أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - محمد ابداح - قانون الطوائف المسيحية في الأردن- زواج وطلاق وفق الشريعة الإسلامية















المزيد.....


قانون الطوائف المسيحية في الأردن- زواج وطلاق وفق الشريعة الإسلامية


محمد ابداح

الحوار المتمدن-العدد: 4582 - 2014 / 9 / 22 - 16:18
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


القانون الأردني الجديد
للطوائف الغير مسلمة لعام 2014م

استمرارا لأعتماد السلطات التشريعية الأردنية لسياسة الإصلاحات القانونية، وتطوير القوانين المرتبطة بالمطالب الاصلاحية والتعديلات الدستورية المنسجمة مع المطالب الشعبية وحراك الشارع الاردني، اقر مجلس الامة بشقيه الاعيان والنواب بتاريخ 10-7-2014 قانونا لمجالس الطوائف المسيحية، ليحل محل القانون السابق "قانون الطوائف الدينية غير المسلمة رقم ( 2 ) 1938م، ويأتي اصدار هذا القانون تلبية لمطالب العديد من الاصلاحيين من كلا الطائفتين المسلمين والمسيحيين، الذين كانوا يرون في القانون السابق افتئاتاعلى حقوق ابناء الطوائف المسيحية(1)، وتمييزا غير مبرر مقارنة بابناء الديانة الاسلامية، والطوائف المسيحية التي تخضع لأحكام هذا القانون احدى عشرة طائفة، وهي: الروم الأرثودكس، الروم الكاثوليك، الأرمن، اللاتين، البروتستانت الانجليكانية التي أصبحت فيما بعد تحمل اسم الطائفة الانجيلية الأسقفية العربية، والأقباط الأرثوذكس والمارونية، الانجيلية اللوثرية العربية، السريان الأرثوذكس، الأدفنتست السبتيين الإنجيلية، العنصرة الدولية المتحدة(1)، ويحق لمجلس الوزراء بناء على تنسيب وزير الداخلية الاعتراف بأي طائفة مسيحية وفقا للمادة ( 2/ب ) من مشروع القانون الجديد(3)،وقد صرحوزير الداخلية حسين المجالي إن الوزارة لم ترفض إلا طلبين للاعتراف بهما وهما للطائفتين الإنجيلية والبهائية.
أما مجالس الطوائف غير المسلمة (المحاكم الكنسية) في الاردن الموجودة قبل اصدار القانون الجديد في 2014، والتي لا تتبع القضاء النظامي الاردني، وتختص بنظر قضايا الأحوال الشخصية لأبناء طوائفها في الأردن وفقا لقانون رقم ( 2 ) 1938، فهي تقتصر على الطوائف الست الأولى المعددة أعلاه3)، أما بالنسبة للطوائف الخمس الأخرى التي لم تكن أدرجت في قانون الطوائف غير المسلمة، فإن المحكمة المختصة بنظر قضايا الأحوال الشخصية الخاصة بأبنائها هي محكمة الطائفة الأنجيلية الأسقفية العربية وفقا لقانون الطوائف الدينية غير المسلمة رقم (2) 1938م(4) .
واقع القضاء الكنسي في الاردن :
تبلغ نسبة المسيحيين في الاردن 6% من مجموع السكان أي ما يقارب (390000) نسمة(5)،وما تزال قضايا الاحوال الشخصية لابناء الطوائف المسيحية محل جدل ونقاش في ظل غياب مرجعية قانونية واحدة لها، ومن هنا، تعالت الاصوات عندما فتح باب تعديلات الدستور منذ عام 2010م، لاعادة النظر ببعض مواد الدستور والتي تنص على المحاكم الدينية(6)، وقدم ناشطون قانونيين إلى اللجنة العليا المختصة بتعديل الدستور آنذاك مقترحا بتعديل على نصوص دستورية من شأنها إلغاء النصوص التي تتيح إنشاء محاكم شرعية أو كنسية وخاصة بالعموم(7)، وقد آل الاقتراح الى الغاء المحاكم الدينية واعادة الولاية العامة للقضاء النظامي، وتوحيد المحاكم الدينية لكافة الديانات، وتوحيد القانون الخاص بذلك في الاحكام المشتركة، مع مراعاة خصوصية كل ديانة وطائفة في الامور الخاصة بها.
ويعد من أهم الإشكاليات التي يتم طرحها في مجال القضاء الكنسي في الأردن كما يلي:
أولاً: إشكالية تواجد محاكم استئنافية خارج الأردن:
في الوقت الذي يحصُر القانون السابق لسنة 1938عمل المحاكم الكنسية بداية واستئنافا، لأتباع طائفة الروم الكاثوليك في الأردن، فإن أتباع طائفة الارثوذكس يدخلون في منازعات قضائية في بلدين، محاكم بداية في الأردن ومحاكم استئناف بالقدس، وهنا قد يحدث نزاع قضائي لأجل تحصيل حق ما بين الورثة، وقد يصدر حكم قضائي من محكمة روم الأرثوذكس يمنح الحق في حصة من ميراث لأحد الورثة، لكن تبقى عملية حصول الوريث على حقها معضلة بحد ذاتها، حتى بعد صدور الحكم لصالحه، نتيجة حصول الوريث الآخر (الخصم) على قرار قضائي كنسي آخر يلغي حق الأول بعد استئناف القرار من محكمة استنئاف روم الارثوذكس في القدس!!، ولا يستطيع الخصم الأول الاستمرار في الاستئناف خصوصا وأنه أضاع وقتا ومالا في اجراءات التقاضي، وبذلك يخسرت حقا كان قد حصل عليه، ولم يدم معه سوى فترة محدودة، وهذا الأمر قد لا يختلف عن حال أخرين ينتمون الى الديانة المسيحية، وقد يخسرون حقوقهم في الارث بسبب الازدواجية في القرارات القضائية، حيثفالأساس أن تكون هناك مرجعية موحدة للقضاء الكنسي الارثوذكسي، وخلاصة القول هو ألا تكون لمرجعية القضايا الكنيسة من الناحية القانونية حكمين معاً في الأردن وفلسطين ، بل أن يكون ثمة مرجعا واحدا فقط .
ثانياً: إشكالية اخضاع الأحوال الشخصية للمسيحيين للشريعة الاسلامية :
وضع المشرع في قانون مجالس الطوائف الدينية غير المسلمة لسنة 1938(م.12) أن قضايا الوصايا والارث التي تنظر فيها المحاكم الطائفية للمسيحية تخضع للتشريعات الأردنية المطبقة على المسلمين، وذلك بخلاف مجمل مسائل الأحوال الشخصية التي تخضع للقوانين الخاصة لهذه المحاكم، وقد أعيد التأكيد على هذه القاعدة من مشروع القانون الجديد(8).
إن استناد قانون الأحوال الشخصية الأردني ، والمعمول به حاليا على الشريعة الإسلامية، يحدث تجاوزا على بعض حقوق الإقليات غير المسلمة في الأردن، ومن بينها الطوائف المسيحية، وهذا القانون (قانون الاحوال الشخصية رقم 36 لسنة 2010)، تم إقراره العام 2010م، ولذا ينطوي هذا القانون في بعض جوانبه على ظلم كبير لغير المسلمين وتحديدا للمرأة، كونه يسري على كافة الطوائف، ولايأخذ بالاعتبار الخصوصيات الدينية لتلك الطوائف، لكنه في الأحكام المشتركة يطبق ذات الأحكام ومن قبل ذات المحاكم، ومن جهته، يرى القاضي جورج شرايحة من محكمة الاستئناف لروم الكاثوليك أن الميراث المطبق على المسيحيين يتبع الشريعة الإسلامية، وهذا ما قد يؤثر على حقوق الطوائف المسيحية وخصوصاً النساء المسيحيات.
ثالثاً: التمييز على أساس الدين والجنس:
بشكل عام يُنتقد قانون الأحوال الشخصية الأردني وفقاً لبعض القانونيين والحقوقيين ، ونشطاء حقوق الإنسان، كونه يفرَق عملياً وقانويناً من حيث الحقوق، بين المسلمين والمسيحيين، فضلا عن مخالفته للدستور في مساواة الرجل والمرأة، فالقانون نزع حق الحضانة من المرأة غير المسلمة، كما نزع منها حق الإرث إذا كانت متزوجة من مسلم.
رابعاً: اشكالية وحدة القضاء :
يعتبر من الضروري جداً النص في التعديلات والإصلاحات الدستورية الأردنية على مبدأ وحدة القضاء، واخضاع كافة المحاكم لرقابة محكمة التمييز للتوصل الى توحيد النظام القضائي، وتحقيق المساواة بين كافة الافراد، وذلك باخضاع قرارات محاكم الاستئناف الشرعية ومحاكم الاستئناف لمجالس الطوائف لرقابة محكمة التمييز، وكذلك ضرورة اضافة او تضمين قرارات المحاكم الاستئنافية الشرعية للطوائف المسيحية بالتقاضي امام محكمة التمييز الا أن ذلك لم يؤخذ بالاعتبار بالإصلاحات الأخيرة لعام 2014م، وفيما يتعلق بالقضاء الكنسي فان المحاكم الكنسية للطوائف المسيحية تمارس دورها المناط بها حسب احكام فثمة عددا من المعيقات التي تواجه القضاء الكنسي والمتعاملين معه منها(9 ):
ان قوانين بعض المحاكم الكنسية لاتنشر بالجريدة الرسمية وغير متاحة وبعضها غير معَرب مما يجعل من الصعب الوصول الى تلك القوانين والتعرف عليها، وعدم وجود قانون اصول محاكمات ثابت يطبق على كافة القضايا، ممايسبب ارباكا وعدم استقرار للمواطنين، وكذلك ارتفاع الرسوم القضائية امام المحاكم الكنسية وخضوعها لتقدير القاضي، فضلا عن وجود بعض محاكم الدرجة الثانية خارج الاردن الامر الذي يمس استقلال القضاء الاردني ويطيل امد اجراءات المحاكمة فيها، كما أن بعض القضاة غير مؤهلين قانونياً بشكل كاف في مجال حقوق الطوائف المسيحية، ويعد طول امد اجراءات المحاكمة معضلة كبيرة،اذ يستغرق النظر في بعض القضايا سنوات قبل الفصل فيها مما يسبب افدح الضرر بالخصوم ويضيع حقوقهم.
خامساً : إشكالية تغيير الدين من قبل الأب :
لا يتوقف حرمان المرأة على مسألة الإرث، فهو يطال قضايا حساسة أخرى مثل تغيير الدين، حيث تفقد المرأة حقها عند زواج زوجها من أخرى مسلمة واعتناقه الاسلام، ما يعني ذلك طلاقها، فإن تزوج مسيحي من مسلمة، ورغم زواجه سابقا من مسيحية، اعتبرت زوجته الأولى مطلقة لعدم جواز الجمع بين اثنتين استنادا للديانة المسيحية، فيما اعتبر أطفاله القاصرون مسلمين الزاما، اما غير القاصرين فقد لايسلمون مما يؤدي الى حرمانهم من الإرث.
ويعد من أبرز ملامح مشروع القانون الجديد لسنة 2014م :
تضمن مشروع القانون لسنة 2014 العديد من التحولات مقارنة بالقانون السابق، منها ما يشكل استجابة لمطالب اصلاحية وحاجات دينية لابناء الطوائف المسيحية، ومنها ما يشكل استمرارا لنهج القانون السابق الامر الذي سيبقى مثار جدل ونقاش حتى حين:
اولا: تعيين قضاة المحكمة الابتدائية والاستئنافية:
استعاد مشروع القانون الجديد طريقة تعيين رئيس المحكمة واعضائها وعزلهم حسبما كان معمولا بها سابقا، أي بقرار من مجلس الوزراء بناء على تنسيب الرئيس الروحي الاعلى لتلك الطائفة في الأردن، على أن يقترن القرار بالارداة الملكية السامية، كما أقر آلية التعيين نفسها بخصوص أعضاء المحاكم الاستئنافية المنشأة، جديد المشروع هنا أنه اشترط فيمن يعين قاضياً في المحكمة ان تتوافر فيه شروط معينة أبرزها أن يكون أردنيا أو يحمل جنسية احدى الدول العربية(10 )، وأن يكون قد امضى مدة محددة في الخدمة الكنسية أو في القضاء أو المحاماة.
ثانيا: اختصاص محكمة البداية النظامية في حال عدم وجود محكمة للطائفة:
تختص محكمة البداية النظامية بالنظر في جميع المسائل المنصوص عليها في هذا القانون والفصل فيها اذا لم يكن لأفراد طائفة مسيحية محكمة، وتسترشد عند نظر الدعوى بقواعد العدل والإنصاف وقواعد واعتقادات تلك الطائفة بما لا يخالف النظام العام والآداب العامة، وعند عدم وجود قواعد مكتوبة أو يوجد شك في هذه القواعد المراد تطبيقها تطبق محكمة البداية النظامية قواعد الطائفة الأقرب إلى تلك الطائفة التي ينتمي إليها أطراف الدعوى، ولعل هذا ما اثار حفيظة المحكمة الكنسية للطائفة اللاتينية وفقا للبيان الصادر عنها سيترتب على ذلك ان المحاكم النظامية هي صاحبة اختصاص في امور سر الزواج المقدس، وان السلطة المدنية التي لا سلطة كنسية لها هي التي تمنحها الصلاحية(11 )، وقد يرى المسيحيين بأن هذا الأمر ليس فقط تجاوزا للخطوط الحمراء للايمان المسيحي الكاثوليكي وغير الكاثوليكي، لكنه يعني ايضا تغول المحكمة النظامية على المسيحيين في امور احوالهم الشخصية الناجمة عن سر الزواج المقدس، كما يعني ايضا ان المحاكم النظامية ستعطي الطلاق المدني لزواجات كنسية(12 )، ومن يحصل على الطلاق المدني لا يستطيع ان يتزوج في الاردن زواجا مدنيا لان الاردن لا يوجد فيه أي تشريع للزواجات المدنية.
ثالثا : ميراث الطوائف المسيحية : تطبق المحكمة او أي محكمة نظامية عند نظرها في دعوى تتعلق بأموال غير منقولة موجودة في الأردن تركت بوصية او دون وصية التشريعات الأردنية التي تطبق على المسلمين(13 )، وستبقى هذه المسألة محل نقد من قبل الكثير من الناشطين القانونيين وابناء الطوائف المسيحية.
رابعا : إنشاء محاكم استئناف: وفقاً للمادة 32 من قانون مجالس الطوائف المسيحية لعام 2014م، فإنه ( يجوز خلال مدة لا تزيد على سنة من تاريخ نفاذ هذا القانون،استئناف الاحكام الصادرة عن المحكمة قبل نفاذ القانون لدى محكمة استئناف خارج الأردن مشكلة حسب الأصول للطوائف المسيحية، ومع مراعاة ذلك وخلال مدة لا تتجاوز ستة أشهر من تاريخ نفاذ هذا القانون،على كل طائفة مسيحية تشكيل محكمة استئناف في الأردن وفق احكام هذا القانون، وذلك تحت طائلة بطلان القرارات والإجراءات المتخذة من محاكم الاستئناف المشكلة خارج الأردن، وبعد انقضاء مدة الستة أشهر المشار اليها أعلاه، تكون محاكم الاستئناف النظامية مختصة بالنظر في الطعون المتعلقة بقرارات المحكمة التي لم يتم تشكيل محكمة استئناف لها في الأردن، وتستمر محكمة الاستئناف المختصة قبل نفاذ هذا القانون بالنظر في القضايا المنظورة أمامها لمدة لا تتجاوز ستة أشهر) ( 14).
ويلاحظ هنا التناقض الحاصل بين مواد القانون لجهة المدة الانتقالية، وهو تناقض يعود الى تخفيض النواب المدة في بعض مواد مشروع القانون الوارد اليهم من دون النظر الى المواد الأخرى، ويعد انشاء محاكم استئناف للطوائف المسيحية داخل الاردن وسلب الاختصاص من محاكم الاستئناف خارج الاردن من اهم التعديلات الايجابية التي تنسب للقانون الجديد(15 ).
خامسا: أصول واجراءات التقاضي:
يصدر مجلس الوزراء الأنظمة اللازمة لتنفيذ أحكام هذا القانون بما في ذلك نظام أصول التقاضي وإجراءاته لدى المحكمة ومحكمة استئناف الطائفة المسيحية في الأردن، والى حين اصدار هذا النظام، يطبق قانون اصول المحاكمات المدنية في كل ما لم يرد بشأنه نص في هذا القانون وبالقدر الذي لا يتعارض فيه مع أحكامه(16 )، ويعد هذا النص محل انتقاد المحكمة الكنسية للطائفة اللاتينية لتدخله بالشأن الديني المسيحي ومخالفته لقوانين المحكمة الكنسية في العالم اجمع(17 ).
ويتلخص اعتراض المحكمة الكنسية اللاتينية على مشروع القانون الأردني بإن النص يتجاوز الخطوط الحمراء للايمان المسيحي، وقد حددت المحكمة اعتراضها من خلال المادة السابعة من المشروع التي تجعل محكمة البداية النظامية مختصة بالنظر في جميع المسائل المنصوص عليها في هذا القانون والفصل فيها اذا لم يكن لأفراد طائفة دينية غير مسلمة محكمة، وذلك يعني أنه وكونه ليس للموارنة والكلدان والارمن الكاثوليك وللسريان الكاثوليك والاقباط الكاثوليك وللاشوريين ولعدد من الطوائف الاخرى محاكم كنسية، فإن أبناءهم سيتوجهون الى المحاكم النظامية لطلب بطلان الزواج والطلاق وكل الامور الاخرى الناجمة عنه، كما سيطلبون التفسيح من زواج غير مكتمل بطلب يُقدم الى المحكمة النظامية، وسيترتب على ذلك ان المحاكم النظامية هي صاحبة اختصاص في امور سر الزواج المقدس، وان السلطة المدنية التي لا سلطة كنسية لها هي التي تمنحها الصلاحية، وهذا الأمر يفسر على أنه ليس فقط تجاوزا للخطوط الحمراء للايمان المسيحي الكاثوليكي وغير الكاثوليكي، لكنه يعني ايضا تغول المحكمة النظامية على المسيحيين في امور احوالهم الشخصية الناجمة عن سر الزواج المقدس، كما يعني ايضا ان المحاكم النظامية ستعطي الطلاق المدني لزواجات كنسية، ومن يحصل على الطلاق المدني لا يستطيع ان يتزوج في الاردن زواجا مدنيا لان الاردن لا يوجد فيه أي تشريع للزواجات المدنية، فهل من مصلحة الأردن ان تفتح الحكومة الباب للطلاق المدني لزواجات كنسية؟وهل من مصلحته أن تتدخل من خلال تشريعاتها في ثوابت الإيمان المسيحي الكاثوليكي؟
إن البند (أ) من المادة 31 من مشروع القانون الذي يمنح مجلس الوزراء صلاحية اصدار انظمة لتنفيذ اصول التقاضي والاجراءات لدى المحكمة الكنسية، وقد أكد البيان ان ذلك يخالف نص المادة (109/2) من الدستور بشكل واضح، ومن زاويتين أيضاً أولا، من خلال منح مجلس الوزراء صلاحية اصدار الانظمة اللازمة لتنفيذ هذا القانون بما في ذلك نظام أصول التقاضي وإجراءاته لدى المحكمة ومحكمة استئناف الطائفة الدينية غير المسلمة، فيما أن البند الثاني من المادة 109 من الدستور ينص على أن تُطبِّق مجالس الطوائف الدينية الأصول والأحكام المتعلقة بمسائل الاحوال الشخصية التي لا تعتبر من مسائل الاحوال الشخصية للمسلمين الداخلة في اختصاص المحاكم الشرعية على ان تنظم تشريعات هذه المجالس شروط تعيين قضاتها وأصول المحاكمات امامها، وثانيا فهي الزام المحاكم الكنسية بتطبيق قانون اصول المحاكمات المدنية بدلا من اصول محاكماتها الكنسية، وهذا يعني ان قوانين المحاكم الكنيسة في العالم كله والتي يتبعها مايزيد عن المليار كاثوليكي، اصبحت تتلاعب بها الحكومة كما تريد، وهذا غير مقبول على الاطلاق، فالقوانين والانظمة الكنسية الكاثوليكية مجبولة بالايمان المسيحي والتقليد المسيحي عبر مئات السنين، وتُعبِّر عن الايمان في كل الامور المتعلقة بالأحوال الشخصية وبالمشاكل التي تنشأ بين المؤمنين انفسهم، وبينهم وبين الاكليروس، وبين الاكليروس والاكليروس، وبين الرهبان والرهبان، وهي كلها امور لا مثيل لها في القوانين والانظمة والاصول النظامية.
ولذا فمن الطبيعي إعطاء الرئيس الديني للطوائف التي ليس لها محاكم حق تحويل المتخاصمين في امور الاحوال الشخصية الناجمة عن الزواج الى المحكمة الكنسية الاقرب اليه من حيث الايمان والتشريع، فهكذا تبقى كل امور الاحوال الشخصية للمسيحيين في اطارها المسيحي، خاصة وان جميع الكنائس مستقلة في شؤونها التنظيمية والعقائدية، وليس لاية سلطة دينية كانت ام مدنية ان تتدخل بأنظمتها وقوانينها، كما لا يحق ابدا اعتبار المسيحيين وكأنهم طائفة واحدة، أو كتلة واحدة، في أمور ذات صلة مباشرة او غير مباشرة بالعقائد والشرائع المسيحية المتبعة.
المحامي محمد ابداح
الهوامش
ــــــــــــــــ
1- بين رئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب انه تم وضع مشروع القانون تنفيذا لتعديل الدستور الذي دخل حيز النفاذ ولتنظيم الاحكام المتعلقة بمجالس الطوائف الدينية غير المسلمة المعترف بها ولتشكيل هذه المجالس ومحاكم استئناف الطوائف الدينية غير المسلمة ولتنظيم اجراءات التقاضي امامها واختصاصاتها وشروط تعيين قضاتها . واضاف ان القانون يهدف الى تخفيف المعاناة على ابناء الطوائف المسيحية من خلال انشاء محاكم استئناف كنسية في الاردن وعدم تكبد معاناة اللجوء الى محاكم استئناف خارج البلاد.
2- الجدول الملحق بمشروع قانون مجالس الطوائف المسيحية لسنة 2014 .
3- تنص المادة 108 من الدستور الاردني " -مجالس الطوائف الدينية هي مجالس الطوائف الدينية غير المسلمة التي اعترفت او تعترف الحكومة بانها مؤسسة في المملكة الاردنية الهاشمية " . وكانت الحكومة تمارس ذلك سابقا بموجب المادة ( 3 ) من قانون مجالس الطوائف الدينية غير المسلمة رم 2 لسنة 1938 التي تنص على انه " للطوائف الدينية غير المسلمة المؤسسة في شرق الاردن والمدرجة في الجدول الاول المضموم الى هذا القانون او اية طائفة دينية اخرى غير مسلمة موجودة في شرق الاردن اعترفت بها الحكومة بعد نفاذ هذا القانون واضيفت الى الجدول المذكور بقرار من المجلس التنفيذي وموافقة سمو الامير المعظم ان تؤسس محاكم تعرف بمجالس الطوائف الدينية لها صلاحية النظر والبت في القضايا بمقتضى احكام القانون الحالي " . ونص مشروع القانون الحالي في المادة ( 2 / ب ) منه على انه " ب- لمجلس الوزراء بناء على تنسيب وزير الداخلية الاعتراف بأي طائفة مسيحية وفي هذه الحالة تضاف إلى الجدول الملحق بهذا القانون بعد نشر قرار مجلس الوزراء في الجريدة الرسمية .
4- وفقا لمشروع القانون لسنة 2014 تبقى هذه المحاكم بتشكيلها الحالي صحيحة على أن تصوب اوضاعها مع القانون الجديد خلال سنتين من نفاذه ( المادة 28 ) من مشروع قانون مجالس الطوائف المسيحية لسنة 2014 .
5- بمقتضى مشروع القانون لسنة 2014 اصبح ذلك من اختصاص محاكم البداية النظامية في الاردن ( المادة 7 ) من مشروع قانون مجالس الطوائف المسيحية لسنة 2014 .
6- دائرة الإحصاءات العامة الأردنية لعام 2014م.
