|
ما اشبه اليوم بالبارحة
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 4658 - 2014 / 12 / 10 - 16:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يذكر لنا الكاتب الكبير حنا بطاطو في كتابه القيم (العراق... الطبقات الاجتماعية و الحركات الثورية في العهد العثماني حتى قيام الجمهورية ) الوضع العراقي تحت حكم العثمانيين و المماليك. حيث يقول؛ في عهود المماليك و ما قبل المماليك كان الوجود في مركز حكومي كثيرا ما يعادل ان يكون الانسان في ميدان الاعمال. و كثيرا ما كان الحصول على التعيين يتم عبر شراء المراكز، و كان المزايد الفائز بالمركز يعوض ما دفع، مع الفائدة، من خلال وجوده في الوظيفة . و ربما كان من الصعب العثور على شيء اسمه الشعور بالمسؤولية العامة، بل ربما كان هذا شيئا غير مفهوم على الاطلاق . من يدقق في الوضع الحالي و ما آل اليه العراق من كيفية تسنم المناصب و المسؤوليات في عهد مابعد الدكتاتورية، و ما يعيشه الشعب و الكتل السياسية من الصراع الشديد على المواقع المتنفذة، يمكنه ان يعيد الى ذاكرته حياة المماليك و العثمانيين و يقارنه مع الحال، والمحزن انه لم يتحمل عبء هذا الفساد الا المواطن البسيط من خلال حياته و كيفية عمله و ادارة اموره العامة . فكم سمعنا عن المناصب الوزارية التي بيعت بالمليارات من الدنانير، و لنا ان نسال كيف يسترجع الفائز بالمزايدة هذا المال مع الربح ان لم يكن على حساب الشعب سواء من خلال المشاريع و كيفية الاستفادة منها او من خلال رغيف خبز المواطن . فان التنافس الشديد و التوريج الانتخابي الذي صُرف فيه المليارات من الدنانير على حساب الدولة و من اموال العام فيما كشف اخيرا ليس الا تبذيرا و فسادا و بذخا على حساب الشعب، و لا يمكن الاقتراب من العدالة الاجتماعية الا بمحاسبة هؤلاء و محاكمتهم بالطريقة العادلة لياخذوا جزائهم العادل و ليتعض منهم الاخرون اليوم ايضا و لمنع تكرارالعملية . يقول حنا بطاطو في مكان اخر؛ ان السخاء والتبذير اللذين يظهرهما المسؤولون في ايامنا لا يمكنها ان يعودا الٌا الى واحد من اثنين: فاما ان يكونوا اساؤوا استخدام الاموال العامة او انهم كدسوا هذه الثروات من خلال الفساد او من خلال اجبار الناس على العمل بلا اجر، هادرين حقوقهم، لتبطين جيوبهم الخاصة . و هذا ينطبق كليا على الحكومة الرشيدة السابقة تماما و ما حدث فيها و يكتشف يوميا من الفساد الذي كانت هي فيه و الذي يدنى له الجبين . فكم من مسؤل اثرى و كدس من الاموال و له مشاريع في الداخل و الخارج و كان لا يملك اكثر من حاجته قبل استلام مهامه . ان استقدام المسؤولين و من هم من اصول غير عراقية امر يتكلم عنه العالم جميعا، ومن مبعوث الدول فهناك من المواطنين العراقيين ايضا الذين من اشترتهم المخابرات الاقليمية و اصبحوا تابعين لهم، لا يفعلون الا لمصلحتهم . و هذا ما كان سائدا ايضا في العهد العثماني، فكم من الموظفين ياتون من اسطنبول و اماكن اخرى من الامبراطورية العثمانية، من النوعية المنحطة بشكل ملحوظ، نظرا لعدم مجيء الكثيرون الى العراق لكونه بعيدا من جهة و صعوبة التعامل مع اهله و قسوة مناخه من جهة اخرى. فلم يات الا من الجهلة و غير الكفوئين و سيئي السلوك و التصرف من الموظفين المسؤولين، و كانت الدوافع الوحيدة لمجيء هؤلاء هو جمع المال فقط عنوة كان او ابتزازا . اما اليوم فيمكن ان نقول هناك هدف اخر اضافة الى جمع المال من الموالين للجهات الخارجية و هو العمل وفق مصلحة المتدخلين و اتخاذ القرارات وفق مشيئتهم السياسية و اوامرهم الصادرة من عواصمهم .لانهم لا يحكمون بشكل مباشر كما كانت الحال ابان حكم العثماني . وفي تلك الفترة و يمكن ان نقول لحد اليوم ايضا، كانت العوائل الثرية الاسرتقراطية التابعة للسلطة دائما تتبع اوامر الامبراطورية و كانوا في خدمة الحكومة التابعة ايضا و اساؤوا استخدام المواقع و زادوا ما يملكون من المادة على حساب الشعب و توارثت ابناءهم الثراء لحد اليوم . و هل لنا ان نقول ان حال العراق ستستمر هكذا و تعيد الكرٌة كل قرن او كم عقد من الزمن و بنفس المسرحية و بممثلين جدد ؟
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كيف يتعامل العبادي مع الحال
-
كيف كان ماقبل السقوط و كيف اصبح مابعده
-
ستضمحل الشعائر الدينية تلقائيا مع التغيير المنشود
-
ليس تقاربا و انما توظيفا امريكيا للكورد
-
اذا فشل العبادي سيحتاج العراق الى ثورة
-
هل كل مؤمن ارهابي حقا ؟
-
مثقفو ابواب السلطة الى اين ؟
-
بالشفافية و كشفه للفساد سيدعمه الشعب
-
هل سيكون دور المالكي في العراق كنصرالله في لبنان ؟
-
هل ينجح العبادي في تنفيذ مهامه ؟
-
من يصعٌب مهمة الحكومة العراقية الجديدة ؟
-
توظيف امريكا للكورد بعد الاسلام
-
هل نصل الى مجتمع صحي بعد التغييرات المتتالية ؟
-
ماهكذا تورد يا السيد معصوم الابل
-
انسانية الكورد فوق كل شيء
-
هل يمكن لروسيا ان تلعب دورا اكبر في اقليم كوردستان ؟
-
امريكا تعيد سياسة بريطانيا السابقة في العراق
-
مرحلة الرئاسات المتنفذة في المنطقة
-
من حس بمآسي الكورد لن يكرههم
-
يريدون عض الكورد به كالكلب
المزيد.....
-
فيديو أسلوب استقبال وزير الخارجية الأمريكي في الصين يثير تفا
...
-
احتجاجات مستمرة لليوم الثامن.. الحركة المؤيدة للفلسطينيين -ت
...
-
-مقابر جماعية-.. مطالب محلية وأممية بتحقيق دولي في جرائم ارت
...
-
اقتحامات واشتباكات في الضفة.. مستوطنون يدخلون مقام -قبر يوسف
...
-
تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بسلوكها
-
اكتشاف إنزيمات تحول فصائل الدم المختلفة إلى الفصيلة الأولى
-
غزة.. سرقة أعضاء وتغيير أكفان ودفن طفلة حية في المقابر الجما
...
-
-إلبايس-: إسبانيا وافقت على تزويد أوكرانيا بأنظمة -باتريوت-
...
-
الجيش الإسرائيلي يقصف بلدتي كفرشوبا وشبعا في جنوب لبنان (صور
...
-
القضاء البلغاري يحكم لصالح معارض سعودي مهدد بالترحيل
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|