أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فوزي بن يونس بن حديد - جنون الكرة ( كأس العالم نموذجا)














المزيد.....

جنون الكرة ( كأس العالم نموذجا)


فوزي بن يونس بن حديد

الحوار المتمدن-العدد: 4472 - 2014 / 6 / 3 - 12:28
المحور: كتابات ساخرة
    


لا أتحدث هنا بلغة الدين حتى لا يزجّني أحدهم ضمن من يسمّون رجعيين، ولكني أتكلم بلغة العقل والمنطق، لغة هي أقرب إلى استعمال ملكة الفكر عند الإنسان، لغة يمكن أن يفهمها الشباب وكل من يتابع كأس العالم المنتظر أن تبدأ اليوم في البرازيل معقلها هذه السنة، لغة يمكن أن تزيح غشاوة من أبصار الذين أعمتهم الكرة حتى صارت إلهًا ثانيا يعبد، لغة قد ترطب النفس وتراودها عن نفسها لعلها تنتبه إلى ما هي فيه من حالة يرثى لها، فقد صار الشباب اليوم وغيرهم من المتابعين في العالم عبيدا لكرة مجنونة صاروا يمثلون أمّة مجنونة بعد أن كانت خير أمة أخرجت للناس، ساعات طوال وجدال عقيم لا فائدة من ورائه وربما خصام وعراك وقد يصير الأمر إلى أبشع من ذلك سباب وشتائم وقذف وردّة في بعض البلدان، صراع بين الأزواج إذا كان كل طرف يشجع فريقا مخالفا وربما ربط الزوج الطلاق بخسارة فريقه المحبب وأحيانا قد تلحق الأبناء صفعات لأن الأب مشغول بالمباريات وجاءه الولد في الوقت غير المناسب فنال منه العقاب، وقد يخضع لحالات من التوتر والانهيار، كل ذلك يجنيه المرء وهو يتابع كأس العالم الغالية حيث يترقب الملايين من البشر اليوم انطلاقتها بالبرازيل، وستكون المباراة الأولى بين البلد المستضيف للبطولة وكرواتيا في مشهد ساخن مع سخونة الصيف هذا العام، هذه الكرة التي جنّ العالم بسببها وصار متيّما بما يحصل من مفارقات وأحداث، استطاعت أن تجذب الملايين في كل أصقاع الأرض من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب، نساء ورجالا وأطفالا، عربا وعجما تشخص أبصارهم أمام شاشات التلفاز بخشوع تام ومتابعة دقيقة لما يقوم به كل لاعب، وتبدأ التقارير الإعلامية في كل القنوات التلفزيونية والإذاعية والصحف المجانية وغير المجانية، حالة استنفار قصوى لم يشهد العالم لها مثيلا،وكأن الحدث صار مهما جدا للجميع ومن غاب أو تخلف عنه ضاعت منه حسنات كثيرة لا يستطيع تعويضها بأي حال من الأحوال، تلهث الملايين وراء سراب تحسبها كنوزا من المعرفة حتى إذا تأملت في معطياتها وجدت نفسها أنها تائهة في سراب وخرجت مما هي فيه خالية الوفاض وما جنت من ذلك سوى التعب والإرهاق وقليلا من المعلومات حول الفرق واللاعبين الكبار كما تحب أن تسميهم، فلا أدري بالضبط ما الإغراء في كأس العالم حين يضيع المرء كل يوم ما لا يقل عن خمس ساعات وربما يومه الكامل في مالا يفيده دنيا ولا أخرى، سوى الاستمتاع بما أوقعه الشيطان في شباكه وفي شراكه.
لديك كأس أخرى تنساها وأنت تستقبل أجواء رمضان، شهر العبادة والصيام، سألتُ أحدهم هل ستتابع كأس العالم في رمضان؟ رد بسرعة البرق طبعا نعم ولم لا فهي كلها بالليل نسهر ونستمتع بها، لم أزد على ذلك خوفا من الجدال والمراء الذي لا حدود له وأعلم أنه سيغضب إن زدته بضع كلمات، ومن تنصحه بعدم اللهاث وراء هذا السراب أخذته العزة بالإثم وصار كمن ضربته بكف على خديه يحمرّ وجهه وينعتك بكل صفات الغباء والتخلف وعدم مسايرة الواقع، كأس أخرى كان مزاجها كافورا عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا، يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا.
لقد استطاع الغرب أن يغرس في الشباب هذه العدوى حتى صارت مرضا لا يرجى برؤه-على الأقل في هذا الزمان- صارت الكرة مخدّرا من النوع الثقيل، لا يستطيع أي شاب أن يستغني عنه، تجده منضبطا في مواعيده مع الكرة، ولا يبالي إن أخلف في موعده مع خالقه أو لم يف بعهده مع الله، فالله يناديه بالفلاح والنجاح فينساه، والشيطان يغريه بمباريات كأس العالم فيأتيه مهرولا مسرعا، إن أتى لصلواته ينقرها نقرا ويستعرض فيها ما يمكن أن يشاهده، وإذا ثبت أمام التلفاز نزل عليه الخشوع التام، وصار في صلاة أخرى ومن نوع آخر، نجح الغرب في إلهائنا عن قضايانا وآلامنا وأغرانا بالدنيا وملذاتها، وربّنا يقول لك "وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور" ، "والآخرة خير وأبقى"، الكافر مصيره محتوم، والمسلم يترنح بين لذة الدنيا ولذة الآخرة متكئا على مقولة إن الله غفور رحيم، وإن الله أمر المسلم بأن يروّح عن نفسه، وأن الإسلام لا يدعو إلى الرهبانية، وغيرها من المقولات التي يتحجج بها شباب اليوم للخروج من المأزق وهي عذر أقبح من ذنب، كما يقال فانظر إلى ما يقول رب العزة والجلال في حق من ضيّع وقته أمام الشاشات لمشاهدة كأس العالم ويترك صلواته وعبادته " فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا " وقال" كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى".
بهذه الألاعيب الماكرة اخترق اليهود قلوب المسلمين، حتى ينسوا قضيتهم الأولى فلسطين القلب النابض في الأمة العربية والإسلامية ونحن نعيش هذه الأيام ذكرى عزيزة على نفوسنا جميعا، ذكرى تحويل القبلة من بيت المقدس الى بيت الله الحرام، ماذا فعل المسلمون لبيت المقدس الذي ينتهك عرضه كل يوم ولا يبالون بما يحدث، بينما تحرّك شجونَه كرة ترقص في ملعب بين أقدام مجموعة من اللاعبين.



#فوزي_بن_يونس_بن_حديد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانتروبولوجيا الإباضية أو الانتروبولوجيا والإباضية
- نام البابا واستيقظ
- غض البصر كيف نفهمه؟
- هل للعمال عيد؟
- اتفاق على المحك
- صبرا آل غرداية
- حمة الهمامي رئيسا لتونس
- المرأة لماذا لا تستر نفسها
- قمة خرجت بخفي حنين
- قمة في الوحل
- لعنة الجامعة تصيب العرب
- يا أطيب شعب
- الموت عظة
- المرأة في قفص الاتهام
- شاعر يغرد خارج السرب
- أمتي متى السفر؟
- الفكر الإباضي يشع من جديد
- هل يعقد جنيف 2؟
- ما السر وراء رجوع إيمان عياد لقناة الجزيرة؟
- فيصل القاسم وراء القضبان


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فوزي بن يونس بن حديد - جنون الكرة ( كأس العالم نموذجا)