أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - مالوم ابو رغيف - خدعة الوحدة الوطنية















المزيد.....

خدعة الوحدة الوطنية


مالوم ابو رغيف

الحوار المتمدن-العدد: 4548 - 2014 / 8 / 19 - 22:49
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


يمكن لنا الحديث عن نوعين من الوحدة، الوحدة الايجابية والوحدة السلبية. نعني بالوحدة الايجابية هو حالة غياب الصراع التناحري بين مكونات الدولة المختلفة وقبول جميع مكوناتها بنظام تكون قوانينه ملزمة لجميع المنتمين للدولة وغياب اي تمييز او تمايز او تفاضل بين مكوناتها بسبب القومية او العرق او الدين. الوحدة لا تقضي على التناقض ولا على الصراع اذ انه سيتخذ اشكالا ثقافية اواجتماعية ولا يمكن ان يكون صراعا تناحريا اقصائيا، انما عملية مستمرة يتغلب فيها الصواب على الخطل والجديد على القديم، ان اغلبية الشعب ستناضل ضد القوانين المجحفة.
ان هذا الصراع هو الذي يفرز الوحدة الوطنية، فهو صراع يكون محل اهتمام الجميع اكان ثقافيا او سياسيا اواجتماعيا اوصراعا ضد الامراض والاوبئة والكوارث. ان هذا الصراع غالبا ما يؤدي الى نبذ الافكار والاساليب والنظم العتيقة التي لا تخدم تطلعات التطور اللاحق او تكون حجر عثرة في طريق التقدم والرقي. هذه الوحدة الايجابية هي التي تحكم المجتمعات الغربية رغم اختلاف المداخيل وفروقات المعيشة والخلفيات الثقافية والانحدارات الطبقية، اذ ان الغرب تحكمه وحدة هدف تسعى الى جعل الانسان راضيا او اقل معاناة في الحياة. كما ان الانتماء للدولة يعني امتلاك الحق في التمتع بجميع امتيازات هذا الانتماء بغض النظر عن جميع اعتبارات الدين والثقافة والانتماء العرقي.
ورغم العزلة الاجتماعية والاغتراب التي يعاني منهما الانسان في المجتمعات الرأسمالية، ورغم تحكم الآلة بـ، وسيطرتها على الكثير من مجالات وفعاليات الانسان، حتى قد يبدو في كثير من الاحيان وكانه يتكلم مع نفسه، الا ان هناك شعورسائد بين افراد المجتمع بان هناك دائما من ياتي ليمد يد لمساعدة ومن يحضر للانقاذ في ساعات الشدة والعسرة ومن يتضامن، حتى في اقسى حالات اليأس والشدة او في ابعد المناطق عزلة ونئياً.
ان الوحدة الايجابية بين المواطنين هي نتاج التقدم الحضاري والمعرفي، هي نتيجة عزل الدين عن الدولة وابعاده عن السياسة وانقاذ الناس من نظريات العقاب والثواب والعذاب، هي التركيز على القضايا والمشاكل التي تواجه الناس والجهد الجمعي المشترك للتغلب عليها، هي في نزع جميع الاغطية او القشور الفكرية والآيدلوجية والدينية والقومية التي تمنع رؤية مسببات المشاكل.
لذلك تراجع الدين الى وظيفته الحقيقة وهي توفير ملاذ روحي آمن لكبار السن ونفح الانسان بامل في العيش مجددا في عالم ما بعد الموت، بعد ان اصبح جسده المتهاوي الهزيل لا يتوقع غير الفناء والهلاك على الارض.
لقد اجاب هتشكوك المخرج الانجليزي المعروف عن الهدف الذي يبتغيه وراء اخراج افلام الخوف والرعب، قال بانه يود ان يجعل الانسان ان يعيش في مواقف وحالات لا يمكن له ان يعيشع اثناء حياته الاعتيادية. كذلك هو الدين يوفر لكبار السن فسحة من الامل الوهمي في حياة تآملية قادمة ليموتوا وهم سعداء.
في المجتمعات الغربية، ليس الدين وحده هو الذي تراجع الى وظيفته المفترضة، بل كل الافكار التي تبعد الانسان عن الاخرين وتعزله بالتمايزات القومية او العرقية والطائفية.
نشير هنا ان افكار الافضليات والتمايز القومي قد تراجعت هي الاخرى ولم يبق امنها سوى افعال سلبية نشهد نتائجها المضرة بين الحينة والاخرى كاعمال شغب تحيل مباريات كرة القدم اى ميادين حرب، مفرغة ايها من قيمتها الجمالية وروحها الرياضية.
ومن جانب اخر، نجد ان الانسان في الغرب اخذ يميل يوما بعد اخرى الى تغليب الروح الاوربية على الانتمائات القومية، اذ ان تأثيراتها الايجابية والاقتصادية هي اكبر من تأثيرات الفخر القومي الذي ليس للانسان منه الا النفخة الفارغة.
اما الوحدة السلبية، فنعني بها اجباروقسر المتناقضات على البقاء في وحدة شكلية يؤدي عدم فضها الى صراعات عدائية تناحرية عنيفة ذلك لقوة نزعة الجنوح نحو الانفصال او الاستقلال الذاتي عن بقية الاطراف المتصارعة معها.
هذا النوع من الصراع الذي تعيقه عوامل ضعف الارادة والخوف من المستقبل عن بلوغ نتائجه النهائية (الانفصال) سوف لن يكون معرقلا ومشوها للتطور فحسب، انما مسببا للخراب وللدمار وسفك الدماء.
ولكي نكون اكثر صراحة ووضوح بوضع المشكلة على بساط البحث، نقول ان عراق اليوم قد انقسم ذاتيا ليس الى مكونات فقط انما الى قبائل وعشائر ومذاهب واديان تسعى الى التخلص من كل واجبات الانتماء الى الوطن - الشعب. فمفهومي الوطن والشعب قد تضائلا واصبحا اقل سعة وعددا وتأثيرا من الطائفة التي اصبحت هي هوية التعريف الاساسية للمواطنين اكان في التوظيف او في القبول المجتمعي او الثقة او الشك وليس هوية الاحوال المدنية. بل انها قد تكون سببا في الموت او سببا للبقاء للحياة، فمن مئات الجنود الشيعة الذي ذبحوا في قاعدة سبايكر لم ينجو الا واحدا ادعى انه سني المذهب ولحسن حظه لم يكن اسمه ليشي بهويته الطائفية كما نشرت الصحف العراقية. كذلك تم قتل الاف اليزيديين وتعرض نسائهم الى اشد انواع التنكيل والسبي وانتهاك الاعراض وتعرض المسيحيون لنفس المصير ونفس البلاء الاسلامي ولاقى الشبك والشيعة التركمان نفس بشاعات القتل والاغتصاب والسبي حسب الشريعة الاسلامية التي تكفر حتى المؤمنين بها.
في ظل الوحدة الوطنية الموهومة دائما ما يتراجع والصراع الطبقي والصراع الفكري في داخل المكون الاجتماعي او القومي الى الخلف مع ما لهما من اهمية في التطور، بينما يتقدم صراع المكونات ضد بعضها فيغدو هو الرئيسي مع انه ليس سوى صراع هيمنة واستبداد يخلو من عواطف الحرص على الوطن- الشعب لكنه مشبعا بالعواطف الطائفية والقومية الضارة.
من طبيعة الصراع هذا انه لا يصبح هما عاما للمواطنين، ذلك لغياب الروابط الوطنية العامة والشاملة، وقد عبر السيد مسعود البرزاني عن ذلك بصريح العبارة حين قال بان كوردستان ليست طرفا في الصراع الشيعي السني ، انه محق في هذا لان كردستان مرتطبة بوحدة الصارع بتناقض اخر هو التناقض بين الكورد وبين العرب.
اذا كان للمكونات ما يفرقها اكثر مما يجمعها، فان فك هذا الارتباط يفيد جميعها. اذ ان اجبارها على البقاء ترغيبا او ترهيبا هو احد انواع الاستغفال والاستبداد.
وكما هو معروف بان الشيعة يرفضون رفضا قاطعا العيش مرة اخرى تحت مظلة حكم سني مثلما يرفض السنة ايضا العيش تحت مظلة حكم شيعي وذلك لاعتقاد وهابي يكفر الشيعة ويضعهم في خانة المشركين بالله، ولم يعد هذا الحكم مقتصرا على الوهابيين فقط، فان الجامع الازهر هب عن بكرة ابيه لمقاومة ما اسموه بالمد الشيعي وكانه يستعد لمكافحة نوع من الاوبئة. كما ان الشعب الكوردي سائر في طريقه لتأسيس دولته القومية المستقلة، وهو حق لا يتنكر له الا الذين تمتلأ قلوبهم بالضغائن والاحقاد، ولا نعتقد ان احد يملك حقا او قولا سوى الشعب الكوردي في تقرير هذا الامر حصرا.
كما ان الصراع السني الشيعي يساهم في ابقاء الشيعة على خضوعهم لمرجعياتهم الدينية ووصطفافهم تحت رايات احزاب الاسلام السياسي بينما لا يجد السنة مفرا من التعاون مع الجماعات الارهابية للضغط على الحكومة وابراز الانا الطائفية.
ان الوضع في العراق هو ايضا انعكاس للصراع المحتدم في المنطقة وخاصة في سوريا التي تريد السعودية ودول الخليج وتركيا الاسلامية تطهيرها من المشركين العلويين والاسماعيليين والشيعة والقضاء الـ PKK والـ YPG اللذان يناضلان من اجل حقوق الشعب الكوردي في العيش الكريم، وحمايته من قوات الثورة السورية داعش وجبهة النصرة والجبهة الاسلامية الضالعين والمحترفين لقتل الانسان واكل اكبادهم. وبعد ان يستقر الامر لهذا القوات الاجرامية سيتم تهجير المسيحيين وسبي نسائهم وقتل الدروز لانهم يعبدون غير الله ولا تبقى كلمة حرة اخرى سوى صياح الاستعباد الله واكبر باللهجة الوهابية.
ان العراق حكومات ومكونات شعب وطوائف، العراق الذي يخاصم بعضه البعض ويلقي باللائمة على بعضه سيجد نفسه أجلا ام عاجلا امام هذه الخيارات :ـ
1)الابقاء على الوحدة التي ليس لها من الحقيقة سوى اللفظ والذي يعني بنفس الوقت الابقاء على حالة الصراع التناحري المستمرة ةالصبر على ما يسفر عنه من اقتتال واحتراب وخراب ودمار وضحايا.
ولا نعتقد ان اي مكون عراقي يعجبه هذا الاختيار اللهم سوى بعض السياسين والكتاب الذين يعتاشون على استمرار سقوط الضحايا، انهم مثل حفار القبور الذي يزدهر عمله كلما حل الوباء.
انهم يوهمون انفسهم بحل هذه المعضلة بما يسمى بالوحدة الوطنية وهي ليست سوى خدعة كبيرة، اذ لم نرها يوما متجسدة في الواقع كعمل ملموس، كانتصار للضحايا. ان البلد الذي يخلو من تقاليد التضامن الانساني، البلد الذي فيه يملك رجال الدين الكلمة العليا على طوائفه، البلد الذي يسمح بعض مكوناته الاتفاق مع المجموعات الاجرامية ويسمح لها بالدخول الى مدنه وقراه ليعيثوا فيها قتلا ودمارا ، البلد الذي لا زال بعض من سكانه يطلق على المجرمين تسمية الثوار او المسلحين، مثل هذا البلد لا يمكن المراهنة على وحدته الوطنية، اذ ان الاجرام قد خلق فيه تقاليدا للذبح والاغتصاب والاختطاف والاغتيال. لقد صدق المطران العراقي المسيحي شرف عندما قال بان الوطن بدون كرامة غربة.
2) فض وتبديد وهم الوحدة وتقسيم العراق على مكوناته الرئيسية باشراف دولي لانشاء كيانات منسجمة مع ذاتها اجتماعيا وشعبيا ولغويا ودينيا.
3) او انشاء كيانات كونفدرالية مستقلة ترتبط بعلاقات التعاون والمساعدة والتكامل الاقتصادي واستقلالياتها دون اي التزام مفروض فيفصم عرى وحدة العداء وتبرز حالة الاحتياج الواحد للاخر.




