أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - عماد حياوي المبارك - السيد فايف بيرسنت















المزيد.....

السيد فايف بيرسنت


عماد حياوي المبارك
(Emad Hayawi)


الحوار المتمدن-العدد: 4659 - 2014 / 12 / 11 - 01:52
المحور: الطب , والعلوم
    


المستر (فايف بيرسنت)
Mr. 5%


من بين أغرب الرسائل التي تلقاها المرحوم (كامل الدباغ)* في برنامجه ليوم الأربعاء (العلم للجميع)، رسالة من شخص من كركوك، يقول بأنه لمّا حفر في أحد غرف بيته، وجد آثار نفط.
والرسالة لم تقف عند هذا الحد، لأن هذا الرجل كان جاداً أمره لدرجة أنه وضع شرط على الجهة التي ستقوم بالحفر واستثمار (بئرهِ) بأن يتلقى 5% من العائد النفطي، مثله بذلك ـ كما قال ـ مثل السيد (كولبنكيان).
وعَدهُ الأستاذ الدباغ بأنه سيتصل بالمعنيين، لكنه أكدَ بأن آثار نفط في التراب، وإن هي جديرة بالاهتمام، لكنها ليست دليل لوجود نفط تحت تلك الأرض، لأن آبار النفط لا تتواجد قريبة من السطح، وإلا لتعرضت الأرض لانفجارات قوية نتيجة الضغط الغازي الهائل الذي نشأ في تلك الآبار على مر مئات ألوف السنين.
كانت حلقة البرنامج تلك قبل أن يؤمم العراق النفط في عام 1972، وكنت لا أزال بالمتوسطة، عندها سألتُ أهلي : من يكون السيد (كولبنكيان) الذي أراد الرجل الكركوكلي مساواة نفسه به؟
قالت والدتي بأنه مَن بنى مدينة الطب والجامعة المستنصرية، أما أبي فقال أنه من يقوم ببناء ملعب حديث بجانب مدينة الضباط، سيكون أعلى وأكبر من ملعب الكشافة.
وفهمت بأنه ليس بعراقي مما أسعدني بأن هذا الرجل غريباً ويُحب الخير لبلدي !
ولما أن قام العراق بتأميم حصة الشركات الأجنبية، عاد لمسامعي أسم وحصّة (السير كولبنكيان) والتي أممها العراق أيضاً، فتحيرتُ في أمره، ألم يكن هو ذلك الرجل الصالح صاحب الإنجازات في بلدي، فهل يستحق منا ذلك، الثواب أم العقاب ؟
لنبحث قليلاً الآن بأوراق الرجل ... (كولبنكيان)...
هذا الرجل من أصل أرمني، ولد في العام 1869 في إسطنبول، وقام بتأسيس شركات تُقدم أعمال خيرية لشعوب البلدان التي يجني أرباحه من خيراتها، وهو يشترط نسبة الخمسة بالمائة من واردات النفط بمقابل دوره في التمهيد للتنقيب عنه واستثماره.
أسس هذا الرجل في مقتبل شبابه (شركة التنقيب التركية) بمعونة شركات النفط الأوربية، وهو أول من حصل على ترخيص من (الأستانة) أي الحكومة العثمانية عام 1912 للبحث عن البترول في شمال العراق.
(كولبنكيان) كان أول الأجانب الذين وطأت أقدامهم فوق (بابا كركر)، ذلك الحقل العملاق من النفط، وهو عملاق فعلاً، فهو وبعد قرابة 85 عام على أول انفجار هائل له والذي أدهش العالم، حيث تفاجأ الحفارون بشدة ضغط البئر وقربه من سطح الأرض، الأمر الذي خرّب آلات الحفر لتندفع نافورة من الزيت بلون أسود لأكثر من مئة متر، لا يزال لم يمُت!
فبرغم الاستخدام التعسفي الجائر لهذا الحقل فإنه يقذف حتى الساعة البترول للأعلى، لكنه وللأسف الشديد، بات في شيخوخته وقد لفظت بعض آباره ـ فعلاً ـ أنفاسها الأخيرة.
المحافظة على الضغوطات الشديدة داخل الحقول وعدم خلخلة ضغطها هي مهمة فنية هندسية وطنية بحتة، وذلك لا يتم بمعالجة النضوحات التي تسببها الآبار القديمة والمعدات والأنابيب المستهلكة فقط، وإنما بإعادة ضخ الغازات المنبعثة لها من جديد لإبقاء الضغط داخلها شديداً بدل إحراقها بالجو التي لا ولم تكن أبدية مطلقاً، أو ضخ الماء بديل الزيت المستخرج من أجل رفع منسوب الزيت من جديد، هو الضمان لحيوية وشباب البئر، بل والحقل بكامله.
أي باختصار من المحتم إشغال الفراغ المتأتي من سحب النفط، بدل أن يتوزع الضغط على حجم أكبر، والتالي سينخفض.
لكن العم الغالي (بابا كركر) وشعلته التي تعني لنا ديمومة حياته (أستكشف في 1925 ـ 1927)، وبرغم أثرها السيئ عليه، لا زال من خلالها يتحدى الموت ويكابر ويحاول أن يقول لنا (أنا بعمر الثمانينات ولا أزال ... شباب) !
والمفارقة المضحكة المبكية، أن الحكومات المتعاقبة، تتفاخر بنار كركوك وتصفها بالخالدة، بالإشارة لحرق الغازات المنبعثة التي يستحسن ضخها فيه من جديد، متناسية ـ عن جهل وقصر نظر ـ بأنها إنما تحرق بتلك النار، الحقل برمته، كالشمعة التي بدوام احتراقها، إنما ينتهي عمرها.
بعد نجاحه في استكشاف واستثمار أولى منابع النفط في العراق، مُنح (كولبنكيان) حقوق تنقيب واسعة على كامل مساحة العراق من خلال أتفاق ما يسمى (بالخط الأحمر) الذي يحفظ للجميع حدود وصلاحيات وحصص ثابتة، منها الـ (5%) له، ثم توثقت علاقته بالحكومة العراقية الملكية، فشارك نيابة عنها بكثير من المحافل الدولية ممثلاً عن نفط العراق، كما ومنحته الحكومتان العراقية والتركية لقب وزيراً وجاب العالم ممثلاً عنهما.
ولم يتوقف الرجل عند حدود العراق أو المنطقة، بل ساهم مع كارتل الشركات العالمية، بتقريب وجهات النظر من أجل التلاقي بينها وبين حكومات أصعب، كتلك القابعة آنذاك في مجاهل أفريقيا، وفي أمريكا اللاتينية، وكانت الشركات تُغريه في الاستفادة بنسبة أكبر من الكعكة، لكنه كان يفضل بل ويُصمم على اقتطاع ما ألتزم به، حتى ذهبتْ هذه النسبة تسمية له ... (مستر فايف بيرسنت).

