أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طلال سيف - الإخوان المسلمون من التمكين إلى التأبين















المزيد.....


الإخوان المسلمون من التمكين إلى التأبين


طلال سيف
كاتب و روائي. عضو اتحاد كتاب مصر.

(Talal Seif)


الحوار المتمدن-العدد: 4611 - 2014 / 10 / 22 - 12:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الإخوان المسلمون من التمكين إلى التأبين
حول تحليل الخطاب السياإسلامي المباشر المسؤول لقيادات جماعات الإخوان نستعرض كل ما هو خطاب سياسي من موقع المسؤلية لشخص معروف بصفته المسؤلة عند الجماهير ، معرفة قاطعة الشك . على أن يكون ذلك الخطاب مباشر بشكل لا يسمح بالتأويل ، و يكون الفهم خلاله من قبل المتلقين ، و يسير فى اتجاه واحد .
فحينما يواجه رئيس الدولة ، الجماهير عبر محطة فضائية و يلقي تصريحا خاصا بزيادة الرواتب أو رفع الدعم عن الوقود ، ويدور الخطاب كاملا حول تلك المحاور بحيث تفهم الجماهير ما تم ذكره فى الخطاب على النحو المتوازي مع الرسالة ، نعد مثل هذه الخطابات من باب الخطاب السياسي المباشر ، حتى و إن تخلله بعض فجوات ورموز . فالخطاب قاطع لمضمون الرسالة الرئيسية ويكون صاحب الخطاب السياسي المسئول محاسبا على ما تركه من رسائل واضحة لا لبس فيها ، أمام الجماهير و القضاء ، والتاريخ و ضمير الأمة وفى البدء والختام أمام الله .
من تلك التعريفات ننطلق سويا إلى بعض خطابات جماعة الإخوان المسلمين بعد الثورة المصرية و حتى تاريخ كتابة هذه الأوراق . تلك الرسائل التي قللت من حظ الجماعة عند الجماهير العامة . فقد جاءت معظم الخطابات صادمة للرأي العام ، حال الممارسة الفعلية للقضية التي كانت يوما محل الخطاب .
نرصد سويا بعض الخطابات المهمة و التي تعلقت بشئون الدولة الكبرى منذ إعلان نائب المرشد " خيرت الشاطر " فى مقابلة مع و كالة رويترز 2011 بخصوص إنتخابات مجلس الشعب ، ما نصه :
" إن الجماعة تنوي تقديم مرشحين لخوض الانتخابات على ما بين 35 و40 في المائة من مقاعد البرلمان الجديد في الانتخابات التي حدد الجيش موعدا لها في يونيو، وقالت الجماعة إنها لن تسعى لخوض انتخابات الرئاسة أو الفوز بأغلبية برلمانية "
وبالفعل جاءت النتيجة وفقا لما جاء فى الخطاب المسئول لنائب المرشد و حصل التنظيم الممثل فى حزب الحرية و العدالة على نسبة 43.7% من مقاعد البرلمان المصري " مجلس الشعب " . لكن و سائل الإعلام المعارضة أو المعادية أو المأجورة كما يطلق عليها أعضاء الجماعة ، خلقت مناحة إعلامية ، أقرب إلى الردح المباشر منها إلى النقد ، حيث عمدت تلك الوسائل إلى تضليل الرأي العام بما يجافي الحقيقة من وجة نظر الجماعة فى أن الإخوان حصدوا كافة مقاعد البرلمان ، ولمن يراجع نتائج الإنتخابات يتبين له صحة ادعاء الإخوان بأنهم حصدوا النسبة المقررة و التي أعلن عنها نائب المرشد ، لكن المتابع بلغة التحليل سيكتشف خلال فترة زمنية لاحقة كذب الخطاب و عدم تماهيه مع الإجراء . فقد جاءت النتيجة كما يلي :

الحزب
1 / الحرية والعدالة
2 / النور
3 / الوفد
4 / المصري الديمقراطي الاجتماعي
5 / المصريين الأحرار
