أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - محمد ابداح - ماوراء الدم ج2















المزيد.....

ماوراء الدم ج2


محمد ابداح

الحوار المتمدن-العدد: 4604 - 2014 / 10 / 15 - 13:04
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


ماوراء الدم
الجزء الثاني : حلف الدم (تجنيد العرب لصالح الكيان الصهيوني):
يصف الكاتب القصص الحقيقية لتجنيد المئات من أبناء الطائفة الدرزية، في فلسطين المحتلة ولبنان وسوريا وغيرها من الدول العربية، على غرار تجنيد الأكراد والشيعة في العراق، ويقدم الكاتب تفاصيل دقيقة عن كيف قيام رجال المخابرات بتجنيد رجال، بل ومؤسسات كاملة للعمل لصالح الدولة العبرية، انها قصة توافق مصالح بين اقليات عربية وغيرها، عاشت ضمن محيطها العربي لقرون عديدة، تبحث عن هوية مستقلة لها، كي تفرض واقع جديد لدول مفتتة مجزءة فتيّة، تفتقر الى الامن، وتتلاعب بأمنها اجهزة مخابرات إسرائيلية وغربية، انها كذلك قصص عرب ويهود، مجندون بسرية تامة، وتجدر الإشارة إلى أن الكاتب ولإسباب أمنية بحتة، ولضمان سلامة حياة الأفراد والجماعات ، الذين تم مقابلتهم وأخذ شهاداتهم، لم يقم بوضع الاسماء الحقيقية لهم، بل حروف أسماءهم الأولى فقط .
كما يسوق الكاتب أدلة موضوعية ومحايدة ، تكشف عن وجود من يعارض فكرة الولاء لإسرائيل من قبل بعض الأفراد بالطوائف الدرزية ، والتي ترفض تقديم المساعدة للصهاينة على حساب القضية الفلسطينية والمصالح العربية، ففي صباح الأحد الثامن من شهر شباط لعام 1956م، توجه العريف موشي يافت، المجند في الحكم العسكري، برفقة (ح. الصبرا) مختار القرية الدرزية في الجليل الغربي كي يوزع اوامر التجنيد على شبان القرية، فوصلا بيت (س.ش.ط.) وسألاه ان كان ابنه قد مثُل للخدمة العسكرية الطوعية، فهاجمهما صارخا: (انني اعارض تجنيد ابني، من وافق على تجنيد الدروز للجيش الاسرائيلي هو ابن عاهرة)، ثم قال للمختار: ( أيها العميل الخائن ، اذا جُرح ابني على حدود مصر او سوريا، سأذبحك في الشارع)! .
قُدّم العريف تقريره بتلك الحاثة، كما قدم المختار( ح . الصبرا) شكوى للشرطة، وبعد تلك الحادثة بثلاثة ايام، وبينما كان (س.ش.طريف) عائداً لمنزله ليلا في جولس، كمن له اشخاص قرب بيته، هجموا عليه، واغمضوا عينيه بكوفيته، وأوقعوه ارضا، ثم أوسعوه ضرباً قائلين: (الآن ستعرف كيف توافق على خدمة ابنك في الجيش الإسرائيلي)!.
وفي الواقع يُحسب للكاتب موضوعيته في الكشف عن وجود من يرفض مساعدة اليهود ضد العرب من الطوائف الدرزية، وتجدر الإشارة أنه وفي البداية كانت الخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي للعرب اليهود وأفراد الطوائف الدرزية ، كانت احتياطية منذ عام 1953، ولكن مع تطور ظروف الحروب الإسرائيلية -العربية، ولضمان ولاء أبناء الطوائف الدرزية ، انتهجت اسرائيل سياسة تضييق الخناق على اليهود العرب والدروز، من أجل إجبارهم على الدخول في الخدمة العسكرية.
ويبدو أن تلك السياسات قد آتت أكلها مع مرور الوقت ، فمن بين 197 شابا درزياً ملزمين بالتجنيد من قرى الجليل الذين استدعوا للخدمة في بداية عام 1956، لبّى الدعوة طوعا 51 شابا فقط، ومن بين 117 شابا من الكرمل مثُل فقط 32، حوالي الربع، خلافا للاعتقاد السائد ونقضا معينا للادعاء وكأن الدروز هم الذين طلبوا تطبيق قانون التجنيد الالزامي عليهم، وعليه فيبدو واضحاً أن رغبة الدروز للتجنيد في الجيش الصهيوني كان محدودا في البداية، ولكن كان من بين أحد الأسباب التي أدت لمعارضة الدروز لدخول أبناءهم في سلك الخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي، هو خوفهم على أبناء جلدتهم من الطوائف الدرزية المقيمة في كل من الأردن وسوريا ولبنان وغيرها من الدول العربية، وليس حرصاً منهم على وحدة الدم العربي !.
تلك حقيقة مفاجئة يقدمها الكاتب (هليل كوهين) للقراء، فهو يقول : (وكذلك كان لدى بعض الزعامات الدرزية وعلى رأسهم اعضاء الكنيست: ج.م، ص.خ، ل.ا، حيث عبّر هؤلاء عن تأييد متحمس للتجنيد، ولكن بصفته الإلزامية وليس الطوعية وذلك هرباً من حرج اتهامهم بالعمالة !!، وفي سبيل ذلك أبدت تلك الزعامات استعدادها لعقد (حلف الدم) مع جيش الدفاع الإسرائيلي.
وكما وقدم الكاتب تحليلاً استخباراتياً لرجال الامن الإسرائيلي، حول أسباب معارضة بعض مخاتير الدروز لخدمة أبناءهم في الجيش الإسرائيلي، فرأى بأن ذلك يعود لعدة اسباب، بعضها شخصية كعدم الرغبة الطبيعية للخدمة في الجيش، وبعضها سياسية درزية داخلية كخلافات بين أفراد الطائفة، وبعضها سياسية عامة كتماثل مع القومية العربية اوتجنب المس بالعلاقات التي تجمع الدروز بالعرب في الدول العربية، فالمسؤولون عن شؤون الدروز وخصوصاً في الأحزاب السياسية المتعددة ، رأوا بذلك فشلا لزعامة الطائفة، والتي لم تهيئ الارضية الكافية لتجنيد الدروز، فبحثوا امكانية حل وحدة الاقليات ودمج الدروز في وحدات عامة، الا ان ذلك - على حد قول الكاتب- يتعارض مع طبيعة وخصوصية الطائفة الدرزية، والتي تعاني من الشعور بالنقص والشك ولا يمكنها التغلب على ذلك إلا من خلال دمجها في وحدة واحدة مع اليهود، وقد نسب الكاتب هذا التحليل إلى يعقوب هبية قائد وحدة الاقليات واضاف: ( يبدو لي انه لاسباب أمنية كذلك فمن الأفضل ان يجتمع الدروز في وحدات منفصلة لنجاعة المراقبة عليهم!!)، ولأجل ذلك قرر الامن الإسرائيلي المحافظة على اطار الوحدة وحمل الامور على محمل الجد وقمع معارضة التجنيد في العمل على مستويين مقبولين، وهما الاقناع والاغراء (مثل اعطاء رخص سلاح للناشطين في مجال التجنيد واستعمال القوة)، وسيلة القوة كانت سهلة التطبيق، فمكتب التجنيد على سبيلالمثال حوّل للشرطة قائمة عينية لرافضي التجنيد، وقامت الشرطة بالاعتقالات، وفتحت لرافضي الخدمة ملفات جنائية.
وقد اطلقت المحكمة سراحهم فقط بعد ان اعلنوا عن رغبتهم في التجنيد، وفي ذات الوقت منعت الشرطة معارضي التجنيد من اقامة اجتماعات احتجاجية بذرائع شكلية.
وتجدر الإشارة إلى أن معارضو التجنيد قد لاقوا تأييدا من قبل الزعماء الدروز في الدول المجاورة وعلى رأس هؤلاء سلطان الاطرش، زعيم الدروز في سوريا، ففي مقابلة مع راديو دمشق وضّح الاطرش لمستمعيه بان اسرائيل تستعمل طرق الخداع والتفرقة لتجنيد الدروز، وان الشيوخ المؤيدين للتجنيد لديهم مصالح شخصية ولا يمثلون الطائفة، ويُنسب للأطرش قوله : (نحن نبني قوة في كافة الدول العربية لتحريركم من الاستعمار) ، كما طالبهم بعدم الاستجابة للدعاية الاسرائيلية.
وفي نداء له مع ثلاثة من زعماء الطائفة في سوريا ولبنان اعلن الاطرش ان الغاية من تجنيد الدروز هي المس بهم وبعلاقاتهم مع بقية العرب، وقال ان اسرائيل لن تمنح الدروز كامل الحقوق وستنظر اليهم كخونة لشعبهم ولدولة اسرائيل ، وغيرهم لوّثوا سمعتكم الطيبة، ودعاهم للعودة لانفسهم، والنظر الى مستقبلهم وحذرهم بان اسرائيل تلعب بهم وتورّطهم، كما أمرهم بالوقوف الى جانب اخوتهم العرب في كفاح الانقاذ، لان يوم النصر ليس بعيدا، النصر للعرب والموت للسلطة الصهيونية وعملائها)، هكذا اختتم البيان يوم 28/8/1956.
وللتغلب على المعارضة داخليا وخارجيا، وسّعت الشرطة الإسرائيلية عمليات اعتقال الرافضين، ففي بداية آذار 1957 قامت بعملية ملاحقة الرافضين في دالية الكرمل وعسفيا، قوة شرطة اُرسلت لكل قرية مع قائمة باسماء الرافضين والناشطين ضد التجنيد، وفي عسفيا نجحت الشرطة باعتقال العديد منهم، ورغم المعارضة غير العنيفة من قبل عائلاتهم، في الدالية كانت العملية اكثر تعقيدا، فرئيس المجلس رفض مرافقة الشرطة لأن انتخابات السلطة المحلية كانت وشيكة، فبعث مع الشرطة مرسال المجلس، وفي ذات الوقت انذر كل المطلوبين بقدوم الشرطة، وفقط ثلاثة مطلوبين تم الوصول اليهم، اعتقلوا واقتيدوا للمجلس المحلي، فاجتمع معظم السكان بسرعة حول بناية المجلس وطالبوا باخراج المعتقلين من بناية المجلس حتى لو دعت الحاجة للقوة، فتشاور ضابط الشرطة مع قائده فسمح له الأخير باطلاق سراحهم بكفالة على شرط ان يمثلوا في اليوم التالي في محطة الشرطة، مثُل الثلاثة وفي نهاية الامر وافقوا على التجنيد!.
وقد بين الكاتب اسباب معارضة التجنيد، نقلاً عن عشرات المشايخ من شفاعمرو وما حولها في رسالة لرئيس الحكومة ووزير الدفاع جاء فيها: ( طبقا للظروف الزمنية الصعبة والحساسة التي نمر بها، فاننا نرفض بشكل قاطع ونهائي طلب التجنيد الالزامي في جيش الدفاع الاسرائيلي، ونحن عرب في اسرائيل وتقع علينا كافة الواجبات التي يفرضها القانون المدني، كدفع الضرائب التي فُرضت علينا، انما من المهم ان نؤكد اولا اننا (عرب) والعربي لا يحارب اخاه العربي بأي ظرف وبأي مكان، ثم إن اسرائيل ليست بحاجة بشكل ماس لخدمتنا نحن الدروز في الجيش، نحن يمكننا خدمة الدولة بطرق مدنية اخرى! ، ولذا يجب معاملة الدروز في اسرائيل كمعاملة بقية العرب فيها، والجسم الذي طالب بتجنيد الدروز للخدمة الالزامية في الجيش لا يمثل الدروز حقا.
وعلى أية حال فقد جاءت تعليلات معارضي التجنيد ممثلة لرأي تلعديد من الدروز (حوالي 1500) وقّعوا على هذه العرائض، كما عبّروا عن قلقهم بان التجنيد سيمس ليس في مصالح الطائفة في البلاد، انما بالدروز في الدول المجاورة كذلك.
وكان من عبّر بشدة قصوى ضد التجنيد، مثل الشيخ فرهود قاسم فرهود من الرامة الذي قال: (يجب تصفية الشيوخ الذين وقّعوا على تأييد تجنيد شبان الطائفة)، هذا هو الامر طبقا لتقرير مخبر ارسلته الشرطة لاجتماع عقد في آذار 1957 في الخلوة (بيت صلاة الدروز) في كفر ياسيف.
وخلال عدة اشهر بدى ان المعارضة الجماهيرية تحمل وزارة الدفاع على دراسة موقفها من جديد، الا ان الامر لم يكن كذلك، فحركة الرفض لم تصمد زمنا طويلا امام محاولات الامتناع والسجن، الخلفية الجماهيرية للرافضين اخذت تتداعى ورويدا رويدا توقف الاحتجاج، بعد شهرين تمكن قسم العمليات في قيادة الاركان العامة من رفع تقرير لوزارة الدفاع ( بعد عمليات الحكم العسكري والشرطة توقف التحريض ضد التجنيد والامر اصبح في طي الماضي!).



#محمد_ابداح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما وراء الدم
- حُكام الديجتال
- أرى طيفك
- متفق عليه !
- تبدأ الحرية حيث ينتهي الجهل
- أسرار الطفولة
- قانون الطوائف المسيحية في الأردن- زواج وطلاق وفق الشريعة الإ ...
- صاح الوجد بقلبي
- أعداء الله
- المتنزه الإلهي
- القبور الآمنة !
- حبل من الله وحبل من الناس
- عناق الأديان!
- الحدائق البشرية
- فخ الانسحاب الإسرائيلي من غزة
- عقيدة القتل في الأديان السماوية
- الأشياء الحقيقية
- إن الله لاينصر الأغبياء
- التجربة الإلهية !
- سمّار الكلجية !


المزيد.....




- قدمت نصائح وإرشادات للمسافرين.. -فلاي دبي-: إلغاء وتأخير بعض ...
- -شرطة الموضة-.. من يضع القواعد بشأن ما يُسمح بإرتدائه على مت ...
- رئيسي لبوتين: إيران لا تسعى للتصعيد في الشرق الأوسط
- إسرائيل.. إصابات جراء سقوط مسيّرتين أطلقتا من لبنان (فيديو + ...
- إسرائيل تغلق الطريق رقم 10 على الحدود المصرية
- 4 أسباب تستدعي تحذير الرجال من تناول الفياغرا دون الحاجة إلي ...
- لواء روسي: الحرب الإلكترونية الروسية تعتمد الذكاء الاصطناعي ...
- -سنتكوم-: تفجير مطار كابل عام 2021 استحال تفاديه
- الأمن الروسي يعتقل مشبوها خطط بتوجيه من كييف لأعمال تخريبية ...
- أوكرانيا تتسبب بنقص أنظمة الدفاع الجوي في الغرب


المزيد.....

- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة
- فريدريك إنجلس . باحثا وثوريا / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - محمد ابداح - ماوراء الدم ج2