أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - رشيد لزرق - لقد ولى زمن الفانتازيا النخبوية















المزيد.....

لقد ولى زمن الفانتازيا النخبوية


رشيد لزرق

الحوار المتمدن-العدد: 4566 - 2014 / 9 / 6 - 00:06
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


إن قراءة الحركة الاتحادية على ضوء التاريخ، ليس بغية تمجيد الذات وإفراز عقد للأنا، بل لكون التاريخ رمزا من رموز الحركة وعاملا من عوامل استمرارها السياسي والاجتماعي، لا يمكن العبث بها أو طمسها أو تشكيلها تشيكلا إيديولوجيا في محاولة لتوظيفه توظيفا سياسيا يخدم مصلحة جهة من الجهات.
إن طرح المشروع الحداثي الشعبي تأسس على الإيمان بكون الحداثة يجب أن تستلهم من المجتمع، من خلال قلب التفكير الكلاسيكي الفوقي لمنهج التفكير والانطلاق من مقاربة الوضع الاجتماعي كما هو، بعيدا عن الدور المتعالي الذي طالما مارسه دعاة الحداثة الفوقية باسم النخبوية، والتي سقطت دون أن تدري في محاولة الوصاية على المجتمع تحت مبرر التحررية، باعتبارها عقل وضمير المجتمع. هذا الوضع الاستعلائي فوت عليها إمكانية فهم المعطيات الثقافية والاشتغال عليها قصد تجديدها من خلال الإيمان بكون مهمة التحرر هي مهمة جماعية؛ فالتحررية ليست مسؤولية نخبة بعينها، بل هي مسؤولية المجتمع بكل قواه وفئاته وقطاعاته، ومهمة يشترك في أدائها جميع الفاعلين الاجتماعيين، بغض النظر عن انتماءاتهم وبيئاتهم ومواقعهم.
إن المشروع الحداثي الشعبي هو حلقة في مسار الحركة الاتحادية في مواصلة رسالتها الخالدة، وهذا ما يجعل الاتحاد الاشتراكي حاجة مجتمعية تستلزم منا، كاتحاديات واتحاديين، فهم اللحظة التاريخية قصد خلق تحول يروم تفعيل دور المؤسسات من الداخل والذي يستلزم بالضرورة إعلان تحالف تاريخي بيننا وبين كل من الأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار، كاختيار استراتيجي لتأسيس البديل الحداثي؛ بعيدا عن منطق هوس الأنا الذي يدفع بالبعض إلى القفز على الحلقات برؤية سطحية تعالج اللحظة دون الوقوف على سياقها.
إن اللحظة مفصلية تتطلب التحلي بالروية والتبصر والحكمة وفهم حيثياتها والحرص على الدفع في اتجاه التأويل الحداثي للدستور. وجعل المؤتمر التاسع مؤتمر مدخل لتجاوز الانسداد بمختلف تجلياته والانخراط في دينامية إعادة تشكيل الحزب عبر إقرار الديمقراطية الداخلية؛ مؤتمرا لفتح أبواب الحزب أمام «أولاد الشعب»؛ مؤتمرا يأخذ بعين الاعتبار صيرورة تراكم متواصلة ترتقي بمستوى منتوجنا السياسي نحو الأفضل، بعيدا عن المنطق الدغمائي الذي يدعي امتلاك الحقيقة، وكل من يخالفها ينعت بالشعبوية «هيبوج»...، متناسين أن من قيم الحداثة نسبية الحقيقة وانعدام العصمة ونبذ الوصاية والإيمان بأن حركية المجتمع وتقدمه تنطلق وجوبا من استيعاب الرأي والرأي المخالف الذي يبقى له الحق الكامل والحرية المضمونة في التفكير والتعبير والتعامل مع الإنسان كإنسان بغض النظر عن لونه أو شكله أو جذوره الاجتماعية.
إن النخبوية باتت، اليوم، تجد صعوبة في الاتصال بالمجتمع والجماهير الشعبية، بفعل انتشار التعليم والانفتاح الذي ولَّد لدى خريجي المدارس والجامعات المغربية الإيمان بكون الإنسان منفتحا على نفسه بفعل الثورة الرقمية (ديمقراطية المعلومات)، الأمر الذي باتت تتخوف منه «النخب العائلية»، خاصة مع إقرار الخيار الديمقراطي، وهو ما يصعب منطق إدماج «أولاد الشعب» في شبكات تحالفاتها.
إن المرحلة الحالية مرحلة تعزيز تحرير الطاقات ونشر الأمل وفتح الآفاق وابتكار حلول وطرح مشاريع مجتمعية، وليست مرحلة للمزايدة باسم التاريخ أو آليات عتيقة ترجع إلى زمن الصراع، من خلال استيعاب التحولات السوسيولوجية ومن خلال مراجعة إبستمولوجية.
إن النظرة الدونية للجماهير الشعبية وعقدة الاستعلاء تصوِّر لهم أنهم يفهمون المجتمع بشكل جيد لمجرد أنهم من مواطنيه، والحال أنهم منفصلون عن الجماهير الشعبية، ينظرون إليها نظرة تنميط جاهز، مأخوذة من الخارج، وهذا ما جعلهم يفشلون في خطهم السياسي ويعجزون عن طرح مشروع حداثي بديل.. ظلوا لزمن طويل كمجموعات ضيقة ومنسجمة ومنغلقة على نفسها، لم تدرك أن التزايد الديمغرافي يغير بعض المعطيات على جميع المستويات. إن «النخب العائلية» لم تستوعب أن ارتفاع المستوى التعليمي مكن من بروز جيل جديد، جيل متحرر من عقد الماضي، هو جيل صدمة التحديث، جيل أدى ثمن الصراع من تعليمه ومن مستوى معيشته ومن راتبه الشهري الثابت الذي يجعله، بفعل تربيته على قيم الثوابت الدينية والوطنية، ملزما باقتسام راتبه الشهري مع العائلة التي تكفله والتي تعاني من هزالة المعاش، وكذا مع أصدقائه المعطلين والمهمشين.
فئة «أولاد الشعب» هي من المنظور التعليمي الطبقة الوسطى، أما بالمنظور الاقتصادي فهي ملتصقة بالطبقة السفلى، وهذا ما يجعلها البديل وصمام الأمان لضمان التحول.
وعكس ما يتم الترويج له من كون «أولاد الشعب» مفهوما يمينيا أو مفهوما إقصائيا، أو تعبيرا لكون مقومات «أولاد الشعب» هي من رحم المجتمع المغربي، المجتمع الذي احتضن تعددا حضاريا وثقافيا، يجعل المغرب من أكثر البلدان المشرقية أهلية للولوج إلى الحداثة، وهذا ما تمت دسترته في دستور 2011، خاصة في الفقرة الثانية من تصديره والتي جسدت تشبثنا بوحدة المغرب الوطنية والترابية، وصيانتنا للتلاحم الوطني، ووعينا بتنوع مقومات هويتنا الوطنية، الموحدة بانصهار كل مكوناتها، العربية - الإسلامية والأمازيغية بتعدد روافدها الإفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية.
مشروعنا ينطلق من الإيمان بتعدد هويتنا ومتشبث بالثوابت في ظل قيم الانفتاح والاعتدال والتسامح والحوار، والتفاهم المتبادل بين الثقافات والحضارات الإنسانية جمعاء. غايته مغرب يستفيد من الجميع ويستفيد منه الجميع.
إن المرحلة تقتضي تجاوز منطق الخطاب المنبري الذي يلقى من أعلى المنصة، علينا جعل المعارضة كالتزام شعبي من أجل مشروع بديل يقوي الأمل في المستقبل، يقوي المؤسسات لتكون أكثر فعالية. إن التيار العائلي بطبعه محافظ، يحاول التسويق لحريات مصنوعة، بينما هي غارقة في التقليد والعادات والامتيازات.
هذا التيار لم يستوعب أن خطاب 9 مارس غيَّر التاريخ في المبنى والمعنى، وينبغي للنخبة الاتحادية أن تفتح المجال للجيل الجديد الذي أفرزته الجامعات المغربية بفعل عشرية التحديث والتطور السريع للتعليم الجماهيري الجامعي، إن تيار أولاد الشعب بات اليوم أنتلجنسيا محاصرة بين نزعة وصولية ذات رؤية ضيقة ونزعة خرافية باهتة ونزعة ظلامية ونزعة عدمية، والقواسم المشتركة بين هذه النزعات هي افتقادها روح الإبداع إزاء المشاكل الداخلية والتغييرات العالمية، وتحاول الهروب إلى الأمام من خلال الاختباء وراء نزعة ثورية منفصلة عن الجماهير الشعبية التي كانوا يتحدثون باسمها.
نشر في المساء يوم 19 - 11 - 2012



#رشيد_لزرق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفعل الطلابي وصدمة التحديث
- العنف اللفظي والبؤس النخبوي في المشهد السياسي
- الاتحاد الاشتراكي وأسئلة - أولاد الشعب-
- الاتحاد الاشتراكي و البناء المتجدد
- الاختيار الحداثي الشعبي و التجدد الفقهي
- رسالة الى شيوخ التكفير الرد الفصيح لتهذيب أبي اللسان القبيح
- من أجل تحالف استراتجي بين الاتحاد والبام
- النخب العائلية و خطر المؤسساتي
- المخطط التشريعي والتأويل الأبوي للدستور
- البديل الحداثي في مواجهة الانتحار السياسي
- من اجل بديل حداثي .... لا للوصاية باسم الدين أو باسم العائلة
- المؤتمر التاسع من أجل اتحاد اشتراكي اجل المشروعية التاريخية ...
- من أجل ثورة ثقافية في المغرب على الحداثين أن يتحدوا ...
- الاتحاد الاشتراكي و مسؤولياته الحالية
- التنافي بين صفة النيابة و الوزارة بالمغرب على ضوء التجارب ال ...
- دعوة لعقد مناظرة حول موضوع الحرية، جواب الجيل الجديد حول الد ...
- مسار التحول الديمقراطي في المغرب و ليبيا على ضوء التجارب الد ...
- الحداثة الشعبية
- التأويل الحداثي للدستورالجديد من اجل تحقيق الأفضل.. بل من اج ...
- الحركة الاتحادية مسار نضالي الاختيار الثوري .. الخيار الديمق ...


المزيد.....




- طريق الشعب.. الفلاح العراقي وعيده الاغر
- تراجع 2000 جنيه.. سعر الارز اليوم الثلاثاء 16 أبريل 2024 في ...
- عيدنا بانتصار المقاومة.. ومازال الحراك الشعبي الأردني مستمرً ...
- قول في الثقافة والمثقف
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 550
- بيان اللجنة المركزية لحزب النهج الديمقراطي العمالي
- نظرة مختلفة للشيوعية: حديث مع الخبير الاقتصادي الياباني سايت ...
- هكذا علقت الفصائل الفلسطينية في لبنان على مهاجمة إيران إسرائ ...
- طريق الشعب.. تحديات جمة.. والحل بالتخلي عن المحاصصة
- عز الدين أباسيدي// معركة الفلاحين -منطقة صفرو-الواثة: انقلاب ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - رشيد لزرق - لقد ولى زمن الفانتازيا النخبوية