أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تحسين كرمياني - ليالي المنسية (رواية) جزء 36















المزيد.....

ليالي المنسية (رواية) جزء 36


تحسين كرمياني

الحوار المتمدن-العدد: 4607 - 2014 / 10 / 18 - 23:51
المحور: الادب والفن
    


28 أيلول 1981

لا تسكت المدافع،لا تتعب الإرادة الحربية،الليل يضج بمصابيح التجسس،الجنود سئموا الحرب،لا بادرة خير في أفق المستقبل القريب،علينا أن نسكن الرتابة،ونترك أحلامنا القديمة خارج نطاق الرغبة،في الحرب يكون العقل حماراً تحت سياط السلطة،أنها تملك بضاعة الـ تجحيش،كل شيء من أجل البقاء،ليس بوسع العقل أن يتنور بنورٍ مستورد.
ما أسكت في بذور التمرد،وشغل كامل فراغاتي،هذا الحنين الجارف للقراءة وكتابة مشاعري،في حقيبتي حشرت حفنة كتب،اقتنيتها من مكتبات(السعدون)،أكوام براقة،كتب هبطت تدعم الحرب،أسعارها توازي أقيامها الجمالية والفكرية،فكل شيء رخيص ثمنه مبتذل،هي الحرب،لا فرص لمرور الأشياء الخالدة،من باب السلامة الفكرية للإنسان وحجبه من دواء فعّال ينقذ المكهرب بالعزلة والسأم من وحل العذاب.
تأتي الصحف ملبدة بغيوم التعبوية،عليك أن تتناول طعامك قبل أن تجف،فالحرب تطلبك متأهباً على قدم وساق.
***
((ما زلت أجد في العزلة عزاءً/ما زلت أجهل لم كل ساكنات الضمير/أسموهن ـ ودادا ـ ))
***
((لم من بين كل الـ وداد ـات/تلك المأمولة/أكثرهن عنادا؟))
***
2تشرين أوّل1981

لون الحياة غائم،الفرح مفقود،جدران المنازل حائلة،كل شيء تبدل،الطبائع البشرية تغيرت،التعامل اليومي بات متذبذباً.
لم تعد الرؤوس تفكر بالمستقبل،لا توجد أحلام في ظلّ الحرب،الحرب غول خرافي،لا سلاح يردعه أو يقتله،لو كانت الحرب غولاً لربما أسطروها في أسطورة،الوحش(خمبابا)قتله المتناصران(كلكامش وأنكيدو) ،لكن الحرب أكبر من عقول البشر،الحرب حكمة إلهية لدفع الناس بعضهم لبعض،من أجل سلامة الأرض وبقاءها نقية،قد لا تحتمل الأرض عجيج البشر،الحرب مطهر الأرض من الفساد.
هذا الغول الأبدي،يتغلغل في حياة الناس،العيون تطارده،في اليقظة والمنام،أنه يتسكع،يلتهم ويواصل تدمير كل شيء.
رفاق الطفولة لم يعد يتواجدون،كلهم صاروا جنودا،كثيرون ماتوا،وبعضهم ما زالت القنابل التي كتبت أعمارهم محشورة في الصناديق الخشبية،أو في فوهات المدافع الزائرة،أو في المصانع لم تؤهل للقتل بعد.
أتجول في شوارع صامتة،أمشي في سوق ضاج بالخوف.
لم يعد هناك حب يتسكع،بنات الحرب يبحثن عن الرجل المناسب،ليس هناك وقتاً للضياع.
تحاول أمي تنشيط ذاكرتي بعسل الزوجة والحياة السعيدة،أمنيها والوعد في ظل الحرب كلام عابر،لا أثم يعتوره،كل شيء خاضع لظرف ثقيل.
الرفيقات لم يعد لديهن تواجد،أختلس النظر إلى وجوه النساء،أدقق كثيراً،مزاجي يقر أن نساء الحرب يكبرن سريعاً،لابد هذه الوجوه التي تحجبت خوفاً من الموت والحساب السريع،لابد أن من بينهن رفيقات دربي.
سريعاً أعود إلى البيت،في غرفتي أنشغل بقراءة الكتب،وحده الكتاب في زمن الحرب حياة محتملة.
تدغدغني رغبة كتابة يومياتي،فكري ضاج،وقلبي يخفق عالياً كلما أروم بكتابة السطر الأوّل،أنها البداية، أنها المغامرة في غابات الأغوال والديناصورات والماموثات الخرافية،لا سلاح أملك كي أفض غشاء عالم ساحر يطلبني سائحاً.
من جديد أجد الكتابة أختبار صعب،أنها السباحة في محيط الكواسج والأقراش.
نافع كل كلام قادح للفكر وملهماً للرغبة ونافخاً بالون الحماسة.
وحده تسطير المشاعر جزء من لعبة التسلية،كي تعيش عليك أن تكتب أي شيء.
***
((يحاورني همسك/طاب وقتك/أحزاني لم تعد رملاً تذروها ومضة ذكراك/غابة هي أيّامي/وحلمكِ يأتيني كالحريق/لم أمتلك طفولة الماء/أين ترسو سفنك الوافدات من عتمة أيّامنا؟/في مرفأ الخوف/أو..في مرفأ التعساء))
***
((لا بأسأبدء بأحصاء أنفاسك/يمتلئ قلبي أقماراً نائمة/وأنواراً هائمة/لا تشجع مركب جنوني للسفر/
كل المدن مدانة بعنادك/كل الحقول هجرتها أمطار غربتك/أين أدق أسفين خيمتي؟/على أرض هجرتكِ/
أمواحة فلتت من تضاريس قدركِ))
***
((صبري على حدود البلاد مراق/خالية حربي من موج الأشواق/عاطلة سفن الخلاص/بعدما نهض وجدي ووجد حبكِ/محض قاموس ملفق/يبدأ بحكاية السرّاق/وينتهي..برحيل العشّاق))
***
((آه..لو دخلتِ معركتي/لما طال بي هذا السفر/طلقة من عينيك/وطلقة من عيني/في ساحة الحرية
ستصنعان/ملحمة العمر))
***
4تشرين الأوّل1981

