أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فضيلة يوسف - جز العشب في غزة















المزيد.....


جز العشب في غزة


فضيلة يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 4570 - 2014 / 9 / 10 - 15:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


وافقت إسرائيل والسلطة الفلسطينية في 26 آب على اتفاق وقف إطلاق النار بعد عدوان إسرائيلي استمر 50 يوماً على قطاع غزة خلّف وراءه 2100 شهيداً من الفلسطينيين ومشاهد واسعة من الدمار وراءه. ويدعو الاتفاق إلى وضع حد للأعمال العسكرية من إسرائيل و حماس ، فضلاً عن تخفيف الحصار الإسرائيلي الذي خنق غزة لسنوات عديدة.
كان هذا الاتفاق الأخير حلقة في سلسلة من اتفاقات وقف إطلاق النار تم التوصل إليها بعد الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على غزة . وطوال هذه الفترة ، ما زالت شروط هذه الاتفاقيات نفسها بشكل أساسي . والنمط المنتظم لهذه الاتفاقات أن اسرائيل تتجاهل كل ما تم الاتفاق عليه بعد ذلك، بينما حماس تراقب ذلك – كما اعترفت إسرائيل بذلك رسمياً – حتى تثير الزيادة الحادة في العنف الإسرائيلي إلى استجابة من حركة حماس ، يليها تصعيد إسرائيلي أشد وحشية . هذا التصعيد الذي يشبه اطلاق النار على السمك في البركة ، وتسميها اسرائيل " جز العشب ". وقد وصفه ضابط عسكري أمريكي رفيع بدقة اخيراً بعملية " إزالة التربة السطحية " ، مفزوعاً من جراء ممارسات من يصفون أنفسهم " الجيش الأكثر أخلاقية في العالم ".
كان الأول في هذه السلسلة اتفاق التنقل والعبور بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية في تشرين ثاني 2005. ودعا الاتفاق إلى تشغيل " معبر بين غزة ومصر عند رفح لتصدير البضائع وعبور الأشخاص ، وتشغيل مستمر للمعابر بين إسرائيل وغزة لاستيراد / تصدير السلع ، وعبور الناس ، والحد من العقبات التي تحول دون التنقل داخل الضفة الغربية ،وتسيير قوافل الحافلات والشاحنات بين الضفة الغربية وقطاع غزة ، وبناء ميناء بحري في غزة ، [ و] إعادة افتتاح مطار في غزة تم تدميره بقصف اسرائيلي سابق.
وتم التوصل إلى هذا الاتفاق بعد فترة وجيزة من سحب إسرائيل مستوطنيها وقواتها العسكرية من قطاع غزة. والدافع وراء فك الارتباط أوضحه Dov Weissglass ، أحد المقربين من رئيس الوزراء آنذاك ارييل شارون، الذي كان مسؤولاً عن التفاوض وتنفيذ ذلك، هو تجميد عملية السلام . " وعندما تتجمد تلك العملية، نمنع قيام دولة فلسطينية ، ونمنع مناقشة بشأن اللاجئين والحدود والقدس ، على نحو فعال ، هذه الحزمة بأكملها "الدولة الفلسطينية" ، بكل ما تنطوي عليه، أزلناها إلى أجل غير مسمى من جدول أعمالنا. وهذا كله بمباركة من الولايات المتحدة الأمريكية.
"إن فك الارتباط هو في الواقع الفورمالديهايد " أضاف Weissglass . " إنه يوفر كمية الفورمالين ضرورية حتى لا تكون هناك عملية سياسية مع الفلسطينيين ". اعترف الصقور الإسرائيليون أيضاً أنه بدلاً من استثمار موارد كبيرة في الحفاظ على بضعة آلاف من المستوطنين في المستوطنات غير القانونية في غزة المدمرة ،يتم نقلهم إلى المستوطنات غير المشروعة في الضفة الغربية التي ترغب اسرائيل في الإحتفاظ بها.
