أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طوني سماحة - الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق-12- تحديات الزواج















المزيد.....

الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق-12- تحديات الزواج


طوني سماحة

الحوار المتمدن-العدد: 4657 - 2014 / 12 / 9 - 00:36
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تحديات الزواج

لا شك ان الزواج التقليدي الذي شرّعته المسيحية يعاني الكثير من التحديات في أيامنا الحاضرة. فلقد أصابت التغيرات الاجتماعية والثقافية والعلمية منه حتى أنه فقد الكثير من مكانته في المجتمعات الحديثة. و ها نحن هنا كي نسلط الضوء على بعض هذه التغييرات:

• التحرر الاجتماعي، الثقافي والاخلاقي:
مع انفجار الثورة الصناعية في بداية القرن العشرين، دخلت المرأة سوق العمل مما أتاح لها الاستقلال المادي والاجتماعي. ومع تقلص دور المجتمع والاب، اصبح بإمكان المرأة أن تختار لنفسها نمط الحياة الذي يناسبها بدل الخضوع للقوانين الاجتماعية التي صاغها الفكر الذكوري على مدى قرون طويلة. تمردت المرأة على وضعها الذي كان يضعها في المرتبة الثانية اجتماعيا، فحصلت على حق الاقتراع، وخاضت مجالات عمل لم تكن متاحة لها في الماضي مثل الطب والهندسة والانخراط في السلك العسكري. ومع هذه التغييرات الاجتماعية تكرّس حق المرأة بالمساواة مع الرجل، فكان من حقها اختيار شريك الحياة والعمل خارج المنزل والتصدي للعنف الاسري والطلاق. أتاحت هذه التغييرات للمرأة أن تمسك بزمام القيادة في البيت بعد ان كانت القيادة حكرا على الرجل. وهنا بدأت سفينة الأسرة بالترنح يمينا وشمالا حسبما تفرضه لعبة القيادة التي أصبح يمسك بها طرفان يحركها كل منهما حسب رغبته مما جعل غرق هذه المؤسسة سهلا. لذلك نحن اليوم نشهد ضياعا كبيرا على المستوى الاسري يتمثل في ازدياد حالات الطلاق والآلام النفسية والجسدية التي تنتج عنها وتصيب كلا من الزوجين والأولاد. ترى ما الذي حصل حتى وصلت الامور على ما هي عليه؟ يؤمن الكاتب أن ابتعاد المجتمعات المسيحية عامة وفي الغرب خاصة عن مبادئ الكتاب المقدس وتبنيها الفكر المادي هو الذي أوصل الامور الى ما هي عليه من خراب. فالانجيل الذي شرّع للرجل قيادة السفينة، لم يعطه حق التسلط على افراد اسرته كيما يقوموا بخدمة مصالحه الضيقة ونزواته، بل حثّه على اتباع المسيح في محبته وخدمته لزوجته واطفاله. ونذكر هنا ان تلاميذ السيد المسيح تشاجروا مرة فيما بينهم على موضوع الاولوية والعظمة ولما احتكموا للمسيح قال لهم "من أراد أن يصير فيكم عظيما، يكون لكم خادما، ومن أراد أن يصير فيكم أولا، يكون عبدا للجميع. لأن ابن الانسان (المسيح) أيضا لم يأت ليُخدم بل ليَخدم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين" (مرقس 10: 43-45). للأسف، فإن الكثير من الرجال وخلال التاريخ الطويل لم يتمثلوا بالسيد المسيح في خدمة أسرهم بل جعلوا أفراد اسرتهم في خدمتهم. وكذلك الكثير من النساء في عصرنا الحاضر دخلن العش الزوجي وهن تطالبن بحقهن في سيادة الاسرة، فكانت النتيجة رأسان يتصارعان في قيادة السفينة بدل ان يكون كل منهما خادما للآخر، لأطفالهما، وللسيد المسيح.


