أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - علاء عبد الهادي - قراءة ميتا- نقدية عن كتاب -في الواقعية السحرية- لحامد أبو أحمد















المزيد.....



قراءة ميتا- نقدية عن كتاب -في الواقعية السحرية- لحامد أبو أحمد


علاء عبد الهادي

الحوار المتمدن-العدد: 4505 - 2014 / 7 / 7 - 08:36
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


قراءة ميتا- نقدية عن كتاب "في الواقعية السحرية" لحامد أبو أحمد
دكتور علاء عبد الهادي*

"كانت أكثر مسألة تهمني هي تحطيم الحدود التي تفصل بين ما يبدو حقيقة, وما يبدو فانتازيا"
"جابراييل جارسيا ماركيز"



د. حامد أبو أحمد ناقد أكاديمي, وأستاذ لغة أسبانية, ومترجم قدير, وله اجتهاده النقدي, وأظن أن دراسته عن الواقعية السحرية تندرج في إطار اهتمامه الجاد بتناول التيارات النقدية الغربية الحديثة, أما النقد على النقد فعمل شائك, لكنه يصب دائما في مصلحة القراء..
بداية, يسدّ هذا الكتاب (في الواقعية السحرية) الصادر عن الهيئة العامة للكتاب, بعض النقص في المكتوب بالعربية عن الواقعية السحرية في الرواية الإسبانو- أمريكية, وذلك رغم بعض الغموض في عنوان الكتاب, بسبب دلالة حرف الجر (في), في بداية العنوان, وهي دلالة تشي من البداية بحذر أكاديمي ما في التناول, ومن هذا الحذر ذاته جاءتْ بهمة العنوان, ذلك لأنه قد يفهم عدد قليل من المختصين العارفين بالمصطلح وتطوره أنه يعالج مفهوم الواقعية السحرية بعامة, هذا المفهوم الممتدّ على جسد إبداعي يشمل الفنّ التشكيليّ والشعر والرواية, في أمريكا اللاتينية وفي غيرها من مناطق مختلفة من العالم, وليس من شك في أن تغيير عنوان البحث إلى شيء من قبيل الواقعية السحرية في رواية أميركا اللاتينية جابرييل جارثيا ماركيز نموذجا, على سبيل المثال, سيكون أدخل في موضوع البحث, وهو أصحّ عنوان في رأيي لهذه الدراسة, فما هو عن جبراييل جارثيا ماركيز يحتل ما يزد على نصف الكتاب, وما يزيد على ثلثيه إذا أبقينا المقدمة النظرية.
ظهرت الحاجة الملحة إلى السردية, وإلى عودة الرواية إلى الفانتازيا, والحركة, كما أعلن لذلك في إيطاليا "رناتو باريللي, "Renato Barilli" في ندوة عقدتْها "جماعة 1963", ثم كرس آخرون بعده مثل بومبياني أهمية العودة إلى الحبكة, وفسر ذلك الناقد الإيطالي أومبرتو إكو بأنه قد تحين لحظة لا تستطيع فيها الطليعة أو الحداثة أن تجاوز حدّا معينّا, هكذا يماثل إكو بين ما بعد الحداثي, والتهكم الفكاهي, ويرى أن نموذج الرواية التي تأخذ بهذه المباديء يكمن في تخطي التناقضات بين الواقعية واللاواقعية, وبين الشكلية والمضمونية, وبين الأدب الخالص والأدب الملتزم, ولاشيء من هذا يلوح غريبا عن الرواية الأسبانو- أمريكية في النصف الأخير من القرن العشرين", وهذا تيار يمسّ اتجاهات ما بعد الحداثة, فيما يرتبط بالجمع ما بين الأضداد, ويتلاءم مع شعرية رواية الواقعية السحرية أيضًا.
يتصف مصطلح الواقعية السحرية بميوعة نظرية, وذلك لغياب دقته على المستوى المفهومي, فهو مصطلح فضفاض, الأمر الذي دفع عددا من النقاد إلى رفضه, كما أدى على مستوى آخر إلى غياب احترام المصطلح -جزئيّا- على المستوى الأكاديمي, إلى حدّ أن هناك من النقاد من دعا إلى هجره نهائيا, مثل "إمير رودريغث مونيغال", أستاذ الأدب الأسباني في جامعة ييل, كان ذلك في الكلمة الافتتاحية لمؤتمر المتخصصين في الأدب الأسباني في أغسطس 1973, ودفع بأن هذا المصطلح قد شكل عبئا ثقيلا عرقل فهم أدب أمريكا اللاتينية, ودراسته".
توضح هذه الإشارة إشكالية هذا المصطلح الذي أصبح يطلق على علاته على أدب أمريكا اللاتينية الروائي دون تمحيص أو تفريق بين الواقعية السحرية والأدب الفانتازي. وذلك رغم الكتاب القيم الذي قدمه تودوروف في كتابه (مدخل إلى الأدب "العجائبي"), الصادر في عام 1970, وهو كتاب مهم في السياق الذي يتناول فيه د. حامد مفهوم الواقعية السحرية, كنت أنتظر أن يرجع إليه, على مستوى آخر كانت هناك أصوات أكثر اعتدالا طالبت بصوغ نظرية دقيقة للواقعية السحرية, "ومن هؤلاء سيمور منتون الذي قدم إسهاما بارزا في العملية الاستردادية للمفهوم, بكتابه المنشور عام 1983, الذي عزز فيه رؤية فرانز روه -التي نتناولها لاحقا- مشيرا إلى تواصل الواقعية السحرية بمنأى عن "ما بعد التعبيرية" في العشرينيات".
ونظرًا إلى ما يمسّ هذا المصطلح من مشكلات تقلل من أهميته, وتحاول استرداده إلى الحقل المفهومي الاصطلاحي الدقيق يصبح منهج تناول المصطلح صحيحا في رأيي من خلال مهمتيْن أساسيتين:
- تحري التطور التاريخي للمصطلح على نحو منهجي, دون استبعاد آراء الرواد, بداية من الفن التشكيلي إلى بقية أنواع الفنون, لمعرفة تعالقاته النوعية.
- تحري الدقة النظرية في تطبيقه على ما صدق بعينه, في بيئة ثقافية بعينها, حتى يمكننا التمييز بين المصطلح في عموميته, وفهمه من خلال إبداع له بيئته الأدبية, وسياقه الجمالي, وخصوصيته الفنية المختلفة.
وهما متطلّبان ضروريان لإنقاذ أية دراسة, مثل دراسة د. حامد هذه, من وقوعها في النقل والتّكرار, وتنقـلها من إطار ذلك إلى إطار التأصيل, بل إن هذا الإجراء المنهجي هو ما يمنح لمثل هذه الدراسات شخصيتها العلمية.
تتكون بنية كتاب د. حامد وعنوانه الواقعية السحرية, الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب عام 2008, من مقدمة عنوانها "قرن من الإبداع المتواصل في أمريكا اللاتينية, شغلت تسع صفحات, يشير د. حامد فيها إلى أربع حركات تجديدية أو اتجاهات بارزة هي:
1- الواقعية الاجتماعية: ويذكر المؤلف إنها تأثرت بكتبات إميل زولا, وبلزاك, وكلارين وجالدوس, ويقول إن أبرز ممثليها خوسيه وماريو بارجاس وماريا أرجيداس من البيرو, وكارلوس فيونتس من المكسيك.
2- الواقعية النفسية: وهي التي تستخدم تقنيات مرتبطة بالحلم, وتعبر عن اللاشعور, وتيار الوعي, والخيال الجامح, واستبطان الذات, ومن أبرز ممثلي هذا التيار كما يذكر المؤلف بيو كاساريس, وخوسيه روبن روميرو, وبدرو برادو, وإدوار بربوس.
3- الواقعية السحرية: ويمثلها جابرييل جارثيا ماركيز, وخوان رولف, وخوليو كورتاثار.
4- الواقعية البنائية: ولها تجليات كثيرة في الأدب الروائي, في أمريكا اللاتينية, لدرجة أن النقاد رصدوا فيها ما يقرب من عشرة اتجاهات منها التعبير عن القبح, والتعامل مع اللغة, وكأننا في معمل, ومحاولة فهم الواقع المتعالي, والقصة الجديدة أو اللاقصة, والتعبير عن اللامنطق, والتجديد الظاهري للواقع..
وعلى الرغم من اختلاط هذه الواقعيات لو صحت التسمية, على مستويي المفهوم من جهة, والكتاب أنفسهم في مراحلهم الفنية المتعاقبة من جهة أخرى, لأن هذه التقسيمات في حقيقتها هي تقسيمات إجرائية مقبولة على مستوى التحديد فحسب. ذلك لأن الكاتب الواحد قد يخلط بوعي -أو دون وعي- بين هذه الواقعيات سواء على مستوى العمل الواحد, أو على مستوى تجربته الممتدة في الكتابة الإبداعية, وكنت أنتظر من المؤلف أن يعطي أمثلة واضحة لعمل ما من كل كاتب في كل تقسيم, كي يتضح للقاريء سمات كل واقعية منها في عمل بعينه, فعلى سبيل المثال لا الحصر يضع د. حامد في كتابه مثلا فصلا عن ماريو بارجس يوسا في كتاب عن الواقعية السحرية, وماريو بارجاس ينتمي وفق اقتباسه السابق إلى الواقعية الاجتماعية! والكتاب عن الواقعية السحرية! من أجل هذا كان لملاحظتي اقتضاؤها, فضلا عن أن هذه التقسيمات في حقيقتها غير دقيقة على المستوى العلمي, فهي ليست حدودا قاطعة كما يتوهم عدد من الباحثين.
