أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليمان جبران - حكاية الفيل والنملة














المزيد.....

حكاية الفيل والنملة


سليمان جبران

الحوار المتمدن-العدد: 4529 - 2014 / 7 / 31 - 09:01
المحور: الادب والفن
    


[باب جديد من كليلة ودمنة، لم يعثر عليه ابن المقفّع فيترجمه إلى العربيّة.]

قال دبشليم الملك لبيدبا الفيلسوف: قد سمعت هذا المثل ووعيته، فاضرب لي مثل الذي تخدعه قوّته، فيظنّ نفسه قادرا على كلّ شيء، لا يخشى الإنس ولا الجان.
قال بيدبا الفيلسوف: من اغترّ بقوّته وعتاده، أصابه ما أصاب الفيل مع جارته النملة . قال الملك: وكيف كان ذلك؟
قال بيدبا: زعموا أنّ فيلا ضخم الجثّة طويل الخرطوم، كان يعيش في أجمة مترامية الأطراف، بعيدة التخوم. وكان في تلك الأجمة من المطاعم والشراب، كلّ ما لذّ وطاب. وكانت تهابه كلّ الحيوانات، ويتحكّم بها في كلّ ما تشرب أو تقتات. لم يكن يحسب حسابا لأحد، إذ هو معتدّ بجبروته، وبتحالفه مع رفيقه البعيد، الأسد.
وفي صباح يوم من أيّام الصيف الساطعة، خرج الفيل يتمشّى في مملكته الواسعة . وبينما هو ماض في الطريق، رأى أمامه نملة صغيرة، خرجت من جحرها هربا من العتمة والضيق. إذ كيف يمكن للنملة المسكينة أن تلزم جحرها في الظلام، دونما ضوء أو شراب أو طعام؟ غضب الفيل غاية الغضب من جرأة النملة، فعمْلتها هذه في رأيه ليست عَملة. كيف تخرج بدون إذن الفيل، فتستمتع بالشمس والهواء العليل؟ رفع الفيل رجله الثقيلة، وأنزلها بقوّة على النملة النحيلة. لكنّ النملة هربت من تحت رجله مسرعة، فتجنّبت بذلك نهايتها المفجعة. ثمّ تسلّقت بسرعة رجل الفيل الضخمة، مواصلة طريقها في سفح الجبل العظيم حتّى وصلت القمّة.
لم يستطع الفيل تحمّل النملة الحقيرة، مع أنّها أخفّ من الريشة الصغيرة. كيف تتحدّاه في عقر داره ولا تخشاه، رغم قوّته الهائلة وهيبته المشهورة في الفلاة. أخذ يركض مرّة ويقفز مرّة، والنملة على طهره آمنة مستقرّة. ثمّ أخذ يتمرّغ على التراب، وهي تتنقّل على ظهره دونما خوف أو ارتياب. فما كان منه إلا أن أسرع إلى الثقب المفتوح، ليؤذي داخله كلّ رفاقها بين مقتول ومجروح. لكنّ النمل داخل بيته تحمّل كلّ الأوصاب، إذ هو قد اعتاد الجوع والضيق والعذاب. حتّى الموت في نظره خير من الحياة، في جحر لا ماء فيه ولا غذاء ولا نجاة. فالموت أرحم ألف مرّة من حياة الجوع والحرّ والحصار، في جحر ضيّق مساحته أمتار.
إذّاك عرف الفيل الجبّار، أن العنتريّة لن تجدي، ولا الحصار. فالتفت إليها على ظهره وقال: هل تعجبك يا حقيرة هذه الحال؟ لا أنت حرّة تذهبين حيث تشائين، ولا أنا قادر على تحمّل هذا الوضع المشين. ما العمل فنخرج من هذا الوضع المستحيل؟ اتركيني حرّا ودعك من القال والقيل. فأجابت النملة من فوق ظهره قائلة: أريد الحرّيّة لي ولكلّ أبناء العائلة. أن لا تعتدي بعد اليوم على بيتنا وتلهينا بالعجن واللتّ، ولا تخنقنا في جحرنا من الجهات الستّ. اعلم أني لا أعمل للموت أيّ حساب، نعيش معا أو نموت معا بعد كلّ العذاب. لم نعد نحتمل التضييق والحصار، فمن حقّنا العيش أحرارا في هذه القفار. فاعلم أيّها الجبّار المغرور، أن القوّة وحدها لا تمنع المقدور. نعيش معا أو معا نموت، رغم الفرق الهائل بيننا في الحجم والجبروت!
في نهاية المطاف، وبعد ساعات من الجدال والخلاف، لم يجد الفيل الغبيّ بدّا من الإذعان، لهذه الشروط المعروفة من زمان. لكنّه كان يرفضها معتدّا بقوّته، متوهّما أن النتيجة ستكون دائما في مصلحته.
هذا يا سيّدي الملك هو مثل المعتدّ بقوّته والعتاد، الواهم أنّه أقوى من جميع العباد!!
[email protected]





#سليمان_جبران (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطريقة الأكيدة للقضاء على غزة العنيدة
- الأستاز!
- أشهر من الحمص؟!
- اسمعوا الحكيم!
- فإن تهدموا بالغدر داري..
- سليمان جبران: إنّا نغرق.. إنّا نغرقِ!!
- -بعيد استقلال بلادي-!
- -لحن الخلود المقدس- في غنى عن التغيير والتطوير!
- عناصر كلاسيكية في شعر المهجر*
- الصمت رصاص!
- -شبه نظريّة- للإيقاع وتطوّره في الشعر العربي
- تحوّلات الأب في شعر محمود درويش*
- إذا اتفقنا في الجوهر فلا بأس إذا اختلفنا في الأسلوب!
- كيف تصير، في هذه الأيام، أديبا مرموقا، وبأقلّ جهد!!
- كيف نقول -موتاج- في العربية؟!
- مدخل لدراسة الشعر الفلسطيني في إسرائيل 1948 1967 – (الحلقة 4 ...
- 3- مقاومة أم معارضة أم ماذا؟ (المقالة الثالثة)
- مدخل لدراسة الشعر الفلسطيني في إسرائيل 1948 1967 – القسم الث ...
- مدخل لدراسة الشعر الفلسطيني في إسرائيل 1948 1967
- من جديد مسلسل الاجرام في سوريا


المزيد.....




- سميّة الألفي في أحدث ظهور لها من موقع تصوير فيلم -سفاح التجم ...
- عبد الله ولد محمدي يوقّع بأصيلة كتابه الجديد -رحلة الحج على ...
- الممثل التونسي محمد مراد يوثق عبر إنستغرام لحظة اختطافه على ...
- تأثير الدومينو في رواية -فْراري- للسورية ريم بزال
- عاطف حتاتة وفيلم الأبواب المغلقة
- جينيفر لوبيز وجوليا روبرتس وكيانو ريفز.. أبطال أفلام منتظرة ...
- قراءة في ليالٍ حبلى بالأرقام
- -الموارنة والشيعة في لبنان: التلاقي والتصادم-
- -حادث بسيط- لجعفر بناهي في صالات السينما الفرنسية
- صناع أفلام عالميين -أوقفوا الساعات، أطفئوا النجوم-


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليمان جبران - حكاية الفيل والنملة