أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد ابداح - فقه التنوير















المزيد.....


فقه التنوير


محمد ابداح

الحوار المتمدن-العدد: 4549 - 2014 / 8 / 20 - 23:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


فقه التنوير
يجري الحديث عن ثورات ما يسمى بالربيع العربي،على أنها إمتداداً للمؤامرات الدولية المستمرة على عروبتنا ووحدة أراضينا، ويصح القول بأن تلك الثورات لم تسلم من عبث الأيدي الخارجية والداخلية معاً، إلا أن الذاكرة التاريخية تحمل في أمد ليس ببعيد دمارأ أزال عواصم ومدن أوربية بأكملها في كل من الحربين العالميتين الأولى والثانية، كما حدث لمدن اليابان وبريطانيا والمانيا وغيرها من الدول، ثم مالبثت أن قامت من جديد أفضل من السابق، ويعود السبب بذلك، إلى أن تلك الدول قد إجتازت بنجاح ومنذ فترة طويلة ، المراحل الحرجة من التنوير الفكري والحضاري والتقدم الصناعي ، وبلغت مرحلة التوازن الإجتماعي والغير قائم على التشدد القبلي، وتمتعت بالرشد السياسي، وعليه فإن أي حرب تخوضها يكون عارضاً وظرفاً طارئاً أو (نازلة)، لكنها ليست بمفهوم فقه النوازل العربية،والذي لايزال يبحث بمؤتمراته اليومية، في تفسير واستنباط الأحكام الشرعية حول تاثير طحالب الماء على صحة الوضوء، ناهيك عن تفسير الظواهر الخفية والعلنية، لأزمته الفكرية والحضارية الشاملة.
أولاً: المؤامرة الخارجية: إنه لمن الطبيعي تفهم فكرة المؤامرة الخارجية، وخصوصاً بأن الوطن العربي وعلى مر العصور كان مدار إجتهاد فقهاء نوازل الدول الطامعة بثرواته الطبيعية، ومواقعه الإستراتيجية، ولاعتبارات سياسية وأمورالدعم اللوجستي عسكرياً وتجارياً، وخصوصاً بعد اكتشاف النفط ، ولكن وفي المقابل من المستحيل إنكار الوقائع التاريخية المتواترة حد العرف الملزم، بأن تاريخ العرب كان قائماً على الغزو والتسلط والثأر والسلب والسبي، فضلا عن الكثير من الأعراف والعادات القاتلة كالنظرة المشوهة للمرأة باعتبارها متاعا ومتعة، إضافة إلى الإنغلاق النسبي وتجنب التواصل الحضاري والثقافي مع الطرف الاخر، والمؤامرات والإقتتال القبلي، ويعزى ذلك، لتوسط الوطن العربي بين أكبر دولتين مسيطرتين في تلك الحقبة التاريخية، هما الفرس والروم، وما نتج عن ذلك من علاقات وتحالفات سياسية ودينية، تحكمها المصالح.
ثانياً التحليل الخاطيء: إن دراسة الأزمة الفكرية والحضارية العربية المعاصرة، هي ليست بالمعاصرة فعلاً، بل هي في الحقيقة مستنقع آسن لأزمات تاريخية، أعمق مما يمكن تخيله، وهي حتماً ليست مجرد تصورعارض ، ظهرنتيجة الإستعمار الغربي للدول العربية مطلع القرن التاسع عشر، كما أن عقود التنوير العربية ، لايمكن إختزالها في محاولات دولة عربية بعينها، كما حاول الكاتب محمد حسنين هيكل، أن يظهرها في جمهورية مصر العربية الشقيقة، وقد تمثلت محاولات التنوير المصرية حصرياً -وفقاً للسيد هيكل- في أربع مشاهد وهي:
المشهد الأول: مشروع محمد علي لبناء دولة عصرية، بمصر والشام، والذي ضرب بتحالف القوى الغربية الكبرى المعارضة وعلى رأسها بريطانيا، لقيام وحدة عربية بين مصر والشام، أوتجدد فكرة الخلافة باستانبول، فجرى تدمير الأسطول البحري العثماني عن بكرة أبيه عام 1840م،مما كسر ظهر القوة العثمانية البحرية الضاربة، الأمر الذي أدى لتوقيع معاهدة الذل في لندن بنفس السنة.
المشهد الثاني: ويتمثل في المشروع التنويري للخديوي اسماعيل في مصر، والذي تجلت فيه بشائرالتنوير والتعليم والنهضة العمرانية، والفنون والصناعة وحرية الرأي والصحافة وفقاً لتعبير الإستاذ هيكل، وقد انتهى هذا المشروع أيضاً بالغزو البريطاني عام 1882م.
المشهد الثالث: وهي التجربة الليبرالية، والتي أعقبت ثورة عام 1919م في مصر، والتي كانت أيضا الحكومة البريطانية خلف إجهاضها حين دكت مدافع الدبابات البريطانية قصر عابدين ، مرغمة الحكومة المصرية حينها على الإستقالة وتم تشكيل حكومة جديدة بمواصفات بريطانية.
المشهد الرابع: قيام الزعيم المصري الراحل عبد الناصر،بعد ثورة يوليو 1952م، بمحاولة وضع مصر والدول العربية على مداخل نهضة العصر الجديد، بعد الحرب العالمية الثانية، ولكن أيضا قامت بريطانيا للمرة الرابعة بوأد تلك المحاولات، في عدوان 1956م بعد تأميم قناة السويس، وعامي 1961م ، و1967م الذي خلف جرحاً غائراً في وجدان كل العرب، وخصوصاً بعد تأكيد الهمينة الصهيونية في المنطقة.
وفي الحقيقة لو نظرنا في طبيعة الفكر السياسي لدى السيد هيكل، لوجدنا تناقضاً عجيباً ، فهو من وجهة نظره، قد اختزل القومية والوطنية والعقل العربي في مصر وحدها فقط ، وهذا إقصاء غيرمبررعلى الإطلاق، وإن تتبعنا المشاهد التي ساقها بمعرض حديثه عن قيادة مصر لمحاولات النهضة العربية الجديدة، سوف نجد بأن محمد على هو تركي أصلا وليس مصري، وقد كان والياً بأمر البلاط الإمبراطوري العثماني على كل من شبه الجزيرة العربية والهلال الخصيب الذي يحوي كل من الأردن وسوريا وفلسطين ولبنان، وكذلك جزيرة كريت ومورة وطاشوز والسودان فضلا عن مصر، ومن يتتبع تاريخه يجد بأنه تاريخه دامي جدا مع المصريين أنفسهم، فقد أمر باغتيال الزعيم المصري الوطني الكبير الشيخ عمر مكرم، قتله محمد علي باشا بعد أن خلعه من نقابة الأشراف في محاولة للتخلص من كبار الزعماء المصريين وتوطيد حكمه في البلاد، كما أنه تسبب في العديد من ظهور الفتن بين القبائل العربية في شبه الجزيرة العربية ، كما أن محمد علي باشا لم يكن باني مصر الحديثة، وإنما هو أجنبي غازٍ مثله في ذلك كأي محتل آخر لأرض مصر، والذي بدأً من الفرس عام 252 ق.م، وهو لم يتكلم العربية على الإطلاق، بل وجعل اللغة التركية اللغة الرسمية في بلاطه!، كما أنه استغل ثروات مصر ومواردها البشرية لتحقيق مآربه الخاصة، وإنه أرهق المصريين بالضرائب وأعمال السخرة والتجنيد الإجباري، ومن أخطر الأمور التي حاول محمد علي فعلها، عزمه على هدم الهرم الأكبر واستخدام أحجاره في بناء قناطر عند دلتا النيل في منطقة شلقان، وقد تراجع عنها بعد أن أقنعه المهندس الفرنسي (لينان) بعدم جدواها، وغيرها الفظائع التي ارتكبها محمد علي باشا بحق الشعب العربي أولا والمصري ثانياً، ومن ثم لست أدري كيف يعتبره السيد هيكل من أعمدة عصر التنوير في الأمة العربية وهو من ألغى اللغة العربية في البلاط الملكي، ولولا خوفه من ثورة شعبية عارمة ضده لكان قد ألغاها في كافة الولايات التي خضعت لحُكمِه.
والسيد هيكل يتغني بسلاطين آل عثمان وهو يعلم بأنهم أورثوا سياسة الإغتيالات للحكام العرب وكأنها عرفاً وتقليداً عثمانياً ، فعلى سبيل المثال تم اغتيال عباس باشا الأول حاكم مصر في القرن الثامن عشر الميلادي، من قبل الخديوي محمد سعيد باشا، وتولى الحكم عام 1854م، وهو صاحب الجملة الشهيرة في وصفه للشعب المصري:( أمة جاهلة أسلس قيادة من أمة متعلمة)، أما فيما يخص المشهد الثاني من مشاهد التنوير لدى فكر السيد هيكل، فهو في شخصية الخديوي اسماعيل، الذي فرض سياسة الاستدانة وعزز بذلك سياسة الانصياع للقوى الاوروبية والتدخلات الاجنبية ، مما فتح الباب للتدخلات الغربية في مصر إلى يومنا هذا.
وأما فيما يخص المشهد الرابع من مشاهد التنوير وفق السيد هيكل، والمتعلق بالراحل جمال عبد الناصر، فلا شك بأنه زعيم عربي وطني قومي، لكنه في الحقيقة كان قد كسر ظهر الحلم العربي، وحطم الوحدة العربية ، وشق صف الوحدة الوطنية في مصر بشكل خاص، مما أضعف جبهتها الداخلية، وخاض حروباً خاسرة باليمن والسودان، دمرت قدرات الجيش المصري، وغدر برفيق دربه ( محمد نجيب) على غرار أفعال السلاطين العثمانيين بأخوتهم، وحبسه في إقامة جبرية قاتلة حتى وفاته، وراهن على مصر فخسر الرهان وأوقعها في ديون هائلة.
إن حقبة الزعيم الراحل تمتلئ بالعديد من النكسات، فقد اغتصب منصب رئاسة الجمهورية من الرئيس محمد نجيب عقب ثورة يوليو بمؤامرة مشهورة( )،وقاتل الإخوان وأفرج عن قتل حسن البنا، وطرد زملائه الضباط الذين طلبوا إعادة الحكم للشعب، وأقحم مصر في 1956م في حرب خاسرة ضد إنجلترا وفرنسا وإسرائيل التى احتلت سيناء وتم تدمير بورسعيد، وتسبب في دخول قوات الأمم المتحدة إلى سيناء بقرار دولي، وفى 1958 ادخل مصر فى وحدة مع سوريا، لم تحمل مقومات الوحدة السليمة، وعطل الحركة الفكرية والثقافية والصناعية في مصر، وشل إقتصادها، حتى باتت الفنانات المشهورات كأم كلثوم يجمعن التبرعات للعمل الحربي!
وبعبارة أخرى دمر مصراً، جيشا واقتصادا وهيبة، وافقدها ارضها وعزلها عن العالم، فقد كان القرار الفردي والغير مدروس العواقب في معايير الحرب الحديثة( )، بدخول حرب 1967م، التى هزت صورة مصر ودمرت جيشه وقد كلفت مغامرة الرئيس الراحل في اليمن اكثر من 60 الف شهيد واكثر من 100 الف مصاب بجانب الخسائر المادية التى وصلت بالمليارات( ).
إن حرب 1967م، التى قادها ناصر دامت ست ساعات فقط ، لكن نتائجها الكارثية مستمرة حتى اليوم، فقد احتلت إسرائيل سيناء ، وتطلب أعادتها تنازلات المصريين أعلم بها، وغزه والضفه الغربية والجولان ومات الآلاف من خيرة ضباط وافراد الجيش المصري، وخسرت مصر 90% من أسلحتها التى دفع ثمنها الشعب المصرى طمعاً وكرهاً، وهي اليوم تعيش على المساعدات الأمريكية، وبعد أن كانت إسرائيل فى عهد الملك فاروق محاصرة فى البحر الأحمر على الرغم من هزيمة 1948، أصبحت لها الكلمة العليا في المنطقة، ورغم اعتراف الراحل فى مسرحية على غرار مدرسة المشاغبين، لكسب تعاطف الشعب المسكين إلا أنه يتحمل مسؤولية الهزيمة كاملة، رغم أنه لم يدفع ثمن اعترافة كما حدث مع كل القادة المهزومين عبر التاريخ بل دخل مع رفيق عمره فى صراع على السلطة.
وماذا فعل بأهل كمشيش وكرداسة وسنقا عامى 1965و1966، فقد تعرض أهالى تلك القرى لمجازر على غرار مجازر أكراد حلبجة شمال العراق، ومجازر حافظ الأسد ضد السنة في حلب سوريا، فسال دم كثير تحت تأثير التعذيب فى ساحة السجن الحربى المصري، وصودرت الأموال وانتهكت الأعراض، في جرائم تتضاءل أمامها جرائم الإنجليز بدانشواى عام 1906م، وأن البسطاء الذى جاء من أجلهم نالوا ما يكفيهم من مكاسب الثورة على يد شمس بدران فى السجن الحربى، ومن ناحية أخرى فأن ما قدمته الثورة للفلاحين ليس كما يصوره الإعلام المزيف، فجميع الأراضى الزراعية قبل الثورة كانت تقترب من 6 ملايين فدان، تم توزيع 422 ألف فدان فقط على الفلاحين، فيما عرف باسم الإصلاح الزراعى.
ويعد عبد الناصر السبب الأساسى فى الهيمنة الأمريكية والصهيونية على المنطقة، كما يفعل الرئيس المصري الحالي( السيسي) تجاه غزة، وحكم عبد الناصر تميز بغياب مقومات الدولة المدنية وعلى رأسها احترام القانون واحترام حقوق الإنسان، فالاعتقالات العشوائية كانت تقوم على الشبهة وتقارير أعضاء التنظيم الطليعى، وكذلك المحاكمات الصورية وتحويل المجتمع لجواسيس على بعضهم، الأمر الذى أشاع الرعب فى المجتمع المصري، ناهيك عن عمليات التعذيب الجماعية التى تعرض لها سجناء الرأى على غرار معسكرات النازية.
وهو مسؤول عن انتهاك حقوق الإنسان وقتل علماء مصر ومفكريها ، بعد تعاظم دور الإخوان فى مقاومة الإنجليز فى مصر، وكان المسؤول الأول عن هذا الدور الشيخ محمد فرغلى، بل إن الإنجليز أعلنوا عام 1951 عن مكافأة مقدارها 5 آلاف جنيه لمن يأتى برأسه حياً أو ميتاً، ولكن عبد الناصر قدم رأسه عام 1954، بثمن بخس، فبعد إلغاء المعاهدة عقد الإخوان مؤتمراً حاشداً أصدروا خمسة قرارات تعلن أن العودة إلى المفاوضات تعد جريمة، وتدعوا لتحريم التعاون مع الإنجليز وإعلان الجهاد فى منطقة القناة، وتطالب بإلغاء القوانين المقيدة للحريات وبطرد الحاكم العام الإنجليزى من السودان.
وأن كل المبدعين الذين ظهروا فى الفترة الليبرالية والتي يتكلم عنها السيد هيكل، كطه حسين والعقاد ونجيب محفوظ وأم كلثوم وأحمد لطفى السيد ونجيب الريحانى ومصطفى صادق الرافعى والمراغى وشلتوت والغزالى وسيد قطب ومحمود غنيم وأحمد على باكثير ومحمد محمد حسين وأحمد شادى وحافظ إبراهيم والمازنى أما من نبغوا فى تخصصاتهم العلمية والمهنية بعد عام 1952، فيرجع ذلك إلى مجهودهم الشخصى، والتحاقهم بعد ذلك بالغرب الأوروبى، وليس إلى النظام التعليمى المصري الذى جاء بعد عام 1952.
وعليه فإن انقلاب 23 يوليو سنة 1952، ماهو إلا سيناريو للهزائم العسكرية المتتالية، وهذا الوضع الحالي من الإنهيار الاقتصادى والفساد العام وسوء التعليم وتراجعه، وتراجع الثقافة، ما هو إلا تفسير لتعاظم الحكم العسكرى بإسم الوطنية الكاذبة، والذي أفسد الأدوات القانونية الكفيلة بالوصول إلى سلطة حقيقة وهى الانتخاب الحر, هذا نص ما قالة الشاعر اوخلال اعتقاله فى السجن الحربى، كتب قصيده بعنوان فرعون يونيه 1954:
ألا أي هذا الدعي اللعين ** ألا أي هذا الشقي الحرون
لبستَ المسوحَ وضللتنا ** ولما حكمتَ كشفتَ الفتون
أفرعون مصر وجبارها ** صحوت لها من وراء القرون
وناديتَ في الناس إني إله ** وأنتم عبيد ولي تسجدون
ولكن فرعونَ دانت له ** عروش، وعرشك واهٍ مهين
سجنت النساء ولم تحترم ** وقار الشيوخ وطول الذقون
أعرضي يباح ويلقي به ** علي ناظريك بقاع السجون
وكل رجالي غدرتَ بهم ** أكلُّ رجالي من المجرمين؟!
وقد أنشأ عبد الناصر أكبر شبكة تجسس عربية على المصريينمن خلال ما يسمى بشبكة التنظيم الطليعى السرى، الذى وصل عدد عملاءه إلى 50 ألف جاسوس، وكانت كتابة التقارير السرية هى أهم نشاط أعضاء التنظيم الطليعى، فلائحة التنظيم نصت على ذلك صراحة فعلى العضو أن يتقدم بالتقارير فى مختلف المسائل إلى المسمى الأعلى وإلى الهيئات الأعلى بما فيها اللجنة المركزية خلال مستويات التنظيم، فتحول الأخ جاسوساً على أخيه أو أبيه أو حتى أمه.
