أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد موسى - الجزء الثاني















المزيد.....

الجزء الثاني


سعد محمد موسى

الحوار المتمدن-العدد: 4544 - 2014 / 8 / 15 - 16:25
المحور: الادب والفن
    


يوميات جندي معاقب
الجزء الثاني
سعد محمد موسى
في محاولة أخيرة قبل فكرة الهروب من المعسكر اقترح صديقي الجندي الخطاط (محمد مطشر) أن نذهب لمقابلة ضابط خلوق وطيب في اللواء وقد سبق وأن اهدى له محمد مخطوطات قرآنية خطها بالاحبار وكان سعيداً بها . فربما يكون هنالك ثمة أمل في ان يقدم لنا الضابط بعض المساعدة.

وحين ذهبنا الى لقاء الضابط استقبلنا في خيمته وأستمع الى محنتنا التي كنا محاصرين بها .
ثم أوعدنا انه سوف يتصل بالملازم وسام الخضيري .. لغرض اقناعه بالغاء الملف . لكنه أخبرنا أيضاً اذا كان هذا الموضوع الخطير قد وصل مبكراً الى الاستخبارات العسكرية فسوف يكون ذلك خارج ارادته!!
حين خرجنا من خيمة الضابط .. كان في انتظارنا النائب ضابط (محيسن اطيمش) وكانت تعلوا فوق وجهه ابتسامه خبيثة .. وقد أفحم بنا القلق والمخاوف أكثر مما كنا نشعر به وهو يقول لنا شامتاً لقد عرفت القصة .. (انتم رحتوا بيها انطيكَيتوا بالدهن).
...
ذهبت الى خيمة القلم وكان النائب الضابط أبو ايمان وهو من اهالي النجف وقد كان يحاول بث الطمأنية في نفسي .. كانت الدقائق تمر بصعوبة والانتظار قاسٍ .. ثم قال النائب ضابط ابو ايمان .. بصوت خافت بعد أن تأكد بعدم وجود اي جندي قريب من الخيمة .. انا معجب بافكار محمد باقر الصدر .. مارأيك فيه ..
لقد تجاهلت سؤاله .. ثم بدأ يتحدث عن أفكاره ويسألني عن رأيي في الامام الصدر !!
اخبرت النائب ضابط عباس قائلاً له .. انا رجل مستقل وليس لدي اي علاقة لا بالسياسة ولا بالدين وانا ضد الدين حين يتحول الى أحزاب سياسية .. ثم قلت له "هسه انا باي حال ياابو ايمان .. تريد تورطني باعدام ثاني .. انا بس أريد أخلص من هذه المشكلة!!!

بعد ساعتين جاء نائب ضابط محيسن الى خيمة القلم وقال لي بصرامة انزع بيرتك العسكرية والنطاق وتعال معي الى خيمة الملازم وسام انا مأمور بك الان .. حينها شعرت ان نهايتي قد اقتربت .. صاح ابو ايمان مستفسراً .. نائب ضابط محيسن شنو القضية !!! أجابه ان الخونة والمتمردين على الحكومة يجب أن ينالوا عقابهم.
في المسافة مابين خيمة القلم وخيمة الضابط أول شيء تذكرته أو تذكرني كان وجه امي الذي اشتقت ان اودعه قبل ان أغادر الحياة . وقد أرعبتني اللحظات وأنا أتخيلها مابين فوهات البنادق ومابين جسدي حين تخترقه الاطلاقات النارية في ساحة الاعدام.
وصلنا خيمة الملازم وسام .. فطلب الضابط من
محيسن الفضولي أن يغادر الخيمة
نظر وسام بود اليّ وقال بهدوء لقد مزقت الكتاب الصادر من مكتب التوجيه السياسي .
شعرت بان الدم بدأ يتدفق في عروقي مرة أخرى .. بعد أن تنفست الصعداء .
لكنه أخبرني بان علي أن اتقبل عقوبة بسيطة حفاظاً على هيبته كضابط وهي طردي من قلم السرية ونقلي الى المطبخ
ثم صاح بالنائب ضابط محيسن ان ياتي . فاخذ التحية . وأمره أن يجلب الحلاق .. ويحلق شعري نمره صفر بشفرة الحلاقة .. ويرسلني ان أعمل في مطبخ السرية .. قلت له سيدي أرجوك خليها نمرة أربعة على الاقل .. قال ماهوالفرق حتى نزولك القادم الى بغداد بعد شهر سيكون شعرك وقتها قد ظهر وصار بمستوى نمرة أربعة !!! ..
ثم ابتسم وقال الى النائب ضابط حسناً نمرة أربعة
أخذني محيسن الى الحلاق .. وهو كان ينظر ليّ متحسراً.
"اويلي طلعت منها محظوظ انت .. بس تعيش هاي نومتك ويانا احنا المطوعين هنا بالجيش ماراح تتسرح"

