أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - صباح راهي العبود - عندما تجاهلت اللبوة نصيحة الأسد















المزيد.....

عندما تجاهلت اللبوة نصيحة الأسد


صباح راهي العبود

الحوار المتمدن-العدد: 4572 - 2014 / 9 / 12 - 15:44
المحور: كتابات ساخرة
    


يقال أن العسل ناصح عندما يكون مصفى من الشوائب ,وعبارة نصحت له القول تعني أخلصت له القول وأصدقته ,ويراد بها الخير للآخرين, فهي على العكس من الحسد الذي يعني تمني زوال نعمة الآخرين. فإذا كانت تعني بحق صفة الإخلاص والصفاء كما ورد في قواميس اللغة فعلى الجميع تقبلها خاصة عندما تصدر عن إنسان ذي حكمة وتجربة وكان صادقاً ومخلصاً يريد إشاعة الخير من حوله,وهم سعداء في هذا الذي يجنبهم من الأخطاء ,وقد يرشدهم الى سلوك طريق السلامة ويحفظهم من إحتمالات الإنحراف والإعوجاج والإبتعاد عن الخطأ, وهو بإسدائه النصح يكون قد مارس القيم والأخلاق الإنسانية . وهذا الأمر بعينه ما يتوخاه الآباء من أبنائهم عندما يقدمون لهم النصح والإرشاد بغرض تصحيح مسار حياتهم وتوجيههم الى سلوك الطريق التي تتوفر فيها السلامة والأمان , فهي إذن من أساسات البناء الإجتماعي القويم, فمن تركها وعصاها وقع في التهلكة وسهٌل تغلب الأعداء عليه.
ولا يتوقف تقديم النصح على الأفراد فقط ,فقد تقوم الحكومات الى مواطنيها ,فشرطة المرور تنصح سواق المركبات بالإمتثال للتعاليم التي تصدرها كالإلتزام بربط حزام الأمان في أثناء السياقة ,والإنتباه وعدم المبالغة في السرعة ,كما تنصح الحكومات المواطنين من عدم الإقتراب من المناطق التي فيها مخاطر مثل تجنب السباحة في أماكن معينة وغير ذلك. و ينصح المدرسون طلابهم بإتباع أساليب معينة في الدراسة لغرض الحصول على النجاح والتفوق المطلوب,كما يقدم الأطباء نصائحهم الى مرضاهم بتجنب التدخين مثلاً أو إتباع الحمية الغذائية وتناول الأدوية في أوقاتها المحددة وغير ذلك.
ولقد صدرت نصائح من لدن المفكرين ودعاة الفضيلة وحاملي القيم الدينية والتي تهدف الى الإصلاح الإجتماعي وتسعى الى سمو الأخلاق والنقاء والصفاء. وقد يحصل نصحاً متبادلاً جماعياً بين الحكومات ومواطنيها ,فقد تنصح الحكومة أبناء الشعب بالتمسك بحب الوطن ووحدة البلاد ورص الصفوف لمقاومة عدو محتمل أو لمواجهة خطر داهم ,في حين يقوم المواطنون بنصح الحكومة بضرورة تنفيذ برنامجها الذي أوعدتهم بإنجازه قبيل فوزها بالإنتخابات ,أو بتجنب المحاصصات الطائفية والشوفينية في توزيع المناصب الحكومية وغير ذلك.
ولعل أبرز ما يميز القادة الذين حكموا شعوبهم عن طريق الإنقلابات العسكرية هي صفة العنجهية والعجرفة والتعالي ,ومما يزيد في الأمر سوءاً هو إلتفاف الإنتهازيين والساقطين وسفلة المجتمع حول تلكم القيادات ليصنعوا منهم ما يشبه الإله ليصل الأمر الى إعتقاد هؤلاء القادة بأنهم أذكى الأذكياء وليس في البلاد من هو أصلح منهم للقيادة ,ومثل هؤلاء القادة يأنفون من طلب النصح ولا يسمحون لأحد بتقديمه إليهم حتى وإن كان ذلك صادراً من حكيم أو سياسي متمرس ومن ذوي العقول الناضجة ,وكثير من هؤلاء يقع فريسة ومحط سخرية عندما تتقدم دولة عظمى في تقديم النصح له لإتخاذ موقف ما تروم من ورائه إيقاع هذا القائد المتغطرس بمصيدة أعدتها له لتوريطه في أمور تقود الى تدميره وتدمير الناس الذين يقودهم مجبرين. وفي هذه الحالة لا تعد هذه من النصائح إطلاقاً إذ أنها تخلو من الصفاء والنقاء وحسن النية .
كثير من الزوجات إستطعن تقديم النصح من خلال مايملكن من حكمة ودهاء ومعرفة ونجحن في توجيههم الى الطريق السليم على الرغم مما يحمله الكثير من هؤلاء الأزواج من عنجهية وثقافة ذكورية,
لابل أن بعضهن دفعن بأزواجهن الى أعلى مراتب الرقي الإجتماعي والتطور والتقدم في الحياة وتحقيق كل الأحلام نتيجة لتلكم النصائح .
وعادة ما نرى كثرة الناصحين لمن إمتلك زمام أمر ما يراه الآخرون من حوله ليس مؤهلاً له,كأن يحصل صاحبهم على مال كبير بشكل مفاجئ ,أو يتبوأ مركزاً سياسياً كبيراً غير مؤهل له البتة وإنما حصل عليه بسبب هشاشة الوضع السياسي وتسلط التافهين على الحكم وغير ذلك ,فيتقدم كل منهم متطوعاً ليدلو بدلوه ويقدم نصائحه بالطريقة التي يشتهي ووفقاً لما يفكر به هو.
والنصيحة في الغالب لاتقبل من الفاسد الأحمق الذي يتلذذ بإيذاء صاحبه ولا يهمه ما يقوله الناس فيه إذ سيكون نصحه مؤامرة يروم من خلالها إحداث الضرر بالآخر ليكون هو المستفيد الأخير. كما إنها لا تقبل ممن لا خبرة له في الحياة ولا يمتلك الحكمة والدراية وفاقداً لملكة التوقع والإستنتاج فيما سيحدث ,فأية نصيحة ستصدر من مثل هؤلاء؟.وهي مرفوضة أيضاً إذا صدرت من شخص يصرخ في وجه صاحبه ناصحاً فتكون ثقيلة على من يتلقاها خاصة عندما يكون ذو كرامة وحلم ,ويفضل أن تقدم بسرية عندما تخص شأناً شخصياً. وإذا كانت النصيحة تحمل بين تحمل بين طياتها النقد والإستنقاص والتشهير وفي العلن فهي مرفوضة جملة وتفصيلاً .
الإمام الشافعي وصف الحالة بالأبيات التالية:-
تعمدني بالنصيحة على إنفراد وجنبني النصيحة في الجماعه
فإن النصح بين الناس نوع من التوبيخ لا أرضى سماعه
فإن خالفتني وعصيت قولي فلا تجزع إذا لم تلق طاعه
أما إذا كانت النصيحة تخص شأناً عاماً فهي ستكون علنية حتماً.وقد يتمخض أحياناً عنها القطيعة والخصام إذا لم تؤد بشكلها الأصولي فتكون بذلك مبعثاً لعدم الإستقرار في العلاقات بين الأفراد ,كما أن المرء يحتاج الى الشجاعة عندما يكون الناصح متعالياً أو يشعر المقابل بالدنيوية وإنخفاض القيمة وقلة الشأن وضعف الدراية.
وخلاصة القول نجد أناساً يستفيدون من النصيحة في حين يهملها آخرون عناداً أو تعالياً أو جهلاً بالذي سيحصل جراء ذلك فيقع غالباً في مصيبة أو حرج, وإذا حصل هذا مع قائد سياسي لايرعوي فإنه قد يجر شعبه الى متاعب ومشاكل .وفي هذا الصدد سأسرد لكم ماحصل للبوة أهملت نصيحة حبيبها الأسد فوقعت في مأزق.
ففي يوم ربيعي مشمس كان الأسد يربض مع لبوته على تلة تطل على سهل أخضر ,وكانا يمتعان نفسيهما بمراقبة إنسياب الماء في جدول يشق طريقه في هذا السهل,فكان الجوجميلاً والمنظر ساحراً يبعث على الأنس والإنتعاش والنشوة, فمضى الأسد يغازل اللبوة ويسمعها أرق عبارات العشق والمودة, وماهي سوى دقائق إلا وظهر أمام العاشقين ثعلب عز عليه أن يرى السعادة بادية على محيا العاشقين ,فأخذ يقفز أمامهما رواحاً ومجيئاً موجهاً الى الأسد شتائماً وسباباً واصفاً إياه بالجبن دون أن يبدي الأسد رد فعل تجاه الثعلب ,فنبهته اللبوة الى ذلك لكن الأسد لم يبد حراكاً وإكتفى بكلمة إتركيه يالبوتي العزيزة. ثم واصل ترديد كلمات الغزل وحاول إثارة الذكريات الجميلة في الأيام الخوالي ,لكن الثعلب عاد يسب ويشتم مؤشراً بأصابعه الى مايعني القبح والإهانة للأسد وعندها صرخت اللبوة بوجه الأسد, ما بالك يا ملك الغابة ؟ كيف تسكت على شتائم ثعلب حقير؟ !! ,فأجابها الأسد (قلت لكِ إتركيه)... إستمر الثعلب بإستفزازاته والأسد لايبالي وفي كل مرة ينصح اللبوة بإهمال الثعلب وعدم سماع ما يقوله هذا التافه المخادع الماكر.وبعد أن وصل الأمر الى إتهام الثعلب للبوة بالعهر والسقوط والخيانة قررت اللبوة تأديب هذا الثعلب بنفسها بعد أن يأست من إمكانية رد إعتبارها من قبل أسدها المضطجع جنبها مسترخياً,فقفزت بإتجاه الثعلب الهارب وتبعته راكضة بأقصى ما تستطيعه من سرعة ,وظل الثعلب يركض واللبوة تتبعه تحاول الإمساك به والإنتقام منه, ثم مالبث أن دخل الثعلب في مغارة فتبعه اللبوة ,ونظراً لضيق باب المغارة الذي كان لا يتسع لمرور اللبوة فقدحشر جسمها بباب المغارة وأصبح جزؤها الأمامي داخل المغارة في حين بقي جزؤها الخلفي خارجها,وقد صعب عليها إصلاح الأمر والتخلص من هذا الحرج. وفي هذه الأثناء وبعد خروج الثعلب من الجهة الثانية للمغارة قام بمناداة جميع الثعالب في المنطقة ,فإجتمعوا عند اللبوة وأخذوا يضربونها على مؤخرتها بالعصي الغليظة التي جلبوها معهم لهذا الغرض. ولم يغادر هؤلاء الأنذال إلا بعد أن عبثوا بها بما لايليق التحدث فيه. وبعد جهد إستطاع اللبوة الإفلات من فتحة المغارة لتعود خائبة تترنح في مشيتها . ولما وصلت التلة التي لازال الأسد رابضاً عليها نظر إليها الأسد بعتب لا يخلو من شماتة قائلاً..( ألم أنصحك بترك هذا الثعلب الماكر,فقد خدعني ولحقت به قبل أسبوع) !!!!.



