أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عباس علي العلي - التكامل بين الأنا والآخر في سياق ومفهوم فلسفة العولمة














المزيد.....

التكامل بين الأنا والآخر في سياق ومفهوم فلسفة العولمة


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4588 - 2014 / 9 / 29 - 21:58
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


من الخطأ تصوير هذا النسق التصوري والنمطية من التكامل بين الذات والأخر هو في الحقيقية صراع من أن أجل أن تتضاءل إحدى الذوات لمصلحة الأخرى وأن تكون أحدهما هي الفاعلة والأخرى هي المتلقية, قد يكون ما ذكرنا مجسدا عبر التاريخ وعبر الممارسة الواقعية وهذا لا ينكر ولكن السبب لا يعود الى القاعدة أعلاه ولكن يعود إلى نرجسية بعض من الأنا التي نمت وتغذت على حب الاستعلاء والتي لا يمكنها القبول بالأخر الند وهذه حقيقة فالصراع ليس بين الأنا السليمة والأنا السليمة الأخرى هو صراع الأنا المتضخمة التي تريد فرض قانونها على الأخر ولذلك كثيرا ما نرى أن هذه الأنا لا تدمر نفسها فقط عند انهيارها بل تجلب الدمار أيضا للأخر إنها النيرونية .
إذ أن الاعتراف المتبادل لا بد أن يكون مع الاقرار بالأخر هوية وذات وأنا وماهية لنعيد التوازن بين مكونات البعد الكوني للحياة وأن نجرد هذه الكونية من اشتراط المماثلة التطابقية في كل شيء, هذا الاشتراط وهم مبني على شبهة لا تتحقق إلا من خلال الإقرار بأن العالم الإنساني عالم ماهيته واحده وهو كقطيع من الأغنام وظائفه واحده ووجوده واحد لأن النظام الذاتي في الأنا لديه صيغ على نمطية التكرار في البنيان اللا متميز وجودي هو بالضرورة وجود مع الآخر الذي ينافسني على الإنسانية بصيغة تكامل وتصالح وليس في اطار الصراع الذي يستهدف وجود الأخر هذا الكوني الذي ترنو إليه فرديتي والذي يتمثل في معنى أن تكون محايدة وإلاّ يترك التواصل مكانه إلى الصراع.
هذا الصراع الذي نجده مثلا في تعريف لالاند للأنا التي يقول فيه((وعي فردي, بوصفه منشغلا بمصالحه ومنحازا لذاته, وأيضا "الميل إلى إرجاع كل شيء إلى الذات)) أن التعريف هنا يركز على مسألة العودة إلى الذات, الذات الباحثة عن المصلحة الخاصة التي هي في نفس الوقت الذي تثبت الموضوع لصالحها فأنه تشير الى حقيقة وجود الأخر لأنها ليست كليه إنها من الكثرة المتعددة بالأخر وأخر ما هو إلا أنا بوصف منتسب لكائن أخر ولكنها لا تدع لها حرية الوجود لأن في بعض مصالحها تعارض ممكن واحتمالي في أن تتزاحم مع الأنا الأخرى, هذا هو جوهر الإشكالية في الفهم الغربي للأنا كما عند لالاند .
ويستشهد لالاند بعبارة للفيلسوف واللاهوتي، العالم الفرنسي، بليز باسكال يقول فيها(للأنا خاصيتان ،فمن جهة هو في ذاته غير عادل من حيث إنه يجعل من نفسه مركزا لكل شيء، وهو من جهة أخرى مضايق للآخرين من حيث إنه يريد استعبادهم، ذلك لأن كل "أنا" هو عدو، ويريد أن يكون المسيطر على الكل), يؤكد لالاند هنا على مبدأ صراع الأنا من خلال تعريفه أو من خلال الاستشهاد بمقولة العالم باسكال وفي كلا الحالين هو يعبر عن فهم الغرب لهوية الأنا هوية المزاحمة التي تحاول السيطرة على الأخر وبذلك فأنها تسعى دوما للاحتواء تسعى لتغيب الأنا الأخرى عن الواجهة لتؤكد علاقة العبد بالسيد بالرغم من فشلها المتكرر عبر التأريخ, لذا فإن ما ينتج عن هذا الوعي الفكري بالأنا والذات وحرية هذه الذات الأوربية تفصح عن مكنونها العدواني تجاه الأخر الذي لا ينتمي لهذه الأنا.
هذا الفهم الغربي يقابله فهم أخر أكثر واقعية وأشد في إنسانيته المتصالحة ومناقض له بالتماميه ويسير بالخط المعاكس له هو الفهم الروحي الشرقي الجنوبي الذي نجده في الإسلام مثلا حيث يقول الإمام علي عليه السلام بمبدأ المثلية والمساواة منطلقا من قاعدة (كلكم من آدم وآدم من تراب) فالأنا هي صورة التراب الذي تحول بالكينونة الأولى إلى جوهر متساوي في كل شيء ومن نسيج واحد خالي من الميل للصراع والتصادم بل بني على مبدأ العمل نحو الأحسنية بالحب(حب لأخيك ما تحب لنفسك)هو تفاعل الأنا مع الأخر, فهو (أما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق).
التناظر هنا هو محور الفهم الشرقي للأنا وللأخر فكل أنا هو بالضرورة صورة ثانية للأنا الأخرى ومن حق كل منهما أن تأخذ الحيز الحيوي لها دون أن تتصادم أو تتزاحم مع الغير, وهو مفهوم الحرية, فالأنا حرة بالأساس بتعاملها مع الأخر وهذه الحرية ليست ذاتية تحددها قوانين الذات بل تحددها قاعدة التناظر, فلكل ذات حرية تحترم حرية الأخر وتحاول أن لا تسلبها المجال الحيوي الذي وضع لها أساسا, لذلك لا نستغرب تصادم الفهم الشرقي ورفضه الطبيعي والأصولي للفهم الغربي ليس لأن الفهم الشرقي لا يؤمن بالحرية والذاتية ولكنه يرفض مبدأ المزاحمة والصدام وهو سر التناقض واساسه الذي تقوم عليه روحية وجوهرية الرفض.
الفهم الغربي للأنا ينطلق من نتائج الأنا الآن والفهم الشرقي يبني فهمه على الجوهر التكويني على موضوع ما طرحته الكينونة الأولى من كيفية نشوء الذات والأنا, العمق والأصالة والتاريخية تجدها اكثر في الفهم الشرقي ومن هنا فإن العودة للجذور تعطي صورة للفهم أكثر نضجا وأصدق في التعبير, وخاصة أن هذه العودة تعيدنا لما هو طبيعي لا لما هو حاصل, والطبيعي دائما أصدق لأنه يساير جوهر الأشياء ويمكن تلخيصه بأن الوعي بالذات على هذا النحو الأرقى ليس مقدرة غريزية او إشراقا فجائيا، بل هو مسلسل تدريجي بطيء يمر أولا عبر إدراك وحدة الجسم الذي ينفصل به الكائن عما عداه وعبر العلاقة مع الغير على أساس الحرية ليشكل هوية مميزة له يفترق بها عن الأخر ولكن لا يلغي وجوده.
الحدود بين الأنا والأخر تختلف تبعا لاختلاف كيفية الوعي بالذات أولا وكيفية فهم وجودها وأخير استحقاقات الوجود, كما أن هذا الاختلاف ليس فكريا بحت ولا أفتراض قابل للبحث والبرهنة على صدقيته من عدمها, أنه واقع ملموس ومعترف به بل هو من الثوابت القلائل التي لا يمكن أن ينكر أحد يقينيتها وحتى من يفصل بين الجسد والروح ويفرق بين الذات ووجودها الطبيعي ووجودها الذهني لا ينكر ثنائية الذات, بل يحاول التجاوز فقط ليثبت أن مقولة إلغاء الحدود وصولا لتجريد الأنا من الهوية الخاصة فشل في إدراك ما يسعى له لأن أصل الموضوع عنده كما يقول لالاند (الميل إلى إرجاع كل شيء إلى الذات) وهنا هو يتكلم عن كليات وليس عن جزء منفصل يسعى للتكامل.