ويأتي بعد المقدمة فصل وعنوانه "في الواقعية السحرية: الواقعية السحرية في أمريكا اللاتينية", ربما يحتاج عنوان هذا الفصل إلى إضافة كلمة "الرواية" فيه, لأن هناك واقعيات سحرية في آداب وفنون مختلفة. يبدأ الكاتب الفصل بتعريف للواقعية السحرية, قاله له شفاهة, الروائي الكولومبي ماريو بارجس يوسا, في عام 2000, وذكر فيه: يقول البعض إن أليخو كاربنتيير هو أكثر من قدم هذا العالم الذي لا يمكن أن نسميه واقعا ولا يمكن ان نسميه فانتازيا, ثم يقدم د. حامد بعد ذلك اختياراته المقتبسة منشئا بها خطابه الذي لا يخلو من اجتهاد, حول مفهوم هذا المصطلح, وبداياته, ثم يحدد د. حامد ستة أدباء من أمريكا اللاتينية, ويعدّهم أهمّ كتاب هذا التيار. ثم تناول المؤلف بعد ذلك ما شاع في الكتابات الأكاديمية حول علاقة الواقعية السحرية بالسريالية, وعرض لنا عددا من خصائص السريالية في بيانها الأول عام 1924, دون غيره من بيانات لاحقة, ويقدم المؤلف لنا بعد ذلك جزءا من دراسة الناقد لويس ليل “Luis Leal” الذي يحدد سبعة فروق بين السريالية والواقعية, وهي ليست فروقا في الحقيقة من خلال الصيغة التي أتت بها في الكتاب ولكنها سمات للواقعية السحرية, ويرى د. حامد في هذه الفروق أنها تمثل نقدا انطباعيا, وليست نقدا موضوعيّا, ثم يذكر د. حامد في هذه المقدمة المفهومية العلاقة بين الواقعية السحرية والأسطورة, مؤكدا قول بورخيس "إن القرن العشرين هو قرن الأسطورة", ويعرف في هذا معنى الأسطورة من خلال المعاجم, وآراء عدد من النقاد والمفكرين, متبنيّا رأي بالينثيا روث في (أن الواقعية السحرية هي الوعي الأسطوري بالعالم, وفيها نجد العالم مفهوما رغم امتلائه بالأسرار, فليس ثمة أيّ حدث ليس له تفسير), ثم يشير إلى أن فهم عدد من كتابنا عن الواقعية السحرية هو فهم خاطيء, وقد شغل هذا الفصل من الكتاب ثلاثين صفحة تقريبا.
تأتي مباشرة - بعد ذلك- دراسة بعنوان "رواية خريف البطريرك" أو "الدكتاتور في سأم مملكته", الصادرة عام 1975, وقد اورد د. حامد في الفصل السابق إشارة مهمة إلى تأثر أسلوب ماركيز في روايته خريف البطريرك بموسيقى بيلا بارتوك, فضلا عن الموسيقى الشعبية في منطقة الكاريبي, ولا أجد تفسيرا لسبب ورود هذه الإشارة من د. حامد, ذلك لأنها -على أهميتها- لم تستخدم في تحليل الرواية, "وقد حلل الكاتب بوعي بنية الرواية التي تتكون من ستة فصول, لا تفصل بينها أرقام, أو عناوين, بل تفصل بينها فراغات طباعية تدل على ابتداء فصل وانتهاء آخر, فإذا بدأ فصل توالت سطوره دون انقطاع, حتى لا نكاد نعثر إلا على عدد قليل جدّا من علامات التنصيص, والنقط, ويبدأ الفصل الأول بموت البطل, مثلما يبدأ كلّ فصل من الفصول الخمسة الباقية بموت البطل الديكتاتور أيضا", ولنا وقفة هنا, مرتبطة بالاقتباس السابق, ولما أورده المؤلف اقتباسا عن موسيقى بيلا بارتوك؛ ألا تذكرنا هذه البنية ببنية الطباق الموسيقي “counterpoint”, وكأنها أصوات تصدح في آن واحد؛ هنا نعثر على اقتضاء كان من الواجب الالتفات إليه على مستوى المضمون, فتأثر ماركيز بموسيقى بيلا بارتوك, وذكر هذه الملاحظة لم يكن مجانيا بحال, فقد فرض الموسيقي بيلا بارتوك تأثرا ما على الروائي ماركيز, فأعمال بارتوك تحتفي "بطباق" موسيقي خاص, حاول ماركيز موازاته روائيا, وشكل هذا إرغاما فنيّا على ماركيز, ونحن لا ندري مدى وعيه به, لكن بنية الرواية تفصح عن هذا التأثر دون منازع, وها ما يفسر لماذا بدأ ماركيز كلّ فصل, بموت الدكتاتور, وكأننا ننصت في الوقت نفسه لمشهد موسيقي واحد من آلات مختلفة! من أجل هذا انثال النصّ وكأنه تنويعات موسيقية هارمونية على خط لحني أساسي واحد على المستوى الشكلي, فجاء العمل دون فواصل, أو عناوين, كأنه توزيع طباقي بلغة الموسيقيين, للحن واحد, وهذا ما لم ينتبه إليه د. حامد رغم اجتهاده, وظني أن زاوية النظر التحليلية هذه التي أشارتْ إليها بخبث عبارة ماركيز السالفة, في إشارته إلى الموسيقي المجري بيلا بارتوك, ستغني التحليل كثيرا, بل قد تغير من بنيته ورؤيته في آن, لو انتبه إليها الناقد, وقد شغل هذا الفصل أربعين صفحة تقريبا.
بعد هذا نقابل فصلا آخر عن رواية ماركيز عن محاكم التفتيش, "عن الحب وشياطين أخرى", ويمثل هذا الفصل قراءة تحليلية للعمل, شغلت حوالي ثلاثين صفحة من الكتاب, ويستمر الحديث عن ماركيز في الفصل التالي مباشرة, ولكن هذه المرة من خلال ما كتبه ماريو بارجس يوسا كاتب البيرو الشهير عن ماركيز, ثم ينقطع السياق الماركيزي هنا فجأة بدراسة عن رواية السيد الرئيس لميجل آنخل إستورياس, التي تشغل ثلاثين صفحة تقريبا, وهو انقطاع لا مبرر منهجي له, لكننا نجد فيه على أية حال ملاحظة مهمة عن عدد من الثوابت التي يتميز بها أدب أمريكا اللاتينية يحددها المؤلف على هذا النحو:
1- روح التجديد التي سيطرت على الغالبية العظمى من الشعراء, والكتاب والمثقفين, منذ نهايات القرن التاسع عشر, وهي نقطة كانت تحتاج إلى المزيد من الإفاضة, لمعرفة أسبابها.
2- خصوصية أدب أمريكا اللاتينية التي تحتفي بالاحتجاج, ووعي الكتاب المفرط بهذا, وهي نقطة أخرة كانت تحتاج من المؤلف إلى بعض الاجتهاد لإيضاح هذه الخصوصية, فكل أدب محلي له خصوصيته, وهذا تحصيل حاصل.
3- ثم يذكر المؤلف رأيا هنا لماريو بارجاس يوسا –ويعد هذا الرأي أحد ثوابت أدب أمريكا اللاتينية- يقول فيه إن أدب أمريكا اللاتينية قد اكتشف من خلال ثلاث نوافذ رئيسة هي أدب الولايات المتحدة الأمريكية الحديث بخاصة, وما قدمه أدباؤها وروائيوها من أعمال أكدت أهمية الشكل في النص الروائي الحديث, النافذة الثانية التي يقتبسها المؤلف من ماريو بارجاس يوسا هي تأثر الأدب الفرنسي, فقد عاش في فرنسا وتأثر بأدبها عدد مؤثر من كتاب أمريكا اللاتينية, ومنهم يوسا نفسه, أما النافذة الثالثة فهي أسبانيا التي شهدت نهضة للنشر في الستينيات في إقليم قطالونيا وعاصمته مدينة برشلونة, وقد كان النشر في هذه الحقبة فرصة للدخول إلى بوابة أوروبا واسعة نحو العالمية. ولكن يصعب قبول هذا الرأي بوصفه ثابتا من ثوابت أدب أمريكا اللاتينية, لأن هذا الرأي لا يعبر عن سمة فنية في حقيقته, بل يعبر عن وجهة نظر تاريخية لتطور هذا الأدب...
هذا الجزء برمته يصحّ وروده على النحو الذي أتى به في دراسة منفردة عن إستورياس توضح للقاريء سمات أدب أمريكا اللاتينية, لكنه لا يصحّ أن يأتي هكذا في بنية كتاب منهجي, يجب أن يخضع إلى تناول مرتب, فهذا الجزء مكانه في المقدمة في حقيقة الأمر. فحتى لو اعتمد الكتاب مقالات متفرقة, فيجب على المؤلف أن يكون منتبها إلى اختلاف بنية الكتاب عن بنية المقال أو الدراسة, وما يترتب على ذلك من تعديل, وإعادة صوغ, وترتيب.
بعد إستورياس ينقطع السياق المنهجي للعمل, مرة ثانية, وذلك من خلال حوار جرى في رحلة مع كاتب البيرو ماريو بارجس يوسا, وذلك في أثناء زيارته في يناير 2000 إلى الأسكندرية, من صفحة 193 إلى صفحة 215, ثم يعود بنا الكاتب ثانية في الفصل التالي مباشرة إلى حوار مع ماركيز أسماه اعترافات أديب: الكاتب الكولومبي جابرييل جارثيا ماركيز", وينهي الكاتب كتابه بملحق, فيه ترجمة لقصة قصيرة هي "الآخر" لبورخيس, وترجمة أخرى لمقال لبورخيس أيضا عن مترجمي ألف ليلة وليلة. وهذا الجزء برمته دخيل على الكتاب, وزائد في وجهة نظري, بل إنه جاء غريبًا عن السياق المنهجي النقدي للعمل, والكتاب إجمالا كتاب ممتع دون شك, بذل فيه الكاتب مجهودا طيبا ربما على مرّ سنوات, ولا يمنعنا هذا الجهد الطيب من تناول مجموعة من الملاحظات على المستوى المنهجي.
يلاحظ قاريء الكتاب مباشرة, أن معظم الكتاب جاء عن جابرييل جارسيا ماركيز, وقد كان من الأفضل أن يكون مقصورا على ماركيز, وما دار حوله, دون ثلاث دراسات جاءت انتقائية لا تغطي على نحو موضوعي قوس أدب الواقعية السحرية على نحو كاف أو متوازن, وهذا ما أصاب بنية الكتاب باختلال في نسبه على نحو ما “Disproportioned”, وأعني بذلك نقص التناول, وضيقـه في أماكن, واتساعه في أماكن أخر. فقد عالج البحث في موضوعه الواقعية السحرية عند ماركيز باسترسال, وعلى نحو خضع إلى معرفة الكاتب بموضوعه, أكثر مما خضع لاقتضاء منهجي يتحرى من خلاله الكاتب تطور المفهوم استنادا إلى اعمال الآخرين وأهميتها على المستويين التاريخي والمنهجي, وذلك مراعاة لما يتطلبه التناول التاريخي الصحيح من جهة, وارتباطا بمفهوم النظرة العامة الدالة على ما صدق هذا المفهوم في اتساعه في الرواية الإسبانو-أمريكية من جهة أخرى.