6 / البناء والتنمية
7 / الوسط
8 / الإصلاح والتنمية
9 / تحالف الثورة مستمرة
10 / الكرامة
11 / الحرية
12 / مصر القومي
13 / المواطن المصري
14 / الأصالة
15 / التجمع
16 / الإتحاد
17 / الحضارة
18 / غد الثورة
19 / العمل
20 / الإصلاح
21 / مصر العربي الإشتراكي
22 / السلام الديمقراطي
23 / العدل
24 / مصر الحرية
25 / الاتحاد المصري العربي
26 / جبهة التحرير القومية
27 / مستقلون
النسبة المئوية %
43.7
22.04
7.67
3.15
2.95
2.56
1.97
1.77
1.57
1.18
0.98
0.98
0.787
0.59
0.59
0.59
0.39
0.39
0.19
0.19
0.19
0.19
0.19
0.19
0.19
0.19
4.52

و بالفعل صدقت الجماهير توافق الخطاب المباشر المسؤول مع الإجراء الواقعي المشاهد ، رغم محاولات المحطات الفضائية التشويه على حد زعم الجماعة و فصيل كبير من الجماهير التي اكتشفت فيما بعد مخادعة الخطاب المباشر المسؤول للجماعة و نائبها ، بعد تحليل الخطابات " المباشر المتعاطف و الفجوات بشقيها و أيضا الرمزي بجانبيه " و سنرجئ الكشف عن تلك اللعبة التي تبينتها الجماهير حال ربط مجموعة خطابات ببعضها البعض و على مدار عامين لتواجد جماعة الإخوان كفصيل سياسي مؤثر بعد يناير ، فمهما حاول السياسيون فى خطاباتهم مواراة قضية ما بالتدليس على الجماهير ، تفضحها رسائلها ذاتها على مدار خطابات متكررة و فترات زمنية مختلفة ، وتصبح الحقائق دامغة حال الممارسة الفعلية للخطاب السابق ذكره ، وفى حالتنا هذه ، كشفت الخطابات و الممارسات التالية زيف الحقيقة . لكننا سنضطر إلى إرجاء لعبة المخادعة و تزييف الوعي فى خطاب نائب المرشد حتى ننتهي من رصد الخطابات السالف ذكرها ، ثم نعاود تحليل ذلك الخطاب ، الذي نتركه الآن ونتجه سويا إلى خطابهم الخاص بعدم خوض الإنتخابات الرئاسية ، حيث نقلت جميع الصحف المصرية و وكالات الأنباء العالمية خطاب نائب المرشد خيرت الشاطر و الذى جاء فيه كما نشرت جريدة الأهرام الورقي و الرقمي بتاريخ 14 إبريل 2011
الشاطر: لن نخوض انتخابات الرئاسة ولو ترشح "إخواني" فلن ندعمه
" أكد المهندس خيرت الشاطر، نائب المرشد العام للاخوان المسلمين ومسئول ملف تطوير الجماعة، أن قرار الاخوان الخاص بعدم الترشيح لانتخابات الرئاسة القادمة ليس فيه رجعة، ولو ترشح خيرت الشاطر فلن تدعمه الجماعة، وأشار خلال مؤتمر للاخوان المسلمين بمحافظة الشرقية، تحت عنوان «مؤتمر الاخوان المسلمين بالشرقية حول آليات تطوير الجماعة» أن تطورات المرحلة الراهنة تحتاج من الجميع العمل من أجل مصر، وألا ينشغل أحد من الاخوان بالمعارك الفرعية، وأن يركزوا جهودهم فى البناء.
وتحدث الشاطر عن الآليات المقترحة لتطوير الجماعة والاجتهادات التى وصلته وكيفية التواصل مع جماهير الاخوان للادلاء بآرائهم ومقترحاتهم فى شأن تطوير الجماعة فى ظل المرحلة الراهنة، وقال الشاطر: أن الجماعة أمامها 3 مشروعات: الأول كان عام 1990 وهو بناء نهضة الأمة، والثاني: كانت مع الثورة وكيفية الحفاظ على مكتسباتها وتعظيم نتائجها، أما المهمة الثالثة: فهى العمل على تطوير آليات جماعة الاخوان المسلمين، حتى تصبح قادرة على تحقيق هاتين المهتمين الأساسيتين.
