أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجح شاهين - فشل الدول وسقوط البرجوازية الكولونيالية في الوطن العربي















المزيد.....

فشل الدول وسقوط البرجوازية الكولونيالية في الوطن العربي


ناجح شاهين

الحوار المتمدن-العدد: 4614 - 2014 / 10 / 25 - 16:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




كان الشهيد مهدي عامل قد أوضح منذ زمن بعيد أن البرجوازية الكولونيالية(=البرجوازية الطرفية بلغة مدرسة النظام العالمي) تتوهم أنها تعيد مسيرة التاريخ الخاصة بالبرجوازية الامبريالية (=برجوازية المركز بلغة مدرسة النظام) من ناحية تحقيق النهضة، والتصنيع، والتقدم العلمي، والدولة القومية الخاصة بالأمة، إضافة إلى مفاهيم وممارسات الحريات الليبرالية التي تميز النظام في مركز العالم الامبريالي.
غني عن البيان أن هذا كله وهم بحسب قراءة عامل ومفكري مدرسة النظام العالمي على السواء. ومن نافلة القول إن ما أظنه وما أتوسمه من خير لدي قد لا يكون له سند من الواقع في قليل أو كثير. وقد بينت التجربة التاريخية على امتداد القرن العشرين أن هذه البرجوازية قد فشلت في بناء شيء يزيد على دولة قطرية تستند إلى تقسيمات سايكس بيكو، كما أنها فشلت في تحقيق البناء الرأسمالي الصناعي الحداثي، واكتفت من الغنيمة بالاستيراد والتصدير، متحولة في أحيان كثيرة إلى دولة ريعية تنتج سلعة واحدة –من قبيل النفط- وتستورد باقي الأشياء. ومن البدهي أن شرعية هذه الدولة القطرية قد تآكلت وصولاً إلى تحولها إلى دولة فاشلة لا تستطيع السيطرة على إقليمها الجغرافي. ولكن هذا التآكل الواصل حد النهاية المفجعة لاختفاء هذه الدولة نهائياً لم يترافق –لسوء الحظ؟- مع وجود كتلة تاريخية قادرة على القطع مع الماضي وبناء أسس جديدة لوطن عربي يلتف حول مشروع مختلف، وتقوده قوى وطبقات ورؤى مختلفة جذرياً. لقد بدا أن القوى القديمة تحاول أن تجدد نفسها، ولكن ذلك فيما يبدو غير ممكن. وليس هناك من جديد يريد أن يولد. وهكذا دخلت الدول العربية في أتون سيرورة داخلية معقدة تقود إلى التحلل والمزيد من التحلل.
فكرنا في ذلك كله ونحن نستمع بحزن إلى الأخبار التي تتناقلها وكالات الأنباء تباعاً حول التفجيرات التي استهدفت جهاز الدولة الأهم في مصر: القوات المسلحة، فقتلت من قتلت وجرحت من جرحت. لقد جاء إلى سدة الحكم في مصر "جنرال" من وسط الجيش، ولكن ذلك لا يبدو حلاً سحرياً للأزمة: أزمة موت القديم، وعدم إمكانية ولادة الجديد بسبب عدم وجود جنين من هذا النوع أصلاً. لكن التاريخ بالطبع لا ينتظر من أحد أن يجهز نفسه لمعركة حان وقتها؛ فالتاريخ يمضي في طريقه لا يلوي على شيء. ولذلك يأتي جواب التاريخ منسجماً مع الرؤية الأمريكية واسعة الخيال: الفوضى الخلاقة وصولاً إلى تفكك الدولة العربية، وإعادة رسمها وهندستها على أسس جديدة. ولا ضير بالطبع من أن تدخل هذه الدولة في مرحلة الدولة الفاشلة دون أن تنقسم –بالانقسام غير المباشر الشائع في البيولوجيا- إلى دويلات عدة. من الحسن أن تنقسم هذه الدول، لكن الأحسن أن تدخل في دوامة الفوضى "الخلاقة" إلى عقود وعقود. على الأقل يكون العالم الحر قد انتهى من استخراج ما تبقى من نفط وغاز، ويستطيع العرب بعدها أن يعودوا إلى مستوى الفوضى الخلاقة البدوية ويهيموا –أو من يتبقى منهم- في صحرائهم إلى أبد الآبدين.
