أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إيرينى سمير حكيم - عودة عرض *عن العشاق*، الحلم الذى يحتاجه الجمهور















المزيد.....

عودة عرض *عن العشاق*، الحلم الذى يحتاجه الجمهور


إيرينى سمير حكيم
كاتبة وفنانة ومخرجة

(Ereiny Samir Hakim)


الحوار المتمدن-العدد: 4555 - 2014 / 8 / 26 - 00:09
المحور: الادب والفن
    


قد قمت بتعديل هذه المرة عنوان المقال الذى أتحدث فيه عن عرض عن العشاق، فقبلا قلت عنه انه "حلم عاشه الجمهور"، أما بعد عودته للمرة الثالثة ليُحي أرجاء قصر الأمير طاز، والذى شعرت بأن روحه تود أن تشكرهم على ما يقدمونه فى داره، قد تأكدت انه "حلم يحتاج إليه الجمهور"، انه حلم نشتاقه ونسعى لتحقيقه فى واقعنا، حيث يهرب إلى حضوره من ذهب سابقا ليعود مكرره ثانية أو ثالثة، وحتى يتغير الواقع فلندع كلمات والحان هذا الحلم يتفاعل معنا ويؤثر فينا، ولنترك له مساحة الحرية للصوت والصدى، لعل صوته يصدمنا وصداه يثابر بالتأثير فينا، وهذا الثمر الواسع الذى يجنيه هذا العمل من متلقيه، لهو أقوى إشادة بحقيقة بذور الحب التى يطرحها فى طيات عرضه بفنون مختلفة، ويزرعها فى مشاعر مشاهديه.

تجلىِّ الحلم

ظهر فى قصر الأمير طاز مجموعة من البشر الحالمين بالحب والعشق، جمعهم عبق الماضى وحكمته الأندلسية وعطر غناه الكلثومى، مرتدون ثوب الحاضر ومعاناته ليقدموا لجمهور ما أجادوا به من حب وفكر وإرشاد، فى عرض أسموه "عن العشاق" وهذا لما جاء به من لمحات من حكايات عن أحباء عبر التاريخ مرورا باليوم ليكون بن حزم هو طوق النجاة الذى يصل بالحائرين فى العرض إلى النصح السديد و الذى يصل بالمشاهد إلى حقيقة الحب.

حبكة العرض المُتقَنَة

العرض محوره الاساسى من كتاب طوق الحمامة لابن حزم الأندلسى، وهو أشهر كتب التراث العربى في الحب، قدمه المخرج هانى عفيفى بفكرته ورؤيته المميزة بخلطة من عطور الفنون المختلفة، حيث التمثيل مع الرقص التعبيرى، ومختارات من موسيقى أغنيات أم كلثوم وارتجالات موسيقية حرة، وكان لهذا المزج المتناغم بين تلك الفنون المختلفة، وفكرة مزج مقتطفات من أقوال لابن حزم وقصص العشاق المذكورة بكتابه ومشاكل العشاق الحاليين، اثر بالغ العمل فى نفس المتلقى، وقد أجاد عمله تلك الصياغة كريم عرفة، كما كان للإضاءة لياسر شعلان دورا هاما مع الأزياء لأيمن الزرقاني فى التباس الجمهور مع الحالة التاريخية المُقدمة, والدخول إلى الذكرى والتأمل فى واقع العلاقات الحالية.

فن مختلف

وكان للاستعراضات التى من تصميم هانى حسن وأدائه مع مارتينا عادل، إضافة رقيقة احتضنت العرض، إنما كان بإمكانها أن تحقق عمق أقوى فى التأثير إن كان التركيز على إظهار مشاعر أكثر تعبيرا فى ملامح الوجه، وعمل حركات تميل فى اغلبها إلى العصر الذى ينتمى إليه حالة العرض والأزياء والمكان، بعيدا عن جمود تعبيرات الرقص المعاصر، حيث كانت حالة العرض أكثر شاعرية مما تقتنصه تعبيرات الرقص الحديث من انفعالات تميل إلى الحدة.

فجاءت مشاهد الرقص فى اغلبها، اقرب إلى إضافة رتوش من مثلثات حادة الزوايا، وأشكال هندسية جميلة بألوان صارخة، إلى لوحة رومانسية بألوان هادئة.

جودة الأداء التمثيلى

تجلى فى العرض الممثل حمزة العيلي الذى قدم دور ابن حزم الأندلسى، وذلك بأدائه العالى فى تجسيد تلك الشخصية العميقة فى التفكير والمشاعر، حيث ساعد بأدائه الراقى أن يصل تعقيدات اللغة والأفكار بسلاسة إلى الجمهور، بالإضافة إلى الفنان ماهر محمود إسماعيل الذى شارك بالغناء والتمثيل والعزف، والذى أتقن كل منهم ببساطة فى الأداء دون تكلف، مع الحفاظ على التغير الانفعالى بين حالات الأدوار المؤداه.

كما أضاف الفنان أحمد زكريا بأدائه فى تجسيد حالات مختلفة طابع كوميدى ظريف غير مبالغ فيه، أضفى على العرض حالة من المرح، أما الفنانتان سارة عادل وسارة هريدى جسدتا حضور الأنثى فى قصص الحب، وهما منبئتان بالمزيد من الأعمال الناجحة بعد الصقل الأكثر لموهبتهما، وقد شاركت بالغناء فى العرض المطربة نجوى حمدى التى أحيت اغانى أم كلثوم بصوتها الجميل.

ووجه المخرج الشكر والامتنان للمخرج الكبير خالد جلال ورئيس الإدارة المركزية لمراكز الإبداع الفني في مصر، للدعم و المحبة المتواصلين له ولباقى أبناءه وتلامذته من صناع هذا العرض.

المكان أحد أبطال العرض

وأخيرا فلابد من ذكر الدور الكبير الذى قد ساهم به المكان الأثرى الساحر بسكب طابع كالحلم على العرض، والذى اعتبره احد أهم أبطال العرض وأحد الأسباب القوية رفع نسبة نجاحه، وقد ساعد معه كل من النص والأزياء والإضاءة لإدخال الممثلين والجمهور إلى دوامته الممتعة، ولابد أيضا من الإشارة إلى مدى نفع ما تقدمه وزارة الثقافة وصندوق التنمية الثقافية بتوفير فرص لتنفيذ أعمال فنية فى أماكن أثرية، فى ظل وجود رعاية خاصة من وزارة الآثار لحماية التراث، ليكون الناتج فى النهاية هو الحفاظ على تراث مادى وغير مادى.

إقبال الجمهور

كثيرا ما يُوَجَه الجمهور فنياً ويتم التأثير عليه بتحديد نوعيات خاصة من الفنون واتجاهاتها التى تفيد ايدولوجية خاصة واسعة الهدف وتسود بشكل عام، ومن ثم مع مرور الوقت يتم اتهام الجمهور بشكل عشوائى بأنه يتوق لفن معين، وكأن الجمهور يشمل فئة معينة واختيارات خاصة، إنما الواقع قد اثبت غير ذلك، فقد كان توجه الجمهور كبير لحضور هذا العرض الراقى الذى يتنوع فى أسلوبه بين اللغة العربية والعامية والتاريخ والحاضر، وحضور فن أم كلثوم والكوميديا العصرية، مع أجواء أندلسية ورقص حديث، وكان الإقبال قوى بحسب ما يقارن بحضور أعمال فنية أخرى كثيرة، وهذا يشهد ليس فقط للقائمين على العمل إنما لتعطش شريحة كبيرة من جمهور المسرح وربما جمهور جديد على المسرح، لفن يُقَدم بشكل جذاب سواء كان محتواه حديث أو قديم، وسواء كان بالعامية أو بالعربية الفصحى.

وأتيقن أن مثل تلك العروض التى تستفيد من الأماكن الأثرية وتفيد بالتعرف والإحساس بجمال تلك الأماكن، أنها تعطى للمتلقى قدر كبير من القدرة على التخيل والانفعال الايجابي مع ما تبقى لنا من تراث وقيم وجمال نفتقده ونفقده الآن، وتسعى فينا للرقى بالمجتمع وتسعى بنا لتغييره، وتحمل الكثير من السحر والإقناع بالتكيف مع الواقع والأسطورة وتعطى مساحة أوسع للإنسان أن يأمل ويطمح ويحب ويفكر، وأتمنى أن يستمر التعاون بين الفرق المسرحية الجيدة بحق والقائمين على الأماكن الأثرية، بإشعال روح الحياة فيما مضى وما انطفأ في أيامه من بهجة لإسعاد أيامنا حاليا، فما نعتقده مجرد عمل أضاف القليل من نجاح لأشخاص واستمتاع آخرين قد كان عمل أزاح الستار عن جمال قديم وأمل حاضر.

