أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - من «سردية التميّز إلى سردية وهم التغيير»














المزيد.....

من «سردية التميّز إلى سردية وهم التغيير»


امال قرامي

الحوار المتمدن-العدد: 4643 - 2014 / 11 / 25 - 10:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ثمّة مسافة فاصلة بين التقارير الصادرة عن المراقبين الأجانب ذات الصبغة «الدبلوماسية»، التى أشادت بالأجواء التى دارت فيها الانتخابات التشريعية، والتقارير التى جاءت على لسان مقرّرى مختلف منظمات المجتمع المدنى، والتى ركّزت على النواقص. وهذا الاختلاف فى رؤية مسار الانتخابات وطريقة استقبال الأحداث التى واكبها المتتبعون والمحلّلون والمراقبون.. يطرح عددا من الإشكاليات: لم ترد القوى الغربية «إخراج» التجربة التونسية فى صورة الأنموذج حتى وإن اقتضى الأمر غضّ الطرف عن التجاوزات والخروقات التى تقيم الدليل على جدّة عهد التونسيين بالممارسات الديمقراطية؟ لم يحق التشهير بالانتهاكات فى البلدان الغربية، وينظر إلى هذه الممارسات على أنّها علامة على حسّ مواطنى مرتفع ونضج سياسى فى حين أنّ اضطلاع الجمعيات بدورها فى الرقابة والرصد والفضح فى بلدان <الربيع» يعدّ ردّ فعل مبالغا فيه؟ هل يعنى ذلك أنّ شعوب «الربيع العربى» لا يمكن أن ترفع السقف عاليا نظرا إلى الأمية المتفشية، وقلّة الوعى، ومتّى أصرّت فإنّ الديمقراطية المنجزة لن تكون إلاّ على قدر «مقاسها»؟ لم يسعَ المجتمع المدنى جاهدا إلى رصد الانتهاكات والتنديد بها فى كل المنابر الإعلامية؟ أهو «استعراض» لجهود منظمات وجمعيات وهيئات تريد أن تثبت يقظتها، وأن تتموقع فى المشهد الجديد؟ أم هو الإيمان بضرورة إنقاذ المسار، والدفع به نحو الطريق السوى هو الذى يحفز هذه الجمعيات فيجعلها لا تركن للراحة، ولا تملّ من رفع الصوت عاليا؟


ومهما اختلفت الدوافع فإنّ نبرة الاستياء ما زالت تهيمن على ممثّلى مختلف مكونات المجتمع المدنى الذين راقبوا الانتخابات الرئاسية. لقد كانت التوقعات كبيرة: علّقت الآمال على عدد من المرشحين حتى يرتقوا بأدائهم، ويتلافوا الأخطاء التى ارتكبت فى الانتخابات التشريعية، ولكنّ منسوب العنف ارتفع، والمال السياسى تدفّق، والضغط مورس.. ولذلك حُقّ التنبيه إلى التجاوزات. وما دام الشعب قد استعاد صوته، واستمتع بحرّية التعبير فحرى بالسياسيين أن يراقبوا أنفسهم، وأن يخضعوا خطابهم السياسى للمراجعة، والتمحيص ليصحّحوا الأخطاء، ويتأمّلوا فى نتائج السلوك الذى انتهجوه أثناء حملاتهم: مرشّحون استغلّوا جهل شرائح من المجتمع بالثقافة السياسية والقانونية فراحوا يعدونهم بتغيير جوهرى فى السياسات، بل إنّ منهم من وعد بتغيير العاصمة من تونس إلى القيروان، ومرشّحون آثروا أن تكون التعبئة قائمة على المغالطات، ومرشّحون قادوا حملاتهم بالاعتماد على العنف، وصاغوا خطابا سياسيا يقوم على التشهير بالخصم، ومرشّحون يطلبون معاضدة رجال الدين، ومرشّح يستغل موارد الدولة للقيام بحملته، ويدعو «شعب النهضة» إلى التصويت له.. أمّا الأتباع والمناصرون على صفحات فيسبوك أو تويتر، وفى الشوارع والساحات فقد خاضوا عراكا تتفاوت حدّته من فترة زمنية إلى أخرى وفق نسق الأحداث أدواته فى ذلك فحش الكلام، وبراعة تشويه صورة الآخر، والتهديد بالتصفية، و«حدّث ولا حرج».