وأوضح الشاطر أن حزب الحرية والعدالة ذو مرجعية اسلامية واضحة، وأنه يستقى أفكاره ومبادئه من جماعة الاخوان المسلمين، وأنه سيكون هناك قدر كبير من الاستقلالية للحزب عن الجماعة ماليا واداريا، ولكن مع وجود قدر مناسب من التنسيق الذى يضمن التزام الحزب بمرجعيته الاسلامية والمساهمة فى تحقيق مشروع نهضة الأمة الذى تدعو اليه الجماعة "
فى هذا الخطاب المباشر المسؤول ، جاءت الرسالة واضحة فى معانيها ومفهومة لدى الرأي العام بلا دلالة تأويلية ، وفهم النص على أن هناك إستحالة لترشح أحد من الإخوان لمنصب رئيس الجمهورية ، لكن المنتبه لمثل هذا الخطاب و أراد أن يأخذ من بين سطورة ما يصلح لاسقاطه على الخطاب الأول كي يكتشف ألاعيب الساسة ، سيقرأ خطاب نائب المرشد على أنه مباشر جدا فى واقعة عدم الترشح لانتخابات الرئاسة ، وعلى أنه خطاب فجوات فى نفس التوقيت إذا ما أراد إحالته لخطاب عدم التنافس على مقاعد البرلمان إلا فى حدود من 35 : 40 % . فأرجو ألا تتعجل الأمور ولنسير سويا حتى النهاية ، ونعود إلى حيث أعلن الشاطر عدم ترشح أي شخص من الجماعة لمنصب رئيس الجمهورية ، و لم يمر عام على ذلك الخطاب المباشر وتحديدا فى 31 مارس 2012 حتى أعلن حزب الحرية والعدالة " الجناح السياسي " لجماعة الإخوان ، عن ترشيح محمد خيرت سعد عبد اللطيف الشاطر لخوض الإنتخابات الرئاسية ، فسقطت بهذا الخطاب الجديد كل أقنعة الزيف التى حاولت الجماعة و مرشدها ونائبها تخبئة المغايرات النفسية تحتها ، وكأن خيرت الشاطر الذي لم يترشح لرفض اللجنة المشرفة على الإنتخابات أوراق ترشحه ، وتم الدفع بالبديل " الإستبن " محمد مرسي ، على حد قول الجماهير ، هو مصيبة الجماعة و كارثتها بكم من الخطابات الزائفة التي ملها الناس و نفروا منها حتى أصبحت واحدة من أهم أسباب سقوط الإخوان شعبيا ، وعلى الرغم من سقوط الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي فى نفس الخطئية ، إلا أن خطابه بهذا الصدد كان خطاب فجوات ، جاء بعد الخطاب المباشر للعقيد أحمد علي ، المتحدث الرسمي باسم الجيش . إستطاع من خلاله أن يجد لنفسه مهربا مناسبا ، ولا سيما أنه مع استمرار خطاباته المباشرة و الفجوية و الرمزية ، حاول تغطية كارثة عدم تقديم الجيش لشخص يخوض إنتخابات الرئاسة ، بما خالف الحقائق ، فقد عالج الكذبة بنجاح منقطع النظير ، وما فعله الشاطر و السيسي ، إذا ما أرجعناه لتعريف لازويل للسياسة ، سنجد أنهما محقان طبقا للتعريف فى الكذب من أجل الوصول للهدف ، أما الجماهير فى كثير من الأحيان لا تنسى من تلاعب بعقلها و ستحاول اسقاطه إن لم تغفر له ، فالقائد القدير من يستطيع معالجة سقطاته بشكل سريع ومتلاحق ، مستخدما كل آلياته فى تمرير خططه ، دون إثارة الجماهير وبطريقة ترضي العقل الذي استبيح جراء الخطابات الغبية أو النفعية على حد سواء .
