|
بالتجاور 2
حسين الرواني
الحوار المتمدن-العدد: 4637 - 2014 / 11 / 18 - 17:51
المحور:
الادب والفن
حين نجح المؤلف الموسيقي الفنلندي جان سيبيلوس، نجاحه الثالث عام 1892، في سيمفونيته الأولى للكورال والأوركسترا، ثم القصيد السيمفوني الأول، ثم أربع قطع أوركسترالية، صوّت البرلمان الفنلندي بالإجماع على منحه راتبا سنويا مدى الحياة، لكن منير بشير مات إثر نوبة قلبية انتابته على إثر انفعال نفسي بعد أن اتهمه أحد الموسيقيين العرب بأنه سرق أموالا خصصتها الجامعة العربية، للمجمع العربي للموسيقي، الذي كان منير أمنيا عاما له، علما أن منير عمل في هذا المنصب ثلاثين عاما، ولم يستلم فلسا واحدا. في العزف.. عزف وأداء ليس لدينا في العالم العربي عازفون، لدينا مؤدون موسيقيون، كما لدينا في الغناء مغني ومؤدي، والمغني عادة ما يكون متميزا بخامة صوتية جيدة وحنجرة ذات مساحة صوتية عالية تبلغ اوكتافين او ثلاثة، أما المؤدي فهو دون المغنين مستوى من حيث الكفاءة الصوتية والقدرة على التعبير الموسيقي بآلته الموسيقية العضوية، أعني الحنجرة. ليس لدينا نقاد موسيقيون أما الباحثون الموسيقيون برتبة بوفيسور، أي بروفيسور في الموسيقى من المغرب، ومن لبنان، ومن سوريا، ومن الخليج، ومن اليمن، ومن دول شمال افريقيا، ومن العراق، فهل يوجد مثل هؤلاء على أرض الواقع؟ لا أظن، كما تخبرني ذاكرتي، أن في العراق ناقدا موسيقيا سوى فاروق هلال، الذي حاولت الحصول على كتبه النقدية من الانترنت ولم أجدها. منير بشير ليس قوميا أما منير بشير فلم يكن قوميا عروبويا كما اتهمته وأخذت عليه في ذلك، بل كان يشدد على عروبة الآلات والايقاعات ومزاج العزف ونوع الموسيقى التي يتم تقديمها للعالم كموسيقى عربية، بسبب ان الموسيقى التي يقدمها هو، موسيقى ذات جذور عربية، وبسبب أنه درس في أوروبا على يد أساتذة أهتموا بالتراث الموسيقي في بلدانهم وجمعوا تراث شعوبهم الموسيقي، ودونوا جميع ذلك وعزفوه، وعلموا طلبتهم على حب التراث وتجسيد المعاصرة في تقديمه، وتتلمذ منير على أيدي مثل هؤلاء الاساتذة، ومر بتجارب كثيرة لفتت انتباهه الى أهمية أن يقدم للعالم موسيقى بلده، بدل الجاز والروك اند رول وغيرها، ولأنه أيضا عزف مع عازفين من مختلف الحضارات الموسيقية، فعرف قيمة الهوية القومية الموسيقية، وقيمة ظهور الموسيقى الى العالم من تحت حضارة وجذور وتراث، وبوسعنا ان نتصور حدوث نفس الامر لو كان منير هنغاريا او يابانيا او من اميركا الجنوبية. منذ أن اقتنيت عودي الأول في 1-11-2012، حتى اقتنيت أول آلة تشيلو خاصة بي في 12-10-2014، وأنا لا أفعل سوى التعويض عن نقص لست مسؤولا عنه، المسؤول عنه البلد الذي عشته فيه، وأنظمة الحكم فيه، ومدارسه وتربية رصافته، والمجتمع التافه الذي نشأت فيه بصورتيه الكبيرة، الشعب العراقي، والصغيرة، الأسرة التي فيها ولدت. أعوض عن نقص دراسة الموسيقى وتعلم العزف على إحدى الآلات، أعوض عن ذلك بجهدي الشخصي وبمالي الخاص. وفي الوقت نفسه، أتبرز يوميا مع فضل معدتي، عشرات المعادلات الكيميائية، والقوانين الفيزيائية والقصائد والمحفوظات الأدبية، وبراهين الهندسة وعلم المثلثات والجبر والتفاضل والتكامل، وأشكال الخلايا الستة، ومراحل الحيوانات في دورات حياتها، وقوانين داروين في التكاثر، وعشرات أحاديث التربية الإسلامية والآيات القرآنية، وكلمات الرئيس القائد، وشعارات الحزب، وأناشيد الابتدائيات والمتوسطة عن الحزب والقائد والثورة، أقيئ يوميا مع ما أتبرز كل ما لا حاجة بي إليه، كل ما لقنونيه في طفولتي وسني صباي الأول، لأنه بأجمعه لم ينفعني فيما بعد، إلا في شيء واحد، هو البراءة من قذره والكتابة عنه في هذه السطور، هل هذا نفع؟ يقول آروين كوبلاند، وهو مؤلف وناقد موسيقي أميركي معاصر عن آلة التشيلو "إنها تعزف دور الباريتون والباص، ومجالها الصوتي أخفض بأوكتاف عن آلة الفيولا، ولهذا السبب فهي ليست قادرة على أداء النغمات العالية جدا، إن نوعية الصوت الذي تصدره آلة الفيولونسيل (التشيلو) معروفة جدا، ومع ذلك فإن المؤلفين على دراية بثلاث نوعيات صوتية فيها، فعند أدائها النغمات العالية تكون حادة ومؤثرة، وعند أدائها النغمات المنخفضة تكون وقورة وعميقة، وعند أدائها النغمات المتوسطة التي يكثر استخدامها، تكون أكثر ألفة ورزانة، وتكون رقيقة تشبه صوت الباريتون البشري المعبر".
#حسين_الرواني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البناء المعماري والصوت في قاعات الموسيقى
-
محنة الموسيقى الشرقية
-
فؤاد زكريا.. وتجريد الموسيقى عن التأويل
-
قواعد التدوين الموسيقي ببرنامج انكور
-
بالتجاور
-
الفن تحت عقلانية الفلسفة كروتشه نموذجا
-
قذر الذات العراقية والرابسودي
-
ما يفعله البهاضمة يتكرر – 6 -
-
ما يفعله البهاضمة يتكرر - 5 -
-
خذوها كلها.. ودعونا نعيش
-
لا نأكل الكلام
-
الفشلان العراقيان: العولمة الشيوعية.. والعرقنة الجهادية
-
عمان ما زالت تلوط.. وتموزنا بلا شرف
-
كأس ألمانيا والجلسة الثانية
-
لكنني خرب
-
محرِر غير محرَر
-
العراق.. بين الرمل والطين
-
الواقع العراقي.. الشسمه
-
ما يفعله البهاضمة.. يتكرر ج 4
-
ما يفعله البهاضمة يتكرر ج 3
المزيد.....
-
سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
-
وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي
...
-
-كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟
...
-
ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق
...
-
رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة
...
-
الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
-
صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
-
بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء
...
-
-كنوز هوليوود-.. بيع باب فيلم -تايتانيك- المثير للجدل بمبلغ
...
-
حديث عن الاندماج والانصهار والذوبان اللغوي… والترياق المطلوب
...
المزيد.....
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
-
الهجرة إلى الجحيم. رواية
/ محمود شاهين
المزيد.....
|