أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نوال السعداوي - بقعة الإنسان السوداء














المزيد.....

بقعة الإنسان السوداء


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 4561 - 2014 / 9 / 1 - 01:32
المحور: الادب والفن
    


لو كان باراك أوباما «امرأة» سوداء من الطبقة الفقيرة فهل كانت تصبح رئيسة الولايات المتحدة الأمريكية؟ بالطبع لا، صعد أوباما الى منصبه (رغم بشرته وأصوله الأفريقية)، لأنه حصل على تمويل ضخم (لحملته الانتخابية) من أثرياء وول ستريت وشركاتهم الكبرى، أصبح يمثل الطبقة الرأسمالية البيضاء فى البيت الأبيض، يدافع عن مصالحهم التى تخدم مصالحه، لم يصبح أوباما رئيس الدولة، لأن النظام الأمريكى أصبح ديمقراطيا بالمعنى الصحيح.

الديمقراطية بالمعنى الصحيح ليست الانتخابات، بل العدالة والمساواة بين المواطنين بصرف النظر عن الطبقة أو الجنس أو الدين أو العرق أو لون البشرة،



وهذا أمر لم يتحقق حتى اليوم فى أى بلد فى العالم بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية، كشفت المظاهرات الشعبية بولاية ميزورى خلال أغسطس ٢٠١٤ أن القيم العنصرية الطبقية الأبوية تسود الدولة والمجتمع الأمريكى.



يمكن لقصة أو رواية واحدة أن تكشف عورات النظم الحاكمة عالمياً ومحلياً وعائلياً، أكثر من مئات البحوث الأكاديمية والمقالات السياسية، العالم ينوء بجرائم التفرقة بين البشر، رواية «بقعة الإنسان» (زا هيومان ستين) كتبها روائى أمريكى هو «فيليب روث» عام ٢٠٠٠، تعتبر من أهم الأعمال الأدبية الكاشفة للقيم العنصرية المتغلغلة داخل المؤسسات الأمريكية، فى الطبقات العليا والسفلى، فى القضاء والتعليم والبوليس والجيش وأعمال الخدمة والجامعات الأكاديمية العليا.



بطل الرواية «كولن سيلك» تجاوز السبعين، احتل منصب العميد بالجامعة إلى جانب أستاذ الأدب الإغريقى، ولد أبيض البشرة رغم جذوره الأفريقية، وتزوج امرأة بيضاء أنجبت له أولادا بيض البشرة، هكذا استطاع أن يخفى عن العالم جذوره الزنجية، من أجل صعود السلم الاجتماعى الأمريكى، والفوز بمزايا البشرة البيضاء.



إنه يجسد الفلسفة الأمريكية البراجماتية الذكورية، يكاد يشبه «بيل كلينتون» فى سلوكه الأخلاقى، يستغل امرأة فقيرة صغيرة السن تكاد تكون نصف عمره،



استطاع بيل كلينتون أن ينجو لكونه رئيس الدولة، لكن بطل الرواية «كولن سيلك» يسقط سقوطا مدويا، بسبب خطأ بسيط فى كلمة واحدة نطقها سهوا أمام الطلاب فى الفصل، فإذا به يواجه بتهمة العنصرية، ويضطر إلى تقديم استقالته من الجامعة، ويقيم علاقة جنسية مع «فونيا» خادمة كادحة صغيرة السن، نصف عمره، تمسح الأرض وتنظف المراحيض، وتحلب الأبقار بمزرعة، من أجل سد الرمق، وهى أيضا زوجة لجندى عاد من حرب فيتنام بجروح نفسية أخطر من جروح الجسد، تصبح حياتها معه أشبه بالجحيم، ينفس عن غضبه من النظام العسكرى الأمريكى بضربها بماسورة حديدية، يراقبها هى وعشيقها الجامعى العجوز، يتتبعهما للانتقام منهما، حتى ينجح فى قتلهما معا، يمارسان الحب فى الطريق داخل السيارة.



فيليب روث، امتلك الصدق الفنى والشجاعة الأدبية لتعرية النظام العنصرى فى بلده، الذى يحكم المؤسسات العسكرية والقضائية والتعليمية والأكاديمية والثقافية وغيرها، من خلال «قصة حب» تقوم على القهر والإحباط والاستغلال الطبقى الأبوى أكثر مما تقوم على الحب أو الجنس أو العاطفة،



يعامل الروائى أبطاله وبطلاته بإنسانية ورقة، فهو يصور كيف كان «كولن سيلك» نفسه ضحية التمييز العنصرى، وهو شاب صغير، مما دفعه الى إخفاء جذوره الزنجية والابتعاد عن أفراد أسرته، حتى أمه «التى أحبها» اضطر للقسوة عليها وإنكارها، وعشيقته «فونيا» عاشت الفقر والهوان بالعمل والبيت، فقدت طفليها فى حادث مؤلم، زوجها الجندى شهد جرائم حرب فيتنام، فخلعت من عقله وقلبه مشاعر الإنسان.



تجسد الرواية مآسى البشر، السود منهم والبيض، الفقراء والأغنياء، المثقفين والجهلاء، الرجال والنساء، الضحايا والجناة فى آن واحد، لا نملك إلا الإشفاق عليهم، ولا نوجه الإدانة إلا لنظام الحكم.



الترجمة العربية لهذه الرواية صدرت بعنوان «الوصمة البشرية» عن هيئة الكتاب عام ٢٠١١، ترجمة فاطمة ناعوت.



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شجاعة التفكير خارج المنهج
- وصمة البشرة والطبقة والجنس
- الكاتبة رفيقة العمر
- حقوق المرأة. وكيف نفكر؟
- الكاتبة رفيقة العمر «٥»
- الكاتبة رفيقة العمر «4»
- مرض منتصف الليل. سر الإبداع!
- الكاتبة رفيقة العمر «٣»
- الكاتبة رفيقة العمر «2»
- ثقافة التفرقة وجذور الإرهاب
- الحب والصداقة والصفاقة
- تزييف الوعى والثورات الشعبية
- سؤال إلى وزير الصحة والنائب العام: هل تكون للدولة هيبة دون ت ...
- ما يختفي وراء جرائم الاغتصاب
- المرأة ونقد الفكر الرأسمالى
- انطق اسم أمك عالياً بكل فخر
- قضية النساء وتفاقم اللامساواة
- الأصوات التى ليس لها صوت
- قُصت أجنحتنا لكننا لازلنا نطير
- لا يقول الحقيقة إلا الخيال


المزيد.....




- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...
- غزة تودع الفنان والناشط محمود خميس شراب بعدما رسم البسمة وسط ...
- شاهد.. بطل في الفنون القتالية المختلطة يتدرب في فرن لأكثر من ...
- فيلم -ريستارت-.. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراء
- حين يتحول التاريخ إلى دراما قومية.. كيف تصور السينما الصراع ...
- طهران تحت النار: كيف تحولت المساحات الرقمية إلى ملاجئ لشباب ...
- يونس عتبان.. الاستعانة بالتخيل المستقبلي علاج وتمرين صحي للف ...
- في رحاب قلعة أربيل.. قصة 73 عاما من حفظ الأصالة الموسيقية في ...
- -فيلة صغيرة في بيت كبير- لنور أبو فرّاج: تصنيف خادع لنص جميل ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نوال السعداوي - بقعة الإنسان السوداء