كامل الغزي
الحوار المتمدن-العدد: 4604 - 2014 / 10 / 15 - 03:01
المحور:
الادب والفن
اكثر ما يقلقني ،هو احد اجدادي الموغل بالقدم ، الذي مايزال يشاطرني المنزل ، في الصباح ، يتناول فطوره بشراهة ، ويصفف صلعته العريضة ، ببقايا دهون يجدها فوق رفوف المطبخ ، ثم يخرج ليرجمه الصغار بجرعات مركزة من الحجارة ، فيعود معاقرا قيلولته التي يهش بها غضبه الشاسع ، وقبل ان يعود لسريره الصلب ليلا ، يلج غرفتي ، باحثا في خزانة ملابسنا القديمة عن حلم يغلق به يومه ، دون ان يكترث لوجود زوجتي المسكونه بالملل ، وهي تدعك وجهه بنصف ليمونة صفراء ، كانت تنظف فيها بشرتها من اصباغ المكياج ، لتبني فيه سياجا من الألام ، فيتراجع مهرولا لفناء المطبخ الملتهب بروائح المسموطة والبصل الأخضر مهددا بأحراق المنزل ، وعندما نتضايق من عفونة اعوامه البالية ، نقوم برش قنينة عطور فاخرة على جلبابه الوحيد ، خوفا ان يفتضح امرنا امام الجيران ، ويتهمونا بحيازة اشياء ممنوعة ، وحين نيأس من اقناعه بالأنصراف ، نشكو امرنا لله تعالى ، الذي يأتي حالا ، على رأس مفرزة مدججة بالحبال والمطارق الحديدية والعصي المكهربة ، وسيارات النجدة ، والكلاب البوليسية ، ليقبضوا روحه النزقة ، فيطلبون منا اخلاء المنزل ، واطفاء قنينة الغاز ، فنتنحى على بعد امتار قليلة من المنزل ، لنستطيع ان نسمع الصفعات واصطكاك اواني الفافون واصوات المطارق ، وصياح الملائكة :- اخرج ، اخرج ايها الأعور لكن دون جدوى ، اذ يأبى الذهاب الى مثواه الأخير في مدافن المدينة ، فتبوء جميع محاولاتنا بالفشل الذريع ، اذ يخرج لنا مبتسما ، من غرفة الخطار ، ويطلب من ابنتي الصغيرة قرص اسبرين ونصف قدح من الماء البارد ، وصحن من حلوى التمر المحشى باللوز ، ويجلس بخيلاء ، امام تلفزيون الصالة ، ليستمع لبعض اغاني اليسا و ناسي عجرم ، والحلقة الأخيرة من برنامج عرب ايدن ، مستنشقا دخان غليونه بنشوة ، تاركا ضجرنا وراء ظهره .
#كامل_الغزي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