دعوة لتوثيقه وترجمته

هذا العمل الذى نتحدث عنه والذى يرتقى بفكر ومشاعر المتفرج، والذى هذا هو أهم غاياتنا الثقافية والفنية التى يحتاجها وبشدة مجتمعنا الآن، أرى انه لابد وأن تهتم جهته إنتاجه بتوثيقه وبنشره، حتى يذاع في التليفزيون المصري، وغيره من القنوات الفضائية، بل وعلى موقع اليوتيوب أيضا، حتى يراه اكبر شريحة من الجمهور المصرى والعربي، بل وأرجو ترجمة هذا العمل إلى الانجليزية، ومثله من الأعمال الفنية القيمة، حتى يمكن لجمهور من أوطان وثقافات أخرى أن يطلعوا على ما قدمه فنانون مصريون فى بوتقة من أثار وتراث وحداثة.

فهذا العمل الثرى يستعرض لنا تراث من حضارة أندلسية والتى هى مزيج بين العربية والاسبانية، مستخدما قصر الأمير طاز ليتحدث بمبناه فى المشاهد، والذى هو نتاج حضارة عربية ومصرية فى حقبة مملوكية، فهذا المزيج الثرى والتوليفة المعقدة فنيا، لابد وان يشهدها توليفة مختلفة من الثقافات، ولابد وان تهتم الدولة بأمر توثيق ونشر فنونها القيمة بحق، وعليها أن تنتبه لمدى أهميته الثقافية الواسعة التأثير، فهذا العرض نشره للأجانب ربما يكون احد وسائل ترغيبهم فى زيارة أثارنا والتعرف على تراثنا، فهذا العمل وما على شاكلته ربما يكونوا سبب فعال ونشط فى تنشيط السياحة لبلدنا.

ومثل تلك العروض تشهد ايجابية ثمر فنى وانسانى كبير تجنيه، حيث تؤثر وتغير فى عقول ونفوس جماهيرها، وتعمل على الارتقاء بالذوق العام وانتشال الثقافة من هاوية الإسفاف والجهل الغارقة فيه منذ زمن، فقد كان هذا العرض توليفة ذكية تقدم التراث بدسامته فى ملامح محب مبتسم، متواصل مع الجمهور بأقوال وغناء وكوميديا خفيفة، وأتمنى كما الكثيرين غيرى أيضا، أن يتم تقديم المزيد من الأعمال الهادفة لتلك الفرقة وغيرها، والعمل على تقديم عروض تأخذنا إلى حقائق إنسانية وفنية تجاهلناها تارة وغُصبنا على غيرها تارة أخرى.

فهذا هو العلاج بالفن حقا، على المستوى الفردى والمجتمعى.



#إيرينى_سمير_حكيم (هاشتاغ)       Ereiny_Samir_Hakim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل كانت ستلقى العذراء مريم مصير اللاجئات لمصر اليوم؟!
- *الفراديس* لهشام نزيه، الوجه العربى للسيمفونية العالمية *كار ...
- ما هو الزنا الذى لا طلاق إلا لعلتهِ؟
- الفنان طارق لطفى يتوحد مع شخصية حمزة فى عد تنازلى
- مَن إنسانيتهم تتوجع لأجل مسلمى غزة وتتجاهل مسيحىِّ العراق
- أحقا مُت يا صديقى؟!
- فى إعلان بيبسي *يلا نكمل لمتنا* نقاوة توأِد تعصب الجهل
- تلعنون من يموت انتحارا؟!
- بمناسبة ما يحدث لمسيحىِّ مصر والعرب والعالم
- فى مجتمعنا .. غير القابل للتنوع
- إنسان الروح
- هنا احنا زى علامات التنوين
- ربما المومسات أكثر شرفا منه
- لما تنزعجون من العاهرات حتى الهوس؟!
- ماذا اقول للغد؟!
- انا الانثى التى صُلِبَت على يد حافظيها .. انا المصرية
- التحرش فى مصر أصبح إتاوة يفرضها رجال على مشاركة المرأة فى ال ...
- أنا هطير يا زواحف
- حيثيات منع عرض فيلم حلاوة روح نهائيا ... وحقيقة سقوطه الفنى
- لم تفهم يا صديقى معنى وصية سيدى *من ضربك على خدك الأيمن فحول ...


المزيد.....




- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إيرينى سمير حكيم - عودة عرض *عن العشاق*، الحلم الذى يحتاجه الجمهور