وبالرغم من كلّ هذه المؤشرات التى توحى بتأزّم الوضع، واندلاع «موجة عنف» أخرى فإنّ الأصوات المشيدة بالتجربة الديمقراطية التونسية لا تنفكّ عن ترديد نفس السردية متجاهلة لوعة أهالى الشهداء والجرحى، غاضة الطرف عن مسئولية من فتح الأبواب حتى يتسلّل الفكر المتشدّد إلى البلاد فيحصد الأرواح، غير مدركة لمشاعر الإحباط التى تهيمن على الشباب، مقلّلة من شأن الدمار الذى تسبّب فيه من تطفّلوا على إدارة الشأن السياسى والاقتصادى.. وكأنّه لا مجال للمطالبة بأفضل ما تمّ الحصول عليه. وهكذا تتسّع الفجوة بين المراقبين والإعلاميين، والنخب السياسية المنساقين وراء تمجيد التجربة التونسية، وشرائح واسعة من التونسيين الذين آمنوا بأنّ المسار الثورى يتطلّب رؤية جديدة، وثقافة مغايرة، والقطع مع الممارسات القديمة، وإرساء قيم مختلفة، وعقلنة للمواقف.. وبين آمال منشودة وواقع متأزّم تتجاور السرديتان: سردية النجاح والاستثناء التونسى، وسردية فشل بناء تجربة فريدة تتطابق مع طموحات جيل آمن بأنّ الثورة تدفع باتجاه تكريس ثقافة التغيّر.

اكتشف الجيل الثورى أنّ المنزع التلفيقى متأصّل وازداد ترسخا.. فالجيل الذى هيمن على إدارة المرحلة يجبرنا على أن نتعايش مع المفسدين والانتهازيين والمستبدين والإرهابيين، لأنه يهاب التحولات العميقة ويرفض إحداث القطيعة مع تركة الماضى والسلف يظل يسوّق لوهم التغيير والحال أنّه ثابت ومتمسّك بمسلماته ومتناغم مع منظومته المغلقة.



#امال_قرامي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكلّ يغنّى على ليلاه
- هل خرجت تونس من النفق؟
- ملاحظات على هامش الانتخابات التونسية
- حالات الإحباط.. قبيل الانتخابات
- موجة خلع الحجاب .... على هامش الانتخابات
- رسالة تونس: لله درّ النهضة كم تتقن التلاعب
- لقد هزلت حتى بدا من هزالها
- السياسة كرنفال
- سفينة النجاة
- على قدر الكساء نمدّ أرجلنا!
- كلّهم فى الهوى سوى
- برگاتك يا حزب!
- المسكوت عنه فى محاربة الإرهاب
- يا قصر قرطاج.. ها هم على أبوابك يتزاحمون
- نكبتنا فى الطبقة السياسية
- مأزق الهيئة العليا والمستقلة للانتخابات
- شطحة من شطحات الشيخ
- ما بعد «حلحلة» الأزمات
- شكل آخر من أشكال «التمكين»
- أين نحن من ثقافة الاعتذار؟


المزيد.....




- لماذا يواجه نتنياهو -قرارا مصيريا- بشأن غزة بعد إعلانه الانت ...
- نتنياهو: -نعمل على توسيع اتفاقيات السلام بعد انتصارنا على إي ...
- ماذا قال البيت الأبيض عن جهود ترامب بشأن انضمام دول خليجية و ...
- إيران تكشف عن أضرار -كبيرة- بالمنشآت النووي وتؤكد أن تعليق ا ...
- الاتحاد الأوروبي يمدد عقوباته على روسيا حتى مطلع 2026
- إيران تعلن حجم الأضرار التي لحقت بالمنشآت النووية جراء الضرب ...
- مهرجان موازين يحتفي بدورته العشرين بحضور فني عربي وعالمي ممي ...
- غزة تشيع نضال وكندة.. رضيعان قتلهما الحصار الإسرائيلي
- رئيس وزراء إسرائيل يتحدث عن فرص جديدة لتوسيع -اتفاقات السلام ...
- مصدر إسرائيلي: دعوة ترامب لوقف محاكمة نتنياهو جزء من تحرك لإ ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - من «سردية التميّز إلى سردية وهم التغيير»