أرأيتم إن إسرائيل قد تحولت بالفعل إلى الدولة الإقليمية الكبرى التي ليس هناك من يقدر على منافستها؟ وهي قادرة دون شك على زرع الألغام في طريق أي كان. الحق أقول لكم، إن رؤوساً كانت تظن أنها بمنأى عن أي سوء يمكن أن تطير: أنظروا إلى أردوغان الذي كان لعابه يسيل منذ أشهر طمعاً في ضم سوريا إلى دولته العثمانية الجديدة، إنه قد يخسر –من يدري أين يتجه الحلم الأمريكي على وجه الدقة؟- جزءاً من أرض دولته الحالية لمصلحة الدولة الكردية. الدولة الكردية لا تشكل تهديداً لأمريكا ولا إسرائيل. إنها تهدد تركيا، وإيران، ولن نقول سوريا، لأن سوريا "تعيش" وضعاً من الفوضى الخلاقة لا أحد يعلم على وجه الدقة إلى أين سينتهي بها. وهكذا فإن الزمن يتحرك وفقاً لأجندة مدهشة من حيث توافقها مع مصالح "العالم الحر وإسرائيل".
خرج الناس إلى الشارع بمباركة أمريكية عز نظيرها، وفرح الناس هنا وهناك وهم يرون إلى عروش بن علي في تونس، ومبارك في مصر، والقذافي في ليبيا، وعلى عبد الله صالح في اليمن وهي تدك وتهدم. وبدا للكثيرين أن عرس الحرية وحكم الشعب قد ولد. لكن هيهات، هيهات: ما سقط هو رأس النظام لا أكثر، لأن ما وقع لم يكن ثورات اجتماعية سياسية اقتصادية شاملة تسقط طبقة البرجوازية الكولونيالية، وتأتي بنقيضها، أو تحالف ما يناقضها جذرياً، وإنما تواصل حكم الطبقة بوجوه جديدة. ولكن الطبقة المأزومة ظلت مأزومة وسط ضغط أمريكي يعريها ويضعفها أكثر في مواجهة جماهير الشعوب العربية. فكان لا بد من توليد حلول جذرية: وهكذا جاءت الحلول الإسلامية المتطرفة المدعومة أمريكيا: مرة الإخوان المسلمون، ومرة داعش أو النصرة أو ما أشبه. وبدأت معركة شرسة بين فلول البرجوازية المتحالفة مع الاستعمار الكوني، والبرجوازية الدينية العمياء المتحالفة بدورها مع الاستعمار ذاته. والأمريكي يصب الزيت على النار، ويضحك سراً وجهراً، وهو غير مصدق حجم النجاح الذي يتحقق.
لم يكن هناك كتلة قومية يسارية في مصر لحظة سقوط مبارك، وما زال هذا الوصف صحيحاً حتى اللحظة، ولذلك فإن مسلسل الفوضى الخلاقة الذي يعم شمال أفريقيا العربية، ويشمل قلب المشرق النابض متمثلاً في العراق وسوريا ولبنان، ويمتد ليصل إلى اليمن في أقصى جنوب الجزيرة العربية، مرشح بقوة لأن يتمدد بقوة ليدخل مصر نهائياً في دوامته، ويكمل مهمته في البحرين، وليس هناك ما يمنع من اقتحامه أوكار النفط في الخليج والسعودية. وبهذا تدخل المنطقة كلها في نطاق الفوضى الخلاقة الشاملة وصولاً بنا إلى حالة مختلطة من الدويلات الصغيرة، أو من الدول الفاشلة التي لا تستطيع السيطرة على إقليمها. ترى هل أدرك أنصار الديمقراطية واللبرلة من التائهين من الصفوف اليسارية والقومية، أو التائهين من صفوف الفكر البرجوازي الليبرالي أنه لا مكان للوصفة الديمقراطية وكل عناصر اللبرلة الاقتصادية في بلادنا؟ ترى هل أدركوا أن هذا مجرد أداة نظرية وسياسية للإجهاز على العرب نهائياً، وتفتيت كياناتهم التي تشبه الدول، ليعودوا إلى زمن الحرية القبلي، أفراداً أحراراً لا دولة تضبطهم، ولا حدود؟ إن صحوة هؤلاء –وهم كثر- قد تسهم في كبح جماح مارد الفوضى المدمر لكل شيء يعترض طريقه. أما إذا كانوا ما يزالون يحلمون بالثورة الفرنسية التي قضت فيها برجوازية فرنسا على الإقطاع، لتلد الرأسمالية والحريات الليبرالية، والدولة الديمقراطية العصرية، ويظنون أنهم يسيرون على هداها، فلا بد أننا واصلون إلى الدرك الأسفل: اختفاء العرب بوصفهم كيانات سياسية ذات معنى، وتفتتهم إلى شراذم تشبه القبائل في أرذل صفاتها، ولكنها تفترق عنها في أي شيء إيجابي يخص عصر القبائل. لقد كانت القبائل تهيم في صحرائها حرة إلا من كوابح الطبيعة، أما قبائل العرب الحديثة فسوف تدور في فلك الهيمنة الإسرائيلية التي قد تكون كافية لإدارة "الفوضى الخلاقة" الجديدة دون حاجة إلى المساعدة الأمريكية. في هذا السياق المظلم، يمكن أن نتخيل بسهولة أن "إسرائيل" لن تظل قانعة بفلسطين من بحرها إلى نهرها، قد يكون هناك ما يسوغ واقعياً أن تتمدد باتجاه الحلم التوراتي الميثولوجي من النيل إلى الفرات. إذ ما الذي يردعها عن ذلك؟