تم تسويق فك الارتباط كجهد نبيل لتحقيق السلام ،ولكن الواقع مختلف تماماً . لم تتخل اسرائيل أبداً عن السيطرة على قطاع غزة ، ولم تعترف أنها قوة احتلال كما هو معترف من قبل الأمم المتحدة والولايات المتحدة ، ودول أخرى. في تاريخ الاستيطان الإسرائيلي الشامل للأراضي المحتلة ، وصف الإسرائيليان ايديث زيرتال و عكيفا إلدار ما حدث فعلاً بأنه فض اشتباك : لم يتم تحرير الأراضي المدمرة حتى ليوم واحد من القبضة العسكرية الإسرائيلية ويدفع السكان ثمن الاحتلال كل يوم . تركت إسرائيل وراءها أرضاً محروقة بعد فك الارتباط ، خدمات مدمرة، وسكان لا حاضر ولا مستقبل لهم. تم تدمير المستوطنات من قبل المحتل غير المستنير ، الذي لا يزال في الواقع يسيطر على الأراضي ويقتل ويضايق السكان من خلال قوته العسكرية الهائلة .
عمليات الرصاص المصبوب و عمود السحاب
وجدت اسرائيل ذريعة لانتهاك اتفاق تشرين ثاني بشدة. ارتكب الفلسطينيون جريمة خطيرة في كانون ثاني 2006،. صوتوا " بطريقة خطأ " في انتخابات حرة تمت مراقبتها بعناية ، فازت حماس بأغلبية في المجلس التشريعي . فرضت إسرائيل والولايات المتحدة عقوبات قاسية على الفور ، وقالت بشكل واضح جداً للعالم ما معنى" تعزيز الديمقراطية ". أوروبا ، ويا للعار لحقت بهم.
بدأت الولايات المتحدة وإسرائيل تخططان لانقلاب عسكري للإطاحة بالحكومة المنتخبة غير المقبولة بسرعة، وهو إجراء مألوف. استبقت حماس الانقلاب في عام 2007 ، وأصبح حصار غزة أشد بكثير ، جنباً إلى جنب مع الهجمات العسكرية الإسرائيلية المعتادة. كان التصويت بطريقة خاطئة في انتخابات حرة سيئاً بما فيه الكفاية، ولكن استباق انقلاب عسكري خططت له الولايات المتحدة كان جريمة لا تغتفر .
وتم التوصل إلى اتفاق جديد لوقف إطلاق النار في حزيران 2008. ودعا مرة أخرى لفتح المعابر الحدودية والسماح بنقل جميع البضائع المحظورة والمقيدة إلى غزة". وافقت إسرائيل رسمياً على هذا، ولكنها أعلنت على الفور أنها لن تلتزم بالاتفاق و فتح الحدود حتى إفراج حماس عن جلعاد شاليط ، الجندي الإسرائيلي الذي تحتجزه حماس .
لدى إسرائيل نفسها تاريخ طويل من خطف المدنيين في لبنان وعلى أعالي البحار واحتجازهم لفترات طويلة دون توجيه اتهامات لهم ، وأحياناً تحتفظ بهم كرهائن. بالطبع ، سجن المدنيين بتهم مشكوك فيها ، أو بدون تهم، هو ممارسة منتظمة في الأراضي تسيطر عليها إسرائيل . ولكن المعايير الغربية المزدوجة ( التمييز بين الناس وال " اللا ناس )يجعل كل هذا غير ذات أهمية .
حافظت إسرائيل ليس فقط على الحصار في انتهاكها لاتفاق وقف إطلاق النار حزيران 2008 لكنها فعلت ذلك بدقة قصوى، حتى منعت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين التي تهتم بعدد كبير من اللاجئين في غزة ، من تجديد مخزوناتها.
في حين ركزت وسائل الاعلام على الانتخابات الرئاسية الأميركية في تشرين ثاني ، دخلت القوات الإسرائيلية غزة و قتلت ستة من نشطاء حماس . وردت حماس بإطلاق الصواريخ وحدث تبادل لإطلاق النار .(وكانت جميع الوفيات فلسطينية ) عرضت حماس في أواخر كانون أول تجديداً لوقف إطلاق النار. فكرت إسرائيل بهذا العرض، لكنها رفضته ، وفضلت بدلاً من ذلك إطلاق عملية الرصاص المصبوب ، توغلت القوة الكاملة للجيش الإسرائيلي في قطاع غزة لمدة ثلاثة أسابيع ، مما أسفر عن الفظائع المروعة الموثقة جيداً من قبل المنظمات الدولية و الإسرائيلية لحقوق الإنسان.
بينما كان الرصاص المصبوب في قمة حقده في 8 كانون ثاني 2009، أصدر مجلس الأمن الدولي قراراً بالإجماع (وامتناع الولايات المتحدة عن التصويت ) داعياً إلى " وقف اطلاق نار فوري" أدى إلى انسحاب إسرائيلي كامل ، دون عوائق وتوفير الغذاء والوقود و والعلاج الطبي لسكان غزة، و تكثيف ترتيبات دولية لمنع تهريب الأسلحة و الذخيرة " .
تم التوصل إلى اتفاق جديد لوقف اطلاق النار في الواقع ، ولكن بشروط ، على غرار سابقاتها ، ولكن مرة أخرى انهارت تماما مع حلقة رئيسية من جز العشب القادم في تشرين الثاني 2012، عملية عمود السحاب وما حدث في هذه الفترة يتضح من أرقام الضحايا من كانون ثاني 2012 وحتى إطلاق تلك العملية : قتل إسرائيلي واحد من اطلاق النار من غزة بينما قتل 78 فلسطينياً بنيران اسرائيلية .
كانت شرارة عملية عمود السحاب مقتل أحمد الجعبري ، وهو مسؤول رفيع للجناح العسكري لحركة حماس . وصف الوف بن ، المحرر في صحيفة هآرتس الإسرائيلية الرائدة ، الجعبري بأنه " مقاول من الباطن " لإسرائيل في غزة ، الذي فرض الهدوء النسبي هناك لأكثر من خمس سنوات. كما هو الحال دائماً ، كان هناك ذريعة للاغتيال ، توقع ناشط السلام الإسرائيلي غرشون باسكن السبب المحتمل لاغتيال الجعبري وكان قد شارك في مفاوضات مباشرة معه لسنوات، وذكر أن الجعبري تلقى قبل ساعات من اغتياله مسودة اتفاق هدنة دائمة مع إسرائيل ، والتي تضمنت آليات للحفاظ على وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
هناك سجل طويل من الإجراءات الإسرائيلية الرامية لردع التهديد بتسوية دبلوماسية . بعد هذا التمرين من جز العشب ، تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مرة أخرى . وتكررت المصطلحات القياسية المعاصرة ، "دعا إلى وقف العمليات العسكرية من الجانبين وإنهاء فعال للحصار على غزة " فتح المعابر وتسهيل حركة الأفراد و نقل البضائع ، و الامتناع عن تقييد حركة السكان واستهدافهم في المناطق الحدودية " .
ما حدث بعد ذلك تم مراجعته من قبل Nathan Thrall ، كبير المحللين في مجموعة الأزمات الدولية في الشرق الأوسط. اعترفت المخابرات الإسرائيلية أن حماس راعت شروط وقف إطلاق النار . كتب Nathan Thrall ، (لذلك أنهت "إسرائيل" الصفقة. وفي الأشهر الثلاثة التالية لوقف إطلاق النار، قامت قواتها بغارات منتظمة على غزة ، قتلت إسرائيل المزارعين الفلسطينيين والذين يجمعون الخردة و الأنقاض عبر الحدود ، و أطلقت النار على القوارب ، ومنعت الصيادين من الوصول إلى الغالبية العظمى من المياه الاقليمية في غزة " . وبعبارة أخرى، فإن الحصار لم ينته بعد، وأغلقت المعابر بشكل متكرر ومنع الفلسطينيون من دخول ما يسمى بالمناطق العازلة داخل غزة (التي تشمل ثلث أو أكثر من الأراضي الصالحة للزراعة المحدودة لقطاع غزة ) . وانخفضت الواردات ، و منعت الصادرات ، و سمح لأقل عدد من الغزيين الدخول لإسرائيل والضفة الغربية.
عملية الجرف الصامد
استمرت الأمور حتى نيسان عام 2014، عندما حصل حادث مهم. وقع اثنتان من المنظمات الفلسطينية الرئيسية ، حماس ومقرها غزة والسلطة الفلسطينية التي تسيطر عليها حركة فتح في الضفة الغربية على اتفاق الوحدة. قدمت حماس تنازلات كبيرة . لا يوجد في حكومة الوحدة أيا من أعضائها أو أنصارها إلى حد كبير ، كما لاحظ Nathan Thrall ، تنازلت حماس عن الحكم في قطاع غزة إلى السلطة الفلسطينية . وتم إرسال عدة آلاف من قوات أمن السلطة الفلسطينية هناك، أرسلت السلطة الفلسطينية قواتها الأمنية إلى الحدود والمعابر ، ولم يكن الموقف متبادلاً إذ لم يسمح لحماس أن تكون في الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية. أخيراً ، وافقت حكومة الوحدة على الشروط الثلاثة التي طالبت واشنطن والاتحاد الأوروبي بها منذ فترة طويلة وهي: نبذ العنف ، والالتزام بالاتفاقيات السابقة و الاعتراف بإسرائيل .
غضبت اسرائيل، وأعلنت حكومتها حالاً رفض التعامل مع حكومة الوحدة و إلغاء المفاوضات . واستشاطت غضباً عندما ألمحت الولايات المتحدة ، جنباً إلى جنب مع معظم دول العالم لدعم حكومة الوحدة الوطنية.
هناك أسباب وجيهة لمعارضة إسرائيل توحيد الفلسطينيين. أحدها أن الصراع بين حماس وفتح وفر ذريعة لعدم دخولها في مفاوضات جادة . كيف يمكن للمرء التفاوض مع كيان مقسم؟ والأهم من ذلك، التزمت إسرائيل لأكثر من 20 عاماً بفصل غزة عن الضفة الغربية في انتهاك لاتفاقات أوسلو التي وقعتها في عام 1993، التي تعلن غزة والضفة الغربية وحدة واحدة.
يفسر النظر على الخريطة منطق فصل غزة عن الضفة الغربية، أية كونتونات في الضفة الغربية تركت للفلسطينيين لا يكون لها اتصال بالعالم الخارجي،الا عبر اثنتين من القوى حليفة الولايات المتحدة : إسرائيل و الأردن، وخلافاً للأوهام ، فإن الولايات المتحدة بعيدة جداً عن كونها"وسيطاً نزيهاً ".
وعلاوة على ذلك ، سيطرت إسرائيل بشكل ممنهج على أراضي وادي الأردن، و طردت الفلسطينيين منها ، وأقامت المستوطنات عليا، لضمان أن المنطقة - حوالي ثلث الضفة الغربية بما فيها الكثير من الأراضي الصالحة للزراعة - سيتم في نهاية المطاف دمجها في إسرائيل جنباً إلى جنب مع المناطق الأخرى التي استولت عليها .وإذن سيتم محاصرة الكانتونات الفلسطينية تماماً. إن توحيد غزة مع الضفة الغربية يتعارض مع هذه الخطط التي تعود إلى الأيام الأولى من الاحتلال ، ودعمتها بشكل مستمر الكتل السياسية الرئيسية ، بما في ذلك ما يسمون بالحمائم مثل الرئيس السابق شمعون بيريز ، الذي كان واحداً من مهندسي التسوية في عمق الضفة الغربية.
كالعادة، هناك حاجة لذريعة للانتقال إلى التصعيد المقبل. ونشأت الذريعة عندما قتل ثلاثة أولاد إسرائيليين من المستوطنين في الضفة الغربية بوحشية . أدركت الحكومة الإسرائيلية بسرعة أنهم قتلوا ، ولكنها تظاهرت خلاف ذلك ، وأطلقت عملية "الإنقاذ" وسادت حالة من الهياج تستهدف حماس في المقام الأول . وحملت حكومة نتنياهو من البداية حماس المسؤولية دون بذل أي جهد لتقديم أدلة.
أفاد شلومي إلدار – خبير في شؤون حماس – أن القتلة غالباً جاؤوا من زمرة منشقة في الخليل منذ فترة طويلة وتشكل شوكة في خاصرة قيادة حماس وأضاف: " أنا متأكد أنها لم تحصل على ضوء أخضر من قيادة حماس ، وأن العمل كان فردياً.
وكانت الشرطة الإسرائيلية تبحث عن أفراد هذه الزمرة ، ولا تزال تدعي ، دون دليل ، بأنهم "إرهابيو حماس". حتى يوم 2 أيلول، ذكرت صحيفة هآرتس أنه بعد التحقيقات المكثفة جداً ، خلصت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أن اختطاف المراهقين " نفذته خلية مستقلة " لا علاقة مباشرة لها بحماس .
ويخشى أن الهياج الإسرائيلي لمدة 18 يوماً نجح في تقويض حكومة الوحدة. اعتقلت القوات الإسرائيلية 419 فلسطينياً، من بينهم 335 من قيادات حماس في الضفة الغربية وفقاً لمصادر عسكرية إسرائيلية ، و قتلت ستة من الفلسطينيين ، وفتشت الآلاف من الأماكن وصادرت 350000دولار. شنت اسرائيل أيضاً عشرات من الهجمات في غزة ، مما أسفر عن مقتل خمسة من أعضاء حماس في 7 تموز .
وجاء رد فعل حماس أخيراً مع أول صاروخ أطلق منذ 18 شهراً ، أفاد مسؤولون اسرائيليون ،أنه تم تزويد اسرائيل بذريعة لشن عملية الجرف الصامد في 8 تموز . كان الهجوم الذي استمر 50 يوماً الأكثر تطرفا في جز العشب حتى الآن.

عملية (مجهولة الاسم)
إسرائيل في وضع جيد اليوم لإعادة سياسة فصل غزة عن الضفة الغربية التي مارستها منذ عقود في انتهاك واضح للاتفاقات الرسمية كذلك تم تقليص تهديد الديمقراطية في مصر المجاورة ، والنظام الدكتاتوري العسكري المصري الوحشي بقيادة الجنرال عبد الفتاح السيسي حليف إسرائيل في الحفاظ على السيطرة على غزة.
حكومة الوحدة الفلسطينية ، كما لوحظ في وقت سابق ، وضعت قوات السلطة الفلسطينية التي دربتها الولايات المتحدة على حدود غزة ، وقد ينتقل الحكم إلى أيدي السلطة الفلسطينية ، التي تعتمد على إسرائيل من أجل بقائها وبقاء اقتصادها. قد تشعر اسرائيل بأن سيطرتها على الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية استكملت حتى الآن ،الا أن هناك القليل من الخوف من شكل محدود من الحكم الذاتي للجيوب التي تبقت للفلسطينيين.
هناك أيضاً بعض المصداقية في ملاحظة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو : "تدرك العديد من العناصر في المنطقة اليوم أنه في الصراع في الشرق الأوسط إسرائيل ليست عدواً بل شريك". ويضيف عكيفا إلدار ، المراسل الدبلوماسي في إسرائيل ، إن " جميع" العديد من العناصر في المنطقة ، تفهم أيضاً أنه لا يوجد تحرك دبلوماسي شجاع و شامل في الأفق دون التوصل إلى اتفاق حول اقامة دولة فلسطينية على أساس حدود 1967 وحل عادل ومتفق عليه وحل لمشكلة اللاجئين ". وهذا ليس على جدول أعمال إسرائيل ، ويتناقض بشكل مباشر مع البرنامج الانتخابي لائتلاف الليكود الحاكم لعام 1999 ،الذي رفض رفضاً قاطعاً إقامة دولة عربية فلسطينية غرب نهر الأردن.
بعض المعلقين الإسرائيليين ولا سيما الكاتب داني روبنشتاين ، يعتقد أن إسرائيل تستعد للاسترخاء في سيطرتها على غزة.
سنرى.
يشير سجل السنوات الماضية إلى خلاف ذلك، و الإشارات الأولى ليست ميمونة . ما أن انتهت عملية الجرف الصامد، أعلنت إسرائيل أكبر مصادرة من أراضي الضفة الغربية منذ 30 عاماً تقريباً( 1000 فدان). وذكر راديو اسرائيل ان الاستيلاء جاء رداً على مقتل ثلاثة من المراهقين اليهود. حيث أحرق المستوطنون صبياً فلسطينياً حتى الموت انتقاماً لقتل المراهقين الثلاثة ، ولكن لم يتم تسليم أي أرض إسرائيلية للفلسطينيين ، ولم يكن هناك أي رد فعل عندما قتل جنود إسرائيليون الطفل خليل العناتي البالغ من العمر 10 سنوات في شارع هادئ في مخيم للاجئين قرب الخليل في 10 آب،" في حين أن الجيش الأكثر أخلاقية في العالم يقوم بتحطيم غزة إلى أشلاء "، ثم انطلقوا مبتعدين في سيارتهم الجيب و الطفل ينزف حتى الموت.
