أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صباح راهي العبود - الثقافة الغائبة..............عن كل نائب ونائبة.















المزيد.....

الثقافة الغائبة..............عن كل نائب ونائبة.


صباح راهي العبود

الحوار المتمدن-العدد: 4431 - 2014 / 4 / 22 - 17:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما يتقدم إمرؤ بالإعتذارعن خطأ إقترفه فإنه بذلك يعرب عن إستعداده لتحمل المسؤولية المترتبة على ذلك,وبهذا يكون قد مارس ثقافة الإعتذاروهي الثقافة الغائبة عن وطننا العربي ودول منطقة الشرق الأوسط برمتها.فنحن مستعدون لإنكار فعلتنا وأخطاءنا أو تبريرها بمبررات غير مقنعة أو أن نقدم إعتذاراً بطريقة ساخرة هازئة , وعلى الآخر قبول هذا الإعتذار مجبراً, ونحن لا نعتذر إعتقاداً منا بأنه يمثل إهانة للذات وتنازلاً وإستنقاصاً للشخصية,أو ربما لا نمارسه تكبراً وغطرسة. وبهذا التفكير غير التربوي نكون قد مارسنا القبح بأبشع صوره ورسمنا ثقافة سلبية خاصة عندما يرافق الخطأ ضرر كبير ينتج عنه , في حين أن الإعتذار هو ثقافة إنسانية حضارية متقدمة وحالة تدل على رقي الشخص أو المجتمع الذي يمارسه.ولعل أرقى أنواع هذه الممارسة هو الذي يحصل بعد الخطأ مباشرة خاصة وإنه صدر دون تعمد أو نتيجة لتسرع أو غضب أو حال هياج آنية. وقد يكون الإعتذار متأخراً قليلاً بعد مراجعة الشخص للموقف الذي إضطره للخطأ . وأقبح أنواع الإعتذار ذلك الذي يأتي متأخراً إذ يدل على إنعدام الإرادة وضعف الشخصية وعدم توفر الشجاعة لمواجهة الموقف .أو قد يكون الخاطيء مغروراً متكبراً متعجرفاً أو ممن لم تتوفر له فرصة في طفولته لتدريبه على ثقافة الإعتذار من قبل والديه أو معلميه في المدرسة وهي مهمتهم التربوية الأساسة في المجتمعات المتقدمة التي تسعى لتربية النشئ على ممارسة السلوكيات الراقية والتي تدل على شجاعة من يؤديها لمواجهة أخطائه والتراجع عنها. ونحن بهذا ملزمون بالعمل على تقوية شخصية الطفل والعمل على جعل تفكيره متوازناً بوقت مبكر و توضيح أهمية الإعتذار في حالة السلوك الخاطيء مع الإشادة بتصرفه بعد تقديم الإعتذار. والتمرن على ثقافة الإعتذار منذ الصغر توفر فرصة في المستقبل للإلتحام الأسري وديمومة الصداقات والعلاقات بشكل عام الى جانب تأثيرها الإيجابي على مجريات الأمور في الدوائر والمؤسسات بصورة عامة وأماكن العمل الأخرى. ولا ينكر أحد أهميتها ونتائجها الإيجابية على النطاق الدولي ,و هي أحدى العناصر المهمة والفعالة على الصعيد الدبلوماسي.
إننا وفي مجمل حياتنا نفتقر كلياً الى مثل هذه الثقافات إذ إننا بعيدون كثيراًعن ممارستها وخاصة على مستوى العلاقات العائلية فالأب يستثقل ويأنف من الأعتذار لأولاده أو حتى من زوجته في أحايين كثيرة ,والمعلم نادراً ما يفعلها مع طلابه,ورئيس الدائرة لا يقدم إعتذاراً لمن يرأسهم في العمل ,ويمتد ذلك الى علاقة الحاكمين في البلد بأبناء شعبهم , فما أن يعتلي أحدهم كرسي السلطة إلا ونفش ريشه وتعالى وتكبر لتصبح مسألة الإعتذار عن الخطأ (ومهما عظم أو صغر حجمه) مثلبة وإنتقاصاً للكرامة والشخصية والشأن على عكس ما نجده في بلدان متقدمة إذ غالباً ما تمارس هذه الثقافة على مختلف الصعد الى جانب ما نسمعه من إعتذار يُقدم من قبل حتى رئيس لدولة أو رئيس الوزراء فيها أو وزير اوأن يعتذر حزب حكم في فترة سابقة عما إقترفه من ظلم أو إجحاف بحق شخص أو مجموعة أشخاص أو ربما بحق قومية أو دين أو عرق ...الخ ,ولعل آخر ما وردنا هو ما تقدم به رئيس الوزراء الأسترالي الإشتراكي كيفن رود للسكان الأصليين في أستراليا ( الأوبورجنيز ) للخطأ والظلم الذي لحق بهم على مدى قرنين من الزمان ,وكان ذلك في تجمع حاشد وكان من ضمن الحاضرين عدة آلاف من هؤلاء( الأبورجنيز) أنفسهم.
