أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - نظرية قيمة المعرفة عند الدكتور علي الوردي















المزيد.....

نظرية قيمة المعرفة عند الدكتور علي الوردي


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4592 - 2014 / 10 / 3 - 01:13
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إن نظرة الدكتور على الوردي لقيمة العقل تتراوح بين التمجيد للعقل المجرد كقيمة ذاتية تنبع من كونه الحاكم المطلق على التصديقات والتقريرات السلوكية ومن خلال كونه معيار خالي من الإنحياز والتحيز,وبين موقف أحر أستهان به بالعقل الأجتماعي الديني كصورة يتحسسها من خلال المعايشة والدراسة والتحليل فيسخر من هذا العقل واصفا إياه بالغالب من نتاجه المعرفي بالمهزلة.
لم يترك الدكتور الوردي خطوط فاصلة بين النظام العقلي المنتج وبين العقل كقيمة مجرده فهو ينسب الوصف لكليهما على أنهم واحد,وهذا ما طبع الشائع من أفكاره ورؤاه الخاصة,لذا نجد أحيانا يحوي الكثير من التناقضات كأحكام عامة في ما نسبها للشخصية العراقية وخاصة في صورتها المثلى النخبوية الدينية والفكرية .
النقد الرئيسي الذي بنى عليه فكرته عن العقل تتمحور حول نقص في قدرة النظام العقلي في التعامل مع ما بين يديه من ظواهر سلوكية, هذا النقص يسبب خلل في النتائج دون ن يعني أن العقل كذات موصوفه غير قادر بالتكوين والتكييف عن فهم وتفسير الظاهرة وكيفية تعقلها, في حين أن مجرد تحول الفكرة من تجريدها العم وتحويلها سلوك وممارسة ينفي عن العقل مظهر وصفة النقص.
أي أن العقل العراقي تعامل مع الواقع واستجاب لنتائج هذا التعامل وما بني عليه فهو مارس التعقل بصورة فعلية ,أي أن العقل لم يكن متكاسل ولا يشوبه عيب وإنما النقص كان في نظام التعقل أي بالأدوات والأدوات هي موضوع خارج العقل تؤثر على مساره ولكن لا تؤثر أصلا عن وجوده أو عدم وجوده, المشكلة في كيفية التفاعل لا بالفاعل, الفاعل موجود ولكن النقص في حاجة الفاعل لمنهج وطريقة تقديم وطريقة اعداد وما يتمخض منهما ,وهذا ليس ذنب العقل, والدليل أن الوردي كعقل عراقي تجاوز هذا النقص من خلال توفر الوسائل الجيدة والصحيحة.
في دراسة العقل هناك شاخصتان مهمتان في بيان كونية العقل تتعلقن أولا بمعنى العقل ونتيجته التعقل ,الأولى الشاخصة الديكارتيه التي تجعل من العقل هبة عادلة فطرية أسية فهو يرى اعتبار العقل ذو طبيعة فطرية، فكل الناس يولدون و هم مزودون بهذه الملكة و لهذا يعتبر ديكارت أن العقل هو أعدل قيمة بين الناس جميعا، وإنهم يتساوون فيه بالفطرة و لكن يختلفون في طريقة استخدامه, وأن التعقل ما هو إلا الوظيفة الأساسية للعقل التي تتمحور في إنتاج المعرفة من خلال ممارسة التأمل العقلي بل أكثر من ذلك بل يعتبره المصدر الوحيد للمعرفة الحقة أما الحواس فلا دور لها في عملية المعرفة لأنها خداعة، ضد هذا التصور العقلاني الذي يجعل المعرفة من إنتاج العقل.
في المدرسة المقابلة التي تتخذ من الحواس المبد الأول في وجود التعقل والتي تعطي قيمة أكبر وأهم للحواس وأنه لا وجود لشيء اسمه العقل بمعزل عن الحواس أو التجربة الحسية، فكل معارفنا تبتدئ بالحواس، بما في ذلك ما اعتبره ديكارت مبادئ فطرية و على هذا الأساس يصبح العقل متغيرا من شخص لآخر على اعتبار أن تجاربه تختلف الشيء الذي ينتج عنه إمكانية تغير العقل من مجتمع لآخر و من مرحلة تاريخية أخرى ،هذا موقف التجريبيون من لوك إلى دافيد هيوم, وهو يمثل الوجه الصارخ للحسية مقابل عقلية ومثالية ديكارت.
الكانطية وحدها كمدرسة حاولت التوفيق واتخاذ المنهج الوسطي بينهما لتنحاز في النهاية إلى ما يسمى العقل المتحسس الذي يرتبط بفعله ونظامه بسلسة معقدة من العلاقات التشاركية البينية والتي تربط أيضا بين العقل كموضوع وبين التعقل كنظام مفرقا بين العقل النظري التأملي وبين العقل العملي التجريبي ,على أن الفارق يتعلق بالماهية الشكلية المضمونية التي يتعامل معها كل عقل وبموضوع مخصص لكل منهما.