ففى خطاب الشاطر الذي أعلن خلاله عدم ترشح الجماعة ، قام بتبرير الخطاب بعدما قرروا الترشح ، بأن متغيرات حدثت ، ولأنه لم يواجه الجماهير بشكل مقنع و أدلة ترضي أدمغتهم التي انتهكت ، ثارت معظم الجماهير التى فطنت للخطاب و الإجراء المنافي له ، أما الذين لم ينتبهوا فتحولت المحطات الفضائية ، إلى "نادبات و مولولات "، تذكر الحاضر والغائب بكذب الجماعة و مرشدها و نائبها ، حتى إقتنع الغافلون بأنهم وقعوا فريسة للمخادعة . فيما حاولت الجماعة تكميم أفواه الوشاة ، لكنها لم تكن تملك القوة و التخطيط الذكي لتمرير مشروعاتهم ، فعلى الفور عمدت اللجان " الإليكترونية " التابعة مباشرة للمهندس الشاطر ، إلى الهجوم بالسب و القذف لمعارضي الجماعة ومن يجرؤ على ذكر واقعة الكذب بشأن عدم الترشح للرئاسة ، وكان ذلك عبر مواقع التواصل الإجتماعي ، فجاءت ملايين الردود من قبل تلك اللجان إلى المعارضين بجملة واحدة اشتهرت فى ذلك التاريخ " موتوا بغيظكم " فى واقعة غير مسبوقة لجلب الأعداء للجماعة ونظامها الحاكم ، فمن كان متعاطفا ويملك مثقال ذرة من عقل و روح وضمير ، تحول للتو إلى عدو لهؤلاء البشر المنتشر كجراد فضائي ، يسب و يلعن كل معارض حتى وصل الحال إلى تكفير من يخالفهم الرأي . فقبل ظهور تلك الحملة المتوترة " موتوا بغيظكم " كانت الجماعة التى توغلت و تغولت داخل كل شبر فى أرض مصر ، تجد من يساندها ماليا أو معنويا ، أو إجرائيا ، حسب الظرف الواقع ، لكن شعرة معاوية إنقطعت فما كان سوى الجهل على الجماعة التي جلبت لنفسها الدمار بخطاب مباشر مسؤول غير مسؤول تماما .
نفس القضية التى وقعت فيها الجماعة ونائبها ، وقع فيها الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي ، حينما قال المتحدث العسكري ، العقيد أحمد علي ، فى مقابلة مع قناة العربية :
" أن طرح مرشح عن الجيش في الانتخابات الرئاسية التي لم يتحدد موعدها بعد، أمر غير وارد ، وأشار علي إلى أن وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي أوضح في مرات عدة أنه لن يترشح للرئاسة "
و فى مارس 2014 أعلن المشير السيسي عبر خطاب له بثه التليفزيون الحكومي المصري ، عن خلع الزي العسكري و التقدم بأوراقه للترشح كرئيس للبلاد .
و لأن السياسة كما عرفها لازويل : من يحصل على ماذا ؟ وبشكل براجماتي بحت ، فكل من الشاطر و السيسي يبحثان عما يحصل عليه الفريق الذي ينتمي إليه ، ولا يعني هذا أن النفعية هي سيدة الموقف و إلا فقدنا أنفسنا جميعا نتيجة تخوين فصيل لفصيل و جماعة لأخرى ، فالإخوان ليسوا خونه كما يحاول الإعلام و المعارضين لهم تصديرهم للرأي العام ، حتى و لو تآمروا على مصر مع أمريكا و إسرائيل . ربما تتعجب من رؤيتي هذه ، بل ربما تغلق المقال اللحظة و تنعتني بالخيانة أو الجنون ، لكنك محق فى أي وصف تصفني به ، إذا توقفت هنا ولم تكمل معي الرؤية حتى النهاية ، كما أن السيسي ليس بكاذب كما يتضح من خطاب المتحدث الرسمي المسؤول المباشر ، فلازويل محق فى تعريفه ، لكن الجميع كان يسعى للحصول على ماذا من أجل ماذا الكبرى " الأمة " من وجهة نظر الإخوان " الفكر السياسي الإسلامي أو التأسلمي "، و الوطن " مصر " من وجهة نظر الجيش و الرئيس الحالي " الفكر القومي العربي " . لكن الفارق جل عظيم ، مابين الغبي القح و الذكي المتوقد ، فالأول هم الجماعة و الثاني هو الجيش ومرشحه عبد الفتاح السيسي ، الذي تدارك أخطاء الشاطر فى تبرير خطابه المباشر بالسب و القذف و التحريض و العنف ، فعمد إلى استخدام كافة أنواع الخطاب السياسي لتدارك سقوط خطابه بشأن عدم الترشح ، فجاءت النتيجة مقبوله لدى الجماهير التي ساندت ثورة 30 يونيو. وسقط الإخوان فى مستنقع الغباء الخطابي و الإجرائي ، مقابل تخطيط السيسي الهادئ المتزن المقنع ، بلا جهالة أو سباب ، لأن الرهان على كسب الجماهير بالخطاب المقنع أكثر تأثيرا و ثباتا من جيوش اللجان "الإليكترونية المبرمجة "على نغمة واحدة و موجة واحدة " موتوا بغيظكم " فماتوا بقهرهم ، ولا أخفي الشماته فى الغبي المتذاكي وليس الشهداء الذين رحلوا ، فالغباء و الجهل لا دين لهما .
