أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدر الكعبي - أم غاوية 9 (خاتمة)














المزيد.....

أم غاوية 9 (خاتمة)


حيدر الكعبي

الحوار المتمدن-العدد: 4650 - 2014 / 12 / 2 - 11:24
المحور: الادب والفن
    



وذات مساء صيفي من عامِ 1974، دخلتُ غرفة أم غاوية لأوقظها للعشاء، فرأيتها في ضوء المصباح الكهربائي الأصفر الشاحب متمددة على ظهرها فوق سريرها المصنوع من لوح خشبي قائمٍ على أربع بلوكات ومغطى ببساط يعلوه إزار صوفي يميل الى الحُمرة كانت قد غزلتْ صوفه وحاكتْه بيديها. كان رأسها الملفوف بالشيلة غاطساً في (لولة) الريش ووجهها يتطلع الى السقف، وإزار الصوف يغطيها الى الركبتين، والى جانبها عصابتها المحلولة ومهفة من خوص النخيل. كنت أعرف بالتجربة أن كفنها الخشن الحائل البياض يرقد مطوياً تحت وسادتها. هززتُها فاهتزتْ كلها. كانت يابسة كحزمة قش.

الصبي الذي حمل تابوتها كان يرتدي دشداشة رمادية ويعتمر طاقية رأس كالقبة تعلوها خرقة سميكة وقاءً للرأس. راح يستعرض مهارته أمام أقرانه بموازنة التابوت فوق رأسه دون مسكه بيديه. كان الوقت ضحى والشمس تَظهر وتختفي خلف طبقة من سحاب أبيضَ يسعى الى التماسك، والجو مغبراً بخطى الزوارِ وحركةِ عمالِ المقبرة المسرعين. وشرع أحد الدفانين يقرأ بعض الأدعية استظهاراً بصوت رتيب أجوف كهدير مبردة هواء. كان ورديَّ الوجه، شمعيَّ الملامح، قصيرَ الشعر، أشقرَهُ. وكان جفناه مسدلين في خشوع مصطنع، وصدره يعلو ويهبط وهو ينغّم العبارات متخففاً منها بسرعة تتناسب مع الأجر الزهيد الذي دفعتُه له.

أَنْزَلَها في القبر فَتَيانِ أحدهما يمسكها من كتفيها والآخر من رجليها. وقد تقوس وَسَطُ جسدِها الملفوفِ بالكفن الأسمر الذي ظلت تحمله معها عشراتِ السنين، وكان ظهرُها أولَ ما اختفى منها، تبعتْه قدماها، ثم رأسُها الذي اهتزَّ قليلاً حين احتكَّ للحظة بجدار القبر، قبل أن يستقر في الحفرة. وحين أهالوا عليها التراب راحت قطرات قليلة من المطر تنزل ببطء، قطرات قليلة جداً ومتباعدة لا تكاد تكفي لترطيب التراب، وربما كانت من صنعِ وَهْمي أنا، لا غير.

تموز 2014



#حيدر_الكعبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أم غاوية 8
- جدي الذي قتل الأسد
- عن قصيدة -نهير الليل- لعلي أبي عراق
- الكابوس
- الإستجواب
- دعوة الى جمع شعر الشعراء المعدومين
- وداعاً منقذ الشريدة
- أم غاوية 7
- أم غاوية 6
- أم غاوية 5
- أم غاوية 4
- أم غاوية 3
- أم غاوية 2
- أم غاوية 1
- توطِئة - أوكتافيو باث
- بصرة عام 11 (الحلقة الرابعة)
- بصرة عام 11 (الحلقة الثالثة)
- بصرة عام 11 (الحلقة الثانية)
- بصرة عام 11 (الفصل الأول)
- المتنبي شهيداً


المزيد.....




- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدر الكعبي - أم غاوية 9 (خاتمة)