#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إشكالية البحث عن الهوية في ظل عالم عولمة متعدد الهويات
- أنماط الأحلام وتنوع الصور الحلمية
- الفعل البيويلوجي أثناء التحلم أو الحلم
- الحلم في دائرة الفهم العلمي
- علاقة الأحلام بالعقل ونظامه التشغيلي
- الحلم ومحدد الزمن
- الأحلام صور عقلية منتجة
- إشكالية الحداثة في تجسيدها للواقع الما بعدي
- أزمة الفهم الديني وإشكاليات القراءة ح1
- أزمة الفهم الديني وإشكاليات القراءة ح2
- الولادة الفكرية وأزمة التكوين ح2
- الولادة الفكرية وأزمة التكوين ح1
- الحداثة وفلسفة تجديد الحياة ح1
- الحداثة وفلسفة تجديد الحياة ح2
- سلعو وشنه , قصة قصيرة
- التجديد الفكري واعادة قراءة الفهم الديني
- الكتب والصحف في النص القرآني
- مفهوم التناقض والتضاد
- الحاجة والضرورة اختلاف مفاهيم ودلالات
- النظام الأثري وقيمه


المزيد.....




- قُتل في طريقه للمنزل.. الشرطة الأمريكية تبحث عن مشتبه به في ...
- جدل بعد حديث أكاديمي إماراتي عن -انهيار بالخدمات- بسبب -منخف ...
- غالانت: نصف قادة حزب الله الميدانيين تمت تصفيتهم والفترة الق ...
- الدفاع الروسية في حصاد اليوم: تدمير قاذفة HIMARS وتحييد أكثر ...
- الكونغرس يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا بقيمة 95 مليار ...
- روغوف: كييف قد تستخدم قوات العمليات الخاصة للاستيلاء على محط ...
- لوكاشينكو ينتقد كل رؤساء أوكرانيا التي باتت ساحة يتم فيها تح ...
- ممثل حماس يلتقى السفير الروسي في لبنان: الاحتلال لم يحقق أيا ...
- هجوم حاد من وزير دفاع إسرائيلي سابق ضد مصر
- لماذا غاب المغرب وموريتانيا عن القمة المغاربية الثلاثية في ت ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عباس علي العلي - التكامل بين الأنا والآخر في سياق ومفهوم فلسفة العولمة