أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير هزيم - وبالوالدين إحسانا















المزيد.....

وبالوالدين إحسانا


سمير هزيم

الحوار المتمدن-العدد: 4609 - 2014 / 10 / 20 - 16:22
المحور: الادب والفن
    


وبالوالدين إحسانا ..
---------
في احدى المساءات .. كنت جالسا على شرفة منزلنا في الضيعة .. وكنت قريبا من نافذة غرفة امي وأبي .. كان الجو هادئاً جداً ...
لا سيارات تنفس روائحها وتصدح محركاتها .. وأصوات احتكاك عجلاتها .. والناس اعتكفوا بيوتهم ..
ولا هواء يحف اوراق الشجر ..
رائحة الارض وأزهار المزروعات قد نفذت الى مسامات جلدي وسببت لي نعساً .. استرخيت واملت براسي على النافذة ..
سمعت امي تقول لابي ...
- ( بكرة بس نعجّز شو بدنا نعمل؟؟ مين بدو يخدمنا ؟؟.. البنات بعيدات وأولادنا الشباب لست متفائلة بزوجاتهن ..) .
قال ابي:
- ( شو رايك يا سلمى انو يللي بيعجّز قبل ، يقوم الاخر بوضع السم له ويريحه من الحياة ..) ؟؟؟
قالت امي
( -ويللي انا يا ابو عزيز!!! والله انا ما بعملها وبدي ضل أخدمك كل عمري .. بس أمانة الله يا يوسف .. اذا انا عجزت وشفتني ما بقا فيني اخدم نفسي .. انك تجد طريقة تموتني فيها .. لأني لن اقبل ان يخدمني أحد ..)
جفلت مما سمعت .. واسودت الدنيا في عيوني .. ان والديَّ يفكران بالموت ..
تركت المكان وهمت في ذلك المساء في الطرقات القريبة .
انا أعمل محامياً في دمشق ..
واخوتي بعيدون عن امي وأبي ..
وتمر الأيام والسنون ..وقد بلغ ابي من العمر 84 سنة وامي 79 سنة ..
وفي ذات صباح .. جاءني خبر ان امي مريضة جدا .. وحالتها حرجة ..
قطعت أعمالي وذهبت اليها .. وجدت اخوتي سبقوني الى عندها وهي بحالة عجز..
لا تستطيع ان تتحرك الا بالمساعدة .. بقيت اياماً الى جانبها .. كان الطبيب يأتي يومياً لمتابعة حالتها .. والدي غلب عليه الحزن .. ملتزم الصمت ،
ما ان يحاول ان يتكلم حتى تملأ الدموع عينيه.. والحزن بادٍ على محياه ..
وبعد ايام سألنا الطبيبَ ماذا يمكننا ان نقدم للوالدة؟؟ .. وهل نأخذها الى المشفى؟؟ .. قال:
- لا لا يمكن للمشفى ان تقدم لها شيئا .. يجب ان تأخذ هذا الدواء وان يتم الإشراف الدائم عليها.
نظرنا انا واخوتي الى بعضنا .. كيف يمكننا ان نبقى معها .. اخي الكبير قال .. الأفضل ان نوظف للوالدة ممرضة .. تعيش معها في البيت ..
قلنا : فكرة حيدة ونأتي نحن بالتناوب ....
علينا العودة الى اشغالنا .. سألنا عن ممرضة ...
وجدنا طلبنا لكن الأجر مرتفع جداً ..
ومع ذلك وافقتا على الأجر ..
وذهب كل واحد منّا الى عمله ..
بعد ايام قليلة .. جاءني اتصال من شقيقتي ان امي توفيت ..
أغلقت مكتبي. ورجعت الى الضيعة ... قالو لي ان الطبيب الشرعي اعتبر ان الوفاة غير طبيعية ..
وان والدي والممرضة في المخفر ..
ذهبت الى الطبيب الشرعي .. قرأت التقرير .. ان الوفاة سببها جرعة زائدة من الدواء ..
ذهبت الى المخفر.. فقالوا لي ان ابي في النظارة .. نزلت لمقابلته بصفتي محامياً.. شاهدته قابعا في احدى الزوايا .. مقرفصا واضعا راسه بين ساقيه .. ناديته .. ابي .. ابي .. رفض ان يرفع راسه .. سالت الشرطي عن الممرضة قال في نظارة النساء .. طلبت مقابلتها وافق رئيس قسم الشرطة، في تلك الأثناء عدت بالذاكرة الى ذلك المساء وما سمعته من حوار بين امي وأبي ... قلت في نفسي .. ان ابي قد فعلها .. وقد لبى رغبة امي في إنهاء حياتها .. فهي لم تعد تستطيع خدمة نفسها ..
ياإلهي!!! ماذا افعل اذا كان ابي هو السبب؟؟ .. ذهبت وشاهدت الممرضة .. وكانت حزينة مضطربة خائفة .. .. قالت لي .. والله يا استاذ انا اعطيتها كما هو وارد في الوصفة الطبية .. واقتربت مني وحاولت ان تقبل يدي وترجوني مساعدتها .. سالت الممرضة .. هل تدخل ابي بإعطائها الدواء .. قالت لا أبداً .. كان أباك. يجلس معظم أوقاته بالقرب من أمك .. ماسكا يدها يقبلها .. ويحدثها .. يحكي لها حكايات وذكريات من الماضي .. يحاول اضحاكها .. وكان يقشر الفاكهة ويطعمها بيده .. ..
