أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - جابريل جارثيا ماركيز - قصيدة عن الحب














المزيد.....

جابريل جارثيا ماركيز - قصيدة عن الحب


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 1279 - 2005 / 8 / 7 - 11:59
المحور: الادب والفن
    


" ذكريات عن عاهراتي الحزينات " رواية قصيرة للكاتب العظيم جابريل جارثيا ماركيز صدرت في طبعة من مليون نسخة في أسبانيا مايو هذا العام ، وترجمها إلي العربية الأستاذ طلعت شاهين ، ونشرت منها أخبار الأدب جزءا قبل صدورها في كتاب عن دار سنابل . ينشر ماركيز روايته هذه بعد خمس سنوات من اكتشافه عام 1999 أنه مريض بالسرطان . ومن الطبيعي أن تكون الرواية نظرة إلي الحياة التي يشعر الكاتب العظيم أنه قد يفارقها في أية لحظة ، نظرة يحاول أن يتبين بها الحلقة الأساسية في الرحلة التي يقطعها الإنسان من ميلاده إلي موته . وبعبارة أخرى : ما هو الشيء الرئيسي الذي تصبح تلك الرحلة من دونه حالة خواء ، وفراغ مؤلم ، ومجرد استمرار أو تواجد في الزمن حتى لو كان ذلك التواجد محاطا بالشهرة والشبع والطمأنينة ؟
يتخير ماركيز – في بحثه عن هذا المعنى - بطله الراوي عجوزا بلغ التسعين ، صحفيا معروفا ، يحيا وحيدا ، لأن علاقاته الغرامية العابرة لم تدع له وقتا للحب . يحس هذا العجوز فجأة أن عليه أن يعب من نهر الحب ، وأن يمنح نفسه ربما للمرة الأخيرة ليلة عشق مجنونة مع مراهقة صغيرة . تساعده على تحقيق غرضه صاحبة بيت لهذه الأعمال يعرفها منذ زمن بعيد ، وتعد له ما أراده : صبية في الرابعة عشر من العاملات الفقيرات في مصنع لحياكة أزرار القمصان . أرادها العجوز عذراء ، لأنه لم يكن يفتش عن ليلة حمراء ، بل عن حب طاهر ونقي ، حتى أنه رقد إلي جوارها مرة واثنتين دون أن يلمسها . يقع العجوز في غرام الصبية ، ويقول لنفسه : " كنت أعرف دائما أن الموت حبا أمر مسموح به فقط في الشعر ، إلي أن اكتشفت أنني أنا نفسي العجوز ، الوحيد ، كنت أموت حبا " . هذه الصبية الصغيرة تحيل حياته إلي شئ آخر تماما ويغير حبه لها من " التوجهات الروحية لمقالاته الأسبوعية "، ويصبح كل ما يكتبه لها هي ، أيا كان الموضوع الذي يكتبه ، ومن أجلها هي صار يبذل في كل كلمة حياته كاملة ، ويقرأ على سمعها مخطوطاته ، ويحكي لها حياته . الحب الذي ينشده ماركيز : " ليس الجنس ، لأن الجنس مجرد إرضاء للنفس عندما لا يحصل الواحد منا على الحب" . الحب عنده اكتمال الكائن بنصفه الآخر بالمشاركة والفهم . يقول ماركيز : " لا تموت دون أن تجرب جمال حمل عبء الحب " ، ويقول : " ليس أتعس من الموت وحيدا " ، ولهذا تقول إحدى نساء الرواية : " إنني أنظر الآن إلي الأيام الخوالي ، وأرى طابورا من آلاف الرجال الذين مروا بسريري ، وأجد أنني على استعداد لأن أدفع روحي ثمنا للبقاء مع أسوأ من فيهم " . يحاول ماركيز أن يجعلنا نكتشف معه الحقيقة التي يعرفها منذ زمن ، وهي أن الموت ، والوحدة ، هما قدر الإنسان ، وليس للإنسان سوى الحب يواجه به ذلك القدر، وبفضله يصبح لكل شئ معنى ، حتى وإن كان ذلك الحب " عبئا " .
إن رواية ماركيز قصيدة عن أهمية الحب ، ودعوة للناس لكي يدركوا أن عليهم أن يبحثوا عن ذلك الشعور الملهم قبل أن يفوتهم قطار الزمن ، وإلا أصبحت الحياة مجرد زمن " للتقلب على النار ومواصلة شواء النفس " . إن شهرة الصحفي العجوز لا تنفعه بشيء ، أيضا لا تقدم له شيئا مجوهرات عائلته التي يكتشف حين يحاول بيعها أنها مزيفة ، والحب عند ماركيز أمر يرتبط حتى بالنجوم ، والأبراج ، أمر نادر ، لكن من دونه يصبح كل شئ خواء ، وقفصا فارغا ، وألما يتنقل في عظام جسد عجوز . وحين تنتهي من قراءة تلك الرواية القصيرة ستجد أنك بحاجة للانفراد بنفسك لتسأل بقوة : هل أنا أحب ؟ لماذا لا أحب ؟ ولماذا أمضي هكذا في الحياة كأني قطعة منتزعة بلا ملامح من كائن لم يكتمل ؟ . تقرأ الرواية ، وتود أن تفتح نوافذك لكي تتطلع إلي السماء بحثا عن النجم الذي يومض بعيدا ، ويلمع وهو يصهر نفسين متباعدتين في بوتقة واحدة ، ويغمرك الندم على كل ساعة مرت في حياتك من دون هذا الشعور الملهم .



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كنت في شرم الشيخ
- هذه الرواية - نادي القتال
- الفساد جملة واحدة مستمرة
- الليبراليون العرب .. من يخدعون ؟
- أدباء مصريون من أجل التغيير .. موقف أم وجود ؟
- الرقابة والثقافة في مصر
- مسيحيون من أجل القرآن
- حديقة - قصة قصيرة
- المستشار محمد بك نور .. الذي برأ طه حسين
- أيام واحات صنع الله إبراهيم
- التمويل الأجنبي عمالة صريحة
- جذور للكتابـة
- المادة 76 في حياة مصر الثقافية
- معرض القاهرة والكتب
- طول لسان رياض النوايسة
- في وداع كاتب شريف
- كلمة سحرية تتحدى الزمن
- -- قصة قصيرة - بط أبيض صغير
- من تثقيف العسكر .. إلي عسكرة المثقف
- كعك أمريكي لسكان الفالوجة


المزيد.....




- صناعة النفاق الثقافي في فكر ماركس وروسو
- بين شبرا والمطار
- العجيلي... الكاتب الذي جعل من الحياة كتاباً
- في مهرجان سياسي لنجم سينمائي.. تدافع في الهند يخلف عشرات الض ...
- ماكي صال يُحيّي ذكرى بن عيسى -رجل الدولة- و-خادم الثقافة بل ...
- الأمير بندر بن سلطان عن بن عيسى: كان خير العضيد ونعم الرفيق ...
- -للقصة بقية- يحقق أول ترشّح لقناة الجزيرة الإخبارية في جوائز ...
- الكاتبة السورية الكردية مها حسن تعيد -آن فرانك- إلى الحياة
- إصفهان، رائعة الفن والثقافة الزاخرة
- سينمائيون إسبان يوقعون بيانًا لدعم فلسطين ويتظاهرون تنديدا ب ...


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - جابريل جارثيا ماركيز - قصيدة عن الحب