#مالوم_ابو_رغيف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين نائبيتين: فيان دخيل وميسون الدملوجي
- هل تختلف شريعة الدواعش عن الشريعة الاسلامية؟
- بعد تحاصص المناصب هل يتحاصصون الجغرافية؟
- من اقليم السنة الى اقليم الدواعش
- الوهابية والصراع بين السنة وبين الشيعة في العراق
- في العراق: اهي حروب الطوائف ام حروب طائفية؟
- هل انحسر الابداع الفني والادبي؟
- ديالكتيك: الجدل والديالكتيك والالتباسات الفكرية(1)
- التناقض بين ثقافة المكونات وبين ثقافة المواطنة.
- قانون الاحوال الشخصية الجعفري اهانة للاسرة الشيعية
- لا تكذبوا فان للارهاب دين
- المرأة الشيعية
- اللا معقول في قانون الاحوال الشخصية الجعفري.
- ترويض الدواب
- النفعية في مناشدة الصدر عدم الاعتزال.
- الكرة في ملعب النجيفي.
- مهمة شيعية.
- المسلمون وهيرو اونودا
- هل الشيطان شريك الله؟
- التناقض الديني المعيب في الفكر الاسلامي؟


المزيد.....




- إزالة واتساب وثريدز من متجر التطبيقات في الصين.. وأبل توضح ل ...
- -التصعيد الإسرائيلي الإيراني يُظهر أن البلدين لا يقرآن بعضهم ...
- أسطول الحرية يستعد لاختراق الحصار الإسرائيلي على غزة
- ما مصير الحج السنوي لكنيس الغريبة في تونس في ظل حرب غزة؟
- -حزب الله- يكشف تفاصيل جديدة حول العملية المزدوجة في عرب الع ...
- زاخاروفا: عسكرة الاتحاد الأوروبي ستضعف موقعه في عالم متعدد ا ...
- تفكيك شبكة إجرامية ومصادرة كميات من المخدرات غرب الجزائر
- ماكرون يؤكد سعيه -لتجنب التصعيد بين لبنان واسرائيل-
- زيلينسكي يلوم أعضاء حلف -الناتو- ويوجز تذمره بخمس نقاط
- -بلومبيرغ-: برلين تقدم شكوى بعد تسريب تقرير الخلاف بين رئيس ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - مالوم ابو رغيف - خدعة الوحدة الوطنية