كان العناتي واحداً من 23 فلسطينياً ( بينهم ثلاثة أطفال ) قتلوا على أيدي قوات الاحتلال في الضفة الغربية خلال الهجوم على غزة ، وفقا لإحصاءات الأمم المتحدة ، إلى جانب إصابة أكثر من 2000 فلسطيني، 38٪-;- منهم بالذخيرة الحية . " لم يعرض أي من القتلى حياة الجنود للخطر "، حسبما ذكر الصحفي الإسرائيلي جدعون ليفي. لم يكن هناك أي رد فعل ، تماماً كما لم يكن هناك أي رد فعل حين قتلت إسرائيل أكثر من طفلين فلسطينيين في الأسبوع بالمتوسط في السنوات ال 14 الماضية.(مش ناس) بعد كل شيء .
ويدعي جميع الأطراف بشكل عام أنه بعد استيلاء إسرائيل على الأراضي الفلسطينية فإن حل الدولتين قد مات ، وستكون النتيجة دولة واحدة غرب نهر الأردن . بعض الفلسطينيين يرحبون بهذه النتيجة ، ويتوقعون أن يتمكنوا من إجراء معركة الحقوق المدنية للحصول على حقوق متساوية على غرار جنوب أفريقيا في ظل نظام الفصل العنصري .يحذرالعديد من المعلقين الإسرائيليين من " المشكلة الديموغرافية " لأن المواليد العرب أكثر من اليهود إضافة لتناقص هجرة اليهودالتي ستؤدي إلى تقويض الأمل في" دولة يهودية ديمقراطية ".
ولكن هذه المعتقدات مشكوك فيها على نطاق واسع.
البديل الواقعي لحل الدولتين هو أن إسرائيل ستستمر في تنفيذ مخططاتها التي تم تنفيذها لسنوات ، والاستيلاء على كل ما هو ذا قيمة لها في الضفة الغربية ، مع تجنب التجمعات السكانية الفلسطينية وإزاحة الفلسطينيين من المناطق التي ترغب في دمجها بإسرائيل. لتجنب "المشكلة الديمغرافية " اللعينة.
وتشمل المناطق التي يجري دمجها في إسرائيل القدس الكبرى الموسعة إلى حد كبير ، ومنطقة " جدار الفصل العنصري " غير الشرعي وممرات قطع المناطق إلى الشرق ، وربما تشمل أيضا وادي الأردن. ومن المرجح أن تظل غزة تحت حصارها القاسي المعتاد ، مفصولةعن الضفة الغربية. ضمت اسرائيل مرتفعات الجولان السورية - مثل القدس في انتهاك لقرار مجلس الأمن - وستصبح بهدوء جزءاً من إسرائيل الكبرى . في غضون ذلك، سيبقى فلسطينيو الضفة الغربية في كانتونات غير قابلة للحياة ، مع مساكن خاصة للنخب كما الاسلوب الاستعماري الجديد القياسي.
كانت هذه السياسات الأساسية متبعة منذ عام 1967، في أعقاب المبدأ المنصوص عليه من قبل وزير الدفاع آنذاك موشيه دايان ، أحد القادة الإسرائيليين الأكثر تعاطفاً مع الفلسطينيين. فقد أبلغ زملاءه في مجلس الوزراء أنه ينبغي أن أقول للاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية ، "ليس لدينا حل ، يجب عليكم الاستمرار في العيش مثل الكلاب ، و يستطيع من يرغب منكم الرحيل، وسوف نرى إلى أين ستؤدي هذه العملية. "
كان الاقتراح طبيعياً ضمن المفهوم الرئيس الذي ورد في عام 1972 على لسان الرئيس المستقبلي حاييم هرتسوغ : " أنا لا أرفض أن يكون للفلسطينيين مكان أو رأي حول كل مسألة ... ولكن بالتأكيد أنا لست مستعداً للنظر إليهم كشركاء محترمين في الأراضي التي تم تقديسها على أيدي أمتنا منذ آلاف السنين . بالنسبة لليهود في هذه الأرض لا يمكن أن يكون هناك أي شريك . ودعا ديان أيضاً ل " حكم دائم " لإسرائيل على الأراضي المحتلة . نتنياهو يعبر عن نفس الموقف اليوم ، وهو لا يفتح آفاقاً جديدة.