قد يكون التسامح حاضراً بعد حدوث بعض الأخطاء من قبل من نتعامل معهم يوميا والتي يكون حجم الضرر جراها محدوداً ليس بذي قيمة, لكنه يكون خطيراً وذا قيمة وتأثير عندما يصدرمن لدن مسؤول في الدولة,لذا كان لا بد من الأعتذار لا لغرض تكريس بقاءه في السلطة وإنما من باب الأخلاق والذوق السليم وغالبا ما يكون هذا الإعتذار متبوعاً بالإستقالة من المنصب أو الإقصاء وأحياناً الإنتحار وهو أعلى مراحل معاقبة الذات وممارسة عنيفة للإعتذار الشديد. وليس ببعيد ما حصل لمعاون مدير ثانوية دانون بمدينة أنسان في كوريا الجنوبية و التي نكبت بغرق عدد كبير من طلابها في أثناء قيامهم بسفرة مدرسية الى جزيرة جيجو في يوم 18/4/2014 إذ أقدم على الإنتحار معتبراً نفسه السبب في هذا لأنه المشرف على السفرة وهكذا عبر هذا الرجل عن أسفه وإعتذاره بطريقة تراجيدية لذوي الطلاب عما حصل.
وفي العراق تبرز هذه الأيام ظاهرة تبرير الأخطاء من قبل المسؤولين وإلصاق التهم بالآخرين وهي إحدى الدلالات الواضحة على إنخفاض المستوى الأخلاقي وموت الضمير خاصة عندما يكون الخطأ جسيماً وتم بقصد واضح متعمد, أو ربما نتيجة جهل .فلم نسمع بأن أحداً من المسؤولين ( وبضمنهم 325 نائباً ) قدم إعتذاراً للشعب العراقي المسكين ,
فلا إعتذار بسبب تدني الخدمات أو التدهور الأمني الذي يذهب بسببه عشرات الألوف من الأبرياء ,ولا لتدهور الوضع الصحي للمواطنين أو لتسرب الطلبة من المدارس أو شحة المياه الصالحة للشرب أو لأزمة السكن القاتلة, ولا إعتذار عن توفير الطاقة بكل أنواعها ,ولا عن الفشل في توفير مواد الحصة التموينية أو عن إساءة قام بها إبن لأحد المهمين في الحكومة جعلتنا سخرية لشعوب العالم .........الخ. وعلى العكس من هذا فإ ن بعضهم يظهر من على شاشات التلفاز ليفتخر بصفاقة أنه السبب في تعطيل الموازنة, أو أنه ساهم في تحرير سجناء من الإرهابيين القتلة وغير ذلك من مواضيع الفخر المخزية. كما ظهرت هذه الأيام أساليب مبتكرة عابرة على الإعتذار وبديلة عنه ,فإحدى النائبات المصون التي إشتهرت بلسانها الطويل صرحت بأنها ومعها جميع النواب وبدون إستثناء أخذوا حصتهم من الكعكة وإستفادوا من كل الفرص التي وفرها وجودهم في السلطة وجمعوا ما أمكنهم جمعه من مال سحت حرام بمختلف الطرق والأساليب الميكافيلية وغير الميكافيلية. ومثال آخر ندرجه ضمن حديثنا عن الطرق البديلة عن الإعتذارإذ ظهر في إحدى الفضائيات العراقية نائب آخرمعروف لدى الناس ليصرح معترفاً بفشله في تقديم أي إنجاز يساهم في خدمة المواطنين طيلة مدة وجوده في السلطة وعلى مدى سنوات ومع هذا لا يعتذر للشعب العراقي بل يوعدهم بالترشيح من جديد لدورة البرلمان القادمة وكأنه الشخص الذي لا يعوض . وهم جميعاً لا يعتذرون وإن أرادوا الإعتذار فإنهم يؤدونه بطرق لا تخلوا من قباحة ووقاحة , ولا يخجلون عندما يصرون على خوض الأنتخابات من جديد رغم فشلهم في تقديم أية خدمة للمواطنين الذين إبتلوا بهم وغايتهم في كل هذا هو توفير فرص أخرى للسرقة والإثراء على حساب الشعب العراقي مادام الرقيب نائماً والعقاب غائباً. فإذا كان كبار الحاكمين هذا شأنهم فما بالك بالآخرين الذين يستظلون بهم ويعملون تحت إمرتهم؟؟.
إن عدم ممارسة ثقافة الإعتذارمن قبل المسؤولين في الدولة يعني إحتقار المواطنين وعدم إحترامهم والإستهانة والإستخفاف بهم وسرقة لحقوقهم إذ يعني الإعتذار عندهم تنازلاً يقدمونه لمن أقل منهم شأناً,وهي في إعتقادهم نقطة ضعف يرفضون التوقف عندها.