أشار الكاتب إلى ظهور الواقعية السحرية في فترة متقدمة من القرن العشرين, وهي عبارة مبهمة, كنت أرجو أن يبتعد د. حامد عن مثلها من عبارات, ذلك لأن تحديد هذه الفترة على نحو تقريبي سهل المأتى, وسأسترسل قليلا في هذه النقطة؛ كانت البداية الحقيقية لهذا المصطلح هي كتاب فرانز روه, ويقول د. حامد إنه لم يعثر على تاريخ صوغ فرانز روه لهذا المصطلح في صفحة (33) من الكتاب, وذلك غريب نظرا إلى توافر هذه المعلومة في كل المعاجم الأدبية الشائعة ونذكر منها "The Penguin Dictionary of Literary Terms and Literary Theory" لـ “J. A. Cuddon”. على سبيل المثال لا الحصر, و"فرانز روه" فمؤرخ فنيّ ألماني (1890- 1965) من أهمّ أعماله كتاب (ما بعد التعبيرية: الواقعية السحرية), المنشور في عام 1925", والذي "ترجم إلى الأسبانية في عام 1927", وقد طرح الناقد الألماني فيه سمات ما بعد التعبيرية, في الفن التشكيلي على أساس أنها فن متاثر بموضوعية جديدة تشي بالأسرار التي ينطوي عليها الواقع انطلاقا من المدْرك المتعيّن والمحدد, وتعبير سحري هنا يشير إلى سرّ يختبيء في داخل العالم نفسه, وينبض فيه, أما الفقرة التي قدمها فرانز روه في كتابه المشار إليه آنفا فمُهمّة في تعريف الواقعية السحرية, وفي الأدب الفانتازي أيضا: "يقدم الخطاب الروائيّ في محتواه الإشاري, أو الحكائي "diegestico" مستويين متباينين تماما الأول هو المستوى الطبيعي, والثاني هو المستوى فائق الطبيعي "السريالي", ومع هذا تختلف الطريقة التي يرتبط بها المستويان فيما بينهما, فالتناقض الشديد للفانتازيا يغدو انسجاما بفضل المعالجة الشكلية المميزة "للواقعية السحرية", هكذا لا يقدّم الواقع بصفته إشكاليّا, على خلاف الفانتازيا, فإن الفائق للطبيعة في الواقعية السحرية لا يربك القاريء وهذا هو الفارق الأساس بين الصيغتين".
وقد "رحّب الإيطالي ماسيمو بونتيمبلي “Massimo Bontempelli” بهذه الصيغة نفسها, بعد ذلك في جريدته (Novecento), وكان له تأثيره على أرتورو أوسلار بييتري الذي كان أول من أضاف هذا المصطلح إلى نقد الرواية الإسبانوأمريكية", ولم يكن غريبا تماما عن مفهوم العجيب السريالي, "Marvellieux". فطرح ما هو إنساني بصفته لغزا بين معلومات واقعية حادثة يمكن أن يطلق عليه في غياب كلمة أدق واقعية سحرية. ثم تبنّاها عدد من كتاب أمريكا اللاتينية بعد ذلك في الأربعينيات, "ويعدّ الروائيّ والمسرحي والناقد الفنزويلي "أرتورو أوسلار بيتري “Arturo Uslar Pietri” المولود عام 1906, أو الذي كان مرشحا لرئاسة فنزويلا في عام 1963, أول من أطلق هذه التسمية على أدب أمريكا اللاتينية الروائي, وذلك في مقالة كتبها عام 1948, ثم شاع هذ المصطلح بعد ذلك في الستينيات, وأصبح يشير في أدب أمريكا اللاتينية الروائي بخاصة", إلى ممزوج من السمات السردية التي تطمس الفوارق بين الواقعية والفانتازيا, وتحتفي بالغنائي, وتنقد المجتمع على نحو صريح, مجتمع النخبة بخاصة, وهي تظهر سمات الوجود الشخصي لأبطالها.
وأظنّ أنّ الكاتب كان في مقدوره أن يتناول في المقدمة التطور التاريخي للمفهوم, بداية من الفنّ التشكيلي, وهو الأصل الذي انطلقتْ منه التسمية, مرورا بالواقعية السحرية في الأدب بعامة, وفي الفنّ الروائي, ثم في فنّ الرواية الإسبانو- أمريكية بخاصة. ولا أدري هل انعدمت الرواية النسوية في أمريكا اللاتينية, المرتبطة بهذا التيار فإننا لا نكاد نجد إشارة إلى روائية واحدة! بل ليس هناك إشارة واحدة إلى الواقعية السحرية في خارج أمريكا اللاتينية على سبيل المثال, لذا تجدر الإشارة إلى أن قراءة الواقعية السحرية في الرواية يمكن أن تقوم على المستوى التاريخي - التعاقبي من خلال "دراسة ثلاث مراحل":
1- الرواية من العشرينيات إلى الثلاثينيات: ونظرية روه, وماسّيمو بونتمبلي, وأعمال كافكا, وأعمال الواقعية السحرية الألمانية, فضلا عن الأعمال الروائية الفرنسية لبريتون, وآراجون.
2- الرواية الإسبانو أمريكية من الأربعينيات إلى الخمسينيات: ومن أهمّ من أثروا فيها نظريا كاربنتيير, وفلورس "Flores", فضلا عن أعمال بورخس, وأوستورياس, وأوسلار بيتري.
3- الأعمال الروائية المعاصرة: مثل أعمال جراس, ورشدي, وماركيز, وأنجيلا كارتر, بالإضافة إلى أعمال أراجون الأخيرة.
ذكر الكاتب ستة كتاب كان يمكن أن يفرد لكل منهم فصلا وبهذا يكون قد ألقى الضوء على أهم أسماء روائي الواقعية السحرية في أمريكا اللاتينية, وفق اقتناعاته, وكما أشار بنفسه, وقد ذكرهم بادئا بأليخو كاربنتيير من كوبا (1904- 1980), واستورياس من جواتيمالا (1899- 1974), ولا أدري لماذا لم يضعه د. حامد قبل كاربنتيير, أم أن الترتيب خضغ لأهمية الكاتب في الواقعية السحرية وفي هذه الحالة كان يجب وضع ماركيز في المقدمة بناء على رأي د. حامد في أنه أهم كتابها, وأن الواقعية السحرية قد ارتبطت به, وخورخي لويس بورخيس, الأرجنتيني (1899), وذكر د. حامد إنه توفي منذ سنوات قليلة, وهي عبارة ركيكة في هذا السياق, فلا يصح أن نعتمد على الذاكرة مع كاتب يحتل موقعا رئيسا في الكتاب, بل يعد من أهم كتاب أمريكا اللاتينية قاطبة, وقد توفي بورخيس عام 1986, أي منذ ما يقرب من ثلاثة وعشرين عاما, وخوليو كورتثار (1914- 1984), وهو ذو أصل أرجنتيني ولد في بلجيكا, وخوان رولف (1918- 1986) وهو مكسيكي, لم يذكر د. حامد إن كان على قيد الحياة, وقد توفي خوان رولف عام 1986 ايضا, وأخيرا جابرييل جارثيا ماركيز (1928) وهو مواليد كولومبيا.
كان من الواجب منهجيّا بعد هذه المقدمة أن يفرد لكل منهم د. حامد فصلا, وهم ستة ادباء كبار, ليس بينهم ماريو بارجس يوسا الذي يسرد علينا د. حامد رحلته معه إلى الأسكندرية في خمس وعشرين صفحة! وهو جزء انتقائي مثل ملحق الدراسة, الذي لا أجد لحضوره مناسبة في هذا العمل, أو فائدة في سياق الكتاب. بل تطفل هذا الملحق على العمل, وشكلت نتوءا منهجيّا نال من العمل أكثر مما افاده, وأنصح د. حامد أن يضعهما في دراسة تخص ترجمات لبورخيس, فمكانهما غريب على موضوع هذا الكتاب, فليست كل أعمال بورخس واقعية سحرية, بما في ذلك مقالاته عن الأدب العربي مثلا. وكان الأفضل في رأيي أن يتريث د. حامد ولا يصدر كتابه إلا بعد أن يدرج ثلاثة أسماء, أشار بنفسه إلى أهميتها في أدب الواقعية السحرية الروائي , وأهملها في كتابه هي: كاربنتيير, وخوليو كورتثار, وخوان رولف.
يقول د. حامد "يُقال إن أليخو كاربنتيير هو أول من صاغ هذا المصطلحَ في تقديمِه لروايتِه المهمةِ "مملكة هذا العالم", ولفظ "يُقال" هنا تثير ظلالاً من الشكّ على صحة هذا, والرواية موجودة, بل إنها "نشرت قبل 1949 في جريدة ‘El Nacional’, التي تصدر في كراكاس, بعام واحد", ولا تخفى على أحد أهميةُ هذا النص الذي يجاوز فيه كاربنتيير بفضل التقائه بالواقع الأمريكي "العجائبي" التأثيرات النظرية السريالية, التي يظهر بعضها في أعمال بورخيس, وساباتو, كما يذهب إلى ذلك عدد من النقاد, وحتى في أعمال أستورياس, الذي قال في 1962, واقعيتي سحرية لأنها تنمّ عن شيء من الحلم كما يفهمه السرياليون" على الرغم من أن السحري في رأي كاربنتيير يفوق كثيرًا تصور السرياليين الهزيل عن العجيب. ففي تعريف كاربنتيير لروايته يلتزم بمصطلحات مماثلة لتلك التي أوردها فرانز روه في كتابه السالف, وكما يرى الناقدان الأسبانيان خوسيه ماريا بينا ليسته, وداريو بيا نيوبا "Villanueva", فقد خرجت إلمار تشيامبي في كتابها في عام 1988, الذي كتب مقدمته "إمير رودريغث مونيغال", وهو أحد أوائل الذين رفضوا هذا المصطلح من قبل, لكنه عبر في هذه المقدمة عن تصالحه معه بعد ذلك في كتاب تشيامبي هذا, وذلك بفضل تحديدات المؤلفة وشروحها, وقد وضع مقدمة كاربنتيير هذه بصفتها مقدمة للرواية الأسبانو أمريكية الجديدة, حيث جاوز كاربنتيير هذه المقدمة بفضل التقائه بالواقع الأمريكي "العجائبي" التأثيراتِ النظرية السريالية.
خرجت تشيامبي بأفكار جديدة وصائبة من مقدمة كاربنتيير أهمها "أننا نقابل وحدتين ثقافيتين في حالة الرواية الإسبانو أمريكية في العقود الأخيرة, الأولى هي الوحدة الأيديولوجية: التاريخ أو العجيبة, التي مصدرها الرؤى الأولى المكتوبة عن العالم الجديد, وتأتي بعد ذلك وحدة الهجين الذي نشأ عن ذلك الفضاء الذي انصهر فيه غير المتجانس, والجمع بين الأضداد, في سبيكة من الأعراق والثقافات المتبادلة, الممثلة لأمريكا", كل هذا في تناقض سافر مع التفسير الأوروبي للعالم الذي انتحى المنحى الأمبيرقي, والعقلاني, منذ نشوء النزعة الإنسانية, فمع التشكك في الحداثة ظهر الرومانس الإسبانو- أمريكي, ليفوق توقعات القراء الذين كانوا قد سئموا من الرواية الأوروبية . وقد كان على د. حامد أن يتريث قليلاً, ويهتم بمراجعة افكار كاربنتيير هذه وذلك لأهميتها من مناح ثلاثة يمكن اقتباسها على هذا النحو:
1- التفرقة الاصطلاحية البينة التي يضفيها في مقابل الواقعية السحرية التي كانت لها الغلبة في النهاية..