العقل الذي أنتقده الدكتور الوردي هو العقل الحسي العملي مؤمنا بمقولات التجريبين ,فهو ينتقد لعقل بمفهومه الحسي , لكنه في الجانب الأخر يجعل العلة في التأمل في العقل الديكارتي ,أي أنه ينتقد موضوع محدد عازي السبب إلى نقيضه وهذا أيضا من المأخذ النقدية الشديدة التي صوبت سهامها للفكر الوردي متجاوز في دراسته للمجتمع العراقي والعقل العراقي التجربة الغربية التي أمن بها وبشر بصلاحيتها كحل وكمنهج.
فهو مثلا تجاوز في دراسة أشكالية تعامل العقل مع ظاهرة التدين وفهم الدين وما نشأ عن تبلور الحداثة الغربية وكيفية سيرورتها التأريخية, الحداثة الأوروبية ليست كينونة ذات جوهر معزول عن سياق التاريخ بإحداثيات الزمان والمكان ولكن هي نتاج صيرورة تاريخية ذات واقع مادي أولا تمتد بجذورها إلى استحقاق واستجابة لنتاج تطور ممتد عبر قرن أو أكثر من حركة بملامح التقنية والتصنيعية ، ولذا لا يمكن فهم مشروع الحداثة الغربية إلا باستحضاره عبر جدله وتطوره منذ تأسيسه الفلسفي مع ديكارت، وتقعيده وربطه بمفهوم سياسي اجتماعي مع مونتيسكيو وروسو (مفهوم فصل السلطات ،والعقد الاجتماعي) مرورا بلحظة المراجعة النقدية لأداته المعرفية (العقل) مع كانط، وانتهاء بالثورة عليه مع فلسفة ما بعد الحداثة لدى نيتشه وفرويد وهيدغر.
إذن الدكتور الوردي في نقده للمحافظة والتخلف يرجع في الأسباب للعقل الحسي قاطعا الصلة بالواقع ونتائجه ومؤدياته وأسبابه ,مركزا على علة العقل أو ما يسميها مهزلة العقل ,هذه المهزلة في رأي الفلاسفة والاجتماعيين ليست نتاج تقصير العقل بل هي نتاج الواقع التي يتعامل معه العقل , هي موضوع أخر منفصل عن العقل وإن كان متصلا بنتائج النظام العقلي.
العلة في نظر الدارس للظاهرة الأجتماعية للعقل تعود في أسباب تخلف النتاج المتعقل إلى السيطرة القهرية على الإنسان من واقع بدأ في أساسه مغلوطا نتيجة تخلف الرؤية أو تخلف في قراءتها ,حينما يوظف هذ الواقع وتسلطه في السيطرة على الإنسـان من خـلال تبرير عـلاقات الاستغـلال القائمة وبصفة عامة حينما يتحول من تقنية فهم تحاول السيطرة على الطبيعة إلى تقنية للسيطرة على الإنسان ذاته ,أي حينما يتحول الغاية إلى وسيلة.
بهذا يفقد العقل وجهه الإنساني ولهذا يتخذ كانط موقفا نقديا تجاه هذا الوجه السلبي لاستخدام العقل، فالعقل في نظره يمثل رمزا مشتركا ذا أوجه متعددة لحرية الإنسان ومسؤوليته و من ثمة فهو يتنافى مع الوصاية ويرفض التبعية بكل مبرراتها وأشكالها معتمدا على منح العقل حدود تتسق مع الحرية ولا تخرقها خارج اطارها العام.
و لتجاوز ذلك يدعو كانط جميع الناس إلى استخدام عقولهم على قدم المساواة بأعتباره حق وجودي لا يمكن التفريط به أي على الفرد ان يفعل العقل بتفعيل نظامه من خلال الحرية كما هو المطلوب من المجتمع من خلال العقل الجمعي، عادا أن السبب الذي يشرعن ويبسط التخلف والاستلاب يرجع إلى ظاهرة السيطرة والتسلط فطالما انفردت فئة من الناس باستخدام العقل نيابة عن الآخرين فإن ذلك يولد الوصاية و التبعية التـي تعنـي الخضوع لمشيئة الغيـر في حين أن العقـل في بعده الإنساني استقـلال و مسؤولية و كرامة.
هذه الإشكالية عينها التي توصل لها د علي في أبحاثه أي أرجع الظاهرة إلى مبدأ التسلط والتفكير والتعقل نيابة عن الأخر , هذه النتيجة تؤكد ما ذهبنا له أن العيب ليس في العقل العراقي بل تعود إلى ظاهرة التسلط والإستلاب التي تخذل النظام العقلي وتجعله قاصرا في أداء عمله وليس قصرا في مكونات العقل و في شكليته وتكوينه.
يطرح البعض إشكالية التخلف وعدم القدرة على الفعل الإيجابي على مجمل التعقل الشرقي ومنه العقل العراقي لعلية العجز الذاتي المزمن المرتبط بالعجز الجمعي وعدم القدرة على الفعل في مقابل ضخامة الفعل والوعي والإدراك الجبار للمقولة الغربية , المقولة التي تركز على الحرية وصراع الأنا مع الأخر الذي يقود عملية استكشاف وانتقال من عالم المجهولية إلى عالم المعلومية , أي الصراع الذي يقود لمزيد من صناعة المعرفة, عكس مفهوم السلفية الروحية الكهنوتية القائم على تحييد العقل من اكتشاف أكثر من المقولة السابقة أو من خارجها, والمتواترة لديه حتى لو كان لا يؤمن بها كليا أو جزئيا ,ولأنه أحاطها بقدسية لا يتصور أنه قادر على تجاوزها و التعدي على استحقاقاتها.
أن العقل العربي عموما والعراقي خصوصا عليه أن يعيد النظر في تصوراته و مفاهيمه و مناهجه حينما تحدث أزمة معرفية أو أشكالية تاريخية تتعلق بالمعرفة وبالوجود العام ليحاول تجاوزها من خلال إيجاد حلول جديدة ومن خلال الفلسفة تحديدا لأن الإشكالية في جوهرها هي إشكالية سؤال وجواب, وأظن أن إلقاء الكلام المنمق لا يحل الإشكالية ولا يساهم بدفع عملية الارتقاء والمشاركة في الفعل الكوني ولا بد من تفعيل العقل وتنمية المقدرات لديه ليتجاوز مسألة الوصف العام والملاحظة إلى نظام التحليل والفرز والنقد والابتكار بقواعد منهجية لا تفصل الظاهرة عن واقعها ولا أن تحيلها دوما لأسباب خارج موضوعها الأساسي وهي ثلاثية الفكر والمجتمع والصراع.
وهنا مثلا نجد المنظرون الاجتماعيون ودراس السياسة الأجتماعية عندما يتناولون المشكل الحضاري والاجتماعي يتناولونه من خلال نقد العقل لوحده, أي أنهم يطرحون الجدلية وفق النمط التالي((ان تشخيص حالة التناقض والتيه التي يعيشها الفكر الفلسفي العربي، يفتح بصيرة الفرد على حقيقة وضعيته التي يعيش فيها غافلاً غائمًا عن قضايا اللغة والتاريخ والوجود بفعل تراجعه وانكفائه داخل ذاته هروبًا، ومتهمًا بمغادرة أرض الكينونة وانتباذ منزلة بين المنزلتين في أكبر عملية استقالة فكرية فلا هو في منطقة التطلع نحو المنشود، ولا هو في وضعية التمسك بالموجود كيف نبدأ, هل نبدأ بتدوين صدمة الحضارة بمفهومها الجديد ؟)) إن تحميل الفلسفة العربية حالة العجز ليس وصفا حقيقيا دون أن نعلم ونتيقن من أسباب ذلك ونحلل بروح حيادية تلك الظاهرة ونربط العلات بالمعلولات والنتائج بالأسباب.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكاية العيد مع العبد الأبق سعيد
- هل ينبغي التسليم بالعولمة كحقيقة وجودية ج1
- الخيار الصعب في نقد الذاكرة
- هل كان العراقيون القدماء وثنيون ؟.
- الأنا والأخر ونحن في عولمة الوجود
- التكامل بين الأنا والآخر في سياق ومفهوم فلسفة العولمة
- إشكالية البحث عن الهوية في ظل عالم عولمة متعدد الهويات
- أنماط الأحلام وتنوع الصور الحلمية
- الفعل البيويلوجي أثناء التحلم أو الحلم
- الحلم في دائرة الفهم العلمي
- علاقة الأحلام بالعقل ونظامه التشغيلي
- الحلم ومحدد الزمن
- الأحلام صور عقلية منتجة
- إشكالية الحداثة في تجسيدها للواقع الما بعدي
- أزمة الفهم الديني وإشكاليات القراءة ح1
- أزمة الفهم الديني وإشكاليات القراءة ح2
- الولادة الفكرية وأزمة التكوين ح2
- الولادة الفكرية وأزمة التكوين ح1
- الحداثة وفلسفة تجديد الحياة ح1
- الحداثة وفلسفة تجديد الحياة ح2


المزيد.....




- صحفي إيراني يتحدث لـCNN عن كيفية تغطية وسائل الإعلام الإيران ...
- إصابة ياباني في هجوم انتحاري جنوب باكستان
- كييف تعلن إسقاط قاذفة استراتيجية روسية بعيدة المدى وموسكو ت ...
- دعوات لوقف التصعيد عقب انفجارات في إيران نُسبت لإسرائيل
- أنقرة تحذر من -صراع دائم- بدأ باستهداف القنصلية الإيرانية في ...
- لافروف: أبلغنا إسرائيل عبر القنوات الدبلوماسية بعدم رغبة إير ...
- -الرجل يهلوس-.. وزراء إسرائيليون ينتقدون تصريحات بن غفير بشأ ...
- سوريا تدين الفيتو الأمريكي بشأن فلسطين: وصمة عار أخرى
- خبير ألماني: زيلينسكي دمر أوكرانيا وقضى على جيل كامل من الرج ...
- زلزال يضرب غرب تركيا


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - نظرية قيمة المعرفة عند الدكتور علي الوردي