هذا الرجل المجتهد، ولد بأسطنبول ودرس هندسة البترول بلندن والصناعات البترولية في باكو بأرمينيا، كان لهجرته للقاهرة وتعرفه على رموز في صناعة النفط البداية لنجوميته وهو لا يزال بالعشرينات، فساهم بعقد صفقات كبرى تقاضى لقاءها 5% ولم يُغير تلك النسبة حيث كان يقول بأن ....
((قطعة صغيرة من فطيرة كبيرة، أحسن من قطعة كبيرة من فطيرة صغيرة))

في سن الثلاثينات من عمره أنتقل الى لندن لعقد صفقات نفط أكبر وأوسع، فعمل بجد وصار له أسماً في المحافل الدولية وحقق أكبر انجازاته حين لعب دوراً بارزاً بدمج أكبر شركتي بترول عالميتين، البريطانية والهولندية (رويال داتش وشل).
مات (كولبنكيان) في (لشبونة) عام 1955 وهو الرجل الأغنى في العالم لما تركه من استثمارات وشركات ومقتنيات فنية وأثرية ثمينة تبرع ببعضها بينما أكتظ بها متحف يحمل أسمه، بينما أوصى بجل ثروته للأعمال الخيرية.
بعده قامت المؤسسة التي أنشأها ومن فائض عائدات نفط العراق وبحسب توصيته، ببناء وتشييد ساحات لعب، وقاعات فنون، ومدارس ومستوصفات ... وغيرها، متماشية بذلك مع الخط الذي رسمه لها (ملعب الشعب وقاعة الفن الحديث في ساحة الطيران والجامعة المستنصرية ومدينة الطب وحتى ـ يُقال ـ مساهمة ببناء الجسر الحديدي وخط القطار المتري بغداد ـ كركوك ...).
من المُسلم به أن العائدات النفطية إن لم تكن ذاهبة بجيبه، فستذهب بجيب شركات النفط الأوربية، من هذه الزاوية فإن ما كان يقوم به ـ على الأقل ـ هو إعادة ولو جزء بسيط من خير تلك البلدان لشعوبها، وبرأيي فإن شيء بسيط أفضل من ... لا شيء!