رجعت الى والدي .. وجدته لا يزال جالسا كما كان .. رافضا الحديث او ان يرفع راسه ...
جلست بجانبه .. وضعت يدي على كتفه .. وعانقته وبكيت .. رفع راسه بهدوء وببطء شديد ، ونظر الي وعيونه تنهال منها الدموع .. قال لي .. أمك انتحرت ..!!!!! دهشت .. من قوله هذا .. كيف بابا ...؟ لماذا لم تمنعها .. ؟؟؟
قال : لم الحق بها .. شاهدتها تتناول الحبة الاخيرة ..
في الليلة السابقة لوفاتها وفي المساء طلبت مني ان انهي حياتها ..
انا رفضت وقبلتها طويلا .. حاولت ان أشد من أزرها .. لكنها كانت يائسة ..
وقالت .. اني أعذبكم بدون امل ..
يا الهي !!!.. كيف سنثبت ان امي هي التي أخذت الجرعة الزائدة من تلقاء نفسها .. ؟؟
صعدت الى رئيس القسم ورئيس قسم التحقيق الجنائي .. قالو التهمة لابسة أباك .. الممرضة تأخذ راتباً مرتفعاً .. وليس من مصلحتها ان تقتل أمك وتقطع برزقها ومرتبها الذي يحلم به اي شخص ... ..
قلت ان ابي لا يفعلها .. وهذا مستحيل .. ابي يحب امي حبا لامثيل له .. قالو لنا نعرف وكل القرية تتحدث عن علاقة ابيك وأمك .. ولكن يوجد جريمة .. ويجب ان يأخذ الجاني القصاص العادل ..
تلعثمت ولم اجرؤ على قول ان امي هي التي انتحرت .. طلبت إخلاء سبيل الممرضة وأبي الطاعن في السن ذي ال 84 من العمر قالو :
قالو : - غداً المحكمة هي التي تقرر ..
في اليوم التالي شيعنا امي .. وتقبلنا التعازي، وتركت اخوتي يقومون بالواجب .. وذهبت الى المحكمة ... قرر قاضي التحقيق إخلاء سبيل الممرضة و توقيف ابي لاستكمال التحقيق ..
كنت محرجا.. هل أدافع انا عن ابي ام أكلف احد أصدقائي المخلصين من المحامين للدفاع عنه..
اتصلت بالمحامي الذي تدرب عندي .. وقلت له ان يأتي ويدرس الملف بشكل سريع و ويبدي ملاحظاته .. حضر المحامي اديب .. في المساء اجتمعنا .. وقد صور كامل الاضبارة .. وقال ليس أمامنا الا الدفع بمبدأ القتل الرحيم وان الغاية نبيلة ..
غاصت عيوني بالدموع .. وانا اقول له .. ان امي انتحرت وهي التي أقدمت على اخذٌ الجرعة الزائدة .. جلس واقفا .. وأدار وجهه نحو الحائط وهو يضربه بيديه ،لا يوجد اي إشارة الى ذلك بكل التحقيقات ..
نعم .. ولا ادري كيف ادخل الى هذا الموضوع مع فقدان اي إثبات .. ويجب إخلاء سبيل والدي فورا.. قال المحامي أديب .. لدينا طريق واحد .. لنستغل الفساد الموجود في سبيل هذه الغاية النبيلة .. وكي لا ننتظر طويلا . ان نطلب اعادة الفحص الشرعي .. ونأتي بأحد الأطباء الشرعيين الذين يقبلون الرشوة .. ويكتب تقريره ان الوفاة طبيعية .. ويا دار ما دخلك شر ..
وإلا سنسير بطريق طويل لإثبات براءة ابيك ..
ياإلهي يا استاذ أديب ... انني متخبط جدا .. يهمني جداً اخلاء سبيل ابي .. باي شكل .. ويكفيه وفاة امي .. ابي يعيش حالة قهر شديد ..انه ومنذ توفيت امي ممتنع عن الطعام والشراب .. انه في حالة يرثى لها ..
قال المحامي أديب .. أمامنا طريقان سريعان، اما رشوة القاضي او رشوة الطبيب الشرعي .. بغير ذلك فإننا نحتاج الى زمن طويل كي نخلي سبيل ابيك .. فانت تعرف تعقيدات الإجراءات ..
قلت له : تصرف واريد ابي بيننا غدا .. انا لا ارشو .. ..
انت تصرف .. اريد ابي حرا طليقا ...
في الليل .. هاتفي يرن ..
ايقظني .. اخافني ..
كان الصوت خافتاً .. انا من قسم شرطة القصر العدل ..
البقية بحياتك استاذ ....
اعتقدته للوهلة الاولى يعزيني بأمي .. ..
ماذااااا ؟؟؟؟؟؟
ابببببببببببببببببي



#سمير_هزيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللحن الساحر
- حب دامي
- المكافأة الكبرى
- وداعا
- كابوس بيروت
- القضية الصعبة
- الشرطي
- ذاك الصباح
- ذو الرداء الابيض
- القائد المحتال
- الوسام
- سيدة اللانجري
- الانكسار
- الهارب
- النشيد
- قطار الانفاق
- كابتن في الجيش ..
- المحقق الأيديولوجي
- حقيبتي
- الغداء الحزين


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير هزيم - وبالوالدين إحسانا