#ناجح_شاهين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السويد لم تعترف بالدولة الفلسطينية
- اليسار ليس إلحاداً ولا لبرلة ولا علمنة
- فساد الأنجزة: سرية رواتب الموظفين فساد الأنجزة: سرية رواتب ا ...
- هل من فروق بين حماس وداعش؟
- المناضل مجد اعتراف الريماوي
- رأس المال المحلي لا وطن له
- أوباما، يصنع الدمى، يحركها، يعبث بها، ويحرقها
- ما الذي يبقينا على قيد الحياة؟
- أغلقوا المدارس/افتحوا بوابات الإنتاج والمقاومة
- المقاومة الفلسطينية بين الإرهاب الإسرائيلي والإرهاب المصري
- داعش في بيتي
- غزة ومجتمع الفرجة وانتظار جودو إلى عادل سمارة
- غزة ومجتمع الفرجة وانتظار جودو
- انتصرت المقاومة
- هاشم أبو ماريا
- المقاومة الفلسطينية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
- غزة وشلال الدم واحتفالات التوجيهي
- غزة تتعمد بالدم في زمن مجاهدي داعش ومقاتلي التنمية
- المنظمات غير الحكومية في ديجور الفساد والبيروقراطية وعدم الف ...
- يحبونني موافقاً، يكرهونني معارضاً: من سمات الشخصية العربية ف ...


المزيد.....




- عداء قتل أسدًا جبليًا حاول افتراسه أثناء ركضه وحيدًا.. شاهد ...
- بلينكن لـCNN: أمريكا لاحظت أدلة على محاولة الصين -التأثير وا ...
- مراسلنا: طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي ...
- بدء الجولة الثانية من الانتخابات الهندية وتوقعات بفوز حزب به ...
- السفن التجارية تبدأ بالعبور عبر قناة مؤقتة بعد انهيار جسر با ...
- تركيا - السجن المؤبد لسيدة سورية أدينت بالضلوع في تفجير بإسط ...
- اشتباك بين قوات أميركية وزورق وطائرة مسيرة في منطقة يسيطر عل ...
- الرئيس الصيني يأمل في إزالة الخصومة مع الولايات المتحدة
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية: إصابة إسرائيلية في عملية طعن ب ...
- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجح شاهين - فشل الدول وسقوط البرجوازية الكولونيالية في الوطن العربي