التعافي الايجابي : طريقنا نحو تجاوز محن الحياة

علي عبد الرحيم صالح

الحوار المتمدن-العدد: 4643 - 2014 / 11 / 25 - 13:56
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

يتعرض كل شخص منا الى بعض الحوادث البسيطة التي تؤدي به الى السقوط على الارض ، ومن المثير جدا ان نجد اننا مجهزين باليات وسلوكيات فطرية تحاول ان تحمينا من شر هذا الوقوع ، فإذا تعرضت الى مثل هذه المواقف سرعان ما تحاول بجهد امكانك ان تتشبث وتتمسك باي شيء او شخص بالقرب منك كي تفلت وتنجو من الم السقوط . لو نفكر قليلا في الامر لنجد أن هذا الموقف الغريزي الدفاعي الرائع في حماية انفسنا من الخطر يتجسد نفسيا في حماية انفسنا من الخبرات الشخصية والانفعالية الصادمة والمؤلمة ، إذ يحاول البعض منا بعد التعرض الى موقف مؤلم مثل خبرة مواقف الفشل الدراسي او خيانة صديق او خسارة الحب او حتى خسران المال ان ينهض من جديد ويلملم قواه ويمد جذور قوية من الحب والامل في اشخاص جدد ومشاريع جديدة ومحاولات مثمرة ليبدأ مشوار حياته من جديد. لذا يحاول الاشخاص عبر هذه العملية المدهشة ان يتعافون ويستعيدون الثقة والامل بعد خسارتهم لها في مسارات حياتية جديدة ورؤى مشرقة نحو مستقبل النجاح والازدهار .
إن هذا ما نطلق عليه بالتعافي الايجابي والذي يتمثل في سعي الفرد ومحاولاته الايجابية نحو استعادة قواه ومكاسبه التي فقدها وقت الشدائد والازمات بطرق ايجابية ومثمرة مثل التشبث بأرضية من الثروات والصداقات ، ومحاولة البحث عن احباء جدد يتقاربون معه في الشعور والاحساس ، وتغيير طريقة العمل ، والتفكير بطرائق ناجحة للأحداث والمثيرات البيئية الجديدة .
وهنا قد يطرح الكثير من الناس كيف نتعافى ايجابيا ؟ وكيف ننهض من جديد بعد ما خبرناه من احداث مؤذية وقاهرة جعلتنا نستسلم للحياة؟ ويجيب علماء النفس ومنهم اليس بيك ومارتن سليجمان وإد دينر ان هذا يتوقف على نضج الشخص وخبرته ونظرته الواقعية للحياة وما يمتلكه من ذكاء وخصائص شخصية، ففي بعض الاحيان تنعمي ابصار الناس لما حولهم من نعم ، وقد يتوجهون في مسارات خاطئة رغم الكثير من الاشخاص الجيدين والمحبين الذين لا ينتبهون لهم ، وهناك الكثير من الحلول للمشكلات التي يعانون منها ولا يفكرون بها ، والكثير من المشاريع وطرق العمل التي لا يقدون عليها ، لذا يعتمد ذلك على خبرة الفرد ورؤيته للموقف وما يمتلكه من اساليب وقوى وخبرات تساعده على تجاوز المحن ، فالبعض يتجاوز الشدائد بعدة ايام والبعض الاخر يحتاج الى شهور.
ورغم ان التعافي الايجابي لدى البعض عملية ليست بالسهلة إلا أن هناك بعض المقترحات التي يشير اليها الباحثين في مجال الصحة النفسية يمكن ان تخفف على الشخص احزانه وخسارته وتعيد بعض توازنه النفسي من جديد ، ومنها استشارة الناس المختصين في المجال النفسي ، واذا كان هذا صعبا حاول ان تشرك الاخرين في الموضوع ولكن مع اشخاص تثق بهم ولديهم خبرة عالية في ادارة شؤون الحياة ، وكذلك حاول ان تدرس مشكلتك من جميع الجوانب ، وتتعرف على المكاسب والخسائر الشخصية والاجتماعية التي قد تحدث لك اذا اقدمت على عمل ما من دون غيره ، وايضا فكر مع نفسك قليلا الى اين ستصلني قراراتي ؟ وكيف سأحققها من دون اية خسائر لي وللأخرين من حولي؟

#علي_عبد_الرحيم_صالح (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات