أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علاء عبد الهادي - في المسرح العربي وخطاب التأصيل















المزيد.....

في المسرح العربي وخطاب التأصيل


علاء عبد الهادي

الحوار المتمدن-العدد: 4569 - 2014 / 9 / 9 - 08:47
المحور: الادب والفن
    




تختلف النظائر المسرحية وتجلياتها, وتتغير, من بيئة ثقافية في مكان ما وزمانه, إلى بيئة أخرى, ومع هذا يمكن أن تسود نظائر فنية لقوميات ذات تقدم حضاري, على نظائر فنية لقوميات أقل تقدمًا وحضورًا, الأمر الذي قد يسبب اندثار الأخيرة تدريجا من الوعي الفني أو الأدبي العام, وهذا ماحدث في وطننا العربي حين أخلت العديد من النظائر المسرحية المحلية التي ارتبطت بذوقنا الجمالي السائد, وشكول فرجتنا الشعبية, مكانها لشكل المسرح الغربي الجمالي, ولشكوله النصية والأدائية.
تقابلنا في هذا السياق, ثلاثة أسئلة أساسية تؤثر إجاباتها تأثيرا كبيرا على منهج التأصيل, وأساليب البحث في نظائر المسرح العربي قبل عام 1847 م, وهو تاريخ عرض مسرحية البخيل لمارون النقاش, ولهذه المسرحية أهمية تاريخية لأن عددا كبيرا من الباحثين في المسرح العربي يؤرخون بها بدايات دخول هذا الفن إلى العالم العربي, وتجدر الإشارة هنا إلى أنه لا علاقة لبخيل مارون النقاش ببخيل موليير كما هو شائع, وهي أسئلة يمكن صوغها على النحو الآتي: هل يعني غياب كلمة مسرح عن المعجم الفني لأمة ما, غياب ماتدل عليه هذه الكلمة في الواقع؟ ذلك لأن التسمية أو الاصطلاح تأتي في عوالم النقد متأخرة دائما عن تجلياتها في الواقع الأدبي أو الفني المعيش. وهل يعني وجود عوالم درامية في نصوص أدبية "تراثية", مثل المقامة وغيرها, معرفة العرب لفن المسرح؟ وهو سؤال يرتبط بعلاقة فن المسرح وهو فن عرض في أساسه بفن الكتابة الدرامية, ذلك لأن التعامل مع النصين: نص الكتابة, ونص العرض بصفتهما ممثلين لمسمى واحد أوقع عددا كبيرا من الباحثين في أخطاء منهجية عديدة. والسؤال الثالث, هل يشكل غياب مبنى مسرحي بالمعني المتعارف عليه جماليا أو تاريخيا, دليلا على غياب معرفة شعب, أو قومية ما, للفن المسرحي؟ وهو سؤال يرتبط بالشعريات المقارنة لنظرية الفن المسرحي, التي تختلف من سياق ثقافي إلى آخر, وهي ثلاثة أسئلة أراها ضرورية تتعلق على نحو مباشر بالنوع المسرحي, ومعالجاته التاريخية.
مرت حركة التأصيل للمسرح العربي -قبل دخول المسرح إلينا بشكله الغربي سنة 1847 م- بمواكبات نقدية وبحثية عديدة, نستطيع تحديد أهم إسهاماتها في تيارين أساسيين تتأرجح بينهما بقية المهود البحثية أو التنظيرية, التي حاولت إرساء مفاهيم نظرية يستند عليها الحكم النقدي لبدايات المسرح العربي, التيار الأول: وهو تيار مندفع يرى عددا كبيرا من مظاهر الأداء الفني, أو مظاهر الفرجة الشعبية كألعاب الحواة وغيرها, أو عددا من الطقوس الدينية, فضلا عن نصوص تاريخية, ممسوسة بالدراما تحمل حوارا, مثل نص انتصار حورس, وهو أنضج نص فرعوني يمكننا الحديث عنه ارتباطا بالدراما, أو نصوص المقامات, وغيرها, شكولا مسرحية وذلك دون الخوض في تأصيل نظري واف عن مفهوم المسرح يسبق هذا الحكم.
وقد سيطر على معظم هذه البحوث أسلوب التأريخ, والعرض التصنيفي, دون الدخول الجاد في مبحث النوع المسرحي, فترتب على ذلك الوقوع في أخطاء منهجية عديدة بسبب تفتيت ملامح الظاهرة موضوع التناول, وقطعها عن سياقها, وابتداع مشابهات منها تتماثل مع صورة أو أخرى من شكول المسرح الغربي, الأمر الذي أدي إلى إغفال الخصوصية الفنية المتغيرة بتغير البيئة الثقافية من جهة, وغياب الانتباه إلى المشترك المسرحي بين جُماع هذه الخصوصيات من جهة أخرى.
فعلى الرغم من تقديرنا العميق للمجهود البحثي, والريادة غير المنقوصة لمن تناول هذا الموضوع ومنهم محمد كمال الدين, في كتابه العرب والمسرح, ود. علي الرعي في كتابه المسرح في الوطن العربي, ود.علي عقلة عرسان, في كتابه الظواهر المسرحية عند العرب, وغيرهم, فإننا لا نستطيع أن نغض الطرف عن انطباعية كثير من الأحكام الواردة في هذه الكتب, فضلا عن العيوب المنهجية التي ظهرت في سياق هذه الأعمال, وذلك بسبب غياب مفهوم بنيوي قار عن الشعرية المسرحية من جهة, ولأن نية الإثبات كانت تسبق تحري الظاهرة والخروج بالنتائج, من جهة أخرى, وهذا ما شكل عائقا إبستمولوجيا منع الوصول إلى منهج ملائم لدراسة أصول المسرح العربي –رغم مئات الأبحاث والكتب التي كتبت في هذا الموضوع- وهذا ما يجعلنا متفقين مع من نعتوا مناهج البحث في معظم الكتب التي حاولت تأصيل المسرح العربي بالفساد.
