " هكذا وصف فان دالين ما ذكره جوتشالك عن المعرفة التاريخية
في عام 1893 خرج علينا جيمس ماكين كاتل في جامعة كولومبيا موجها اسالة الى 56 طالبا مثل :
عندما تقف الخيل في مواجهة الرياح هل توجه رأسها الى الريح او توجه مؤخرتها ؟
كيف كان الطقس الاسبوع الماضي ؟
هل تسقط اوراق شجرة البلوط في مطلع الخريف او في اخره ؟
وطلب منهم تقييم ثقتهم في الاجوبة
كانت النتائج بانه بعض الطلاب كان واثق من الاجابة مع انها خاطئة والبعض الاخر كان غير واثق بالرغم من ان اجابته صحيحة . 1
حتى عام 1901 خرج العالم الالماني وليم شتيرن واجرى احدى اشهر التجارب بتاريخ علم النفس على طلاب القانون في جامعة برلين كانت عبارة عن معركة بين اثنين من الطلاب بسبب خلاف حول احدى القضايا بحيث ان احدهما سحب المسدس فو وجه الاخر وكل هذا كان مسرحية من صنع شتيرن.
بعد انهاء المشاجرة المزيفة طلب شتيرن من الطلاب الادلاء بشهادتهم حول الواقعه التي شهدوها كتابة وعلى الرغم من انهم طلاب يدرسون القانون ويعرفون العوامل المؤدية الى تحريف الشهادة فان احدا من الطلاب لم تكن شهادته دقيقة تماما بل قد حفلت جميع الشهادات وتراوحت بين اربعه اخطاء الى اثني عشر خطء لكل طالب . 2
احدى اكثر دراسات فريدرك بارتليت شهرة عام 1932 ما سماه بدراسة "حرب الاشباح" لفهم عمل الذاكرة الترميمية أثناء إعادة بناء حكاية ما. في هذه التجربة، أسمع بارتليت الأفراد المشتركين في تجربته حكايةَ "حرب الأشباح" ثم طلب من كل منهم إعادة روايتها مرات عدة.
في كل مرة كانت الفقرات تقصر ويتم تغيير الكلمات حتى ان النسخة الاخيرة قد تبدو قصة مختلفة بشكل جذري . 3
وحتى الاحداث التي شهدها عدد هائل من شهود العيان يمكن ان تكون ببساطة مزيفة فييعلق حولها غوسات لوبون قائلا: "هناك وقائع لا حصر لها ولا عد تدعونا الى عدم الثقة بشهادات الجماهير فمثلا لقد شهد الاف البشر تلك الهجمة الشهيرة للخيالة في معركة سيدان ومع ذلك فمن المستحيل ان نعرف من الذي قادها بسبب الشهادات البصرية المتناقضة " 4
"يعتبر التحريض والعدوى هي الالية التي تحرك تلك الهلوسات الجماعية المتكررة كثيرا جدا في التاريخ والتي تبدو وكأنها تمتلك كل الخصائص الكلاسيكية للصحة والموثوقية لانها تخص ظواهر ملاحظة من قبل الاف الاشخاص " 5
لا بل يعود ليقول بان "الملاحظات الجماعية هي الاكثر بعدا عن الصواب وهي تمثل في الاغلب الاعم مجرد وهم تشكل لدى فرد واحد وانتقل عن طريق العدوى الى الاخرين " 6
"ينتج عن كل ما قلناه سابقا بانه ينبغي ان نعتبر كتب التاريخ بمثابة كتب الخيال الصرف فهي عبارة عن حكايات وهمية عن وقائع لوحظت بشكل رديء كما انها مصحوبة بتأويلات شكلت فيما بعد " 7
................................
1-Benjamin, L.T., & Baker, D.B. (2004). The psychological profession in the 21st century: New practice specialties. From Séance to Science: A History of the Profession of Psychology in America (pp.200-204). California: Wadsworth/Thomson Learning
2-Bartol, C. R., & Bartol, A. M. (2005) History of Forensic Psychology. In I. B. Weiner & A. K. Hess (Ed.), The Handbook of Forensic Psychology (pp.1-27). Hoboken, NJ: Wiley
3-Goldstein, Bruce (2011). Cognitive Psychology: Connecting Mind, Research, And Everyday Experience. Belmont, CA: Wadsworth, Cengage Learning
4-غوستاف لوبون,1991 ,سيكلوجية الجماهير,هاشم صالح,بيروت لبنان,دار الساقي , ص72
5-غوستاف لوبون,1991 ,سيكلوجية الجماهير,هاشم صالح,بيروت لبنان,دار الساقي , ص68
6-غوستاف لوبون,1991 ,سيكلوجية الجماهير,هاشم صالح,بيروت لبنان,دار الساقي , ص72
7-غوستاف لوبون,1991 ,سيكلوجية الجماهير,هاشم صالح,بيروت لبنان,دار الساقي , ص73

#موسى_الشديدي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات