وجدت من يصغي إليك؟

حسين عجيب

الحوار المتمدن-العدد: 4531 - 2014 / 8 / 2 - 12:40
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    

وجدت من يستمع لك؟

ليستمع إليك آخر بإرادته الحرة وبوعيه المستيقظ وانتباهه.
توجد مهارات تتحقق مع النضج المتكامل. طرقها صعبة وسهلة_ مزيج الألم واللذة لا يمكن فصلهما حسب تجربتي. دوما تأتي بعدما نكون قد امتلكنا مهارة الاصغاء.
كل انسان, كل فرد منا, محكوم بالضرورة لأن يصير المستمع الأول لنفسه_ المستمع والصديق الأول لنفسه. كما كان في الطفولة الأولى ثرثار نفسه في محاكاة ساخرة تنتهي بمأساة. محاكاة تصنع وتعجن العالم الداخلي بعناصر وموضوعات العالم الخارجي وقوانينه. دورة متواترة بين العبث والمأساة والكوميديا _ كما اشار تودوروف في واحدة من الماعاته الجوهرية: لقد نسي الفلاسفة طويلا من أفلاطون وصولا إلى هيغل وماركس أن الانسان يولد من التقاء ومجامعة امرأة ورجل في لحظة شغف غريزي على الأقل, ولا يولد الانسان على حلبة مصارعة إلا في خيال الفلاسفة والمجانين. الشراكة قبل الصراع.
......
لا يوجد في الحياة أجمل من طفل يلعب.
أجمل ما في الحياة أطفال يلعبون, ماء, رمل, سماء, جبل...
.......
ليستمع لك آخر بمحبة وانتباه.
ثلاثة شروط لازمة وكافية ايضا_ لكنها صعبة التحقيق وشاقة دوما.
1_ الاصغاء العاطفي: الاستماع, الفهم, التعاطف, الحب, يكتمل التواصل الانساني في مراتبه الأربعة على التتابع.
_ الاستماع, التعلم المخلص والحقيقي " نموذج فرويد" لمنح آخر ما يحتاجه من الوقت والانتباه. هي إحدى علامات النضج وشرطه ايضا.
_ الفهم, لتحقيق المقدرة على فهم آخر, لا بد من اختبار موقعه وموقفه. إذا لم تستطع أن تضع نفسك في مكان آخر_ لن تتمكن من فهمه وفهم دوافعه العميقة وغاياته.
_ التعاطف, مهارة إدراك مشاعر الآخر, والقوى العميقة واللاواعية التي تتحكم بسلوكه وأحاسيسه. وهي مهارة تلي الفهم العقلاني والمنطقي لاحتياجات الآخر ورغباته.
_ الحب, أعظم الانجازات الانسانية وأبسطها بعدما تتحقق. إنه اللغز المعرفي المتجدد_ مع كل يقظة ونفس جديدين رسائل جديدة ومتجددة.
2_التعبير بصدق واحساس, نبرة الصوت_ مع تناغم حركات الجسد الأهم. غالبا ما نفقد الاتصال بأنفسنا أثناء الكلام, أحيانا مع الأفكار أيضا, ونفتقد المصداقية_ حين ينقطع تواصلنا مع خبرتنا وصوتنا العميق.
كلما صرخت أعلى يتعذر سماعك_ أنت أيضا تفقد المقدرة على الاتصال الداخلي والتوازن العميق مع ارتفاع درجة الهيجان.
يتسرب كلامك وأفكارك إلى جوانب غير مفكر فيها سابقا, أو بالأصل تجهلها أو تخافها. هنا أشير إلى مرجعية الكلام: الخبرة والصدق والمعرفة والوعي أو ينزلق المتكلو بسهولة إلى الثرثرة والركاكة.
3_ هناك شرظ ضروري وربما هو الأهم: تجاوز وهم أن الحق معك!
جميع الحروب والصراعات الفردية والجماعية اندلعت باسم الحق وكانت بالفعل تدور حول السلطة أدواتها_ القوة والعنف, أو حول الملكية أو الجنس.
_ لم اسمع بحرب كانت موضوعاتها وأدواتها: المنطق والبرهان؟
يتصل وهم (الحق معي) بالتناقض الانساني الوجودي, نصف الانسان غريزي_ حيواني ونصفه الآخر فرد_ عاقل. لا اسهل واسرع من تحويل وارتكاس أي شخص إلى نصفه الأدنى: هل نحتاج لأمثلة؟
* * *
ولدت على رصيف
أبي كلب وأمي ذئبة
أعوي في الليل والنهار
وطني حذائي
* * *
الاستماع التعاطفي. الكلام الواضح ذو المعنى والخبرة. التحرر من وهم امتلاك الحق والحقيقة.
_ رغبات أم أوهام؟!
كلامك وما تقوله يجب أن يحمل أهمية_ ليستحق الاهتمام. وأن يكون ناتجا عن الخبرة ومتماسك منطقيا إضافة غلى تحقق الصدق الموضوعي_ الفني.
خلاف ذلك لن يثير إلا ضجر المستمع_ المتلقي وسأمه.
* * *
ملحق إضافي
- بعد تفكير متوسط_ وربما بسبب الكسل أو تبريره العقلي وجدت ألآنسب تكملة هذه الاضافة كما حدثت في الذهن, بدون العودة وتغيير صيغة النص وبنيته...
_ أيضا في مرحلة الفهم يبرز دور المتكلم والكاتب(المرسل) ومسؤوليته عن مستوى التعبير ومهارته. كثير من التعبيرات تبقى ما دون المعتى. مجرد تعبيرات عاطفية وانفعالية مصدرها اللاوعي.
_عنصر أساسي في قضية التعاطف. في جوهرها العلاقة الأخوية والمستوى الذي بلغه الشخص ( المتلقي أو المرسل)_ الجانبان معا شرطان لازمان لنجاح عملية التواصل والاتصال.
بصراحة( وبكل أسف) أكثر من التقيتهم في حياتي_ بقوا عالقين في القسم الأول( البدائي):قسم او طور التنافس الأخوي_ وحالة استثنائية ومؤقتة من بلغوا مستوى التعاون الأخوي_ الانساني. شرط النجاح والحب والابداع والسعادة, العتبة التي تبدأ بعدها الحياة بالألوان.
_ الحب!
بعد الخمسين أدركت الخلط المأساوي بين الاتكال والحب. الخلط بين المزاج المتقلب والضجر والشره الجنسي والعاطفي وبين الحب.
في مستوة الحرمان والنقص يوجد غالبا التواكل والكسل ونزعات الاستغلال. بعد خط الحاجة يبدأ الحب والجمال...
_خط الحاجة النفسي_ العاطفي, بمثابة جسر بين القبيلة الذكورية وبين المجتمع الانساني.

#حسين_عجيب (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل