أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد موسى - رثاء الى نخلة سومرية














المزيد.....

رثاء الى نخلة سومرية


سعد محمد موسى

الحوار المتمدن-العدد: 4556 - 2014 / 8 / 27 - 19:37
المحور: الادب والفن
    


رثاء الى نخلة سومرية
سعد محمد موسى
ذات ليلة موحشة وممطرة في مدينة ملبورن كنت أتدفأ أمام موقد خشبي في مقهى ، وأنا كنت أتذكر الحكمة الشعبية والوجودية والتي

كانت أمي غالباً ما ترددها في أيام الازرك والعجيز اثناء قساوة الشتاء .
وهي تقول
!!(تاري النار جنة والمومن جذب)
حين كنت طفلاً في التعويذة السابعة المحفورة فوق حجر الفيروز (أم سبع عيون) والمعلقة فوق رازونة غرفتنا الطينية . وأنا كنت أشاهد أمي وأساعدها أحياناً وهي كانت تعمل كالنحلة دون توقف وهي تملأ سطلها النحاسي بمياه الامطار التي كانت تهطل بغزارة وسط حوشنا القديم في شارع عشرين حيث مدينة الناصرية.
ثم تلقي بالمياه خارجاً فوق رصيف الشارع ويتكرر هذا المشهد والصراع مع المطر ومع الفقر.
خشية من غرق الدار بالامطار حين تتساقط بغزارة.
بعدها تستريح أمي قليلاً حين تشعر بأن أطرافها قد تجمدت من البرد القاسي فتعود لتتدفاً على لهيب النار الزرقاء الناعسة فوق صوبة (علاء الدين) النفطية في غرفتنا التي شيدها الوالد قبل وفاته من الطين والتبن وجذوع النخيل والسعف وجعلها غرفة اليفة رغم بساطتها .. كي يمنحها هدية زواج سومري الى زوجته الجميلة.
لك ينابيع المحبة والسلام
يا فاطمة الطيب أيتها الام العراقية والتي مافرقت يوما مابين أطياف العراقيين أو البشر في كل مكان
يا نخلة شامخة فوق ضفاف رافدين الله حتى وأن اعوج جذعك .. فذلك هو انحناء النبل والطيبة لانك كنت تمنحين أعذاق الرطب في مواسم العطاء الى الجياع.
...

وحين كنت أحرث في حقل الذاكرة كانت تستحضرني مقتنيات أمي من صور الانبياء والائمة والقديسين، التي كانت تتوسط الجدران أو تركن في الزوايا.
وكآن مقام الغرفة الطينية كان مثل متحف أو محراب هناك
...
أتذكر في منتصف الجدارالذي كان يقابل باب الغرفة الخشبي المطلي باللون الازرق التركوازي . كانت هنالك صورة للنبيّ محمد وهو كان يحمل القرآن وخلفه كانت هالة نور تشع من الفضاء .. وتليها صورة أخرى الى ابن عمه الامام عليّ وهو يحمل سيف ذو الفقار وامامه صورة للاسد المهيب وعلى جانبيه كانا يقفان ولديه الحسن والحسين
وصورة أخرى لفاجعة كربلاء وهي تجسد شخصية الحسين حين كان يحتضر بكرامة مع فرسه البيضاء الجريحة في معركة الطف وحيداً . وكانت مأساة عاشوراء من أكثر التراجيديا التي أثرت في طفولتي وأنا كنت أتسائل عن سبب المعاناة والالم في هذا الوجود !!؟؟
ومن ضمن الصور الملصقة التي كانت في البوفية الخشبية القديمة والمصنوعة بمهارة وطراز انكليزي فكتوري . كانت هنالك صورة
للمعيدية (موناليزا سيدة الاهوار ) والتي كانت تمثل اسطورة شعبية لفتاة عراقية فاتنة الجمال وقع بغرامها ضابط انكليزي في زمن الاحتلال البريطاني للعراق آنذاك.
وكانت هنالك أيضاً صورة غالباً ماكانت تثير فضولي كانت معلقة في منتصف الجدار المقابل أمام باب الغرفة وهي تمثل عيسى مصلوباً وخلفه كانت سماء داكنة وعاصفة وتحت صليبه كانت أمه مريم تبكيه بقلب ينزف الدم والفجيعة
وكذلك صورة أخرى كانت في زاوية الغرفة يظهر بها آدم وحواء مع شجرة التفاح والافعى الماكرة في الجنة.
ثم لوحة النبي موسى بوقاره وقوة جسده المفتول العضلات وهو يحتضن الواحه.
...
وكانت هنالك أيضاَ تمائم وأحجار تحب أن تجمعها أمي.. مثل المسبحات وترب الصلاة وأحجار أم سبع عيون وقلائد الحرمل ومخطوطات وأدعية ونذور وحروز.



#سعد_محمد_موسى (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قيامة فوق جبل سنجار
- عاشق وقطار
- الجزء الثاني
- يوميات جندي معاقب
- ضياع خارطة وطن
- باعة متجولون فوق أرصفة الطفولة
- غفوة البساتين على ضفاف النهر
- ليس للفقراء وطن
- محاصصة في وجه وطن
- مرثية الموت في الارض الحرام
- عاشق دهشة الطين
- يرحل العابرون ويبقى العراق
- الاغنية الاخيرة لحارس النواعير
- رثاء لجراح المدن المكابرة
- ينابيع المحبة والسلام
- الصبي المسحور
- مقهى أبو سعد
- عزلة الراهب كياتسو
- أعياد ملونة من أقاصي الذاكرة
- رقصة الفراشة في شرنقة النار


المزيد.....




- عرف النجومية متأخرا وشارك في أعمال عالمية.. وفاة الممثل الإي ...
- السيسي يوجّه بمتابعة الحالة الصحية للفنان محمد صبحي
- الفنان المصري إسماعيل الليثي يرحل بعد عام على وفاة ابنه
- الشاهنامة.. ملحمة الفردوسي التي ما زالت تلهم الأفغان
- من الفراعنة إلى الذكاء الاصطناعي، كيف تطورت الكوميكس المصرية ...
- -حرب المعلومات-.. كيف أصبح المحتوى أقوى من القنبلة؟
- جريدة “أكتوبر” الصادرة باللغة الكردية والتابعة للحزب الشيوعي ...
- سجال القيم والتقاليد في الدورة الثامنة لمهرجان الكويت الدولي ...
- اليونسكو تُصدر موافقة مبدئية على إدراج المطبخ الإيطالي في ال ...
- بين غوريلا راقصة وطائر منحوس..صور طريفة من جوائز التصوير الك ...


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد موسى - رثاء الى نخلة سومرية