- خطاب النهضة الإخواني
- النهضة : كما جاء تعريفها فى المعاجم العربية – القيام بعد القعود " وفى معظم التعريفات البحثية تعني : حركة ثقافية إصلاحية تتبنى الفكر وسيلة للنهوض و خلق ميلاد جديد ، ولن نتعرض للنهضة كدراسة مفصلة هنا بل مجرد تعريف ، ننطلق منه إلى الإجراء الفعلي على أرض الواقع
فقد أعلن الإخوان المسلمون على لسان نائب مرشدهم " خيرت الشاطر " عن إمتلاك مشروع جديد أطلقوا عليه مشروع النهضة فى خطاب مباشر مسؤول، وكرست الجماعة كل منابرها الإعلامية لإقناع الجماهير بهذا المشروع ، الذي لم يتطرقوا إليه إطلاقا ، وعمدوا كذبا و بتخطيط متفق عليه ، عدم شرح مفهومهم للنهضة لدى الجماهير التي باتت تلوك المصطلح و كأنه تسابيح صلاة ، وانتشرت لجان الشاطر عبر المواقع وعلى الفضائيات و الصحف ، كي تعلن تملكها لهذا المشروع ، فى خلط واضح ما بين الثقافي الفكري والتنموي المادي ، وكان ذلك عن عمد ، حتى وصل الأمر فى إحدى المناقشات بيني وبين مسؤول إعلامي كبير داخل الجماعة ، إلى السباب من قبله و نعتي بالعلماني الكافر المرتزق المأجور لأنني ناقشته فى الفارق ما بين النهضة و التنمية ، وبأن إعلانهم عن وجود مشروع يتبناه خيرت الشاطر ، وهو إنشاء 5000 مصنع بطاقة عمل إجمالية تصل إلى 100% ما هو إلا مشروع تنموي ، لن ينجح إذا لم يسبقه إقناع الجماهير بمشروع نهضوي حقيقي وواضح ومعلن. فالخلط بين المشروعين كان واضحا لمن يملك عقلا واعيا ، و عليه انتفض الكثيرون مشككين فى هذا الخطاب المعلن ، فنالهم " موتوا بغيظكم " و أعداء الوطن ،وأعداء الإسلام ، ما نالهم من تجريح و سباب لا يتناسب و حالة النقد التى أرادت تنويرهم بخطورة خطابهم المنافي للحقائق الفكرية و التاريخية و الإجرائية. لكن الراصد الحقيقي يتبين له أن الجماعة حقا تتبنى مشروعا نهضويا داخليا " خاص بالجماعة نفسها " وهى فكرة حسن البنا عن النهضة بالرجوع إلى تعاليم الإسلام الحقيقية من وجهة نظره للحفاظ على ثوابت الأمة و النهضة بها . فجاءت خطاباتهم داخل صندوق فكر البنا المغلق منذ ما يزيد على الثمانين سنة. فمثلا كان الخطاب الخاص بإغلاق المحال التجارية فى العاشرة مساء ، هو أحد أطروحات البنا . كما جاء خطاب مهاجمة تدريس اللغة الإنجليزية فى المدارس من أحد النواب المساندين للجماعة ، هو أيضا خطاب بناوي بالدرجة الأولى ، أما عن خطابهم الفاضح لرئيس وزراء الكيان الصهيوني " شيمون بيريز " الذي خاطبه فيه " محمد مرسي " بالصديق الوفي ، كان إعمالا لفكر البنا عن " التقية " والمعاريض . أي القول بما ينافي الحقائق التي يؤمن بها الإنسان ، وهذا الفكر المتعبقر المتذاكي من وجهة نظرهم ، سيقود إلى نهضة الأمة ، وكأن الموساد و السي أي إيه يلعبان " الفوريره " فى شوارع تل أبيب وواشنطن "
طريقة و أسلوب تم إستهلاكهما بالدراسة و التحليل منذ عقود مضت و عاف عليهما الزمن ، و بالرغم من ذلك حاولت الجماعة إحياء الموتي من جديد ، على افتراض أنها قادرة على مخادعة أعدائها " اليهود و النصارى " كما يطلقون عليهم فى أدبيات الجماعة ، بهذه الطريقة الساذجة الغبية ، المتآكله بحثا و تحليلا منذ زمن بعيد ، وذلك لصالح نهضة الأمة و إقامة الدولة الخلافة ، تلك الدولة التي لم نرها فى تاريخ الدولة الإسلامية منذ مقتل عثمان و خلاف معاوية مع الإمام علي . فرأينا دولة بني أمية تقام على جثث الصحابة والتابعين و رأس الحسين ، ومن بعدها دولة بني العباس التى قامت على أشلاء و جثث بني أمية ثم العلويين ، وهكذا حتى الخلافة العثمانية التى شقت طريقا وسط رقاب المسلمين المتطايرة و المعلقة على باب زويلة ، فمن أين أتت فكرة الخلافة إذا ومن روج لها ؟ سوى المتنطعين السياسين باسم الدين .
فالخطاب الإخواني جاء صادما بعد توليهم السلطة ، فحاولوا فرض أفكار شخص وجماعة على شعب بأكمله تحت مسمى النهضة غير المعلن ، حتى أنهم جميعا تخبطوا فى شرح مشروع النهضة للجمهور ، فوصل الأمر بأحد قياداتهم بتشبيه مشروع النهضة بطبق " كشري " أي من كل فيلم أغنية كما يقول المثل الشعبي . فالإخوان لم يكونوا خونة بالمعنى الحرفي للكلمة ، لكنهم أغبياء و حمقى بما يكفى لرؤية الخائن المباشر وليا من أولياء الله الصالحين بالنسبة لممارساتهم الغبية ، ومن يتخيل أن الإعلام سبب وقوعهم المدوي ، فهو واهم أيضا ، لأن رسائلهم السياسية كانت كفيلة باسقاط الإسكندر الأكبر فى أسبوع إذا ما عمد لمثل تلك السياسة . فالإعلام كان يترصد ما يصدر عنهم فى الحقيقة ، ويبني على تلك الحقائق أساطير و قلاع من الكذب ، و لأن هذه المهنة " الكذب " مهنة الإعلام التجاري غير المسؤول ، فكان حري بالجماعة ألا تمنحه تلك الفرصة ، فما اخترع الإعلام خطابات خيرت الشاطر و لا المرشد و لا قادة جماعتهم . بل " من ذقنه و افتل له " كما يقول مثلنا الشعبي العظيم ، ولكي لا نطيل فى مسألة الخطاب المباشر المسؤول ، تبقى قضية ذلك الخطاب المباشر الموجه ضد الجيش المصري ، رغم أن نص الحوار المسجل بين الشاطر و مشعل والذى سنأتي به لاحقا ، يبرئ ساحة الإخوان من فكرة محاولة هدم الجيش المصري ، لكن يبدو أن الخلافات السياسية و لعبة المصالح لا تبقى ثوابت ، ولا أرى تفسيرا مناسبا لهجوم الإخوان على الجيش المصري بطريقة شرسة ، ثم يأتي نص الحوار مع مشعل على ضرورة تقوية الجيش والذي نشر بجريدة الوطن . تناقض غير واضح المعالم و غير مفهوم . ربما تكون حالة إنتشاء فى لحظة معينة شعروا خلالها بأن الحكم قد استقر لهم وفى هذه الحالة لابد من تقوية الجيش المصري ، لكن الأمور اختلفت مع 30 يونيو فانقلبت الفكرة رأسا على عقب ولم يعد أمامهم إلا لعبة المصالح ، فما قاله المرشد العام