|
نبش ألقبور ..
قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 4601 - 2014 / 10 / 12 - 14:03
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
نبش ألقبور .. لقد كانت مهنة نبش القبور ، مهنة اللصوص ذات زمان بحثا عن كنوز دفنها أهل الفقيد معه ( من منطلقات دينية ) أو بغرض المتاجرة بالجثث. ثم أصبحت ذات لحظة زمانية أخرى ، مهنة الاركيولوجيين ، الذين حاولوا دراسة التاريخ البشري بحضارته وثقافته القديمة . وأخبرنا بعض مؤرخينا القدماء بأن العباسيين ، وعلى سبيل المثال ، نبشوا قبور خصومهم الأمويين بهدف الإنتقام منهم ومن جرائمهم بحق الهاشميين . مما يجعل نبشهم للقبور يحمل طابعا سياسيا أيديولوجيا . علما بأن للقبور قدسية ، وفي هذه النقطة بالذات تتفق كل الديانات ، وخاصة الإسلامية ، المسيحية واليهودية والتي تُحرم نبش القبور . لكن ، وخروجا عن سياق مقالتنا هذه ، تقوم داعش بهدم القبور وتسويتها بالأرض ، بل وبنبش بعض القبور !! والتنقيب في المدافن والقبور يحمل أحيانا طابعا أيديولوجيا صرفا ، يهدف لإثبات وجهة نظر أو نفيها . وهذا من "توابع " البحث الأركيولوجي . فعدا عن الأهداف الإركيولوجية الإبستيمولوجية (ألمعرفية ) ، هل يُقدم النبش ، التنقيب والبحث ،شيئا عمليا لخدمة الحاضر الإنساني ؟؟ لا أرى نفسي مُخولا أو مؤهلا للإجابة على هذا السؤال ، لكنني أعتقد وأظن بأن الحافز للمعرفة وحب الإستطلاع ، هي التي قادت البشرية للبحث والتنقيب عن حلول للمستجدات والتحديات التي واجهتها في مسيرة تحضرها . فالمعرفة لذاتها أمر محمود بحد ذاته ، وفي هذا كفاية . لكن هدفي من هذه المقالة هو الحديث عن نبش مقابر تراثية ، أو للدقة نبش مقبرة الكتب الصفراء وإستخراج الشواهد منها ، ومن ثم إسقاطها على حياة وسلوك إنسان القرن الحادي والعشرين ، رغما عن إنفه.!! وتحتدم معركة نبش قبور "الكُتب الصفراء " على هذا الموقع ، كغيره من المواقع والفضائيات . لكن يتميز هذا النبش ، عن غيره ، بهدفه الواضح والصريح والمُعلن على رؤوس الأشهاد . وهذا الهدف هو إثبات دونية ، صفاقة وإجرام كل من يؤمن بدين هذه الكتب . وميزة أُخرى لهذا النبش ، هي إيمان "ألنابش " الذي يختلف مع أيمان أصحاب الكُتب المنبوشة . أما ، النابشون على إختلاف مُعتقداتهم ، فهم يتفقون مع بعضهم في فكرة واحدة ، ألا وهي بأن نتائج نبشهم هي التعبير الأمثل عن إيمان " المنبوشين " !! فلو قال أحد "المنبوشين " مثلا ، بأن ما أورده "النابش " لا يُمثله . يتصدى له "النابش " بالقول هذا هو معتقدك ، إيمانك ودينك ولا شيء غيره !! وهم بهذا لا يُدركون بأنهم "يُغلقون " باب قراءة ، تنقيح ، تصحيح ، غربلة بل وحتى حتلنة الخطاب الديني ، ليكون صالحا لهذا العصر ولإنسان هذا العصر . ويُغلقون هذا الباب على أنفسهم أيضا ، من حيث لا يدرون . لا أُريدُ أن يُفهم من كلماتي هذه ، بأنني ضد دراسة النصوص القديمة ، بل وإبراز القبيح فيها . لكن أن يقتصر النبش على القبيح ، وأن يتم تجاهل القيم التي تحترم التعددية وحرية المُعتقد . فهذا نبش وليس بحثا علميا وقراءة موضوعية للنصوص . كما وأن "النابشين " ولإثبات "وجهة نظرهم " ، فإنهم يتبنون القراءة أو النُسخة الأشد ظلامية في مقبرة الكتب الصفراء ، ويعملون جاهدين على إبرازها ووضعها في الواجهة ، وبهذا فهم يتقاطعون مع مُتطرفي مُخالفيهم ، في فهم النصوص . بل وأجرؤ على القول ، بأنهم "يفرحون " لصدق "نبوئتهم " وقراءتهم . لا ينجو من هذه المُحاولات "النابشة " في المقبرة الصفراوية أحد . لكن أهداف النبش هي التي "تُضفي " مصداقية على نتائج وإستنتاجات "النبش " . فالهُجوم "العلمي " النبشي على أُخوة في الهم والوطن ، تحت رداء موضوعية " تصفية حسابات تاريخية "، لا يُقدم للوطن واهله من المقهورين والمسحوقين ، سوى المزيد من التشاحن الطائفي وتمزيق النسيج الإجتماعي . ولا أُريد الدخول في المُكايدة "الطفولية " ، "أبي أفضل من أبيك " . ولا في "أنتَ الذي بدأ " والبادي أظلم ، فهي لا تُقدم ولا تؤخر . ليؤمن من شاء بما يشاء ، بشرط واحد ، ألا يفرض علي قناعاته ومُعتقداته وأن يحترم الأخر بمعتقداته وقناعاته أيضا . وهذه هي بداية الطريق للدولة المدنية القائمة على اساس المساواة في المواطنة . لذا ،إنبشوا لتعلموا ، تتعلموا وتصححوا ، ولا تنبشوا للمُكايدة والنكاية .....!!
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ملالا تهزم ألملالي
-
دفاعا عن -الغريزة- ..!!تداعيات على مقال الزميلة روان يونس .
-
ألعلاج التصحيحي الإبدالي للمثلية ..!!
-
ببساطة ، كوباني لن تسقط ..!!
-
فاطمة ، الهولوكوست والخروف ..!!
-
من ألشمال تأتي - ألمصائب - ..!!
-
باتشا بازي وباتشا بوش ..
-
ليس دفاعا عن عميرة هس ..!!
-
أنسنة الإله أم حرب على الله ورسوله ؟!
-
نتانياهو والعالم ..
-
صدام الأعياد .
-
أوسلو ورصاصة ألرحمة .
-
بُقع ضوء داعشية...!!
-
الأكثر قراءة..!!
-
الإله الأعرج ..!!
-
-خلّي هالباب يلقى من الكلاب -..!!
-
ألعبيد حين يملكون ..!!
-
من أجل خاطر عيونكم ..؟؟!!
-
المسلم كيّس فَطن أم كيس قطن ؟؟!!
-
إنما ألمسلمون وغير ألمسلمين أُخوة ..في ألوطن .
المزيد.....
-
في السعودية.. مصور يوثق طيران طيور الفلامنجو -بشكلٍ منظم- في
...
-
عدد من غادر رفح بـ48 ساعة استجابة لأمر الإخلاء الإسرائيلي وأ
...
-
كفى لا أريد سماع المزيد!. القاضي يمنع دانيالز من مواصلة سرد
...
-
الرئيس الصيني يصل إلى بلغراد ثاني محطة له ضمن جولته الأوروبي
...
-
طائرة شحن تهبط اضطرارياً بمطار إسطنبول بعد تعطل جهاز الهبوط
...
-
المواصي..-مخيم دون خيام- يعيش فيه النازحون في ظروف قاسية
-
-إجراء احترازي-.. الجمهوريون بمجلس النواب الأمريكي يحضرون عق
...
-
بكين: الصين وروسيا تواصلان تعزيز التعددية القطبية
-
إعلام عبري: اجتياح -فيلادلفيا- دمر مفاوضات تركيب أجهزة الاست
...
-
مركبة -ستارلاينر- الفضائية تعكس مشاكل إدارية تعاني منها شركة
...
المزيد.....
-
فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال
...
/ إدريس ولد القابلة
-
المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب
...
/ حسام الدين فياض
-
القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا
...
/ حسام الدين فياض
-
فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
يوميات على هامش الحلم
/ عماد زولي
-
نقض هيجل
/ هيبت بافي حلبجة
-
العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال
...
/ بلال عوض سلامة
-
المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس
...
/ حبطيش وعلي
-
الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل
...
/ سعيد العليمى
-
أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم
...
/ سعيد زيوش
المزيد.....
|