أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عطا درغام - الأرمن والفكر السياسي العربي : قراءة في فكر أديب إسحق – 5















المزيد.....

الأرمن والفكر السياسي العربي : قراءة في فكر أديب إسحق – 5


عطا درغام

الحوار المتمدن-العدد: 4555 - 2014 / 8 / 26 - 00:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الأمة والوطن
..............................
ويعالج أديب موضوعا لم يسبقه إليه مؤلف عربي في القرن التاسع عشر ، هو موضوع الأمة والوطن ، والقومية الوطنية . وينقل هنا كعادته عن بعض المؤلفين الفرنسيين . ومهما يكن من أمر ، فقد كان له الفضل الأول في إذاعة مثل هذه الأفكار في البلدان العربية ،وعلي أساس علماني لا علي أساس ديني.
ويقول في تعريف الأمة : " الأمة الجيل من كل حي ، ومن الرجل قومه . وفي عرف أهل السياسة الجماعة المتجنسة جنسا واحدا ، الخاضعة لقانون واحد . وليس المراد بوحدة الجنس التوفيق بين الأنساب ولا سيما الحضر من المفاسد الكثيرة ، ناشئة عن تخالط الأقوام ، مختلفة أنسابهم ، وتوالي الحروب والغارات ، وتوطن بعض الفاتحين فتوحهم، وتزوجهم من أهلها إلي غير ذلك مما جهلت به الأنساب، وخفيت به الأحساب ، إلا ماحفظ بمناعة أهله عن أن يدانيهم فاتح غريب . وهو قليل لا يقاس عليه . وإنما المراد بوحدة الجنس اتفاق الجماعة علي الاعتزاء إلي جنس واحد يتوالدون فيه ويتسمون به كالجنس الأمريكاني لسكان الولايات المتحدة الأمريكية سواء كانوا إنجليز أو فرنسيين أو أسبانيين أو أمريكيين أصلا ، والعثماني لسكان البلاد العثمانية في أوربا وآسيا سواء كانوا تركا أو عربا أو تترا أصلا ، والأوستري لسكان أوستريا سواء كانوا ألمانا أو صقالبة أو إيطاليين أصلا ، وهلم جرا " .
ويرد علي بعض القائلين إن الأمة تستلزم وجود لغة واحدة يتكلمها جميع المواطنين فيقول : " وقد زعم بعض الناس أن من لوازم وحدة الأمة وحدة لغتها . وهو وهم لأنه ما أن يراد بذلك الاستدلال باللغة علي الجنس أولا .فإن كان الأول فهو فاسد لأنه قد يلد الإنسان بين قوم وينبت فيهم فيتكلم بلغتهم وهو بعيد عنهم نسبا ، ولأن ما ذكرنا من تخالط الأقوام واغتراب الفاتحين قد أحدث في لغات كثير من جماعات الناس فسادا بحيث صارت مزيجا يعجز أبرع الكيماويين عن تحليله ، كما في لغة أهل مطالة مثلا . فامتنع بذلك الاستدلال باللغة علي الجنس . وإن كان الثاني ، فهو وحدة إيجاب ما ليس بواجب . ولو اقتصر أهل هذا الرأي علي استحسان وحدة اللغة في الأمة لأحسنوا " .
وينهي كلامه في هذا الموضوع بقوله : " فقد ثبت بما ذكر أن الأمة هي الجماعة من الناس تتجنس جنسا واحدا أن تتسم بسمة واحدة علي اختلاف أصولها ولغاتها ، وتتعاون باسم تنتسب إليه وتدافع عنه " .
فأديب يخلط هنا بين الدولة والأمة ، بين الجنسية والقومية ، والأمريكان والعثمانيون والأوستريون لم يكونوا في أيامه ، يؤلفون أمما بل دولا وجنسيات أو أقواما أو مللا ( سياسة ) لا قوميات اجتماعية وسياسية . وهو في كل دفاعه هذا وخاصة في استبعاد أن تكون اللغة شرطا لوجود الأمة ، يدافع عن وجود الأمة العثمانية ووجوب تذويب جميع الشعوب التي تضمها في بوتقتها الواحدة الموحدة .
ويعرف الوطن فيقول : " أما الوطن فهو المسكن يقيم به الإنسان . وفي عرفهم البلاد التي يتوطنها سواد الأمة الأعظم ويتوالدون فيها . ولا يشترط فيه مساحة معلومة بدرجات معينة أو إقليم واحد بتخوم معروفة ، وإنما تعريفه ما ذكر من توطن معظم الأمة به . وقد يضاف إلي الوطن بلاد لم تكن به ، وهي إما أن تكون فتوحا . وإما أن تنضم إليه برضا أهلها. فإن كان الأول ، فإما أن يكون ضمها قديم العهد ، وتكون معاملة حكومة الوطن لها معاملتها لسائر أهله، فتثبت الملكية ، وإما أن تكون هذه ولا ذاك فلا تثبت ، وإن كان فلا مشاحة في صحة الانضمام " .
ونظرية أديب في الوطن هنا تعبر عن نزعة بعض الأوروبيين التوسعية ، وتتلاءم ومطامع الإمبراطورية العثمانية . فهو ينقل بذكاء وخدمة للعثمانيين وتوسعاتهم .
ويقول "وقد اختلف في سبب حب الوطن . فقيل إن السبب فيه الألفة ، فإن الإنسان إذا ألف شيئا أحبه. وأجيب بأنه قد يخرج الإنسان من وطنه صغيرا فينبت في آخر ، ولا ينسي مع ذلك حبه وطنه . وقيل أن حب السكان يورث حب المكان . كما قيل : وما حب الديار يهيج وجدي، ولكن حب من سكن الديار " .
أما أديب فيعلل ذلك بقوله : " وأجيب بأنه قد ينتقل الإنسان عن وطنه بمعظم أهله وأصدقائه ولا ينفك مؤثرا وطنه بالحب . وعندنا إن ياء الإضافة في قولي وطني هي السبب في حبي لوطني . كما أن ياء النسب في قولنا فرنساوي وهي السبب في حب الفرنساوي لأمته. فتأمله ، فلله من ياءين نسبة وياء إضافة يدعوان إلي فضيلتين : حب الأمة وحب الوطن " .
ومهما يكن من أمر : فلا يري أديب أي تعارض بين القومية والوطنية والإنسانية ، والذي يجمع بينهما جميعا هو المهن والصناعات التي تتبادل منافعها الشعوب المختلفة ، مما يقوي بينهما روح الترابط والتآخي والإنسانية . وفي هذا يقول : " إذ تتيسر له (الإنسان ) أسباب الإعانة والاستعانة، فتحصل الفائدة التامة في الجماعة ، وينتهي ذلك إلي حصولها في النوع لما بين الجماعات من علاقات الإنسانية . وهذا وجه الفضيلة في حب الأمة وحب الوطن. فليرسمن اسمها علي صفحات كل قلب ، وليلهجن بذكرهما لسان كل إنسان . فإنما المرء بأصغريه القلب واللسان " .
.................................
الفوضوية والاشتراكية
..................................
ويذكر أديب ظهور الفوضويون ( ويدعوهم النيهلست ) في روسيا ، والاشتراكيين ( ويدعوهم السوسيالست ) في ألمانيا ، واستفحال أمرهما وعظم شأنهما فيهما ، ويحبذ تدابير هاتين الدولتين في ((استئصال شأفتهما وتعطيل جرائدها والقائمين بأمرها )) ويقول " ولا لوم عليها في ذلك، فإن تلك الشعلة قد سرت نارها وارتفع منارها ، وصار لها من الخاصة نصراء وفي الدولة ظهراء" . ولكن يستدرك فيقول : " غير إنها لن تستطيع إخماد تلك النار وإن منعتها من السير حينا ما ، فإن الأسباب إذا أعدتها الحركة اللانهائية ، وتسنت لها المسببات القابلة حصل الوجود وجوبا " .
ويذكر انتقال هذه " الشعلة " إلي الشرق وخاصة إلي بلاد فارس ،ويقصد الحركة " البابية " نسبة إلي السيد محمد باب المهدي ، وبعض الحركات التي ظهرت في الأستانة فهاجمت قصر السلطان في عام 1878 ، ويري أن هذه "الفتنة من آثار تلك الحركات المتعلقة بسلسلة الحركات الفكرية التي ستغير لا محال عاجلا أو آجلا هيئة الكرة الأرضية ونظام الجمعية الإنسانية " .
فأديب مؤمن بأن الحركة الاشتراكية والحركة الفوضوية ستغيران حتما وجه الأرض والمجتمعات البشرية. ويعود في مكان آخر إلي الحركة الفوضوية ( ويدعوها العدمية ) فيقول : " قد استجمعوا للموبقات وانفردوا بالمنكرات . فمن مذهبهم المثبت لفساد مشربهم أنهم لا يؤمنون بالله. نعوذ بالله من هذا الكفر المبين . ومن ذلك المذهب أنهم يقولون بالاشتراك في العرض والأموال. وهي بدعة جديدة لم يسبقهم إليها أحد من الناس . أما العدمية فهي الطرف المقابل للاستبداد في الهيئة السياسية ، ومشربها مقاومة الشر بمثله . فالعنف بالشدة ، والعسف بالغيلة ( الاغتيال ) ، والشنق بالطعن ، والنفي إلي سيبيريا بالحبس في جدران القصور . ومقصدها أعنات المستبد ، وتنبيه الخواطر ، وتحصيل الحقوق ، ورفع لواء الحرية وكسر شوكة الاستعباد . ونعم القصد ، لولا أن وسيلته آخذة بشيء مما يبعث عليه " .
فهو يعطف علي الفوضوية من جهة مقاصدها ، ولكنه ينفر منها من حيث إلحادها ودعوتها إلي الاشتراك في النساء والأموال واستخدام العنف .