للجماعة ربما يعطينا تفسيرا لمسألة إما أن يكون الجيش تحت قيادتنا أو فليهلك الجيش المصري ، فخلال الصدام بين الإخوان والمجلس العسكري قال المرشد : جنود مصر طيّعون لكنهم يحتاجون إلى قيادة رشيدة توعّيهم، بعد أن تولى أمرهم قيادات فاسدة". أعتقد أن المقولة لم تكن نابعة من فراغ ، بل هو تأصيل لفكر البنا فى ضرورة أن تكون القوة العسكرية تحت أيديهم تنفيذا لمخطط التمكين ، ثم بدأ الهجوم الخطابي بكافة أشكاله من دعاة الإخوان أمثال يوسف القرضاوي ووجدي غنيم ، حتى و صل الأمر إلى وصف جيش مصر بالمحتل لمصر عبر لقاء له فى قناة الحوار كما قال على موقع يوتيوب ما نصه " على كل مسلم مصري النزول إلى الشوارع كي يرى العالم كله ما يفعله «كلاب» أهل النار في الشعب المصري من قتل الشيوخ والنساء والأطفال دون رحمة،على حد وصفه " داعيا إلى الإقتتال بين المصرين ، وهو محق بالطبع طبقا لمفهومة الرجعي المعلب داخل فكر جماعة لم تتطور منذ مايقرب من قرن من الزمان ، لذا فهم ليسوا خونه بالمفهوم الطبيعي للخيانة ، لكنهم أغبياء بالقدر الذي يحيلهم إلى الخيانة عند الجماهير أو نفعيون لدرجة مخيفة رغم سلامة النوايا تجاه الجيش فى الحوار المسجل بين الشاطر و مشعل ، لكن التحولات بعد هذا التسجيل و بعد 30 يونيو لا تتوافق تماما مع نص التسجيل ، فكانت حملة شرسة على الجيش المصري ، كفيلة بإحالتهم للقضاء الطبيعي الذي سيحاكمهم بلا شك بتهمة الخيانة العظمى ، كنتاج طبيعي لممارسات خطابية و إجرائية تمت بالفعل ضد الجيش و مؤسسات الدولة و الشعب ذاته، لكنك فى النهاية لست محاسبا على نواياك و معتقداتك ، لكنك محاسب على خطاباتك التحريضية و الإجراءات الفعلية التى لا تعطي شكا عند الجمهور الطبيعي ، بأنها ممارسات إرهابية ، حتى و لو كانت النوايا ملائكية ، لذلك كان السيسي ذكيا فى معالجة خطابات المتحدث العسكري المباشرة ولم يرتكب خطايا الخطاب " المؤدلج " التحريضي الصادم " الغشيم " بل استغل الخطاب الإخواني للتخلص منهم بذكاء يدل على ضعف تلك الجماعة التي ملأت الأرض صراخا عن إضطهادها و تعذيبها و ظلمها ، ويبدو أن الآية الكريمة " وما ظلمناهم و لكن كانوا أنفسهم يظلمون " " النحل 33" تنطبق على ذلك الفصيل المعلب الظلامي المرتكب لكل الحماقات السياسية ، حتى وصل به الأمر فى خطابه المباشر بوصف الرئيس المسجون محمد مرسي ، بالرئيس المختطف . حتى و إن كانت عقيدتهم و إيمانهم بأنه مختطف ، وحتى لو كانت الحقائق التاريخية تؤكد اختطافه ، فلا يصح أن يصل الخطاب المباشر المسؤول إلى ذلك التدني و الإنحطاط ، لأنك تعلن للجماهير ضعفك وعدم قدرتك على حماية نفسك ، فكيف يمكنك حماية الوطن ، فخطاب الإختطاف هذا يصح فى سرقة زوجين من الدجاج أو فردة " الشبشب " من المسجد أو هاتفك المحمول من جيبك ، لا على رئاسة دولة .
بالفعل تعد كل خطابات الإخوان المباشرة المسؤولة خطابات كارثية ، أدت بدورها إلى فقدان الحكم و سقوط الجماهيرية ، و الوصول بهم إلى حالة من التشرذم غير المسبوق فإذا ما أضفت النسبة المئوية لتيارات الإسلام السياسي المتعاطف و المتحالف مع جماعة الإخوان ستكتشف بلا شك أن الجماعة التي نافست عى نسبة ال 40 % ، حصدت بتخطيط مسبق على ما يزيد عن 65% من مقاعد البرلمان ، فالتآمر و عدم الصراحة و التلاعب بأدمغة الجماهير حرفة إخوانية تكاد تكون حصرية لهذا الفصيل الظلامي المتخبط سياسيا .لذا فاللوم لا يقع على السيسي كما يدعون ، بل على ضعفهم و غبائهم منقطع النظير ، ونذكركم بقول لازويل : من يحصل على ماذا ؟ حتى نفكر بشكل أكثر واقعية بناء على معطيات آنية لا أن نملأ الدنيا صراخا و عويلا و سبابا لن يوقف من مسيرة التاريخ فعلى جماعة الإخوان مراجعة كافة أفكارها و التحرر من أفكار البنا الرجعية ، وطريقة عبد الرحمن السندي فى التخلص من المعارضين بطلقات الرصاص و إشعال فتن التفجيرات الغادرة ، وإلا فلتقرؤوا الفاتحة على روح جماعتكم المتآكله بفعل التاريخ و الضمير و حركة الفكر المتجدد.



#طلال_سيف (هاشتاغ)       Talal_Seif#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انقاذ ليبيا من الصوملة
- - هاحبشك عليك الكلب -
- المجلس الوطني للإعلام - التشكيل والتمويل -
- عبد الرحيم على نموذجا للإعلام الوطني المصري
- من الآتيليه إلى الجريون - سرطان فى جسم الوطن - سلسلة - 1 -
- أحدث تعريفات الإعلام المصري
- أخلاق ماركس النبي
- جروب قطر وتميم يحذر الشعب من البلوك
- السيسي باطل .. البطلان ينتظر الإنتخابات الرئاسية
- المجلس الوطني للإعلام المصري - إستربتو دربندين -
- باسم يوسف من السخرية إلى السقوط الأخلاقي
- عاجل .. لا شئ عاجل فى هذا الوطن والسيسي ليس رئيسي
- عصفور .. مواطن مصري
- باسم يوسف .. للأرجزة مفاهيم جديدة
- كلكم أمام الله والتاريخ مسؤول
- الفريق أول عبد الفتاح السيسي - خليك مكانك -
- أرصفة للموت من محمد بهنس إلى محمد عبد الله نصر
- الانعشاق التفككي قراءة فى المشهد المتفسئ
- موت الفكرة .. ضياع الوطن
- قارعة الموت جهلا


المزيد.....




- قصر باكنغهام: الملك تشارلز الثالث يستأنف واجباته العامة الأس ...
- جُرفت وتحولت إلى حطام.. شاهد ما حدث للبيوت في كينيا بسبب فيض ...
- في اليوم العالمي لحقوق الملكية الفكرية: كيف ننتهكها في حياتن ...
- فضّ الاحتجاجات الطلابية المنتقدة لإسرائيل في الجامعات الأمري ...
- حريق يأتي على رصيف أوشنسايد في سان دييغو
- التسلُّح في أوروبا.. ألمانيا وفرنسا توقِّعان لأجل تصنيع دباب ...
- إصابة بن غفير بحادث سير بعد اجتيازه الإشارة الحمراء في الرمل ...
- انقلبت سيارته - إصابة الوزير الإسرائيلي بن غفير في حادث سير ...
- بلجيكا: سنزود أوكرانيا بطائرات -إف-16- وأنظمة الدفاع الجوي ب ...
- بايدن يبدى استعدادا لمناظرة ترامب


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طلال سيف - الإخوان المسلمون من التمكين إلى التأبين