أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - وأخيرا سمعت نباحا














المزيد.....

وأخيرا سمعت نباحا


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 4564 - 2014 / 9 / 4 - 15:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


وأخيرا سمعت نباحا
جعفر المظفر
كنت تحدثت عن ذاكرة الطيور وعن مسألة خزنها المعلومات حفاظا على غريزة حفظ البقاء, ولكن ماذا عن ذاكرة الكلاب.. ؟ أرى أن الأمر هنا يبدو في بعض وجوهه معكوسا, فالكلاب في الغرب تجابه "مؤامرة" لتعطيل الذاكرة لا لتنشيطها, وبينما يكون بإمكان الطير ان يبقى طيرا لكونه في الغالب خارجا عن مديات السيطرة البشرية, فإن الكلاب, حتى تلك المنحدرة من سلالة الذئاب, بدأت تفقد ذاكرتها الكلبية مما يخلق إحتمال أن لا يعود الكلب كلبا في المستقبل غير البعيد.
في المنطقة التي اعيش يكاد لا يخلو بيت من كلب يقيم فيه عزيزا كريما ومدللا من جميع ساكنيه, ورغم ذلك فإني كدت أنسى أن الكلاب تنبح لولا أن سمعت هذا النباح أخيرا من كلب ربما إستعاد لوهلة ذاكرته الكلبية قبل ان تردعه صاحبته بقوة ثم تغرق في إعتذار لم يتوقف إلا بعد أن أقنعتها أن مشاعري لم يخدشها النباح ابدا.
في بلاد الغرب غير مسموح لك إقتناء كلب في أحياء المدينة ما لم ترسله إلى مدرسة لتعطيل الذاكرة حيث يتم في هذه المدرسة تعليم الكلب أنه لم يعد كلبا, وإن عليه أن يتخلى عن كل تلقائيته السلوكية الجينية ما عدا تلك الخاصة بهز الذيل. أما صاحبه فعليه ان يتحمل مسؤوليات يومية تتطلب صبرا وكلفة, فبالإضافة إلى إطعامه وغسله وتطبيبه, فإن المسؤولية القانونية لكل ما قد يحدثه الكلب من اضرار تقع على صاحب الكلب لا على الكلب نفسه مما يدفعه إلى التأكد دائما من صلاحيته الحضارية.
أول ما على الكلب أن ينساه هو النِباح ! وما حاجته إلى النباح أصلا إذا كانت كل طلباته مستجابة ؟ فهو يأكل بإنتظام أنواعا متعددة من الأطعمة الشهية ثم يلوك بعدها عظمة صناعية أعدت خصيصا لتنظيف أسنانه وتدليك لثته قبل استغراقه في قيلولته السعيدة.
ودون أن يشكو من عِلَّة قد تدعوه إلى النباح فإنه يجد صاحبه ملزما بعرضه على الأطباء دوريا, أما حاجته إلى الجنس الناعم فهو لن يسدها عن طريق القفز إلى حديقة الجيران بل من خلال تفاهم يقوم به صاحبه مع صاحبة كلبة مجاورة غالبا ما ينتهي بزواج كلبي سعيد يستمر لدقائق معدودة قبل أن يمضي كل منهما إلى حال سبيله, وربما يؤدي التفاهم أيضا إلى لقاء عاطفي من الدرجة الأولى بين صاحب الكلب وصاحبة الكلبة كجزء من نفس الصفقة. أما أقصر الطرق لقلب المرأة هنا فهو التودد لكلبها.
وفي مدرسة تعطيل الذاكرة يتعلم الكلب كيف ينسى إلى الأبد تلك القصص المهينة التي يتحدث بها بني البشر حول وفائه, فهو لن يعود ملزما بتصريف عدوانية صاحبه على طريقة البيعة أو أخلاقية الولاء المطلق, كما أن الجار لن يخاف جاره لمجرد أن يرى أنياب كلبه, وهكذا تنسى الكلاب وظائفها الكلبية السابقة بعد أن تتعطل ذاكرتها العدوانية. ومن
الطبيعي أن ذلك لن يحدث ما لم يتخلى الإنسان أولا عن تلك الذاكرة.
في العراق الكلاب السائبة والمتوحشة ليس مكانها الشارع فقط, بل يبدو أن الغلبة قد باتت لها على بني البشر, ولن يكون مقدرا للعراقيين النجاة من شر عضة الكلاب وداء الكلب بدون مدرسة هدفها أن تعطل ذاكرة الكلاب المتوحشة وتنهي ميولها الغريزية للعض والنهش.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عزت مصطفى .. الموت نظيفا
- لولا علي لهلك عمر (3)
- قريبا من التاريخ قريبا من السياسة .. لولا علي لهلك عمر (2)
- الوهابية التكفيرية اشد خطر على السنة العراقيين مما هي على ال ...
- والعبادي أيضا دَعْشنوه وسَعْدنوه
- الرهان على البيشمركة
- بين سكين داعش وسيكارة التحالف الوطني
- تغيير المالكي .. أين المشكلة ؟
- هزيمة ما قبل الهزيمة
- في حرب العراق ضد داعش.. هل العراق بحاجة إلى اسلحة متطورة
- خطبة الوداع
- الطبعة العراقية لنظرية المؤامرة
- فؤاد معصوم رئيسا لدولة فاقدة العصمة
- الشيعة والسنة والكورد وحوار حول قدسية الجغرافيا وقدسية الإنس ...
- المكونات والأقليات
- 14 تموز .. ثقافة جلد الذات
- لعلي حينما أعشق
- حينما يكون عدو عدوي .. عدوي
- كركوك, هل ستكون كويت البارزاني
- الدولة الكردية وقضية الثابت والمتغير في الموقف التركي


المزيد.....




- إيران توجه تهديدا لأي -طرف ثالث- يعتزم التدخل في الصراع مع إ ...
- كيف تجهل عدد سكان بلد تريد الإطاحة بحكومته؟-.. جدال حاد بين ...
- بيسكوف: الكرملين لا يعدل أجندته لتناسب الغرب
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قائد وحدة الصواريخ المضادة للد ...
- نتنياهو يعلق على تأجيل حفل زفاف ابنه
- ترامب: تعطيل منشأة -فوردو- الإيرانية أمر ضروري
- إيران تعلن تفكيك شبكة جواسيس إسرائيلية تشغل طائرات مسيرة في ...
- مقتل 76 فلسطينيا جراء الغارات الإسرائيلية المستمرة على قطاع ...
- -ميتا- تستقطب علماء الذكاء الاصطناعي من المنافسين
- أمنستي تناشد الهند وقف عمليات الترحيل غير القانونية للاجئي ا ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - وأخيرا سمعت نباحا