أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد ابداح - قصة جعلة














المزيد.....

قصة جعلة


محمد ابداح

الحوار المتمدن-العدد: 4561 - 2014 / 9 / 1 - 22:57
المحور: الادب والفن
    


عرفت حقبة ما قبل الإسلام في شبه الجزيرة العربية بحقبة الظلام والجهل بسبب الكثير من المعتقدات الخرافية التي تتعلق بعبادة الأوثان والاصنام ، بالاضافة لبعض العادات والأعراف السيئة كوأد البنات خشية الفقر، وإتيان العرافين والعرافات وشن الغارات بهدف السلب والنهب، وخصوصا في الأوقات التي يزداد فيها القحط لقلة الامطار وانعدام الكلأ- الغذاء - وشح المياه .
كان يعيش في ذلك الوقت إعرابياً فقيرا من عامة الناس ، ضاقت به سبل العيش ولم يجد بابا الا وطرقه في سبيل الحصول على عمل من اجل لقمة العيش ولكن بلا فائدة ، ولما اشتد عليه الأمر نصحه احد أصدقائه بالذهاب لأحد العرافين لمساعدته على فك هذا النحس الذي لازمه طيلة حياته ، ففعل ذلك وقد وافق العراف على مساعدته شريطة أن يقدم الاعرابي له جُعلة - منفعة - يحصل بموجبها العراف على نصف ما يحصل عليه الاعرابي عن كل عمل يقوم به لقاء تحريره من النحس وسوء الحظ فقبل الاعرابي من فوره على هذا الشرط العجيب بسبب ما مر به من سوء حال وبسبب شكه وعدم تفاءله في تحسن ظروفه ، ولم يفكر في عواقب هذا الإتفاق المبني على الإحتكار الأبدي لكل درهم يجنيه من كده وتعبه وعمله مستقبلاً .
خرج الاعرابي من بيت العراف وليس لديه أدنى أمل بتحسن ظروفه أو تبدل حظه وفي أثناء عودته إلى المدينة صادف بطريقه قافلة تجارية قادمة من بلاد الصين محملة بالبضائع ، فسُرّ في نفسه وقال يبدو ان العراف قد صدق وحانت الفرصة المنتظرة!، وبان حسن الطالع ،وها قد أتت بشائر الخير ، فسال أصحاب القافلة أن يصحبوه معهم للمدينة على ظهر أحد الجمال طمعا في الحصول على عمل معهم في تفريغ البضائع بالمدينة، لقاء بعض المال ، فرفضوا مساعدته خشية ان يكون لص او من قطاع الطرق ، وعندها لعن الاعرابي العراف واليوم الذي ذهب فيه إليه واخذ يكيل الشتائم لنفسه كيف انه صدق العراف ، ثم مضت القافلة التجارية في طريقها للمدينة أمام عين الاعرابي الذي امتلأ قلبه حسرة على ما فاته من فرصة للعمل .
وقد حدث ان سقطت إحدي السلال من القافلة دون علم أصحابها وتنبّه لها الاعرابي فسارع نحوها ووجد بداخلها أقمشة وحرير نفيس فقام بحملها وسار خلف القافلة حتى لحق بها واعادها لهم ، وعلم صاحب القافلة بذلك فسر من حسن صنيع الاعرابي ، ثم مالبث أن عرض عليه العمل عنده وكان صاحب القافلة أحد التجار العرب المعروفين في زمنه والذين يعملون في تجارة الأقمشة والحبوب والتوابل حيث كان يجلبها من بلاد الصين وما يعرف حاليا بدول شرق آسيا ، وقد عمل هذا الاعرابي ضمن القوافل التابعة لذلك التاجر العربي وفي نهاية كل رحلة كان يحصل على مبلغ من المال فيبادر عند وصوله لبلده بالذهاب للعراف لأعطائه نصف ما يكسب وذلك حسب الاتفاق المنعقد بينهما ، ثم تحسنت ظروف الاعرابي كثيرا وتعددت رحلاته التجارية ، ولم ينقطع عن تنفيذ اتفاقه مع العراف ، وقد علم الناس بأمر هذا الإتفاق العجيب فاطلقوا على الاعرابي لقب ( جُعلة ) من شدة تعجبهم وإنكارهم لهذا الأمر الغير مسبوق حدوثه.
ومع مرور الوقت تمرسّ الاعرابي في أعمال التجارة وفنونها وطرقها فأصبح في كل رحلة يشتري ويجلب معه بضاعته الخاصة به ومن ثم يبيعها عند وصوله ويقتسم حصة العراف ويحتفظ بحصته ، فنما رأس ماله إلى أن استقل بتجارة خاصة به ، ثم تطورت تجارته وازدهرت فامتلك محلاً تجارياً لبيع البضائع ، كما امتلك منزلاً فخما ومزرعة وارفة ، وتزوج من امرأة جميلة ذات جاه وحسب ، وفي احد الايام ذهب العراف الي بيت جعلة ، فلما رآه جعلة خشي ان يكون العراف قد طمع بالمزيد او ان يريد به شراً ، فسأله عن سر زيارته له ، فقال العراف له : والله ما أتيت طالبا شيئاً وإنما لأخبرك بأنني أشقى انسان على وجه البسيطة واشعر بان أجلى قد دنا ، فلا بد أن اخبرك بالحقيقة وهي أنني لا فضل لي بما حدث لك وانما هي نعمة انعم الله بها عليك ولا يد لي فيها حتى انني وبعد خروجك من بيتي في أول مرة أتيتني بها لم افعل لك شيئا ونسيت أمرك تماما ولم اتوقع عودتك أصلا ولكن عندما حضرت الي ومنحتني نصف ما كسبت من عملك مع التاجر ، سررت كثيرا وأخفيت عنك حقيقة الأمر وطمعت بالمزيد من المال الذي لم أفعل شيئا لأحصل عليه ورضيت أن اقاسمك مالك ظلما وجوراً ، لكن طوال تلك السنين كنت كلما اخذت منك مالا ازددت مرضا وتعبا ونكدا واشعر بان النار تحرق جسدي من الداخل كلما اكلت طعاما من مالك وقد تيقنت من ذلك الأمر مع مرور الوقت وحتى أني لاأهنىء في عيش ولا طعام ولا نوم ، وبعد.. فها أنا أرد لك كل ما أملك فوالله قبلك ما كنت أملك الا عبائتي التي تستر جسدي ، ولا فضل لي وكل الفضل لله فيما انت عليه اليوم فأرحني واقبل ان تسترد مالك ، ابتسم الاعرابي جُعلة وقال للعراف والله لقد زرت بلادا وقطعت وهادا ورأيت ما رأيت في سفري حتى أيقنت بأن الله أسقط سلة الحرير من قافلة صاحبنا ليرزقني وما أسقطها انت ، ولكني قطعت عهدا على نفسي ولم استطع إلاّ أن اوفيه ، اذهب بمالك فإنني إسامحك فيه ولا حاجة لي به فالله أغناني بفضله.
فسبحان الله الواحد القهار الرازق المعطي لا اله الا الله وحده لاشريك له ، هو نعم المولى ونعم النصير ، علينا بالتوكل على الله وطلب الرزق منه وحده سبحانه وتعالى فهو الرزاق المنان وهو مسبب الاسباب ، فالق النوى وخالق كل شيء على العرش استوى.



#محمد_ابداح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على حسب وداد قلبي
- حلم سجين
- قوة الأفكار
- تحقيق الذات
- ثامن أيام الخلق
- يُحيى العظام وهي رميمْ
- قصيدة عنبر
- القلاع الورقية
- وادولتاه !
- قصيدة وادي السكون
- عضل النساء
- حق البعولة
- هنيئاً لك النافجة !
- البلاد العربية
- فقه التنوير
- قحطاني وأفتخر
- القومية العربية
- فقه النسب في الفكر العربي
- فقه الأسماء في الفكر والثقافة العربية
- إذا مت ظمآنا فلا نزل المطر


المزيد.....




- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد ابداح - قصة جعلة