أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - ريتا عودة - يوطوبيا الهيجاوي














المزيد.....

يوطوبيا الهيجاوي


ريتا عودة

الحوار المتمدن-العدد: 1291 - 2005 / 8 / 19 - 11:32
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


قراءة في المطولة الشعرية : " حين تبكي فاطمة " للشاعر باسم الهيجاوي



حين تقرأ الهيجاوي, يتملكك إحساسٌ أنّكَ في المدينةِ المثالية الفاضلة حيثُ النقاء الداخلي للفرد ينبع من النقاء الخارجي للطبيعة الحاضرة بشكل مكثف بعصافيرها, أنهارها, ندى فجرها, غزلان مراعيها, زنابقها وأقحوانها, نجوم سمائها وأمطارها:


" ووجهكِ خامة الكلماتِ ،
أغنية نَمَتْ
عصفورة للدفءِ ،
غزلاناً تفيض بها المراعي ،
حين يسرقني اندفاعي ،
نحو نجمٍ يقتربْ
آخيتهُ أفقاً لنافذةٍ تطلّ على بلادٍ ،
كنتُ فيها أغتربْ "


لكن, سرعان ما يصدمك الواقع فتسقط عن السلَّم العالي لتوقعاتك المسبقة لتكونَ شاهدًا على تراجيديا انفصال, لا آدم وحواء عن الجنّة , انّما انفصال حواء عن آدم , المتمثلة بفاطمة:


" لأعود في فوضى العتابِ ،
مع التوجّع والعذاب ،
مع الشجون تردُّ لي
حلماً ليبقى شارداً في المقلتينْ
أو فاقداً جسداً تسمَّرَ في سحابة دمعتينْ
أو أعلن الآن انهزامي ،
من حريق الماءِ ،
أو أبكي ،
وأحرق ما تبقى من صوَرْ
كي لا أظلّ على سفَرْ "



وهكذا يصابُ قارئُ (حين تبكي فاطمة) بخيبة أمل وهو يلمس كثافة الحبّ المخزون في قلب هذا العاشق ولا تري للإنفصال سببا سوى كون فردوس هذين العاشقين خياليّة أمّا الواقع اليوميّ المعيشيّ فمأساويّ يفتقد المشاعر النقيّة التي صوّرتهاالقصيدة:


" يا أجمل امرأةٍ عَرَفْتُ ،
وأجمل امرأةٍ أُحبُّ ،
وأجمل امرأةٍ تُخبّئني يداها ،
في حقول الأخضر المنسيِّ ،
هل جفَّت حقولي ، كي أرى
جَرَس النهاية يُعلن الآن انكساري ،
في دمارٍ مُرتَقَبْ ؟ "




وتظلّ الأنثى ذاتًا مُغَيَّبة ً في النصّ كما هي مغيّبة عن حياته, حتّى أنّ القارئ يخال أنّ صوتَ القصيدة أعلى من صوتها وحضور القصيدة اهمّ من حضورها :


" عشرين عاماً ،
أغرسُ الأشعار تحت نوافذي
وأخطُّ للوجع الجميل مداد صوتي ،
حين يورق عن كَثَبْ
...
عشرين عاماً ،
آهِ ، من عشرين عامْ
وأنا أزفُّ قصائدي
وطناً جديداً للكلامْ
أسقي الصهيل لخيل أيامي ،
وأطلق كل قافلةٍ ،
وأركضُ خلف حاديها ،
لأرسم نجمةً
غَرِقَت طويلاً في الظلامْ
لأعود في فوضى الغَبَشْ
وتعود ملآى بالعطشْ
في نار شهوتها ،
وحاديها ينامْ "





حين تقرأ الهيجاوي تخال الحبرَ يتدفق من محبرة خياله بغزارة لحظة مخاض القصيدة ليكشف عن نَفَس ٍ طويل ٍ في الكتابة والذي بدوره يعكسُ ذاتًا مثقفة تملكُ أدواتها بحرفيّة عالية, وتعرفُ من أين تؤكلُ كتفُ القصيدة السهلة الممتنعة التي تُفرح قلب قارئها بقليل من الغموض وكثير من الدهشة الجمالية بما تأتي به من صور ابداعيّة تجعلك تتمهل لتتأمل بمتعة شعريّة خالصة:




" هل كانت ليَ المرآة وحدي ، أمْ لنا ؟
نحن الذين تفرَّقَت أسرارنا
بين البلادِ ،
وصرتُ وحدي اوقظ الذكرى ،
بسوء المنقلبْ ؟؟
وعلامَ تأتيني الطفولة في الكهولةِ ،
تستريح على تعبْ ؟
وعلامَ يأتي الميّتونَ النائمونَ على سريرٍ من خشبْ
يسْتَذْكرونَ دروسهمْ ؟
ويراجعون قصائد العشق التي خبَّأتها ؟
والناس من حولي أفاقوا ،
حين ماتوا ،
يرقصون على نشيد جراحهمْ
يترنَّحون من الطربْ
وعلامَ لا تأتي القصيدةُ ،
كي تثير بنا الموات ،
وما تكدَّس من عطبْ ؟
ولمَ النوارس غادَرَت شطآنها ؟
ولمَ العصافير التي ارتاحت لديَّ تفرُّ منّي ،
نحو ألسِنَة اللهبْ ؟؟ "



حقًّا , مَنْ لا يستطيع أن يكونَ مدهشًا عليهِ الا يُناوش الورق ...!!!

-----------------------------

( utopia - دنيا مثالية وبخاصة من حيث قوانينها وحكومتها وأحوالها الاجتماعية )



#ريتا_عودة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موعد في الظلّ ---- قصة قصيرة
- طيورُ أيلول ---- شذرات
- (!! ... وماتَ البلبلُ وحيدا)
- من كلّ سماء ٍ ومضة
- ...ريتاي مجنونُكِ أنا
- ستبقى خالدًا ** قصة ليست قصيرة
- أحبّكَ ... أبعد من كلّ اتجاه أوسع من كلّ مدى
- ... ورأتِ العاشقة ُ أنََّّ كلَّ ما باحتْ بهِ حسنٌ جدًّا
- الندم ُالأخير
- أعطني حنانًا كفافَ فرحي
- أنثى الطيور الشريدة
- رسائل ُ اللحظة الأخيرة .....1
- رسالة من فوق الحاجز
- شتاءُ ريتا الأخير
- لكَ قبلَ أن يتبرعمَ جرح - ورطة
- ما لي ولكم يا أولاد ال...
- أنثى الحرائق - ومضة قصصيّة
- هل قرأ أحد ..؟! ---- لا تقرأوا .
- القارعة
- ومن لا يعرفُ ريتا --- شذرات


المزيد.....




- -بحوادث متفرقة-.. الداخلية السعودية تعتقل 4 مواطنين و9 إثيوب ...
- اجتياح إسرائيل لرفح قد يكون -خدعة- أو مقدمة لحرب مدمرة
- بسبب استدعاء الشرطة.. مجلس جامعة كولومبيا الأمريكية يدعو للت ...
- روسيا تستهدف منشآت للطاقة في أوكرانيا
- الفصائل العراقية تستهدف موقعا في حيفا
- زاخاروفا: تصريحات المندوبة الأمريكية بأن روسيا والصين تعارضا ...
- سوناك: لندن ستواصل دعمها العسكري لكييف حتى عام 2030
- -حزب الله-: مسيّراتنا الانقضاضية تصل إلى -حيث تريد المقاومة- ...
- الخارجية الروسية: موسكو تراقب عن كثب كل مناورات الناتو وتعتب ...
- -مقتل العشرات- .. القسام تنشر فيديو لأسرى إسرائيليين يطالبون ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - ريتا عودة - يوطوبيا الهيجاوي