|
المرأة ستظل مستعبدة مالم
فوزي بن يونس بن حديد
الحوار المتمدن-العدد: 4632 - 2014 / 11 / 13 - 15:39
المحور:
كتابات ساخرة
لا تزال المرأة السعودية تكافح من أجل أن تنال بعضا من حريتها في حين تنعم المرأة الكويتية بحرية أكبر مما تستحق، مفارقة تعيشها المرأة العربية اليوم رغم تطور الحياة سريعا في عالم اليوم، فبعد الضغوطات العالمية الكبيرة على حكومة السعودية حتى تسمح للمرأة بممارسة حقها الطبيعي في العمل وقيادة السيارة وغيره رضخت على استحياء ومنحتها جزءا من الحق لا يكاد يُرى، واشترطت مع ذلك شروطا مجحفة لا تقوى عليها المرأة أبدا، بل ستظل تناضل من أجلها، كلما كان الوضع مناسبا، فالمرأة السعودية بدت وكأنها تعيش كبتا داخليا سينفجر يوما ما، لم تعطها الدولة حقها في الحياة كاملا والتصرف في ما تملكه، لها الحق أن تصنع ما تشاء في حدود الحشمة والوقار، فبينما هي تُكبت في الداخل، ترى المرأة السعودية في الخارج وقد تخلصت من كل القيود الأخلاقية التي كانت حكومتها تكبّلها بها، وقد تملّصت من عادات وتقاليد تجرّم عملها وتحرّم عليها الاختلاط بالرجال أو الظهور على شاشات التلفاز بلباس لا يليق، تراها تنتقد الاتجاه العام في بلادها، تختنق وهي تتحدث من شدة هول الاختناق، تشعر أنها نالت حريتها وكأنها تعيش حلمها وهي تتحدث وتعبر عن رأيها، خرجت من كوابيس النعت بأنها ناقصة عقل ودين وأنها جسد تشتهيه الأعين، وأنها لا تخرج من البيت إلا لضرورة قصوى خوفا من تسكعها في الشوارع وتعرضها لمخالب الشباب، رأت أن الفتاوى التي يصدرها مشايخ السعودية فتاوى لا أساس لها تتعارض مع حقيقة الإنسان ومبادئ الإسلام فعائشة رضي الله عنها وهي زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم كانت في المجتمع بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، وتتلمذ على يديها جملة من التابعين أبرزهم الإمام جابر بن زيد رضي الله عنه وكانت لديها حوارات كثيرة مع عبد الله بن الزبير وطلحة قبل معركة الجمل وغيرهما من الصحابة الكرام، كانت تشارك في الحياة السياسية وتُقبل على إبداء رأيها بكل حرية ولم يخلَّ ذلك أبدا بمروءتها فهي أم المؤمنين وزوجة خير المرسلين، كانت على خلق عظيم ودراية كبيرة بما تقوم به، فجأة جاءت الأعراف لتنقل المرأة من حال إلى حال وكأنها تعيدها للجاهلية الأولى، فصوتها عورة، ووجهها عورة، وكل ما فيها عورة حتى صارت كالجوهرة التي يخفيها الإنسان عن أعين الناس خوفا من السرقة. وفي الشق الآخر المقابل نرى المرأة الكويتية تتبرج ببذخ كبير، نالت أكبر مما تستحق، وهي اليوم لا ترضى بحالها، وجدت منفذا للخروج إلى الشارع والسيطرة على مجريات الأحداث منذ زمن بعيد، تعيش المتناقضات في دولة تخرج منها العلماء وأصحاب العقول الرافضة لهذا التبرج خارج النطاق، تعيش الكويتية اليوم وتصرف جزءا كبيرا من راتبها على الموضات الحديثة من اكسسوارات وأدوات التجميل ولا تبالي، تريد أن تكون جميلة في أعين الآخرين، يشم رائحتها من بعيد كل من استرق النظر إليها، وهي تصول وتجول في لباس غير ساتر للعورة، وهي تقلد المرأة الغربية بل وتنافسها في إظهار مفاتنها، كيف لا وهي التي تشارك في فضاءات الفن بأنواعه المسرحي والسينمائي والتلفزيوني شكل سابقة في دخول المرأة معترك الحياة من بابه الخلفي. وبين هذا وذاك تعيش المرأة الأخرى مذبذبة بين المدنية الحديثة المغرية والحياة ما وراء الستائر، أو أنها تكافح من أجل إيجاد توازن بين هذا وذاك، فلا هي متزمتة حد النخاع، ولا هي بالمترجة حد الإغراء، وسط بين النظريتين لتعيش في أمن وأمان تحفظ نفسها وبيتها ولا تستجدي أحدا، فخوفها الشديد على نفسها يلقيها في التهلكة وكم من السعوديات اللاتي يخرجن من ديارهن وهن في أبهى زينة وربما يتعاطين في الداخل ما لم يكن في الحسبان فالعلم تطور ودخل البيوت من ظهورها قبل أبوابها، والانترنت يفضح كل مستور، وينشر كل مبتور، ويحقق في كل منشور، ويبدو الخبر وكأنه مسحور، يبحث عن ملهوف، ويصطاد كل مخفي عن العيون، شئت أم أبيت فالأمر ليس بيديك، إنما بالتربية والإقناع لا بالتعنت والإكراه. فالمرأة ستظل مستعبدة سواء تحررت من القيود أم بقيت تحت الأغلال، ما لم تتغير فكرة الاستعباد والاستمتاع، عند عقول الرجال، فلا المنظمات العالمية تنقذها ولوفعلت لأنقذت ملايين النساء اللواتي يتعرض للابتزاز والاعتداء والاغتصاب وربما البغاء واتباع الهوى لأمر في نفسها، ولا حقوق الإنسان تعترف بها واقعا وإن اعترفت بها ورقا، فالمرأة بجناحيها العاطفة والعقل تستطيع أن تجعل في نفسها قوة تجعل الرجل يحترم أنوثتها ولا يتحكم في حركاتها وسكناتها ولا شيئا مما يخصها.
#فوزي_بن_يونس_بن_حديد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل يفعلها السبسي مرة أخرى في الرئاسة؟
-
إنه الانتصار لتونس الشعب
-
الغنوشي يستحقها
-
وانكشفت اللعبة الخفية
-
قطع الرؤوس سياسة أموية
-
جربة تنتفض على وقع النفايات
-
أبو سرور الذي لم يمت
-
هل هذه هي الحرية التي يريدها العرب؟
-
المرأة وأزمة الاستعباد
-
المرأة وأزمة الاستعباد
-
أوباما يصرخ في الحادي عشر من سبتمبر
-
آلآن وقد عصيتِ قبلُ
-
الاهتمام بأمور المسلمين
-
أمتنا في خطر
-
لماذا تتزين المرأة؟
-
-داعش- المحبوبة الملعونة
-
جنون الكرة ( كأس العالم نموذجا)
-
الانتروبولوجيا الإباضية أو الانتروبولوجيا والإباضية
-
نام البابا واستيقظ
-
غض البصر كيف نفهمه؟
المزيد.....
-
توم يورك يغادر المسرح بعد مشادة مع متظاهر مؤيد للفلسطينيين ف
...
-
كيف شكلت الأعمال الروائية رؤية خامنئي للديمقراطية الأميركية؟
...
-
شوف كل حصري.. تردد قناة روتانا سينما 2024 على القمر الصناعي
...
-
رغم حزنه لوفاة شقيقه.. حسين فهمي يواصل التحضيرات للقاهرة الس
...
-
أفلام ومسلسلات من اللي بتحبها في انتظارك.. تردد روتانا سينما
...
-
فنانة مصرية شهيرة تكشف -مؤامرة بريئة- عن زواجها العرفي 10 سن
...
-
بعد الجدل والنجاح.. مسلسل -الحشاشين- يعود للشاشة من خلال فيل
...
-
“حـــ 168 مترجمة“ مسلسل المؤسس عثمان الموسم السادس الحلقة ال
...
-
جائزة -ديسمبر- الأدبية للمغربي عبدالله الطايع
-
التلفزيون البولندي يعرض مسلسلا روسيا!
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|