2- الصلة التي يقيمها بين تلك الطريقة التصويرية أو المحاكاتية في كتابة الأدب, وواقع إمبريقي وجعرافي وتاريخي وثقافي, وإنساني محدد, يتجنب الفصل العبثي بين نظام ما هو واقع وما هو أدبي..
3- اعترافه بسوابق مهمة جدّا في مسار الأدب السردي مرتبطة بالواقع المتصل بالعجيب, في الرواية الإسبانو- أمريكية بعامة.
ويذكرنا كاربنتيير هنا بأن ذلك الذي نسميه واقعا ليس سوى بناء عقلي, يتغير من حقبة إلى أخرى, وفق مفهومنا عن العالم. فصفة سحرية في مقدمته تتخطى نطاق الميتا- لغة الأدبية, الذي ترسخ فيه تماما على العكس منها, صفة عجائبيى التي تشير إلى الخارق, وغير المألوف, وبما يبعدها عن السياق المعتاد للأشياء, دون أن يودي بتماسكها تماما.
هكذا شكلت رواية الواقية السحرية قطيعة مع الرواية الواقعية, وذلك بما خلقته من فضاءات متنوعة نشأ من خلالها علاقات بينية جاوزت الحدود الواقعية المعروفة, لكنها مع ذلك ليست أقل واقعية من الواقعية التقليدية, رغم تعدد عوالمها, ومزجها بين الواقع والفانتازيا, كما تمثل هذا التحول بين الواقع وما هو غريب, أو عجيب, ويبدو مخالفا للواقع, محتفية في هذا بالدهشة والمفاجأة, ومن تعريفاتها الجيدة تعريف ماثيو سترتشر لها بصفتها "النتاج السردي لمجموعة من الأحداث الواقعية التي يتخللها ما يصعب تصديقه".
ولكن ألا يحمل هذا الكلام تناقضا, وهذا ما سبب سوء فهم عدد من كتابنا لهذا المفهوم, لقد كان د. حامد ببصيرته النقدية محقا فيما أشار إليه, فمن أين جاء سوء الفهم هذا؟ يرجع هذا في رأيي إلى سببين, الأول أن هذه الكتابة لم تبدأ واقعية ثم غير الكاتب شكلها بإلحاقها بمنظورات سحرية, ولكنها واقعية فانتازية في ذاتها, بداية ونهاية, وسياقا, ومضمونا. والثاني وهي أهم نقطة في تناولي هنا وهو أن مفهوم الواقعية في رواية الواقعية السحرية ترتبط بمتلقي النص, فما قد يبدو غريبا, وفانتازيّ الشكل للمتلقي الأوروبي, وفق خبراته الحياتية المعتادة, وربما ما يشعر به المتلقي العربي من غرابة في أثناء قراءة هذه الروايات, وذلك وفق نسقه الثقافي المعيش, يُعدُّ على الجانب المقابل للمتلقي الإسبانو-أمريكي طبيعيّا تماما, وعاديّا, في وصف ما هو واقعي. إن اهلية متلقي رواية الواقعية السحرية الأمريكي اللاتيني تختلف عن أهلية المتلقي الاوروبي أو الأمريكي, وهذا ما سبب سوء فهم للمصطلح من جهة, وأصابه بالاتساع, وغياب التحديد, والدقة العلمية من جهة أخرى.
فالعمل (الفني) لا يكون واقعيا على نفس النحو الذي يكون عليه ما يمثله ذلك العمل. بل إن العمل الفني – على العكس من ذلك – وهو يقوم بوظيفة المحاكاة؛ يثير جملة من المشكلات بالغة المراوغة، ومن بينها في المقام الأول مشكلة الحالة الأونطولوجية للمظهر. فما هي الدلالة في أنه ليس هناك شيء "واقعي" فيما يُنتّجُ هنا؟ إن العمل (الفني) بما هو كذلك لا يكون له استخدام "واقعي"، وإنما هو يكشف عن تحققه المميز عندما ننعم النظر في مظهره ذاته, كما يذهب إلى ذلك جادامر. إن الرمزي لا يشير ببساطة إلى معنى، ولكنه بالأحرى يسمح لهذا المعنى بأن يقدم ذاته, وهي نقطة نظرية أراها بالغة الأهمية في استيعاب مفهوم الواقعية السحرية..
وأتساءل هنا على مستوى بحثي آخر: أليس في مكنتنا ان نتناول الواقعية السحرية من خلال العلاقة بين الرومانس والرواية, وهما حافتان لا يزال الخلط بينهما قائما, فالأولى ترتبط بقصص الرحلالت الخرافية, والروايات الجنسية, التي يتعرض لها العشاق لخطوب شديدة ونوائب قبل النهاية السعيدة, فضلا عن روايات الفرسان والرعاة والروايات العاطفية في القرون الوسطى, وعصر النهضة, وروايات الشطار ‘Picaresca’, ويمثل الرومانس قصة تتناول شخوصا وموضوعات عارضة تشد سقف الاحتمال إلى ما بعد حدود المتوقع, وترحب بإبراز صبغتها الخيالية, في مقابل عالم الرواية المشدود إلى مرجعياته المعاصرة.
