أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - الكاتبة رفيقة العمر «٥»














المزيد.....

الكاتبة رفيقة العمر «٥»


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 4532 - 2014 / 8 / 4 - 01:02
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    





على شاطئ البحر تجلس مستغرقة فى الكتابة غائبة عن الكون، وأنا جالسة غير بعيدة عنها، أحملق فى الصحف، أضرب الهواء بقبضتىّ الاثنتين مهددة بتدمير العالم، غربا وشرقا، جميع الأجناس والأديان والمذاهب والأيديولوجيات، الكل مشارك فى الجريمة والكذب والقتل والخيانة والنهب والفسق والاستبداد، يتاجرون باسم الله والوطن والدستور والديمقراطية الرأسمالية والاشتراكية الديمقراطية والعدالة الإجتماعية، وانتخابات الصناديق، وصناديق النقد والقروض والمعونات والتبرعات والزكاة والجزية والضرب بالجزمة فى التخشيبة والسجن.



يعود بنا الزمن إلى ما قبل اكتشاف العقل والقانون العادل والضرائب المتصاعدة مع تصاعد الملايين والبلايين، نعود لزمن الهيولة الهلامى غير الممسوكة باليد، غير المحسوبة بالدولارات، يسمونها «الضمير» الذى مات قبل مولد سيدنا نوح ودفنه بالقبر، حول «عذاب القبر» يحتدم الخلاف بين النخبة المختارة المتنافسة على الأضواء والأموال والكراسى، كما احتدم منذ آلاف السنين حول «الثعبان الأقرع» والثوابت المقدسة لدى الأسلاف، ومنها النقاب والحجاب ونكاح الجهاد وإرضاع الكبير وزواج القاصرات وتعدد الزوجات والعشيقات والجوارى وملك اليمين.



شاركتنى السماء والشمس والبحر فى الغضب، فاحتبس الهواء، والحر اشتعل، مع رحيل يوليو ٢٠١٤ ومجىء أغسطس، ألوم نفسى وأعنفها لقراءة الصحف، يمتلئ قلبى بالحسد لاستغراقها فى الكتابة بكل الشبق والجمال والحرية، لا تشعر بقبح العالم وبشاعته، تغرقها اللذة من قمة رأسها إلى بطن قدميها الحافيتين فوق الرمال البيضاء الناعمة، تلامسهما مياه البحر بموجات رقيقات تروح وتجىء بحركة ناعمة لانهائية، قدماها ملوحتان بالشمس لونهما برونزى نحاسى، ساقاها طويلتان ممشوقتان باللون البرونزى النحاسى ذاته، جسمها كله مشبع بالشمس ومياه البحر المملحة، ترتدى مايوها أزرق من قطعتين، لم أملك الشجاعة (منذ تولى الرئيس المؤمن) لارتداء هذا المايوه، كانت الزبيبة السوداء تبرز فوق الجبهة والمسابح الصفراء تتلوى بين الأصابع والأحجبة والأدعية والفتاوى والمايوهات الشرعية، لا تنزل النساء إلى البحر إلا بالنقاب والجلباب والقفاز والقبقاب، بعد اغتيال الرئيس المؤمن تفاقمت الأمور ثلاثين عاما، عهد الرئيس الجديد، الذى خلعته ثورة يناير ٢٠١١، تضاعف التفاقم فى حكم الرئيس الجديد الذى عزلته ثورة أخرى فى يونيو ٢٠١٣.



الأحداث تتوالى وهى مستغرقة فى الكتابة، لا تشعر بسقوط الرؤساء وصعودهم ثم سقوطهم، لا تعرف الوجه من الوجه ولا الصوت من الصوت، وإن سألتها تمط شفتها السفلى وتقول، كلهم واحد، وأصرخ فيها بحسد: هل أنت مصنوعة من مادة غير اللحم البشرى؟ هل تفقدك الكتابة المشاعر الطبيعية؟



تتسع عيناها فى غيبوبة وتتمتم: وما هى المشاعر الطبيعية؟



قالت لى مرارا إن مشاعرنا مصنوعة بغيرنا، وعقولنا مصنوعة بعقول أخرى، ووجوهنا وأصواتنا وحركاتنا، وكل شىء فينا مصنوع حتى الدم فى عروقنا والجينات والحامض النووى وو.... وأقاطعها: هل أنت من أتباع نظرية سيجموند فرويد «البيولوجيا مصيرنا المحتوم»؟



قالت، هناك فرق، أن نكون عبيدا للأبد، وأن يدركنا الوعى فنحرر أنفسنا قبل أن نموت،،



وهل يتغير الدم فى عروقنا وسوائل المخ الكيماوية الكهرومغنطيسية؟



رمقتنى بضيق: تكررين أسئلتك المملة وتتعمدين تشتيت أفكارى حين أكتب؟



أنت طلبت منى زيارتك؟



لم أكن فى وعيى لحظتها؟



كنت فى حالة حب؟



نسيت،



هل تنسيك الكتابة فتى أحلامك؟



لا شىء يعلو على الكتابة،



واتسعت عيناها أكثر وأكثر وقالت:



كلمات قليلة قد تكشف لنا عن كون آخر، يولد الكون الجديد من كلمات نكتشفها لحظة بلحظة، كلمة بكلمة، نسمى بها الأشياء والناس والآلهة والشياطين، كلمات قليلة تخلق لنا عيونا جديدة، تتغير كيمياء المخ، يتنقى الدم من السموم، تتحول الكلمة فى الرئة إلى الأكسجين، ألم يحدث أن قرأت سطرا واحدا فانتفض جسدك بالسعادة؟



كلماتها نفذت إلى صدرى فاحتضنت بذراعى البحر والهواء والشمس والكون كله.



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكاتبة رفيقة العمر «4»
- مرض منتصف الليل. سر الإبداع!
- الكاتبة رفيقة العمر «٣»
- الكاتبة رفيقة العمر «2»
- ثقافة التفرقة وجذور الإرهاب
- الحب والصداقة والصفاقة
- تزييف الوعى والثورات الشعبية
- سؤال إلى وزير الصحة والنائب العام: هل تكون للدولة هيبة دون ت ...
- ما يختفي وراء جرائم الاغتصاب
- المرأة ونقد الفكر الرأسمالى
- انطق اسم أمك عالياً بكل فخر
- قضية النساء وتفاقم اللامساواة
- الأصوات التى ليس لها صوت
- قُصت أجنحتنا لكننا لازلنا نطير
- لا يقول الحقيقة إلا الخيال
- رجل الشارع والإنسان العادى
- رحلة لحلوان الثانوية للبنات
- رسالة أحمد دومة المنشورة
- النساء والبيئة وتوحش الحقيقة
- المعارضة الشرعية ونخب الميتافيزيقيا


المزيد.....




- تسع عشرة امرأة.. مراجعة لرواية سمر يزبك
- قتل امرأة عتيبية دهسا بسيارة.. السعودية تنفذ الإعدام -قصاصا- ...
- تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 ...
- تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 ...
- تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 ...
- البرازيل.. القبض على امرأة يشتبه في اصطحابها رجلا ميتا إلى ب ...
- فيديو.. امرأة تصطحب جثة إلى بنك للتوقيع على طلب قرض
- في يوم الأسير.. الفلسطينيون يواصلون النضال من داخل المعتقلات ...
- السعودية: إيقاف شخص -سخر من القرآن- وآخر -تحرش بامرأة- وثالث ...
- السعودية: إيقاف شخص -سخر من القرآن- وآخر -تحرش بامرأة- وثالث ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - الكاتبة رفيقة العمر «٥»