7- تنص المادة ( 99 ) من الدستور الاردني على أنه " المحاكم ثلاثة انواع:- 1- المحاكم النظامية . 2- المحاكم الدينية . 3- المحاكم الخاصة" ، وتنص المادة ( 104 ) على أنه " تقسم المحاكم الدينية الى: 1- المحاكم الشرعية . 2- مجالس الطوائف الدينية الاخرى " ، وتنص المادة ( 108 ) على أنه " مجالس الطوائف الدينية هي مجالس الطوائف الدينية غير المسلمة التي اعترفت او تعترف الحكومة بانها مؤسسة في المملكة الاردنية الهاشمية " ، كما تنص المادة ( 109 ) على أنه " 1- تتألف مجالس الطوائف الدينية وفاقاً لاحكام القوانين التي تصدر خاصة بها وتحدد في هذه القوانين اختصاصات المجالس المذكورة بشأن مسائل الاحوال الشخصية والاوقاف المنشأة لمصلحة الطائفة ذات العلاقة. اما مسائل الاحوال الشخصية لهذه الطائفة فهي مسائل الاحوال الشخصية للمسلمين الداخلة في اختصاص المحاكم الشرعية. 2-تطبق مجالس الطوائف الدينية الأصول والأحكام المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية التي لا تعتبر من مسائل الأحوال الشخصية للمسلمين الداخلة في اختصاص المحاكم الشرعية، على أن تنظم تشريعات هذه المجالس شروط تعيين قضاتها وأصول المحاكمات أمامها " .
8- الطوائف المسيحية في الاردن تشكو من التعديلات الدستوربة ، تاريخ 27 / 8 / 2011 .
9- المادة 10 من القانون الأردني الجديد للطوائف الغير مسلمة.
10- المركز الوطني الاردني لحقوق الانسان ، التقرير السنوي لعام 2009 .
11- المادة ( 3 / ب ، ج ) من مشروع قانون مجالس الطوائف المسييحة لسنة 2014 .
12- المادة ( 7 ) من مشروع قانون مجالس الطوائف المسيحية لسنة 2014 .
13- المحكمة الكنسية اللاتينية في الاردن تطالب بتعديل مادتين في قانون مجالس الطوائف المسيحية ، صحيفة العرب اليوم بتاريخ 7 / 7 / 2014.
14- المادة ( 10 ) من مشروع قانون مجالس الطوائف المسيحية لسنة 2014 .
15- المادة ( 23 ) من القانون الأردني لمجالس الطوائف المسيحية لسنة 2014م.
16-يتضح من خلال قراءة نص الفقرة ( أ ) من المادة ( 19 ) من مشروع القانون "التي اجازت الاستئناف خارج الاردن خلال سنة من نفاذ القانون " انها تتناقض مع الفقرة (ب ) من ذات المادة التي الزمت الطوائف بانشاء محاكم استئناف خلال ستة اشهر من نفاذ القانون تحت طائلة بطلان الاجراءات التي تتم خارج المملكة " وكذلك مع الفقرة ( ز ) " التي بينت انه بانتهاء مدة الستة اشهر دون انشاء محاكم الاستئناف يصبح الاختصاص لمحاكم الاستئناف النظامية " . وكان ممكن ان يستقيم النص لو ان الفقرة ( أ ) جعلت المدة ستة اشهر فقط للاستئناف خارج المملكة .
17- ( المادة 31 / أ ) من مشروع قانون مجالس الطوائف المسيحية لسنة 2014م.
18- طالبت المحكمة الكنسية اللاتينية في الاردن بتعديل مادتين في قانون مجالس الطوائف المسيحية ، 7 / 7 / 2014 .



#محمد_ابداح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صاح الوجد بقلبي
- أعداء الله
- المتنزه الإلهي
- القبور الآمنة !
- حبل من الله وحبل من الناس
- عناق الأديان!
- الحدائق البشرية
- فخ الانسحاب الإسرائيلي من غزة
- عقيدة القتل في الأديان السماوية
- الأشياء الحقيقية
- إن الله لاينصر الأغبياء
- التجربة الإلهية !
- سمّار الكلجية !
- نشأة العبودية
- عبودية الأجر
- عباس
- أول مسابقة في التاريخ لملكات الجمال
- السماء لاتمطر حظاً ولكن الأرض تلد الأقوياء
- قصة جعلة
- على حسب وداد قلبي


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - محمد ابداح - قانون الطوائف المسيحية في الأردن- زواج وطلاق وفق الشريعة الإسلامية