لم يكن تحت بيت الرجل صاحب الرسالة للأستاذ الدباغ بئر نفط، هذا ما جاء بأحد حلقات البرنامج التالية، وكما وعده فالدباغ قد أوفى بوعده لتقوم فرقة من فنيي شركة نفط الشمال بمعاينة الموقع لتفحُص طبقات التراب، فتبين بأن صاحب الرسالة يسكن الى جوار (فرن صمون حجري)، وأدى تسرب مستمر من خزانات النفط الأبيض بداخل الفرن لتشبع التربة على مدى أعوام !

عماد حياوي المبارك

كامل الدباغ :

ولد كامل أدهم الدباغ، هذا الرجل الموسوعي المحب لبلده العراق، بالموصل عام 1925 وتوفي ببغداد عام 2000 وهو خريج دار المعلمين العالية التي خرجت خيرة مثقفو وأدباء العراق في تلك الفترة، وعمل بالتدريس وشارك بتأليف بعض الكتب العلمية المطبوعة في أوربا والدول العربية، وشارك في مؤتمرات علمية أكسبته خبرة ودراية في مجال العلوم والفيزياء وتطورها في العالم، وأهتم بالهواة ورعايتهم من خلال تأليفه الكتيبات التي تعينهم بتطوير قدراتهم حتى بلغت 30 مؤلفاً للأحداث وللصغار، وهو من نادى بتطبيق التوقيت الصيفي بالعراق الذي طبق 27 عام ثم توقف.
كان لطريقة إعداده وتقديمه برنامجه (العلم للجميع) منذ العام 1960 حتى 1994 الأثر الكبير في حياة جيل العراقيين الذين أحبوه وتعلقوا به.



#عماد_حياوي_المبارك (هاشتاغ)       Emad_Hayawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- واحد سبعة
- حين لا ينفع اليمين !
- سقف العالم
- الرقة
- جوزتو
- وداعاً سنت كلاس
- تيتي ... تيتي
- بركاتك شيخ سلام
- أنتوشات
- شيخصملي
- أرنبون


المزيد.....




- تعرض اليوم..الآن تابع الحلقة 156 مسلسل قيامة عثمان .. تردد ق ...
- تقارير: أدوية شائعة لفقدان الوزن -تفاجئ- الرجال بالعجز الجنس ...
- صور من الفضاء.. هذا ما فعلته إيران في قاعدة أصفهان بعد ضربها ...
- إجراء أول اختبار لدواء -ثوري- يتصدى لعدة أنواع من السرطان
- أسهم أوروبا ترتفع بدفعة من نتائج قوية لشركات التكنولوجيا
- الصحة العالمية لـ-سكاي نيوز عربية-: غزة أصبحت لا تصلح للحياة ...
- غوغل ومايكروسوفت تبدأن جني ثمار الاستثمار بالذكاء الاصطناعي ...
- العثور على محيط حيوي -سري- تحت الصحراء الأكثر جفافا في العال ...
- جامعة العلوم السياسية بباريس توقف الدروس بعد تصاعد احتجاجات ...
- كيف تثبِّت الإصدار التجريبي لنظام أندرويد 15 على هواتف بيكسل ...


المزيد.....

- المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B / أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
- ‫-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط ... / هيثم الفقى
- بعض الحقائق العلمية الحديثة / جواد بشارة
- هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟ / مصعب قاسم عزاوي
- المادة البيضاء والمرض / عاهد جمعة الخطيب
- بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت ... / عاهد جمعة الخطيب
- المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض / عاهد جمعة الخطيب
- الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين / عاهد جمعة الخطيب
- دور المايكروبات في المناعة الذاتية / عاهد جمعة الخطيب
- الماركسية وأزمة البيولوجيا المُعاصرة / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - عماد حياوي المبارك - السيد فايف بيرسنت