وعلى الرغم من توافر نية إثبات وجود مسرح عربي سابق على دخول المسرح إلى تربتنا بتقاليده الغربية على يد مارون النقاش في لبنان, وخليل القباني, ويعقوب صنوع في مصر, وسوريا, فإن آراء هذا الاتجاه كانت محملة بالشك أيضا, كان هذا الشك متضمنا في التوصيف النقدي المستخدم للمسميات الفنية موضوع الدراسة, حيث ظهر ذلك على نحو جلي في وضع هذه المسميات تحت أسماء تفتقدُ الحسم, مثل ظواهر مسرحية, أو بذور, أو إرهاصات...إلخ! كما ذهب عدد من النقاد من ممثلي هذا الاتجاه إلى أن استيراد المسرح من الثقافة الغربية إلى الثقافة العربية, أدى إلى إجهاض جنين مسرحي شرعي للثقافة العربية, كان يمكن أن ينمو من واقع فنون الأداء والفرجة الخاصة بنا.
ويمكنني هنا أن أشير إلى مجموعة من فنون الفرجة التي يصح النقاش حول انتمائها إلى المسرح, وجودا وعدما. وذلك بعد استبعاد تجليات فنية, ومظاهر أداء, لابتعادها عن مفهوم المسرحة على نحو واضح ومباشر مثل النصوصِ الأدبية التي ليس لها تحقق مسرحي, ولو حملت في طياتها عوالم درامية, كالكتب السماوية, وما جاء فيها من قصص محمل بعوالم درامية لافتة, فضلا عن المناظرات, والنقائض الشعرية, وبعض القصص المتطورة في تراثنا العربي مثل "رسالة الصاهل والشاحج" لأبي العلاء المعري, وحكاية أبي القاسم البغدادي", وحي بن يقظان "لابن طفيل", والمقامات على اختلافاتها...إلخ. كما أن ممارساتِ الأداء الديني في المعابد, والأضرحة, والمساجد, وغيرها من دور العبادة, يمكن استثناؤها مباشرة من الفن المسرحي, وذلك لأنها تمثل عند المتلقي ما يشير إلى العالم الواقعي مباشرة, حيث تُستقبل بوصفها عوالم حقيقية, من الممارسين والمتلقين على السواء. مثلها في ذلك مثل الممارسات الاحتفالية الواقعية, والمآتم, ومواكب الملوك, وغيرها.
هكذا يمكننا أن نحدد على نحو موجز أهم تجليات الأداء الفني التي اختلف النقاد حول انتمائها إلى الفن المسرحي, إلى قسمين رئيسين يضم الأول تجليات تعتمد في تحققها على وسيط غير بشري وهي ثلاثة: صندوق الدنيا, وخيال الظل, والقراقوز, والقسم الثاني ويضم تجليات أداء تعتمد في تحققها على وسيط بشري, ويمكننا تقسيمها إلى أربعة أنواع: الأول تمثله تجليات أداء فنية يهيمن عليها السرد, مثل السارد الملحمي أو سارد السيرة الشعبية, والموال الشعبي, والمنشد الصييت وغيرها, ويضم النوع الثاني تجليات أداء فنية تهيمن عليها المحاكاة الصامتة, مثل الكُرج, والسماجة, والحواة وألعاب الحيوانات, أما النوع الثالث فيرتبط بتجليات أداء شعبية يهيمن عليها الأداء التمثيلي مثل السامر, والمحبظين, ويشمل النوع الرابع تجليات الأداء الفنية التي يهيمن عليها الحس الديني والطقسي مثل التعازي والتشابيه الشيعية, والزار, والاحتفالات الدينية. ويُعد السارد الملحمي من أقدم هذه النظائر, والزار من أحدثها.. وللكتابة بقية..
* (شاعر ومفكر مصري)



#علاء_عبد_الهادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في نفي وجود الدراما في التراث العربي
- جائزة نوبل للآداب: -في نقد المركزية اللغوية الغربية-
- الترجمة والتعريب
- اللغة والقوة
- في الهوية القومية والهوية الفردية
- الترجمة الآلية وتأثيراتها 2-2
- الترجمة الآلية وتأثيراتها 1-2
- الإيقاع في قصيدة النثر 3 /3
- الرقابة بين حريتين؛ الجميل والقبيح
- الإيقاع في قصيدة النثر 2 /3
- الإيقاع في قصيدة النثر 1 /3
- قراءة ميتا- نقدية عن كتاب -في الواقعية السحرية- لحامد أبو أح ...
- حق الأرض وحق الإنسان
- هل نحتاج إلى وثيقة جديدة لحقوق الإنسان!
- حول الهوية والثقافة
- تهافت الخطاب النقدي في كتاب زمن الرواية- جابر عصفور نموذجًا ...
- الترجمة وفكرة الأصل
- كرة القدم والهوية
- الترجمة, والثقافة العربية
- الثورة المعلوماتية, والنموذج الثقافي الأميركي؛ التكنولوجيا ب ...


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علاء عبد الهادي - في المسرح العربي وخطاب التأصيل