#عطا_درغام (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأرمن والفكر السياسي العربي : قراءة في فكر أديب إسحق-4
- الأرمن والفكر السياسي العربي : قراءة في فكر أديب إسحق-3
- الأرمن والفكر السياسي العربي : قراءة في فكر أديب إسحق-2
- الأرمن والفكر السياسي : قراءة في فكر أديب إسحق-1
- صورة أرمينية في المصادر العربية والأجنبية
- الكتابات التاريخية العربية عن الإبادة الأرمنية
- الصحافة الأرمنية في مصر
- الأرمن والفكر السياسي العربي: قراءة في فكر رزق الله حسون
- الطائفة الأرمنية تكرم الصحافة المصرية
- من أعلام الشعر الأرمني الحديث
- يوميات كاراباخ: أخضر وأسود.....لا حرب لا سلم
- مذكرات جمال باشا
- روبرت فيسك والأرمن : قراءة في زمن المحارب
- القضية الأرمنية علي قناة النيل الثقافية-2
- القضية الأرمنية علي قناة النيل الثقافية-1
- رؤية أكاديمية للقضية الأرمنية مع الأستاذ علي ثابت صبري
- مع الشاعر المصري إبراهيم حسان
- رؤية عربية للعدوان الإسرائيلي علي غزة-3
- رؤية عربية للعدوان الإسرائيلي علي غزة-2
- رؤية عربية للعدوان الإسرائيلي علي غزة-1


المزيد.....




- خبير: الكرملين لا يسعى لإسقاط النظام الإيراني بل يراهن على ج ...
- في ملجأ محصن.. خامنئي يعزل نفسه ويحدّد خليفته تحسبًا لاغتيال ...
- القبض على أول شخص من عائلة بشار الأسد في سابقة أمنية لافتة ب ...
- تل أبيب تصعّد حملتها ضدّ المنشآت النووية ال?إيران?ية وتلوّح ...
- مساعدات التنمية: ألمانيا تقلص الإنفاق على الناس الأكثر فقراً ...
- فرنسا: المنطاد الأولمبي سيعود للتحليق في سماء باريس بعد تحول ...
- بالأرقام.. هكذا يضيّق الاحتلال الخناق على خان يونس
- عبر الخارطة التفاعلية.. آخر التطورات في المواجهة الإيرانية ا ...
- ردّا على ترامب.. الكنديون يلغون رحلاتهم إلى أمريكا.. من يدفع ...
- الجيش الإسرائيلي: قتلنا قائدا آخر بفيلق القدس.. ونخوض -واحدة ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عطا درغام - الأرمن والفكر السياسي العربي : قراءة في فكر أديب إسحق – 5