كوبانى وحزب العمال الكردستانى pkk--

رياض حسن محرم

الحوار المتمدن-العدد: 4603 - 2014 / 10 / 14 - 22:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

عاد حزب العمال الكردستانى الى الواجهة مرّة أخرى بعد سنوات من التهدئة مع نظام اردوغان وحزبه ذو التوجه الإسلامى الأصولى "العدالة والتنمية"، وهذا الحزب تم إنشاؤه فى سبعينات القرن الماضى يرئاسة "عبد الله أوجلان" كتنظيم مسلح يتبنى النهج الماركسى اللينينى ويسعى الى إقامة دولة كردية مستقلة تضم المناطق الكردية فى تركيا والعراق وايران وسوريا، ويحظى الحزب بشعبية واسعة فى أوساط الأكراد الترك وخاصة فى إقليم ديار بكر ذو الاغلبية الكردية وله علاقات واسعة مع الحزب الديموقراطى الكردستانى بزعامة مسعود برزانى فى العراق، وقد خاض حزب العمال الكردستانى سلسلة من المعارك المسلحة الدامية مع النظام التركى فى ثمانينات وتسعينات القرن الماضى متخذا من المناطق الكردية فى شمال العراق ملاذا له، وقد عقد صدام حسين اتفاقية مع الحكومة التركية تسمح للجيش التركى بالتوغل فى الشريط الحدودى بين تركيا والعراق لمطاردة نشطاء الحزب ومسلحيه.
بعد لجوء عبد الله اوجلان وقيادة حزبه الى شمال سوريا واتخاذها منطلقا لشن هجماته ومنح نظام البعث السورى حق اللجوء السياسى له، حشدت تركيا جيشها على الحدود مع سوريا عام 1999ووجهت إنذارا الى حافظ الأسد بضرورة تسليم اوجلان اليها فقرر طرده الى نيروبى بالاتفاق مع المخابرات التركية التى استطاعت القبض عليه وترحيله الى تركيا حيث حكم عليه بالإعدام، وبعد توجيهه نداءا الى انصاره بوقف القتال تم تخفيف الحكم عليه الى السجن المؤبد وتولى رئاسة الحزب شقيقه "عثمان أوجلان" الذى انشق عن الحزب لاحقا وأنشا "حزب الوطنيين الديموقراطيين الاكراد" ذو التوجه القومى والموالى للنظام التركى، وعاد الصراع المسلح بين الحزب والنظام التركى فى 2004 واستمر حتى تقرر وقف اطلاق النار مع حزب العدالة والتنمية بقيادة اوردغان بعد وصوله للسلطة وذلك فى 2012، وبالرغم من إدراج حزب العمال الكردستانى على قوائم التنظيمات الارهابية فى تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبى الاّ انه إستطاع الإنتشار بين اكراد تركيا وفى معظم المدن الاوروبية بسبب فكره الأيديولوجى اليسارى الجاذب للشباب وتبنيه للكفاح المسلح.
تبنت الحكومات التركية المتعافبة سياسة شديدة الوطأة على الكرد من منع التحدث باللغة الكردية او تسمية اولادهم باسماء كردية وسماع الموسيقى الكردية وجميع مظاهر الحياة التى تنتمى للثقافة الكردية، وسعى حزب العدالة والتنمية الى تكوين منظمة كردية يمينية لمواجهة حزب العمال اليسارى هو "حزب الله التركى" الذى يتولى عمليات التصفية والإغتيال لنشطاء حزب العمال، بعد ان استطاع حزب الله ان يجمع العشرات من الجمعيات الخيرية والصوفية تحت لوائه بمسمى " منتدى محبى رسول الله" ونجاحه فى تشكيل حزب رسمى هو "حزب الدعوة الحرة" الذى خاض به الإنتخابات العامة وحصل على نسبة لا باس بها من الأصوات الكردية.
فى سوريا يهيمن على المنطقة ذات الغالبية الكردية (من عفرين فى الغرب الى القامشلى فى الشرق وكوبانى والجزيرة بينهما) المتاخمة للحدود التركية " حزب الإتحاد الديموقراطى الكردى" وهوحليف لحزب العمال الكردستانى ومقّرب من بشار الأسد والنظام السورى ومعادى للمعارضة السورية التى يعتبرها عميلة لأنقرة ويخوض الحرب ضد التنظيمات التكفييرية وعلى راسها داعش والنصرة، ويشبه هذا التحالف المشبوه مع الأسد ماتم من تحالف منظمة "مجاهدى خلق"الإيرانية مع نظام صدام حسين الديكتاتورى فى العراق.
أعاد حصار داعش لقرية "عين العرب" المعروفة كرديا بكوبانى خلط الأوراق مرة أخرى ودفع بحزب العمال الكردستانى الى الصدارة فى النضال حتى لا تسقط كوبانى ودخل فى مواجهات شوارع مع نظام اردوغان فى تركيا لتقاعسه فى الدفاع عنها متهما أردوغان بالتواطؤ مع داعش وأن له مطامع فى الأراضى السورية، ودفع الحزب بخيرة مقاتليه رجالا ونساءا لقتال داعش من خلال " وحدات حماية الشعب الكردى" وذلك للحيلولة دون سقوط كوبانى وباقى الفرى والمدن ذات الأغلبية الكردية فى سوريا فى ايدى داعش، وجاء تصريح عبد الله اوجلان من محبسه بأن مباحثات السلام مع الحكومة التركية ستنهار فى حال سقوط كوبانى ودعا الى الزحف المقدس للأكراد دفاعا عن المدينة، بينما يقف اردوغان حائلا امام التحاق أعضاء حزب العمال برفاقهم المدافعين عن كوبانى خوفا من تعظيم حلمهم باقامة دولتهم المستقلة ولكى لا يصب ذلك فى طاحونة النظام السورى الذى لا يخفى اردوغان حرصه على إسقاطه ويسعى للضغط على حزب العمال لمقاتلة النظام السورى كما أنه يخشى ايضا من تمركز تنظيم الدولة على حدود تركيا وتهديده لها، ولا يريد تمكين الحزب المحظور أوروبيا وأمريكيا من تبييض وجه فى حال مشاركته فى الصراع ضد داعش التى يشكل هذا الغرب حلفا لمحاربتها ويشن غارات جوية ضدها فى أطراف كوبانى.

#رياض_حسن_محرم (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل