أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - أنماط الأحلام وتنوع الصور الحلمية















المزيد.....

أنماط الأحلام وتنوع الصور الحلمية


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4589 - 2014 / 9 / 30 - 10:24
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


من المؤكد أن الحلم نشاط إنساني لا إرادي بامتياز وقد لا يتدخل به لإنسان في كافة تفاصيله إلا من خلال التعامل مع النتائج التي يرتبها هو عقلا ويعكسها بنوع من التصرف المعين, أما ما عدا ذلك فهو لا إرادي وقد يكون قهريا أحيانا, لكن في مقابل ذلك يمارس الإنسان نشاطا إراديا يصنع تفاصيله وكيفيته وحتى يتحكم أحيانا ببعض أشكاله هو ما يسمى بأحلام اليقظة أو ممارسة الاستحلام الواعي.
والحقيقة أن الأحلام بنوعيها الواعية واللا واعية من وجهة النظر النفسية العلمية المحضة هي إمداد حركي للعقل وتحفيز للكوامن العقلية المعطلة أو الناشطة ففي الحالين قد ينشط المعطلة ويحفزها من خلال اللا وعي ,أو يظهر المزيد من الفعل الناشط المدرب على فعل الحلم والاستحلام , وهي بذلك تكون من الظواهر الصحية الهامة لاحتفاظ العقل بلياقته أثناء النوم واليقظة وتكشف عن قدرة نامية ومتواصلة تفعله حتى لا يتكاسل حين نتركه خامل من غير نشاط محدد.
في مدرسة الطب النفسي يلاحظون أهمية الأحلام من خلال ارتباطها بالحياة النفسية للمرضى والأصحاء على حد سواء, ومن خلال ما تعنيه بالنسبة لهم الصحة النفسية حتى لو كانت مجرد أحلام غامضة .. وبالنسبة للأطباء النفسيين فإن الحلم يمثل "الباب الملكي" لقراءة وفهم كثير مما يدور داخل العقل الباطن .. في محاولة لإلقاء الضوء على بعض الجوانب النفسية للأحلام..
وقد كانت الموضوعات المتعلقة بظاهرة الأحلام ولا تزال محل اهتمام وبحث متزايد من جانب الأطباء والمحللين النفسيين ،واتجهت الأبحاث إلى إخضاع الأحلام إلى دراسات علمية ومعملية لكشف الكثير من الغموض الذي يحيط بتفسير كيفية وأسباب حدوث الأحلام أثناء النوم من جهة وممارسة التحلم الواعي أو ما يسمى بأحلام اليقظة، وفي بعض هذه التجارب تم متابعة أشخاص من المرضى والأصحاء أثناء النوم مع توصيل أقطاب ترصد نشاط العقل والجهاز العصبي خلال مراحل النوم على مدى ليلة كاملة أو أكثر.
وليست الأحلام بنوعيها ظاهرة مرضية على الإطلاق بل على العكس من ذلك فإنها من وجهة النظر النفسية والبحثية تعبير عن حالة من الصحة النفسية المتوازنة العاقلة والتي تفصح عادة عن نشاط عقلي متزايد بغض النظر عن المسببات أو الأشكال التي ينبسط العقل من خلالها في سرد رؤيته الخاصة وطريقة تعامله معها.
الحالات المرتبطة بالأحلام, أحلام اليقظة أو التحلم الواعي أو فعل الاستحلام, التحلم الإيجابي الواعي من خلال التسمية يتضح لنا أنها حالة تشبه الحلم في كيفية السرد الحلمي وخروجه أي العقل عن محددي الزمان والمكان وحتى المعقول الذاتي للفرد لكنها لا تحدث أثناء النوم, حيث أن الشخص ينفصل عن الواقع إلى حالة من التخيل تشبه الحلم وبنفس الأليات والمباعث التكوينية فقد يتصور نفسه وقد حقق الكثير من الإنجازات ،أو يتخيل أنه يتقمص أحد الشخصيات المرموقة .
ويعيش في هذا الجو منفصلاً عن الواقع والظروف المحيطة لفترات متفاوتة, ليحرر العقل من واقعه القمعي أو التعجيزي ليعيش في ظل واقع يصنعه هو ويتحكم في جزئية مهمة منه, والمشكلة هنا أن هذه الحالة وإن كنت أحيانا تمثل جانب إيجابي لتنشيط العقل لكنها في الغالب تعوق الشخص أو تحده عن أداء مسؤولياته حيث تضيع فيها طاقاته ووقته في الوقت الذي هو بحاجة إلى فعل إيجابي للمواجهة وليست حالة هروب عن الواقع وتحدث هذه الحالة بصفة متكررة عند الأفراد الذين يواجهون أو يستعدون أو يتعرضون إلى ضغوط الفشل والإحباط أو يستعدون لامتحان مصيري أو واقعين تحت خيبة أمل نتيجة لفشل ما أو عجز، وأكثر ما تتعرض له فئة الشباب من المراهقين أو الذين تحيط بهم ظروف قاهرة.
الحلم إجمالا سواء كان واعيا أو غير ذلك فهو سلوك ذو مظهر حسي عقلي المنشأ والتصرف ,والمعلوم أن في كل سلوك هناك دافع يرمي من خلاله إلى تخفيض التوترات التي تهدد الفرد بالإيقاظ ليواجه واقع أراد الهروب منه أو تجاوزه على أقل تقدير وأحيانا للتعويض عن قهرية أو أمنيات دفينة لا يجد لها حلا من خلال عدم القدرة على الأستجابة الفعلية من النظام العقلي.
والأشياء التي تظهر في أحلامنا منها ما هو تعبير عن رغبات مكبوتة لا نستطيع إنجازها أو إظهارها للآخرين في الواقع، أو بعض التطلعات والأمنيات التي ليس بمقدورنا الوصول إليها عملياً، فتكون الفرصة متاحة أثناء النوم أو عبر ممارسة التحلم بها بوعي للتنفيس عن هذه الأشياء وهى من محتويات العقل الباطن بما يحقق لنا الإشباع الذي نعجز عنه في الواقع أثناء اليقظة.
اي أن الحلم يهدف إلى صنع أو تصنع إتاحات ما العقل للتعويص ,عن طريق الفرص اللا واقعية له غايتها إشباع شهوات حسية أحلامية‏ غير واقعية بتأثير من الدوافع الملحة والتي يمكن أن توقظ النائم أو المتحلم ,وإن كانت هي دوافع ضاغطة ,أو وقد تكون قديمة ومن الممكن أن تكون شعورية باتجاهات سلبية أحيانا فالحلم حارس للنوم من الدوافع التي تعكر صفوة الزمن أو الحال عنده.
وعندما تكون الدوافع شعورية لا تتعارض مع الانا والمعايير الخاصة بالنظام العقلي الفردي الذاتي ,تكون تلبيتها عن طريق الاحلام السعيدة أو التي تنفس عن رغبة أو أمنية أو البحث عن دليل بشفافية تامة فتنعكس إيجابيا وتعبيريا رمزيا عنها أو تعويض عن حرمان واقع كالفتاة التي تعاني من عنوسة مثلا وتنتظر فارس الأحلام ,تكون سرديات الرؤية الحلمية نحو هذا المطلب أو تعبر عنه أو تعوض عن هذا الحرمان فترى نفسها عروس أو هناك شاب يطلبها أو انها ترى حالات لا شعورية تفصح عن مطلبها العقلي الكامن.
اذا كنا في احلامنا نستحضر الرموز أو تتبلور سرديات الحلم عن طريق سلسلة من الترميزات المعنوية, فان استحضارنا لها يتفق وطريقة التفكير وإنتاج المعرفة كل حسب نظامه العقلي وتطوره فهي عند الشاعر أو المفكر والفيلسوف تختلف تماما عند الانسان الأعتيادي أو البسيط وعند النساء تختلف عما هي عند الرجال ولأحلام الأطفال عالم يختلف عن ما يستحضره الكبار من رموز وإشارات وحتى صور محددة .
عند الإنسان البدائي مثلا هناك رمز الى قوى الطبيعة الخارقة المعنوية كالآلهة والسماء والغيب, عنده الاِله وما يشكل له من أشغالات عقلية متعلقة بصراعه للبقاء مع الوجود الما حولي هو المحور الأهم طالما لا يجد تفسير أو قوة تمنحه القدرة على الانتصار ,لذا فأن شخص الانسان القديم كان يستحضر في أحلامه قوى الطبيعة وكيفية التعامل معها أو الأستجابة لما في عقله من تصورات يصنعها هو نيابة عن الآلهة أو يفترض أنا تطلب ذلك منه.
نفس الرمزية في الحلم نستحضرها أثناء ممارستنا التحلم وكيفية توارد الصور في العقل وعن نفس الأسباب والمبررات, لكن في الحلم تأتي الرموز والإشارات دون إرادة ,في التحلم الفرد هو الذي يبدأ بصنع حكاية السرد ليترك للعقل الباطن أن يكمل المشهد مستجيبا لسلسلة من هذه الرموز والإشارات التي تنسال عليه دون أن تتحدد بالواقع ولنفس علات الحلم ومبررته.
فكما نرمز الى التسامي بالطيران أو التحليق يكون الرمز أيضا يمثل نوع من الهروب من القيود الضاغطة على الحرية أو أحيانا تمثل عدم الاستقرار أو التوازن أو حتى حالة القلق الذي ينتج عن عدم الثبات على خيار أو أمر له وجوه عدة, كذلك نرمز الى الموت والحياة والمرض والزراعة بأشخاص هم مرتبطون بصورة أو بأخرى برموز الحلم ,وما زلنا نحن نرى في الاستعارة والمجاز في تحديد معنى هذه الرموز كما في قصة البقرات السبع لعلاقة البقرة بالأرض والحرث والعيش عند الفلاحين.
السؤال المطروح لو أن شخصا ما ليس له علاقة بالرمز الذي أستحضره بالمنام يرى هذ الرمز وأخر في مكان له صلة وثيقة مع الرمز ,هل يمكن لنا أن نسند المعنى التأويلي أو الافتراضي له بنفس المستوى, كأن يرى شخص ما في الأسكيمو أنه يركب جمل وأخر في الصحراء بنفس المثل هل يمكن تبرير الباعث على أنه استجابة لنفس المحدد دون ربط الرمز بتغير واقعي وحقيقي فيه؟, الجواب أكيد أن لكل حال هناك قواعد تحدد الرمزية وتحيل إليها التبريرات المختلفة حسب ما يكون في نظام العقل الذاتي والذاكرة والمقدمات الفكرية من علاقة بصورة ما.
إن استحضار وصناعة الرمز لا تنحكم عموما بقانون المشابهة والتماثل بدون أسناد السرد الحلمي لقواعد العقل الذاتي وكيفية فهمها واقعا أو تعبيرها في المجال الحقيقي,



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفعل البيويلوجي أثناء التحلم أو الحلم
- الحلم في دائرة الفهم العلمي
- علاقة الأحلام بالعقل ونظامه التشغيلي
- الحلم ومحدد الزمن
- الأحلام صور عقلية منتجة
- إشكالية الحداثة في تجسيدها للواقع الما بعدي
- أزمة الفهم الديني وإشكاليات القراءة ح1
- أزمة الفهم الديني وإشكاليات القراءة ح2
- الولادة الفكرية وأزمة التكوين ح2
- الولادة الفكرية وأزمة التكوين ح1
- الحداثة وفلسفة تجديد الحياة ح1
- الحداثة وفلسفة تجديد الحياة ح2
- سلعو وشنه , قصة قصيرة
- التجديد الفكري واعادة قراءة الفهم الديني
- الكتب والصحف في النص القرآني
- مفهوم التناقض والتضاد
- الحاجة والضرورة اختلاف مفاهيم ودلالات
- النظام الأثري وقيمه
- التنظير و النقد الفكري
- مصطلح الأثرية


المزيد.....




- زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
- دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما ...
- الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
- شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
- اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا ...
- بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس ...
- إدارة بايدن تتخلى عن خطة حظر سجائر المنثول
- دعوة لمسيرة في باريس تطالب بإلإفراج مغني راب إيراني محكوم با ...
- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - أنماط الأحلام وتنوع الصور الحلمية