• الميديا:
غيّرت التكنولوجيا فهم الانسان للحياة والمجتمع والثقافة. فالأجيال التي ولدت في القرن العشرين وما بعد فتحت عيونها على التلفزيون والسينما والانترنت وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي. مجدّت التكنولوجيا المال والجمال. فالمرأة التي تظهر على شاشات التلفزة هي أشبه بالحوريات والرجل غالبا ما يكون كثير الوسامة، غنيا، وذ صفات مميزة. يبدأ كل من الرجل والمرأة باجترار هذه الصور التي تطلعنا عليها الميديا منذ الطفولة، حتى اذا ما بلغا عمر المراهقة والنضوج بدأ كل منهما بالبحث عن هذا الشريك السوبرمان او السوبر وومن. لكن الحقيقة هي غير ما نراه على شاشات السينما. فالانسان العادي متوسط الجمال، يكون محظوظا ان هو انتمى الى الطبقة المتوسطة، يفصل بينه وبين الشهرة والسطلة عقود وعقود. لذلك، نرى في كثير من الاحيان امرأة كثيرة الجمال ترفض شابا يتساوى معها في المستوى الاجتماعي كيما ترتبط برجل ثري يكبرها بعقود مضحية بذلك بسعادتها مقابل الحصول على امواله. وللأسف ما لا يدركه الطرفان أن عقد الزواج هذا بين شخصين متفاوتين في العمر ليس في كثير من الاحوال سوى عقد بيع وشراء مقنع، يبحث فيه كل من الزوجين عن ما يمتلكه الآخر وليس عن شخصه. نرى عندها طرفا يشتري شباب الآخر وجماله بأمواله بينما الآخر يقايض شبابه بثروة الأول.


• تعدد الزوجات:
قضت المسيحية على تعدد الزوجات التي كانت سائدة في المجتمعات القديمة حتى أتى الإسلام في القرن السادس ميلادي وحلله. حافظت المسيحية على مبدأ الزوجة الواحدة في الغرب وفي المجتمعات المسيحية التي أصبحت أقلية في الشرق الى أن برزت في القرن التاسع عشر هرطقة المرمون في الولايات المتحدة. لم يلق فكر المرمون رواجا كثيرا لكنهم مع ذلك استطاعوا الاستمرار رغم اعدادهم القليلة، الى أن وقعوا اتفاقا مع حكومة الولايات المتحدة يلزمهم بعدم ممارسة تعدد الزوجات. لكن هذا الاتفاق، وإن كان قد حدّ من ممارستهم لتعدد الزوجات، إلا أنه لم يلغه كليا حتى يومنا الحاضر. إن تعدد الزوجات مغر للرجل كونه يسمح له بإشباع غرائزه، لكنه مجحف للمرأة التي لا تستطيع التفرد بزوجها، عدا عن انه يفتح الباب على مصراعيه على الخلافات بين الزوجات، و يتسبب بالتصدع العائلي. فالطفل الذي يعيش في كنف واب واحد وام واحدة يشعر بمزيد من الامان مقارنة بطفل يرى أباه يجول على نساء متعددة. كذلك المرأة التي تعرف انها الاولى في حياة زوجها هي اكثر استعدادا للتضحية من اجله من زوجة تستعطي حب زوجها وتتنافس عليه مع أخريات. "أنا لحبيبي وحبيبي لي" قالتها العروس في سفر نشيد الانشاد، كيما تلخص قصة حب بين رجل واحد وامراة واحدة، مقولة لا تستطيع امرأة تشارك أخريات في حبها لزوجها ان تقولها.


• المساكنة:
برزت المساكنة في القرن العشرين كنمط حياة لم يكن شائعا من قبل. سهّلت المساكنة الحياة بين شخصين إذ أمنت لهما ميزات الحياة الزوجية دون روابط دينية او اجتماعية او مادية. فالشريكان الذان يختاران المساكنة ليسا ملتزمين بالحياة معا، بل لكل منهما الخيار في انهاء العلاقة ساعة يشاء وكيفما يشاء. لكن المساكنة، وإن كانت أقل كلفة والتزاما من الزواج التقليدي، إلا أنها لم تأت دون مشاكل والتي احداها تحديد المسؤوليات المادية وحق الرعاية تجاه الاطفال الذين ينتجون عن هذه العلاقة. برر مؤيدو المساكنة تمسكهم بها إذ أنها تسمح لكل من الطرفين باختبار الآخر قبل الالتزام بزواج طويل الامد. لكن الدراسات في الغرب أظهرت ان الذين سكنوا معا قبل الزواج، لم يكونوا أكثر مناعة إزاء الطلاق من أقرانهم الذين لم يمارسوا المساكنة قبل علاقتهم الزوجية. لا بل كانوا اكثر عرضة للمشاكل والطلاق. وعلينا ألا ننسى أن الحكومات الغربية تتعامل مع الشخصين الذين يعيشان معا لستة اشهر او كثر بالطريقة نفسها التي تتعامل بها مع زوجين عاديين.

• الطلاق:
كان الطلاق وما يزال آفة المجتمعات المتحضرة. فهو يلقي بظلاله الثقيلة ليس على الزوجين فحسب بل على الاطفال ايضا. وعلى الرغم من التكاليف الباهظة ماديا ونفسيا وعائليا للزوجين، إلا أن سهولة الحصول عليه شجعت الكثير على طرق أبوابه، حتى بين المسيحيين. الطلاق، وإن كان مبررا في حالات معينة مثل الخيانة الزوجية أو تعرض احد الشريكين للعنف، إلا أنه في حالات أخرى هو دليل فشل الانسان في معالجة مشاكله. الانانية هي مصدر الفشل الرئيسي في الزواج، إذ ان كلا من الطرفين لا يسعى لإرضاء الآخر، بل نفسه. فالانسان العادي يسأل نفسه "ماذا يمكنني أن أجني من هذه العلاقة؟"، بينما الفكر المسيحي يحث الانسان على التفكير قائلا "ماذا يمكنني أن أعطي وأقدم لكي تنجح هذه العلاقة؟" وكما أشرنا سابقا، فالمطلوب من الانسان المسيحي أن يكون خادما لشريكه وليس العكس.

• الزواج المثلي:
بدأ تقبل المثلية في المجتمعات الغربية منذ أواسط القرن العشرين، حتى تم إقراره في الكثير من هذه المجتمعات في السنوات العشرين الاخيرة. يشترط الزواج التقليدي ان يكون الشريكان مختلفي الجنس فيما الزواج المثلي يعتمد على وحدة جنس الشريكين. رافق إقرار الزواج المثلي مناقشات حادة مثل "هل يولد الانسان مثليا أم لا؟" اختلفت الدراسات والتقارير بحسب توجه أصحابها الفكري والديني، إلا أن العلم لم يجزم في هذا الامر. اعتمد مؤيدو الزواج المثلي على قوانين الدولة الحديثة التي تحظر التمييز بين المواطنين على اساس اللون او الدين او الجنس او اللغة، بينما ركز المعارضون للمثلية على افتقار هذا الزواج لعناصر الانجاب والتكامل بين الشريكين خاصة على صعيد الاسرة. فالطفل الذي ينشأ في اسرة مثلية، يفتقد الى صورة الاب او الام في هذه العلاقة وكل ما يستطيع الاب او الام ان يقدماه لنمو الطفل.

• الخيانة الزوجية:
ليس أكثر ما يجرح احد الطريفين من خيانة شريكه له. الا ان تحرر المجتمعات من مفاهيم الدين سمح لأفرادها بتقبل فكرة الخيانة الزوجية أكثر من ذي قبل. ولا شك ان الخيانة الزوجية هي المؤشر الاول لفشل الزواج، إذ يصعب على شريك تقبل رؤية شريكه في سرير انسان آخر. كما ان الخيانة الزوجية قد يكون لها اسباب اخرى مثل برودة العواطف، عدم اهتمام الشريك بشريكه، استعباد الغريزة الجنسية للانسان، وأنانية احد الطرفين. وعلى هامش الخيانة الزوجية، لا بد أن نذكر هنا ان ثمة جماعات ابتكرت مفهوما جديدا ألا وهو تبادل الازواج والزوجات، حيث يمضي رجل الليلة مع امرأة رجل آخر، بينما الزوجة تمضي الليلة مع رجل آخر. ومع نهاية المدة المتفق عليها يعود كل شيء الى طيبعته.

اذا وفي نهاية هذا المقال، لا بد من ا لاعتراف ان الزواج التقليدي يعاني تحديات كثيرة. وفي المقال التالي والأخير من هذه السلسلة ان شاء الله، نتطرق الى موضوع "هل ما زال الزواج التقليدي يصلح لمجتمع القرن الواحد والعشرين؟"



#طوني_سماحة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الله أكبر
- صرخة مظلوم
- دون كيشوت التركي
- سيّدي يسوع
- الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق-11- الجنس والزواج
- هل التنصير جريمة؟
- الزواج في المسيحية بين النظرية والتطبيق- الجزء العاشر- دور ا ...
- هاتي يديكِ
- بين إيبولا وداعش
- الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق- الجزء التاسع-دور ا ...
- إن كنت حبيبي... علّمني قطع الرؤوس
- عنصرية أم كبرياء؟
- الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق- الجزء الثامن
- عبادة الصليب شرك عقابه الذبح
- الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق- الجزء السابع
- أريد جارية شقراء، زرقاء العينين، طويلة القامة، روسية الجنسية ...
- يونس البلجيكي...يهجر مقاعد الدراسة
- الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق- الجزءالسادس
- نساء برسم البيع
- روبن وليامز، بسمة لطيفة و رحيل مأساوي


المزيد.....




- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...
- أسئلة عن الدين اليهودي ودعم إسرائيل في اختبار الجنسية الألما ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طوني سماحة - الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق-12- تحديات الزواج