أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عطا درغام - الأرمن في الإمبراطورية العثمانية ( وفقا لرؤية بورنوتيان )















المزيد.....

الأرمن في الإمبراطورية العثمانية ( وفقا لرؤية بورنوتيان )


عطا درغام

الحوار المتمدن-العدد: 4563 - 2014 / 9 / 3 - 23:29
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


تمخضت الصراعات في العالم الإسلامي عشية العصور الحديثة عن ظهور ثلاث إمبراطوريات إسلامية قوية : العثمانيون في آسيا الصغري والعالم العربي والبلقان ، والصفويون في إيران والقوقاز وأجزاء من آسيا الوسطي ، والمغول في شبه القارة الهندية .
وعلي مدار القرن السادس عشر ومطلع القرن السابع عشر ، دارت الحرب بين العثمانيين والصفويين في شرق الاناضول وماوراء القوقاز ومابين النهرين . وفي عام 1639 ، توقف الصراع بين الطرفين ، وأبرما معاهدة زوهاب ( قصر شيرين) التي قسمت أرمينية إلي قسمين : أرمينية الشرقية ( الفارسية) وأرمينية الغربية ( العثمانية ) . وقعت الأراضي غرب قلعة كارس في أيدي العثمانيين ، بنما أصبحت المناطق شرقي آني ونهر أرباتشاي جزءا من فارس.
وإثر ثورة الجلاليين في الأناضول ، تدمرت الممتلكات ، ونتج عن المجاعات والامراض إجبار السكان علي التحول إلي الإسلام وإعادة التوطن قلة التعداد ، كما أساء كل ذلك بشدة لقدرة الاقتصاد الأرمني . وفيما عدا أمراء قليلين في سيونيك ولوري، اختفت تقريبا طبقة النبلاء الأرمنية التي قامت علي توارث ملكية الأراضي . وخضعت الكنيسة الأرمنية للحكم الإسلامي كي تضمن بقاءها وبقايا رعاياها .
وتشير المصادر إلي أن السلطان محمد الفاتح (1444 – 1446 ) و 01451 – 1481 )، بعد احتلاله للقسطنطسنسة ( الأستانة فيما بعد ) بوقت قصير نقل عددا كبيرا من الأرمن قسريا من الأناضول وشبه جزيرة القرم إلي تلك المدينة . وقد استمرت مثل هذه الترحيلات في القرن السادس عشر ، وزادت كثيرا من الجالية الأرمنية في العاصمة العثمانية .
وفي نهاية القرن الثامن عشر ن نظم العثمانيون الجماعات غير الإسلامية في إطار طوائف دينية سميت " ملل " ، كل ملة منها تحت إشراف قائدها الديني. وفي النهاية ، قصرت كل جماعة نفسها علي الحي الخاص بها في الأستانة وغيرها من المراكز الحضرية .
والمعروف أن السلطان محمد الفاتح له دور في إيجاد منصب البطريرك الأرمني عندما قام بتعيين الأسقف هوفاجيم من بورسا كأول بطريرك للأرمن في الإمبراطورية العثمانية .
وتجدر الإشارة إلي أن الجثالقة الأرمن في إيتشمادزين وسيس وأغتمار وبطريرك القدس الأرمني، كانت لهم سلطة أعلي في المسائل الدينية ، لكن الأوضاع السياسية والمالية والجغرافية للآستانة جعل البطريرك الأرمني شخصية تحظي بمكانة هائلة بالفعل.
وخلاف ملة الأرمن الأرثوذكس ن ظهرت خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر ملتا الأرمن الكاثوليك ( 1831) والأرمن البروتستانت ( 1850) نتيجة أنشطة الإرساليات التبشيرية وضغوط حكوماتها . وفي الواقع، كانت الملة ذاتية الحكم ؛ إذ كان مسموحا لها دائما بالاحتفاظ بمؤسساستها الخاصة مثل المدارس والجمعيات الخيرية والمستشفيات. وقد مارس البطريرك سلطة كاملة علي جاليته؛ فكانت له محكمته الخاصة ، واستطاع تنفيذ العدالة المدنية والدينية بين شعبه . كما كان يحتفظ بقوة شرطة صغيرة وكذلك سجن.وبذا ، تمكن العثمانيون من حفظ النظام بالسماح للجماعات العرقية التي احتلو بلادها بالتمتع ببعض الاستقلالية وبإعطاء القادة الدينيين سلطات إدارية أكبر مما كانوا يتمتعون بها تحت حكم السابقين . ورغم هذا ، كان الأرمن والمسيحيون عموما والآخرون شعوبا مهزومة، وقد عوملوا علي هذا الأسااس ( حظر حمل السلاح، عدم التجنيد ، الجزية....إلخ)
وعندما فقد السلاطين العثمانيون التحكم الصارم في الأناضول، وبدأت غارات الأكراد وثورات الشيعة تخلق أحوالا من عدم الاستقرار هناك ، راح المزيد من الحرفيين الأرمن ينجذبون إلي الأستانة . كما شجع بعض السلاطين الأرمن علي الانتقال للإقامة هناك حتي بلغ عددهم حوالي 250 ألف نسمة في نهاية القرن التاسع عشر . وبذا ، تواجدت بالأستانة أكبر جالية أرمنية في العالم وقتذاك .
ومن العلامات المميزة للأرمن العثمانيين ، ظهور جماعة قوية من الصيارفة الأرمن الذين تلقبوا بالأمراء . وقد استطاعت هذه الجماعة ان تصبح ذات نفوذ بإقراض الاموال للوزراء والباشوات والملتزمين وغيرهم، بل إن بعضا من أغني الأمراء قد أقرضوا السلطان. وبذا ، تمتعوا بنفوذ كبير في البلاط. وقد دعم هؤلاء الأمراء أعمال البر، ومولوا تعليم كثير من الأرمن ممن سيصبحون لاحقا من أهم زعماء الأرمن.
وبالترتيب ، شغل أعضاء عائلات دوزيان وباليان وداديان مناصب دارسك العملة السلطانية وكبير المهندسين السلطانيينة وكبير المهندسين السلطانيين والمشرف علي مصنع البارود. وحتي أواخر القرن التاسع عشر ، كانت سلطتهم علي الملة الأرمنية مساوية لسلطة البطريرك نفسه، وأحيانا تفوقه .
وفي ذات التوقيت ، أسهم المخيتاريون – نسبة إلي الأب مخيتار السيباسطي ( 1676 – 1749 ) – بور مهم في الحياة الأرمنية ؛ إذ اهتموا بالحفاظ علي الثقافة الأرمنية وإحياء التاريخ الأرمني وللغة الأرمنية ، وترجموا الكلاسيكيات الأوربية إلي الأرمنية ، وبدأوا كتابة الاعمال الأدبية والتاريخية واللغوية والدينية مستخدمين مصادر باللغتين اللاتينية والإغريقية وغيرهما . وقد نتجت عن هذه الجهود أعمال في القواعد اللغوية ومعاجم وكتب تاريخية ومسرحيات وأعمال لغوية وجغرافية ولاهوتية عديدة . كما أسس المخيتاريون مدارس ، وأصدروا دوريتين هما " بازمافيب " ( البندقية منذ 1843) ، و" هانديس أمسوريا " ( فيينا منذ 1887 ) .
وخلاصة القول ، استطاع المخيتاريون ، ليس فقط تعريف أوروبا بالماضي الأرمني ، ولكن أعمالهم أيضا وجهت الفكر الغربي إلي الأرمن في الإمبراطوريتين العثمانية والروسية . ولعبت دورا مهما في تشكيل الإحياء الثقافي الأرمني في القرن التاسع عشر.
ولا ريب أن انشطتهم سهلت دراسة التاريخ الأرمني واللغة الأرمنية في أوربا. وقد درس الشاعر الإنجليزي لورد بايرون اللغة الأرمنية معهم في البندقية. وكتب الباحثون دراسات حول التاريخ الأرمني واللغة الأرمنية.
وثمة قوي أخري كانت مسئولة بشكل مباشر عن إيقاظ وعي الأرمن في الإمبراطورية العثمانية . وهنا رغم أن معظم الأرمن ظلوا ينتمون للكنيسة الأم مع الاستفادة بالتعليم الذي تقدمه الإرساليات ، فإنهم قد تأثروا بالأفكار الأوروبية التقدمية . ومع أن أعداد الأرمن الكاثوليك والبروتستانت كانت لا تزيد عن 3% من إجمالي الأرمن العثمانيين ، فإنهم قد استفادوا في استكمال تعليمهم العالي سواء في بلادهم أو في الخارج، وكذا في الهجرة إلي أوروبا والولايات المتحدة والتمتع – في بعض الأوقات – بحماية دبلوماسية من الأوروبيين أصحاب هذه المذاهب الدينية نفسها . وفي الوقت نفسه ، قامت الطبقة المثقفة بتأسيس بعض المدارس وعشرة مطابع نشرت أعمالا دينية وعلمانية . وقد مول الأمراء كثيرا من هذه المشروعات . وقامت المدارس بدور حيوي في النهضة الأرمنية. وبفضل التنظيمات العثمانية كان لدي الأستانة وحدها ، بحلول منتصف القرن التاسع عشر ، مايقرب من "5000 " تلميذ أرمني في حوالي " 40" مدرسة وكليتين أرمنيتين، وفي كل عام، حصل حوالي " 24 " طالبا علي منح للدراسة في فرنسا . وعقب عودتهم، جاء هؤلاء الطلاب بالأفكار الأوروبية ونشرها من خلال التعليم والكتابة والصحافة في ولايات أرمينية العثمانية الست : فان ، بتليس ، أرضروم ، ديار بكر، خربوط ، سيفاس.
وثمة معلمون وترجمون ومحررو صحف كانوا مسئولين عن يقظة جيل كامل. وقد تمخض عن هذا النتاج ظهور ال" زارتونك" ؛ أي النهضة الثقافية للأرمن العثمانيين التي استمرت طوال القرن التاسع عشر وانتهت بالإبادة ( 1915) . هذا ، وقد أتاحت إصلاحات 1839 ظهور أول دورية باللغة الأرمنية العامية في عام 1840 المسماة " فجر أرارات " ، والتي كانت تنشر ، تبني كثير من الكتاب الأرمن اللهجة العامية السائدة في الأستانة . وفي عام 1852 ، أسست عائلة ديديان مطبعة جديدة في أزمير حيث نشرت خلال ثلاثة عقود حوالي "20" ترجمة إلي الأرمينية من الأعمال الرومانتيكية الفرنسية والغنجليزية والألمانية ، تلك الأعمال التي أثرت بدورها في بعض الكتاب الأرمن ، كما ترجمت التراجيديات الكلاسيكية إلي الأرمنية أيضا ن وتم اداؤها علي أول مسرح أسس في الأستانة تحت إدارة مجرديتش بيشيكتاشليان ( 1828 – 1868 ) .
ولعبت الصحافة دورا مهما في إحياء الثقافة الأرمنية ؛ فقد أسس الأرمن اول جريدة تنشر في الدولة العثمانية وعنوانها " بيزانطيون " . وبين عامي 1840 1866 ، أسس الأرمن " 14 " دورية في الأستانة من قبيل ماسيس ، بي هايريك . وقد أسس الأب خريميان صحيفتين جد مهمتين هما : نسر فاسبورراجان في فان ونسر تارون في موش . وخلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر ، قامت هذه الدوريات بدور محوري في الصحوة الياسية للجماهير الأرمنية التي تقطن الأناضول .



#عطا_درغام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشرق والغرب يلتقيان ( مملكة قيليقية الأرمنية ) وفقا لرؤية ب ...
- أحوال أرمينية تحت الهيمنة العربية ( 640-844) ( وفقا لرؤية بو ...
- أرمينية في العهدين الفارسي والبيزنطي ( وفقا لرؤية بورنوتيان ...
- حول التاريخ الأرمني في العصور الوسطي ( من كتاب موجز تاريخ ال ...
- حول التاريخ الأرمني القديم ( من خلال موجز تاريخ الشعب الأرمن ...
- حول التاريخ الأرمني القديم ( من خلال موجز تاريخ الشعب الأرمن ...
- موجز تاريخ الشعب الأرمني من العصور القديمة إلي العصور الحديث ...
- الأرمن والفكر السياسي العربي : قراءة في فكر أديب إسحق – 6
- الأرمن والفكر السياسي العربي : قراءة في فكر أديب إسحق – 5
- الأرمن والفكر السياسي العربي : قراءة في فكر أديب إسحق-4
- الأرمن والفكر السياسي العربي : قراءة في فكر أديب إسحق-3
- الأرمن والفكر السياسي العربي : قراءة في فكر أديب إسحق-2
- الأرمن والفكر السياسي : قراءة في فكر أديب إسحق-1
- صورة أرمينية في المصادر العربية والأجنبية
- الكتابات التاريخية العربية عن الإبادة الأرمنية
- الصحافة الأرمنية في مصر
- الأرمن والفكر السياسي العربي: قراءة في فكر رزق الله حسون
- الطائفة الأرمنية تكرم الصحافة المصرية
- من أعلام الشعر الأرمني الحديث
- يوميات كاراباخ: أخضر وأسود.....لا حرب لا سلم


المزيد.....




- بوتين يؤدي اليمين لولاية خامسة في حكم روسيا: لا نرفض الحوار ...
- لافروف يؤكد مع نظيره السعودي ضرورة توحيد الجهود لحل الصراعات ...
- 1.5 ألف جندي ومدرعات غربية ومستودعات وقود.. الدفاع الروسية ت ...
- وسائل إعلام: -حزب الله- أطلق 6 مسيرات مفخخة من لبنان باتجاه ...
- يوم عالمي بلا حمية غذائية.. شهادات لأعوام في جحيم الهواجس ال ...
- ماذا نعرف عن -رفح-- المعبر والمدينة؟
- وزيرة الخارجية الألمانية تضيع ركلة ترجيح أمام فيجي
- -جدار الموت-.. اقتراح مثير لسلامة رواد القمر
- لحظة دخول بوتين إلى قصر الكرملين الكبير لأداء اليمن الدستوري ...
- معارك حسمت الحرب الوطنية العظمى


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عطا درغام - الأرمن في الإمبراطورية العثمانية ( وفقا لرؤية بورنوتيان )