لا فرق بين خبر يبدل الحياة،وبين صاعقة تهبط لتدثر حياة.
بقيت أفكر بالأمر..قال(شهاب خانقيني):
((يجب أن نتخلص من هذا المكان اللعين))
((ولكن ربما سنذهب إلى مكان ألعن من مكاننا هذا))
((مهما يكن،علينا أن نترك الجبهة لهم))
((أشعر بخوف وعدم الراحة))
((أنها فرصة العمر لا تضيعها))
((وهل بقت لنا أعمار كي نتشبث بها))
تدخل(صلاح):
((لا تضيع الفرصة،أذهب وعش حياتك))
((لا أجد فرقاً بين هذا الجحيم وبين جهنم يغرينا))
قال(شهاب):
((سأدون أسمي وستندم على ترددك))
مضى إلى مقر الفوج وعاد يبتسم..قال:
((ستدفن هنا تحت الأنقاض))
بعد يوم واحد تهيأ(شهاب خانقيني)برفقة(صادق مندلاوي)و(حكمت دهوكي)،وتركونا بعدما أخذوا كتب نقلهم ليلتحقوا بأفواج الجحافل الخفيفة،بناء على قرار صدر من(مجلس قيادة الثورة)بتشكيل أفواج خفيفة كوردية تعمل في الشمال ضد أعوانهم المتمردين،لم أشعر بندم،بعد يومين جاء قرار أكبر،نص على تسريح الـ كورد من الجيش،شملني القرار وتركت الجبهة بعد وداع حزين لرفاق تعايشنا معاً تحت كهرباء الحرب.
***
((مسافرمجهول الوجهة/مجهول العنوان/الطريق إليها مكبل بزمهرير حرب/وأنا شبه إنسان/ربما..
سليل حيوان/ربماأو ثلمة لحم متحرك/لا يمتلك عصا دليل/أبن وطن تعبان))
***
((مسافرحلمه حب واقف على بعد همسة/على بعد لمسة/على بعد رغبة/أو ليس أو/فاصل عتابة
/على بعد كلمة حنين/واقف أزاء صهيل عينين/خارج أعماقهما/بيت في الرعد/يشتهي فاكهة الأنين/
زمني ربابة/تتحطم على بابه/وتفر الأوتار متلبسة بثوب الجنابة/من أوّل اللحن/تزهر أشواك الكآبة))
***
((تغرينييتواصل سيل لهاثي/في جزيرة العمر شيدت قبري/بيننا بحر وأشواك/من ينقل رفاتي/عندما تنتهي حربنا/هي ترفع راية ضحكتها/وأنا..أذوب في رماد بكائي))
***
((يخطر ببالي أن أمارس مهنة الجنون/أن أغدو شحاذاً/يقف ببابها كل مساء/تمد يدها بقطعة نقود
/أختطف أناملها وأهرب نحو الحدود/هناك حيث الحرب تأكل الجنود/أعزف بها على قيثارة حزني/لحن الخلود))
***
((غبار يلاحقني/يشبه كلاب خرافية/أنياب ضارية تمتد/تنهش جسد حلمي/تأخذ كامل دمي/تترك لي فمي
عالياً بوجهي تصرخ:/ليس لك أيها المسافر/أيها المغامر/أيها المقامر/إلاّمواجيد الألم))
***
((ليس بعديرف قلبي/أيّاك أن تهرب من حرب امرأة/تجهل لغة الحقد/تجهل لغة الصمت/تجهل أنها كعكة الليل الممتد/كلما يغرد بلبل الجسد))
***



#تحسين_كرمياني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليالي المنسية (رواية) جزء 35
- ليالي المنسية (رواية) جزء 34
- ليالي المنسية ( رواية) الجزء 33
- ليالي المنسية (رواية) الجزء 32
- ليالي المنسية (رواية) الجزء 31
- ليالي المنسية (رواية) الجزء 30
- ليالي المنسية(رواية)الجزء 29
- ليالي المنسية (رواية) الجزء 28
- ليالي المنسية ( رواية ) الجزء 27
- ليالي المنسية (رواية) الجزء 26
- ليالي المنسية (رواية) الجزء 25
- ليالي المنسية (رواية) الجزء 24
- ليالي المنسية (رواية) الجزء 23
- ليالي المنسية (رواية) الجزء 22
- ليالي المنسية (رواية)الجزء 21
- ليالي المنسية(رواية)الجزء العشرون
- ليالي المنسية(رواية)الجزء التاسع عشر
- ليالي المنسية (رواية) الجزء الثامن عشر
- ليالي المنسية(رواية)الجزء السابع عشر
- ليالي المنسية(رواية)الجزء السادس عشر


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تحسين كرمياني - ليالي المنسية (رواية) جزء 36