لقد حلت الرواية محلّ الرومانس, دون أن يتلاشى, وهذا ما حدث على وجه العموم في الأربعينيات, بعد أن ظهر الرومانس الإسبانو- أمريكي والواقعية "العجائبية"ا بقوة. "فبينما تقيم الفانتازيا شعرية للحيرة تربك القاريء, يندمج العجيب بلا صدع في التطور الإشاري للخطاب كاشفا عن أن العجيبة “marvel” كائنة في حضن الواقع نفسه, دون قلقلة الشفرة الإدراكية, أو الأهلية التأويلية للقاريء وجذبها إلى التناقض"..
في تناولي لهذا الكتاب الشائق, لا تمس هذه الملاحظات البسيطة التي استشرنا بخصوصها مجموعة من المراجع المثبتة في آخر الدارسة, أهمية هذا الكتاب, واجتهاد مؤلفه, بل إنني لا أعدو الحق لو قلت إن هذه الدراسة هي تحية مني إلى كتاب, وإلى كاتب يسد بجهده المتصل نقصا في المكتبة العربية عن أدب أمريكا اللاتينية بعامة, والواقعية السحرية بخاصة..

مراجع, وأعمال اعتمدت عليها الدراسة

1- أبو أحمد., حامد., في الواقعية السحرية., (القاهرة: الهيئة العامة للكتاب., 2008).
2- أدوم., خورخي إنريكي., "واقعية الواقع الآخر"., في: أدب أمريكا اللاتينية: قضايا ومشكلات ., ج. 1., ترجمة أحمد حسان., (الكويت: سلسلة عالم المعرفة., 1988).
3- بيانويبا, داريو, خ. م. بنيا ليستي., مسار الرواية الأسبانو أمريكية: من الواقعية السحرية إلى الثمانينيات., ترجمة., محمد أبو العطا., (القاهرة: المجلس الأعلى للثقافة., 1998).
4- تودوروف, تزيتفان., مدخل إلى الأدب العجائبي., ترجمة الصديق بوعلام., (المغرب: الدار البيضاء., دار الكلام., 1993).
5- جادامر، هانز– جورج.، تجَلِّي الجميل ومقالات أخرى.، تحرير.، روبرت برناسكوني، ترجمة سعيد توفيق، (القاهرة: المجلس الأعلى للثقافة.، 1997).
6- دولوروس, ماريو, أسيس جاروته., الرواية الأسبانية المعاصرة., ترجمة., محمد أبو العطا, جيهان حامد أبو زيد, هبة نبيل العطار, مراجعة محمد أبو العطا., (القاهرة: المجلس الأعلى للثقافة., 1999).
7- http://www.columbia.edu/cu/english/orals/magic_realism.htm.
8- http://home.sprynet.com/~awhit/review4c.htm
9- http://www.qub.ac.uk/schools/SchoolofEnglish/imperial/india/Magic.htm
10- Cuddon، J. A.، The Penguin Dictionary of Literary Terms and Literary Theory.، revised by C. E. Preston.، (England: Penguin Book.، 1998).
11- Lindstrom, N. Twentieth-Century Spanish American Literature. (University of Texas Press: Austin.1994).
12 -Zamora, Lois Parkinson, and Faris, Wendy B., eds. Magical Realism: Theory, History, Community., (Durham and London: Duke University Press, 1995).


*(شاعر وناقد أكاديمي)



#علاء_عبد_الهادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حق الأرض وحق الإنسان
- هل نحتاج إلى وثيقة جديدة لحقوق الإنسان!
- حول الهوية والثقافة
- تهافت الخطاب النقدي في كتاب زمن الرواية- جابر عصفور نموذجًا ...
- الترجمة وفكرة الأصل
- كرة القدم والهوية
- الترجمة, والثقافة العربية
- الثورة المعلوماتية, والنموذج الثقافي الأميركي؛ التكنولوجيا ب ...
- التدفق الثقافي: في عولمة الثقافة (4)
- الصورة واللغة: في عولمة الثقافي (3)
- سيادة أنماط الإنتاج الرأسمالي: في عولمة الثقافي (2)
- الإنسان الكوني وتهديد فضائه الفيزيائي: في عولمة الثقافة (1)
- النكوص على العقبين: عودة إلى زمن الرواية


المزيد.....




- شاهد.. رجل يشعل النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترامب في نيوي ...
- العراق يُعلق على الهجوم الإسرائيلي على أصفهان في إيران: لا ي ...
- مظاهرة شبابية من أجل المناخ في روما تدعو لوقف إطلاق النار في ...
- استهداف أصفهان - ما دلالة المكان وما الرسائل الموجهة لإيران؟ ...
- سياسي فرنسي: سرقة الأصول الروسية ستكلف الاتحاد الأوروبي غالي ...
- بعد تعليقاته على الهجوم على إيران.. انتقادات واسعة لبن غفير ...
- ليبرمان: نتنياهو مهتم بدولة فلسطينية وبرنامج نووي سعودي للته ...
- لماذا تجنبت إسرائيل تبني الهجوم على مواقع عسكرية إيرانية؟
- خبير بريطاني: الجيش الروسي يقترب من تطويق لواء نخبة أوكراني ...
- لافروف: تسليح النازيين بكييف يهدد أمننا


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - علاء عبد الهادي - قراءة ميتا- نقدية عن كتاب -في الواقعية السحرية- لحامد أبو أحمد