لخاطر الله انت شتريد مني نايب ضابط محيسن . هاي عود انت ابن ولايتي من الناصرية !!!! أجبته معاتباً
ثم طلب محيسن من الحلاق ان يحضر شفرة الحلاقة لعقوبة نمرة صفرة لحلاقة شعري.
لكني رفضت محتجاً وقلت الى الحلاق ومحيسن . ان ملازم وسام قال حلاقة نمرة اربعة الخفيفة وليس صفر . سوف ابلغ الضابط بعدم انصياعك لاوامره !!
ثم اخبر محيسن الحلاق ان يحلق شعري نمرة اربعة
وبعد ان انتهى الحلاق من مهمته .. اخبرت النائب ضابط أريد ان اذهب الى خيمة القلم لغرض جلب بيريتي والنطاق العسكري قبل ان أذهب الى المطبخ .. قال كلا عليك ان تطيع أوامري انا ايضا لي سلطة انا نائب ضابط انت مازلت جندي معاقب .. عليك ان تزحف من هنا الى المطبخ .. قلت له ملازم وسام لم يأمر بذلك !!
وبعدين يا (ن.ض محيسن) عليك أن تعرف أن الانسان بقيّ لملايين السنيين في مراحل تطوره كي يتجاوز مرحلة الزحف حتى السير على قدمية .. وانت هسة تريد ترجعني لعصر نشوء الانسان!!

هز يده ساخراً وقال عمي والله مانعرف انتم شجاي تحجون يلمثغفين
وصلت الى مطبخ السرية وكانت في انتظاري عشرات الاكياس من البصل علي تقطيعها .. وكانت هنالك قدور وقزانات كبيرة جداً لم أرى بحجمها وأتساعها قدور في حياتي حتى كانت أكبر من قدور سرادق مراسيم عزاء عاشوراء. كان واجبي أن أغسلها وأجففها بعد توزيع الحساء والرز الى الجنود الجياع ولمدة مرتين في اليوم.
اما صاحبي محمد فكانت عقوبته أصعب وهي حفر الخنادق ثم طمرها أو حمل الاحجار والصخور لتوسيع بناء سجن الوحدة بعد التدريب الصباحي.
ولي حكاية اخرى مع سجن الوحدة ايضا حين كنت حرس وهرب مني سجين سوف ارويها فيما بعد.

في الليلة الاخيرة المتبقية من خدمتي في لواء 99 . كانت مهمتي هي الخفارة الليلة لحراسة خيام الضباط . وقد جاء ملازم وسام خارج الخيمة وقد جلب بكرسيّن كي نجلس عليهما .. وقد هنأني بمناسبة نهاية العقوبة وبدء حياة جديدة لاكمال دراستي في الاكاديمية .. وقال لي انه ضابط مجند خريج كلية الزراعة وهو لايحب حياة العسكرية القاسية والابتعاد عن المدينة وعن حبيبته في بغداد . ثم نصحني ان لاأعود للجيش مرة أخرى حاول ان تغادر العراق كانت اخر كلمات قالها لي .

قبل أن تنتهي خفارتي والاستعداد لجلب الكنية وحقيبتي لمغادرة المعسكر والى الابد .. كتبت عنوان شقتي في الكسرة – بغداد ودعوت الصديق الضابط وسام الى زيارتي وصافحته بحرارة وشكرته لانه انقذ حياتي
ولكن للاسف في احد الايام أخبرني بواب العمارة المصري . بان صديق اسمه وسام جاء لزيارتي وطرق باب شقتي .. ولم اكن موجود حينها.



#سعد_محمد_موسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوميات جندي معاقب
- ضياع خارطة وطن
- باعة متجولون فوق أرصفة الطفولة
- غفوة البساتين على ضفاف النهر
- ليس للفقراء وطن
- محاصصة في وجه وطن
- مرثية الموت في الارض الحرام
- عاشق دهشة الطين
- يرحل العابرون ويبقى العراق
- الاغنية الاخيرة لحارس النواعير
- رثاء لجراح المدن المكابرة
- ينابيع المحبة والسلام
- الصبي المسحور
- مقهى أبو سعد
- عزلة الراهب كياتسو
- أعياد ملونة من أقاصي الذاكرة
- رقصة الفراشة في شرنقة النار
- أمنيات النسيان فوق رصيف ذاكرة
- وليمة الظل
- الحرب وزمن السفلة


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد موسى - الجزء الثاني