أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - لولا علي لهلك عمر (3)














المزيد.....

لولا علي لهلك عمر (3)


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 4551 - 2014 / 8 / 22 - 16:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



لقد ظل بن ابي طالب في كثير من أوقاته يؤكد على أسبقية حقه في الخلافة، ومع ذلك فهو لم يُصَّرِف هذا الخلاف بأكثر من أسلوب التذكير به، ولم يمنعه خلافه ذاك من ان يكون خير ناصح لعمر حتى في المواقف التي كان ممكنا لعمر ان يهلك فيها !. ولو صح ما يقال حول وجود نوايا وأعمال عدائية لعمر ضد علي, كرواية كسر ضلع الزهراء, لصار ممكنا تجيير مواقف علي الإيجابية من عمر بما يسيء لابن ابي طالب نفسه، حيث يحق لنا أن نتساءل بعدها كيف سمح علي لنفسه أن يقوم بدور المنقذ لرجل كان كسر ضلع زوجته بنت الرسول وأحب الناس على قلبه إمرأة وأب.
ترى كيف يقبل محبو بن أبي طالب هذه الطروحات المشيطنة التي تسيء لعلي أكثر مما تسيء لعمر. وإن رفض هذه الطروحات هو بمثابة دفاع عن علي قبل ان يكون دفاعا عن عمر.

إن القول (لولا علي لهلك عمر) يكشف عن عقلية سوية وأخلاقية عظيمة لإدارة الخلاف. من ناحيته فان استعداد عمر للاعتراف بان عليا صاحب فضل عليه بالمستوى الذي ينقذه من هلاك يثبت استعداده للقبول بصاحبه ناصحا واستعداده للأخذ برأيه دون عُقَد او ترفع او استعلاء. كما ان استعداد إبن أبي طالب للقيام بدور الناصح إنما يؤكد على ان الرجل لم يسقط اختلافه الشخصي المشروع على أمور الدولة ومصلحة الدين واستحقاقات الأهداف العليا المشتركة، ورغم انه ظل يؤكد على أسبقية حقه في الخلافة الى آخر يوم ، الا انه ظل حريصا على ان تكون العلاقة بينه وبين غيره من الرموز الاسلامية بعيدة عن ان تتحول الى قاعدة لخلافات تتجاوز الشخصي الى العام.
إن كثيراً من قواعد اللعبة الطائفية ظلت تعتمد على دفع الاختلاف بين الرجلين من مساحته المعقولة والطبيعية الى مساحة الخصومة التاريخية التي لا يفيد معها اي علاج. لكني اعتقد ان هذا القول (لولا علي لهلك عمر) يؤكد على ان العلاقة بين الرجلين كانت من الإيجابية بحيث أنتجت هذه الثنائية الأخلاقية التاريخية، ثنائية طرفها الاول خليفة يستمع للنصيحة ويأخذ بها الى حد مخيف من التواضع والاعتراف بالآخرالمنافس على الخلافة، وطرفها الثاني رجل ظل يؤمن بأسبقيته في الخلافة شاعرا بالغبن لكنه مع ذلك لم يترك لشعور الغبن ذاك ان يأكل من أخلاقية الفصل بين العام والخاص او يوهن من قدرته لمعرفة شكل ومستوى التعبير عن رأيه النقيض.
ولا أظن ان الذي يؤسس لنظريات الخصومة والافتراق التاريخي بين الرجلين بأمكانه ان يحمل واحدا بالألف مما كان يتحمله قلب بن ابي طالب من ألم ومرارة نتيجة حرمانه من خلافة كان يعتقد بأفضليته لتقلدها وباسبقيته لتبوئها على الآخرين. لكن تلك المعاناة والمرارة والألم التي كان يعبر عنها حتى في اخر خُطَبِه، هي ذاتها التي تدلنا على ان عليا لم يترك لخصوصية الموقف ان تطغى على مبدئيته واخلاقيته. ولان المبدئية موقف يمتحن في زمن الشدة، فان اختيار بن ابي طالب لان يكون ناصحا ومساعدا لعمر, والى درجة درء مخاطر الهلاك عنه, إنما يقدم لنا عرضا مجسما وناطقا للطريقة التي يجب ان يتصرف بها القائد المسؤول عن أمن وسلامة الناس وعن أخلاقية المبادئ البعيدة عن الإسقاطات الشخصية، حتى تلك المحقة منها.
ان من ينكر وجود خلاف بين الرجلين إنما يعوم التاريخ الحقيقي بقارب النوايا الطيبة. وهل سيكون بإمكان قارب كهذا النجاة في حرب تصنيع الكراهيات ؟. لكن الإعتراف بوجود خلاف بين الرجلين ينبغي أن لا يجعلنا نتوقف أمام سلبية مشهده وإنما يجب أن يتجاوزه إلى معرفة كيف تصرف الرجلان إزاءه, وأجزم أن طريقة تعامل بن أبي طالب مع ذلك الخلاف تعلمنا كيف يمكن للمرء ان يختلف بدون أن يحمل سيفا على صاحبه, بل ويضعه في خدمته. كما يعلمنا ذلك المشهد أيضا كيف يمكن للحاكم, وهو هنا عمر بين الخطاب, أن يحترم الخلاف دون أن يذهب لشيطنة صاحبه.
إن على أتباع الرجلين ومحبيهما أن يعيدوا قراءة قصة الخلاف بين الرجلين على ضوء المشهد الذي يتكرر على لسان الأغلبية منهم, ألا وهو "لولا علي لهلك عمر", وسيجد هؤلاء أن المطلوب منهم ليس إنكار وجود الخلاف بين الرجلين, ولا التخفيف من حدته, بل الذهاب إلى ما ذهب الرجلان إليه بعدها, وسيكتشفون أن هذا المشهد التاريخي بالذات يصلح أن يكون موضوعة أساسية يتعلم منها المختلفون كيف تدار طريقة الإختلاف تحت راية الهدف المشترك.
وأما أولئك الذين يجدون أن العودة إلى التاريخ, بمثل عودتي إليه, هي عملية نبش للماضي فأني ساوافقهم الرأي لو أن حاضرنا بات خاليا من كل ما قد جعله ماضيا. ولأن الماضي قد بات يتحكم فينا أكثر مما تتحكم فينا ثقافة الوطن الواحد فإن إعادة قراءة التاريخ قراءة منصفة, حتى دون إعلاء لشأن النوايا الطيبة, سوف يخدمنا على طريق تأسيس مستقبل تضيق في جدرانه ثغرات الوهن وثقوب التسلل



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قريبا من التاريخ قريبا من السياسة .. لولا علي لهلك عمر (2)
- الوهابية التكفيرية اشد خطر على السنة العراقيين مما هي على ال ...
- والعبادي أيضا دَعْشنوه وسَعْدنوه
- الرهان على البيشمركة
- بين سكين داعش وسيكارة التحالف الوطني
- تغيير المالكي .. أين المشكلة ؟
- هزيمة ما قبل الهزيمة
- في حرب العراق ضد داعش.. هل العراق بحاجة إلى اسلحة متطورة
- خطبة الوداع
- الطبعة العراقية لنظرية المؤامرة
- فؤاد معصوم رئيسا لدولة فاقدة العصمة
- الشيعة والسنة والكورد وحوار حول قدسية الجغرافيا وقدسية الإنس ...
- المكونات والأقليات
- 14 تموز .. ثقافة جلد الذات
- لعلي حينما أعشق
- حينما يكون عدو عدوي .. عدوي
- كركوك, هل ستكون كويت البارزاني
- الدولة الكردية وقضية الثابت والمتغير في الموقف التركي
- الأحزاب الإسلاموية وقضية الوطن العراقي الواحد
- دشاديش البيشمركة


المزيد.....




- منها لقطات لنساء غرينلاند تعرضن للتعقيم.. إليكم الصور الفائز ...
- أصيب بالجنون بعد شعوره بالخوف.. شاهد قط منزل يقفز بحركة مفاج ...
- الدفاع الروسية: أوكرانيا خسرت طائرة حربية و213 مسيرة و1145 ج ...
- بوليتيكو: واشنطن توسلت إسرائيل ألا ترد على الضربات الإيرانية ...
- بيونغ يانغ تختبر سلاحاً جديداً وخبراء يرجحون تصديره لموسكو
- بالفيديو.. إطلاق نار شرق ميانمار وفرار المئات إلى تايلاند هر ...
- مصر.. محاكمة المسؤول والعشيقة في قضية رشوة كبرى
- حفل موسيقي تركي في جمهورية لوغانسك
- قميص أشهر أندية مصر يثير تفاعلا كبيرا خلال الهجوم على حشود إ ...
- صحف عالمية: الرد الإسرائيلي على إيران مصمم بعناية وواشنطن مع ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - لولا علي لهلك عمر (3)