وشن عبد الناصر هجوماً شديداً على الملك فيصل ووصفه بالخيانة، ولكنه بعد الهزيمة وقف أمام الملك كتلميذ بمؤتمر الخرطوم عام1967، وأثبت التاريخ أن الملك فيصل كان أكثر المساهمين فى نصرة العرب فى حرب أكتوبر عام 1973م، وقد كان عبد الناصر يرفض أن تكون هناك أى زعامة في المنطقة لغيره، كان يصف كل محاولة لجمع شمل العرب والمسلمين عن غير طريقه، بأنها محاولة للرجعية والاستعمار، قال ذلك عن الحلف العربي بين السعودية والأردن والعراق أنه حلف مع الاستعمار والصهيونية العالمية !
إن الأعمال تقاس بالنتائج والإنجازات وليس بالإقوال، والتي أبدع فيها عبد الناصر، وخصوصاً أمام الجماهير وعلى الهواء مباشرة فمنها:
- لن أتزحزح ولن أقبل أى مساومة
- نحن على استعداد كامل إذا تطورت الأمور إلى صراع شامل فى الشرق الأوسط
-واجب الحكومات العربية أن توقف استخراج البترول، وإذا لم تفعل قامت الشعوب بواجبها
- بريطانيا لم تتعظ بدرس 1956
-أنا مش خرع زى إيدن بتاعكم ولسه ما حصّلتش 50 سنة وصحتى كويسة
-قواتنا المسلحة قادرة على أن تقوم بواجبها بشرف وقوة وأمانة
- سوف نلحق بالمعتدين أضراراً لا يتصورونه
فاستيقظ صباح الخامس من يونيه على بيانات وبلاغات، عبد الناصر ثم اتضح الأمر على هزيمة ساحقة لم تعرفها مصر منذ مينا موحد القطرين، يقول توفيق الحكيم فى كتابة عودة الوعى بعد استعراضه لهزيمتى 1956 واليمن “هل اكتفينا بحربين وهزيمتين؟ لا لابد من الثالثة وكانت حرب وهزيمة 1967 أى أنه فى مره نحو عشرة أعوام من سنة 1956 إلى سنة 1967 قد استهلكنا، أو على الأصح استهلكتنا ثلاثة حروب بثلاث هزائم، لا ندرى بالضبط كم كلفتنا من آلاف الأرواح ولا كم من آلاف الملايين من الجنيهات، التى لو انفقت على القرى المصرية لرفعتها إلى مستوى قرى أوروبا، ولكن قرانا المصرية بقيت على حالها المحزن التعس وفلاحنا المسكين بقى على جهله ومرضه وفقره وراحت آلاف الملايين التى جاءت من عرق مصر، لتذهب فى الوحل وفوقها هزيمة منكرة بل وفق الهزيمة المنكرة أكثر من خمس سنوات حتى اليوم ( يوليو 1972 ) تمر على مصر وهى راكدة بلا حرب ولا سلم تنفق على جيشها المعطل من الأموال ما يكفى، كما قال هيكل فى الأهرام 21 يوليه 1972، لبناء السد العالى مرتين أو سدين عاليين كل عام نبنيهما ثم نهدمهما ليسقطا فى التراب، ما هذا الجنون وماذا سيقول التاريخ لما جرى بعهد هذه الثورة.
بعد هزيمة 1967 ذهب قادة إسرائيل وهم حفاة إلى حائط المبكى وهم يبكون أمام الحائط ويشكرون الرب على هذا النصر العظيم، وتم الاعتراف بإسرائيل، بمقتضى قرار مجلس الامن رقم 242 لسنة 1967، وقد كان مسار القضية الفلسطينية قبل هزيمة يونيو يتجه إلى استرداد الأرض التى فقدت فى حرب 1948 أى إزالة دولة إسرائيل من الوجود السياسى وبعد هزيمة يونيه تحولت القضية الفلسطينية من قضية إزالة آثار حرب 1948، إلى قضية إبادة شعب وطرده من بلده!. لإاي عصر تنوير هذا الذي قاده جمال عبد الناصر؟
ثالثاً: العدالة الاجتماعية : إن قصة العدالة الاجتماعية التى روج بها البعض لناصر والناصرية لم تكن فى جوهرها إلا رشوة اجتماعية تخفى رغبة السيطرة على عقول وقلوب الجماهير من قبل طاغية، بالإضافة إلى ركام من الفساد والنهب والاستقطاع المقنن لمقدرات و لثروات البلاد وأشرف مروان وأشقاء عبد الناصروعائلاتهم خير دليل على ذلك حتى الآن، فى مدينة الإسكندرية المسافة بين كل من سموحة وشارع فؤاد وهى الأحياء، التى تقع بها المدارس الخاصة التى يملكها أشقاء عبد الناصر حتى وقتنا هذا (الليثى وشوقى).
وإن ما يثير الدهشة حقاً هو اقتراح قدمه السيد هيكل على شكل تحليل سياسي، يرى فيه أن حل مشكلة فلسطين يكمن في دولة فيدرالية تجمع العراق والأردن، مع التلميح وفه رؤيته أن للهاشميين أطماع في حكم العراق من جديد ! ، وفي لحقيقة لست أرى تفسيراً لهذا الطرح سوى محاولة إشعال فتيل الفتنة بين الأردن والعراق ، وخصوصاً بأن كتابه قد صدر في تسعينيات القرن الماضي، أي خلال حكم الزعيم العراقي السابق صدام حسين، وخلال فترة صاخبة ومتورترة سياسياً وعسكرياً.
وعليه فإن النظم الديكتاتورية ليست نظما وطنية على الإطلاق، كما أن النظام الدكتاتورى لا يخرج مبدعاً واحداً، فالإبداع خصم الدكتاتورية وفى كل عصور الانحطاط التى مرت بها البشرية شهد الإنسان ألواناً من التعذيب والاضطهاد لأسباب دينية أو سياسية أو اجتماعية أو فكرية، ولكنه لم يشهد أبداً تعذيباً بدون سبب ، فقد كانت الجريمة لا تستهدف فقط من هم خلف الجدران لكنه كرامة الإنسان فى مصر.

المحامي محمد ابداح
المصادر :
1- أزمة العرب ومستقبلهم ، محمد حسنين هيكل، ص 12-28، دار الشرق، القاهرة 1996م.
2- تاريخ الدولة العليّة العثمانية، محمد فريد بك المحامي، تحقيق: الدكتور إحسان حقي، دار النفائس، ط1/ 1427 هـ - 2006 م
3- جيش محمد علي باشا وتأسيس الدولة المصرية الحديثة، د. خالد فهمي، ص132، إصدار جامعة كامبردج 1997م.



#محمد_ابداح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قحطاني وأفتخر
- القومية العربية
- فقه النسب في الفكر العربي
- فقه الأسماء في الفكر والثقافة العربية
- إذا مت ظمآنا فلا نزل المطر
- الدم والهدم !
- ينقصُ الرطبُ إذا يبسْ !
- أزمة الخطاب السياسي العربي
- حظائر داعش
- قصيدة أتعبني الوقت
- الملابس الْمُستعارة لا تُدْفئ
- أعلم ولا أدري !
- العقل العربي
- الخلافة الراشدة
- فقه النزاعات الطائفية العربية
- الحدود العربية جغرافية أم فكرية !
- أنتِ فايروس !
- أخبروني حين أحببتكِ
- أرجوحة القمر
- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والحقوق المبتورة/ الجزء الرابع


المزيد.....




- هل كان بحوزة الرجل الذي دخل إلى قنصلية إيران في فرنسا متفجرا ...
- إسرائيل تعلن دخول 276 شاحنة مساعدات إلى غزة الجمعة
- شاهد اللحظات الأولى بعد دخول رجل يحمل قنبلة الى قنصلية إيران ...
- قراصنة -أنونيموس- يعلنون اختراقهم قاعدة بيانات للجيش الإسرائ ...
- كيف أدّت حادثة طعن أسقف في كنيسة أشورية في سيدني إلى تصاعد ا ...
- هل يزعم الغرب أن الصين تنتج فائضا عن حاجتها بينما يشكو عماله ...
- الأزمة الإيرانية لا يجب أن تنسينا كارثة غزة – الغارديان
- مقتل 8 أشخاص وإصابة آخرين إثر هجوم صاروخي على منطقة دنيبرو ب ...
- مشاهد رائعة لثوران بركان في إيسلندا على خلفية ظاهرة الشفق ال ...
- روسيا تتوعد بالرد في حال مصادرة الغرب لأصولها المجمدة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد ابداح - فقه التنوير