مثل الدول الأخرى، تدعي إسرائيل الحجج "الأمنية" كمبرر لأفعالها العدوانية و العنيفة. ولكن الإسرائيليين يعترفون بوضوح منذ عام 1972 ومن قبل قائد سلاح الجو ( والرئيس اللاحق) عيزر وايزمان : لن تكون هناك مشكلة أمنية إذا كانت قبلت إسرائيل القرارات الدولية التي تدعو إلى الانسحاب من الأراضي التي احتلتها في عام 1967 ، إلا أن البلاد غير قادرة على الوجود لها وفقاً للمعايير ، والروح ، والجودة التي تجسدها الآن .
تواصل الاستعمار الصهيوني لفلسطين لمدة قرن ، أساساً على مبدأ براجماتي فرض الحقائق على الأرض بطريقة هادئة ، والتي سيضطر العالم في النهاية لقبولها. لقد كانت سياسة ناجحة للغاية . وهناك من يدعو لاستمرارها طالما تقدم الولايات المتحدة الدعم العسكري الاقتصادي والدبلوماسي و الأيديولوجي .أما بالنسبة لأولئك المعنيين بحقوق الفلسطينيين المغتصبة ، فمن أولوياتهم العمل على تغيير سياسات الولايات المتحدة ، وهذا ليس حلماً.
مترجم
نعوم تشومسكي



#فضيلة_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فشل في غزة
- اسرائيل تستخدم فيديو من 2009 لتبرير تدمير مستشفى الوفاء
- عائلة غزاوية دمرتها القنابل الإسرائيلية
- مجزرة ريشون لتسيون - قاتل غزة
- توجيه هانيبال: كيف قتلت إسرائيل جنودها وذبحت الفلسطينيين لمن ...
- ثلاثة أسئلة لحماس
- الأساطير القاسية حول المعلمين
- إعادة تشكيل عيد العمال
- لماذا خان العرب غزة
- ابن الموت - محمد ضيف-
- نظرة تاريخية لمجزرة غزة 2014
- عولمة غزة : كيف تقوض إسرائيل القانون الدولي من خلال -الحرب ا ...
- لماذا لا يمنح الجيش الإسرائيلي جائزة نوبل للسلام؟
- حماس : ليست هدف اسرائيل
- الجانب النفسي/العسكري للبلدوزر الإسرائيلي
- إرفعوا الحصار عن غزة يتحقق السلام
- إرفعوا حماس من قائمة الإرهاب وتفاوضوا معها
- الشعوب المحاصرة، مختبرات الفناء الخلفي :العلاقات التي تربط ب ...
- حماس وجنون العظمة الاسرائيلية
- ماذا لو كان الأطفال القتلى -الشهداء- في غزة يهوداً؟


المزيد.....




- إصابة 8 مدنيين إثر قصف أوكراني استهدف جمهورية دونيتسك
- القوات الإسرائيلية تقتل 5 فلسطينيين من بينهم طفلة صغيرة خلال ...
- صدمة وحزن لوفاة شرطي ألماني تعرض للطعن على يد شاب أفغاني
- سوريا.. رئيس دائرة الامتحانات في حلب ينفي وفاة طالب بكالوريا ...
- مستشار نتنياهو: خطة بايدن بشأن غزة ليست جيدة ومعيبة لكن إسرا ...
- وزير الصحة المصري: نستقبل 4 مواليد كل دقيقة بينما نستهدف طفل ...
- الجيش الإسرائيلي: سقوط مسيرة لـ -حزب الله- في نهاريا من دون ...
- الجيش الإسرائيلي يحقق مع نفسه بشأن خروقات.. ما هي النتائج؟
- عمره 93 عامًا.. الملياردير روبروت مردوخ يتزوج للمرة الخامسة ...
- -تهديد خطير-.. مخاوف من غزو الخنازير الكندية الخارقة للولايا ...


المزيد.....

- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فضيلة يوسف - جز العشب في غزة