#صباح_راهي_العبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دجل.............بلا خجل.
- إكتشاف ساعات تعمل منذ ملايين السنين.....لا تُخطىء ولا تتعطل.
- إكتشاف ساعات تعمل منذ ملايين السنين دون توقف....لاتُخطىء ولا ...
- ذاكرة أستاذ غانم ........ومدينة ( ز ).
- الأثر يدل على المسير..........والبعرة تدل على البعير
- بكائية.........في عيدهن.
- في نيسان القادم......سوف لا أنتخب لصاً ولا مزوراً ولا دجالاً ...
- طاقة الربط النووية والكتلة المفقودة
- التدخين السلبي ..........موت بطيء
- الثقوب السوداء.........ليست ثقوباً
- أبحر البلم العشاري وغاب في الذكرى.....................عشية أ ...
- قتال بين عمر وعبدالزهرة في كواكب أخرى من الكون


المزيد.....




- ?? مباشر: عملية رفح العسكرية تلوح في الأفق والجيش ينتظر الضو ...
- أمريكا: إضفاء الشرعية على المستوطنات الإسرائيلية في الضفة ال ...
- الأردن ينتخب برلمانه الـ20 في سبتمبر.. وبرلماني سابق: الانتخ ...
- مسؤولة أميركية تكشف عن 3 أهداف أساسية في غزة
- تيك توك يتعهد بالطعن على الحظر الأمريكي ويصفه بـ -غير الدستو ...
- ما هو -الدوكسنغ- ؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بالفيديو.. الشرطة الإسرائيلية تنقذ بن غفير من اعتداء جماهيري ...
- قلق دولي من خطر نووي.. روسيا تستخدم -الفيتو- ضد قرار أممي
- 8 طرق مميزة لشحن الهاتف الذكي بسرعة فائقة
- لا ترمها في القمامة.. فوائد -خفية- لقشر البيض


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صباح راهي العبود - الثقافة الغائبة..............عن كل نائب ونائبة.