أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - امال قرامي - سفينة النجاة














المزيد.....

سفينة النجاة


امال قرامي

الحوار المتمدن-العدد: 4576 - 2014 / 9 / 16 - 16:49
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


سوّق حزب النهضة نفسه فى انتخابات 2011، على أساس أنّه مخلّص العباد والبلاد من مشكلات مزمنة. فادّعى أنّه سيعيد تثبيت الهوية العربية الإسلامية، ويفعّل منظومة القيم، وسيقيم العدالة الاجتماعية، ويدمج المهمّشين إلى غير ذلك من الوعود التى بثّت الأمل فى نفوس فئة من التونسيين المكدودين، وجعلتهم يؤمنون بمشروع واعد. وعلى مرّ الأيام اكتشف الناس أنّ الوعود لم تنجز، وأنّ التراجع قد تمّ، وأنّ الأزمات تفاقمت، وهو ما أدّى إلى فقدان حزب النهضة عددا من الأنصار، وخروج عدد من المناضلين من التنظيم. وها هو حزب نداء تونس يسير على ركب من سبق فيعيد على أسماعنا نفس النغم. لا ينفكّ أتباعه عن ترويج فكرة مفادها: «لا حلّ لمقاومة جبروت النهضة والتصدّى للجهاديين إلاّ بالتصويت لصالح «نداء تونس»، فهو الذى سينقذ تونس من «الرجعيّة» و«الظلاميّة» و«القروسطية»، وسيعيد تونس إلى عهدها السالف «بلد الأمن والأمان» والحداثة و... ولئن واجههم بعض المتردّدين بأنّ حزب نداء تونس أضحى يعيد إنتاج نفس النخب التى حكمت البلاد وفق تصوّر يجعل اللوبيات تسيطر على الدولة وتسيّر المؤسسات لحماية امتيازاتها، وتصوغ السياسات وفق مصالحها الخاصّة وتقيم نظاما تراتبيا هرميا يقصى بقية الفئات الاجتماعية.. أجاب الأتباع بأنّ الزمن ليس زمن المحاسبة وغربلة الصالح من الطالح بل إنّ السياق يفرض اختيار هذا الحزب بالذات لأنه الحزب الذى سيتعامل مع النهضة بطريقة نديّة ولن يكون «منبطحا» كحزب التكتل أو حزب المؤتمر. حزب النداء حديث النشأة أى نعم ولكنّه يملك المال، وتدعمه كوكبة من المثقفين الذين سيمنحونه تأشيرة العبور.

إنّ قراءة المشهد السياسى من خلال استقطاب «صورى» بين حزب النهضة من جهة، وحزب نداء تونس يقودنا إلى الاستنتاجات التالية:

ــ هذا الخطاب الوثوقى الذى يتكهّن بنتائج الانتخابات مسبقا، ويدّعى أنّ سفينة النجاة لا يملكها إلاّ أصحاب اليمين أو أصحاب اليسار يعيد إنتاج النظام الاستبدادى بطريقة ما لأنّه استعلائى، وموصول إلى منظومة الهيمنة. فهو يستنقص من شأن بقية الخصوم السياسية، ولا يقرّ بوجود منافسة حقيقية مع أحزاب أخرى تعرض حلولا وخيارات وتصورات مختلفة كحزب آفاق تونس، والتيار الديمقراطى، والجبهة الشعبية، والمسار.. ومعنى هذا أنّ حزب النداء لا يؤمن بتكريس التعددية السياسية الفعلية. -حين تغيب البرامج والتصوّرات التى من شأنها أن تقترح بعض الحلول لإدارة البلاد، وحين يعسر القطع مع الأساليب المهترئة، والبنى الذهنية التى عجزت عن مواكبة روح الثورة يغدو بثّ الأمل واللعب على سجلّ العواطف، وتوظيف المخاوف، وفرض صورة الأب الحامى، والمخلّص، والذى يملك سفينة النجاة وبإمكانه الوصول بأبنائه الأبرار إلى برّ الأمان هو الوسيلة المتوفرّة إذ ليس بالإمكان تحقيق أفضل ممّا كان. ــ لا يولى حزب نداء تونس اعتبارا لنظام الفرضيات، ولا يقيم وزنا لعنصر المفاجأة فى الانتخابات، ويتوقّع تحقيق كسب عظيم، ونصر مبين، والحال أنّ التجارب الانتخابية فى كلّ الديمقراطيات تعترف بأنّ خيارات الناخب/ة رهينة البنية النفسية سويعات قبل انطلاق العملية الانتخابية، وهى مرتبطة أيضا بالمناخ العام، والسياق المحدّد، وهذا يعنى أنّ الناخب/ة قادر على تغيير رأيه فى آخر وقت. ــ إنّ التأكيد على ملفّ الإرهاب، وما نجم عن تراخى حكومة الترويكا فى معالجته من نتائج وخيمة، من جهة، وحماية نمط العيش التونسى المرن والمنفتح، من جهة أخرى، لا يحترم الناخب/ة ولا يحثّه على عقلنة خياراته، وتحمّل مسئوليته بل إنّ هذا الأسلوب يفرض الوصاية الأبوية على الناخبين، ويتعامل معهم على أساس أنّهم لم يبلغوا سنّ الرشد كما أنّه يحرّك العواطف ويستغلّ سياقا صار فيه الخوف من الإرهاب مهيمنا ليوهم الناس بأنّه يمتلك الحلّ.

ما يتردّد على ألسنة التونسيين الذين قبلوا المشاركة فى العملية الانتخابية هو أنّهم أمام خيارين كلاهما مرّ: سيختارون بين السيئ والأشدّ سوءا. وليس اجترار هذه الأفكار إلاّ علامة على دخلنة ما يروجّ له بعض السياسيين من أنّ تونس ديمقراطية ناشئة ستحكم بالتوافق بين حزبين قويين يملكان المال، والدهاء، ويتكئان على سند موثوق فيه «الغرب» الذى يحصّن التجربة التونسية من كلّ سوء حفظا لمصالحه.

سترفع الشعارات من جديد: انتخابات تونس 2014 «شفافة ونزيهة» ودارت فى مناخ سلمى يكرّس الديمقراطية، ويرضى الإخوة الأعداء. أمّا بقية الأحزاب فليس أمامها سوى الرضا بالنصيب والمقدّر وأن تتعلّم اللعب على أصوله. فهل هذا الأنموذج التونسى؟



#امال_قرامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على قدر الكساء نمدّ أرجلنا!
- كلّهم فى الهوى سوى
- برگاتك يا حزب!
- المسكوت عنه فى محاربة الإرهاب
- يا قصر قرطاج.. ها هم على أبوابك يتزاحمون
- نكبتنا فى الطبقة السياسية
- مأزق الهيئة العليا والمستقلة للانتخابات
- شطحة من شطحات الشيخ
- ما بعد «حلحلة» الأزمات
- شكل آخر من أشكال «التمكين»
- أين نحن من ثقافة الاعتذار؟
- من نحن نوّاب الشعب إلى نحن الشعب
- عندما يتحول الشباب إلى كبش فداء
- ثقافة «التسليك»
- هل تنفع الجراحة التجميليّة؟
- شرعيّة تكتسب بالكد والعمل وحب الوطن
- الحلحلة والفككة... ومفردات أخرى
- أيّها الثوّار.. شكر الله سعيكم
- «التابع» وعقدة «الأجنبى»
- الإسلامويات قادمات ليزاحمن القيادات


المزيد.....




- المتحدث باسم نتنياهو يكشف عن الإجراءات ضد قناة الجزيرة بعد ق ...
- نتنياهو: الاستسلام لمطالب -حماس- سيمثل هزيمة مروعة لإسرائيل ...
- فيديو: مصرع رجل في حادث غريب عند بوابة البيت الأبيض فما القص ...
- إيران تعلن موعد بدء صب الخرسانة في -جزيرة نووية- جديدة
- الإعلام الإسرائيلي يكرر مزاعمه: رمسيس الثاني هو فرعون الخروج ...
- وكالة: التشيك تستدعي رسميا سفيرها من روسيا
- الوزيرة ميري ريغيف تؤكد أن إسرائيل شنت ضربة انتقامية على إير ...
- مصر.. فتاة ترمي نفسها من سيارة بعد محاولة اختطافها والتحرش ب ...
- توغو: الرئيس غناسينغبي يضمن بقاءه في الحكم إثر فوز حزبه بالا ...
- إعلام: شبان مغاربة محتجزون لدى ميليشيا مسلحة في تايلاند تستغ ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - امال قرامي - سفينة النجاة