#صباح_راهي_العبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدقة.....وأسواق الدقة.
- القيثارة البابلية تعزف لحن الوداع لرحيل محمد جواد أموري..... ...
- (اللايك) في مواقع التواصل الإجتماعي........ذوق وأخلاق ,أم تم ...
- كريم راهي الشاعر والقاص ..........والجائزة الأولى.
- الجن يحقق حلم العاقرات
- العصافير تحضر ليلة الزفاف
- المادية الديالكتيكية عرض مبسط
- زغير آل عنون والعبقرية الخارقة
- مات ميكافيلي وبقيٌ الأميرخالداً
- الإعتذار المتأخر
- الثقافة الغائبة..............عن كل نائب ونائبة.
- دجل.............بلا خجل.
- إكتشاف ساعات تعمل منذ ملايين السنين.....لا تُخطىء ولا تتعطل.
- إكتشاف ساعات تعمل منذ ملايين السنين دون توقف....لاتُخطىء ولا ...
- ذاكرة أستاذ غانم ........ومدينة ( ز ).
- الأثر يدل على المسير..........والبعرة تدل على البعير
- بكائية.........في عيدهن.
- في نيسان القادم......سوف لا أنتخب لصاً ولا مزوراً ولا دجالاً ...
- طاقة الربط النووية والكتلة المفقودة
- التدخين السلبي ..........موت بطيء


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - صباح راهي العبود - عندما تجاهلت اللبوة نصيحة الأسد